شخصيّات

نبذة عن حياة المخترعة “اينو هيكنن” وانجازاتها

1995 نساء مخترعات

الأستاذ فرج موسى

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

المخترعة اينو هيكتن انجازات اينو هيكتن شخصيّات المخطوطات والكتب النادرة

يصف زوج السيدة "اينو هيكنن Aino Heikkinen" زوجته برقة قائلاً: "إن زوجتى تختلف بعض الشيء عن النساء الأخريات".

وحين سألت "اينو" كيف تنظر النساء الأخريات إلى هذه المخترعة البارزة؟

أجابتني قائلة: "لا أعرف، فأنا لا أعمل إلا مع رجال!". ويعترف أولئك الرجال بأنهم شعروا بالدهشة الشديدة حين رأوها في موقع العمل للمرة الأولى.

 

والمهندسة "اينو هيكنن" من مواليد عام 1947، كانت قد بدأت عملها كباحثة في شركة " ليو جابيتونى Lujabetoni" التي يعمل بها نحو 1400 شخصا.

وتقع في وسط فنلندا. وكان التحدي الذي واجهها في تلك الشركة، هو اكتشاف طرق جديدة لانتاج الخرسانة بتكلفة أقل.

وتخبرني المخترعة "اينو" عن قصتها قائلة: "عندما تخرجت من كلية التكنولوجيا كمهندسة بناء، كانت معلوماتي عن صناعة الخرسانة قليلة جدا، وربما لا تزيد عما تعرفه انت.

 

حيث كانت معلوماتي قاصرة على العناصر الأساسية التي نحتاجها من رمل، وحصى، وأسمنت، وماء… من أجل صناعة هذه المادة، ومن أجل اكتشاف طريقة جديدة لصناعة مادة الخرسانة بتكلفة أقل.

وقد استغرق الأمر عدة سنوات، حتى توصلت إلى أنه من الأفضل استخدام "الركام aggregates" الطبيعي بدلا من الأسمنت، الذي يُعد أكثر المكونات تكلفة وسعرا.

وكانت فكرتي تتركز في أن قوة الصلابة الناتجة عن استخدام الأسمنت يمكن زيادتها وتقويتها عند استخدام كميات مناسبة من الركام الناعم، الذي يُعد أقل تكلفة من الأسمنت.

 

وفي عام 1981، نجحت أخيرا في استبدال جزء من الأسمنت خبث الفرن العالي blast – furnace slag" – وهو عبارة عن مواد من بقايا صهر المعادن والبراكين- حيث حصلت على براءة اختراع لهذه الطريقة الجديدة في عام 1984.

ومن الجدير بالذكر أن هذا الاختراع يستخدم حاليا في صناعة عناصر الألواح القوية شديدة الاحتمال، خاصة تلك التي تتسخدم كأساس لحظائر الماشية".

والسيدة " اينو" هي إحدى المهندسات القلائل جدا في مصنعها. وهي تملك مختبرا بسيطا للغاية، حيث تقول: "في الواقع إن كل ما احتاجه في مختبري هو موازين دقيقة للغاية، بالإضافة إلى أفكاري الخاصة !!

 

وعندما سمع العاملون في المصنع المجاور بإنجازي الجديد في مجال الخرسانة، علقوا قائلين: "حسنا، فلماذا إذن لا نسرع في تعيين النساء، فلربما نجدهن أكثر قدرة على الإنجاز".

وهنا أخبرتهم بأن إنجازاتي ليست بسبب جنسي كأمرأة، وإن مثل تلك الإنجازات تحتاج أكثر من مجرد كوني امرأة".

وفي عام 1974، عندما بدأت المهندسة "اينو" عملها في صناعة الخرسانة، كان ذلك النوع من الأعمال يُعد قاصرا على الرجال.

 

وما زال الأمر كذلك حتى الآن، رغم وصول امرأة إلى أعلى مستويات هذه الأعمال، فقد أصبحت "اينو" مديرا إداريا لشركة فرعية منبثقة من شركة "ليو جابيتوني" لصناعة وبيع المكونات والمواد الإضافية، التي تدخل في صناعة الخرسانة.

كما أصبحت مسؤولة أيضا عن بناء مصنع آلى بالكامل (يعمل به ثلاثة أشخاص فقط) لإنتاج المنتجات الجافة الخاصة بالخرسانة.

وتم بناء هذا المصنع في وقت قياسي وهو تسعة أشهر، بالمقارنة لما كان مخططا له وهو عامان. وقد تم افتتاح هذا المصنع في سبتمبر عام 1989، وكانت "اينو" تملك فيه 16% من رأس المال.

 

وكان عمل تلك المرأة بمفردها في عالم من الرجال له صعوباته الخاصة، حيث تقول:"لم يكن لدي فرصة كبيرة لتكوين صداقات مع النساء؛ وذلك بحكم موقعى الإداري الذي حصرني فيه زيارة مواقع البناء والتفاوض مع المقاولين.

ولم يكن التعامل مع الرجال أمرا سهلا، خاصة في الأيام الأولى لعملي. واليوم أجد نفسي أتعامل مع الرجال في عملي، ويكون موضوع التعامل والمناقشة هو الخرسانة فقط!!".

 

وتعترف تلك المرأة الطويلة، والأنيقة، ذات الشعر الأسود والعيون الزرقاء بأنها عاشت في عزلة لفترة طويلة على حد تذكرها.

"كان والدي من الفلاحين وكان لي ست أخوات وأخ واحد. وكطفلة، لم يكن لدي أي اهتمامات إلا بالبقر!!".

وبمناسبة الحديث عن البقر، قد يبدو من المفارقات الملفتة للنظر أن اختراع "اينو" الأول، كان بالتحديد دعامات من الخرسانة لأسقف حظائر البقر!!.

 

ولقد شعرت بالإثارة والاهتمام عندما سمعت أن طفلتها الوحيدة شغوفة بالبقر وحب الحيوانات.

وتؤكد ذلك أمها "اينو" قائلة: "إنني أعتقد بأن الحيوانات تعني لها المنزل… فالحيوانات تعطي لها نوعا من الدفء العائلي.

وأنا مدركة أيضا بأن كثرة أسفاري تسبب الإزعاج لطفلتي الصغيرة فقلما أجد متسعا من الوقت أستمتع به، فعلى سبيل المثال، إن الشهور الوحيدة التي استمتعت فيها بقراءة الكتب مؤخرا، كانت في أثناء فترة بقائي في المستشفى".

 

وتؤكد المخترعة، أنها تواكب التطورات في تكنولوجيا الخرسانة، عن طريق اطلاعها على الكتب والمقالات "أما براءات الاختراع فيكفيني أن ألقي نظرة سريعة عليها، إذ التقط الفكرة، وهذا يكفيني".

وعلى الرغم من كل مسؤولياتها الجسام، فإن "اينو" ما زالت قادرة على الاختراع،, حيث كان احدث اختراعاتها، والذي تم تسجيل براءته في عام 1988، اختراعا في صناعة الخرسانة.

وهي عملية لاستخدام بقايا رماد الفحم الخشبي (peat ash) بنسبة تتراوح ما بين 10% إلى 30% لتحل محل الأسمنت، وبالتالي يمكن تقليل تكلفة الخرسانة بنسبة تصل إلى 20% ، وهكذا استفادت من بقايا الرماد المهمل – بعد تنقيتها وتهذيبها – في الحصول على خرسانة أرخص.

 

ولأنها بالتحديد نجحت في تحويل النفايات إلى منتج مفيد، فقد منحتها وزارة التجارة والصناعة "جائزة المخترعين" لعام 1987، كما حصلت على جائزتين أخريين في عام 1989، وفي أغسطس 1990 أختيرت للقب أبرز المخترعين الفنلنديين.

إنهم في فنلندا ينظرون إلى السيدة "اينو هيكنن" كرمز، فقد تجاسرت على شن هجوم على واحد من آخر معاقل تفوق الرجل، ونعني عالم البناء والمقاولات. وربما كان هذا المعقل صلبا كالخرسانة – لكنها نجحت.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى