شخصيّات

نبذة عن حياة الكيميائي والفيزيائي “كافنديش”

1999 تاريخ الكيمياء

صلاح محمد يحياوي

KFAS

كافنديش شخصيّات المخطوطات والكتب النادرة

"هنري كافنديش" فيزيائي وكيميائي إنكليزي، انقطع للعمل انقطاعاً جعله يأمر خادمه بأن يعد له كل يوم شريحة من لحم الضأن حتى لا يشغل نفسه بأمر الطعام لحظة واحدة، وكان من شأنه – رغم غناه – ألا يغير ملابسه حتى تبلى. 

اكتشف الهيدروجين عام 1766م، واثبت أن الماء ليس عنصراً، وأنه يتكوّن من اتحاد الهيدروجين والأكسيجين. 

درس تركيب الهواء وحدد بدقة ما يشتمل عليه من أكسيجين وآزوت (نيتروجين) محققاً بذلك أول تحليل دقيق (1874م).

 

وفي الفيزياء يعدّ أحد منشئي الكهرباء الساكنة الكمية، وفي عام 1798م قاس ثابت التجاذب العام بميزان الفتل، واستنتج كتلة الأرض.  أطلق اسمه على مختبر فيزياء شهير أنشئ عام 1870م في جامعة كمبريدج. غدا عضو في أكاديمية العلوم الانكليزية عام 1803م.

على الرغم من "أن هنري كافنديش كان تائه النظرات، غريب الأطوار، إلا أنه مع ذلك كان من أعظم العلماء البريطانيين منذ إسحق نيوتن، كان قليل الكلام قلما يستقبل زواراً، وما كان يشكك بالأهمية الحقيقية لبحوثه غلا قليل جداً من معاصريه. 

وما أمكن تقدير مدى أهمية البحوث التي قام بها إلا بعد أجيال لاحقة، كشف عن ذلك ما تركه مسجلاً في دفاتره وأوراقه. 

ومن أكثر اكتشافاته شيوعاً تركيب الماء، فقد بين أنه مكون من الهيدروجين والأكسيجين، إلا أنه قام أيضاً بإسهامات عظيمة في دراسة الكهرباء، وقد تمكن – في إحدى أكثر تجاربه دقة وإتقاناً – من قياس قوة التجاذب بين جسمين صغيرين قياساً مباشراً.

 

ولد كافنديش بنيس في فرنسة ابناً للورد إنكليزي.  ودرس العلوم في جامعة كمبريدج، وقد ترك الجامعة قبل أن يحصل على الدرجة الجامعية نتيجة لعدم اهتمامه النمطي بالشكليات المرعية. 

كان كافنديش حبيساً طوال حياته، يكره رفقة الرجال الآخرين، وترهبه صحبة النساء، فكان يحظر على خدمه أن يمروا حيث يسير، وكان تواصله مع خدمه يجري كتابةً على الورق. 

كان العلم متعته الوحيدة، وقد عكف على البحث بحماسة قريبة من الاستحواذ كهاجس يتسلط على عقله. 

كان ذلك هو تصميمه وولاؤه، فكان في أعماله بالكهرباء يعرض نفسه للتيارات الكهربائية ليقدر شدة التيار وذلك من شدة الانتفاضة التي تعتريه. 

وما كانت الشهرة لتهمه إطلاقاً، حتى أنه ما كان يهتم بنشر أكثر اكتشافاته أهمية.  كان يعيش ويعمل وحده، وقد اصر – حتى عندما اعتلت صحته – على الموت وحيداً.

 

كانت أولى بحوث "كافنديش" تثبت كثيراً من المفاهيم الحديثة التي هي الآن مفاهيم أساسية في نظرية الكهرباء، فقد عرف طبيعة قوة التجاذب أو التنافر الكهربائية التي تنشأ بين جسمين والتي تقوم بدور هام في الكهرباء الساكنة. 

كما أدخل مفهوم الكمون (الجهد) الكهربائي الذي شاعَ له اليوم اسم القُلطية، ودرس الأسلوب الذي تستطيع به بعض المواد تخزين شحنة كهربائية. 

وقد استبق أحد القوانين الأساسية في الكهرباء مبرهناً على أن كمية تدفق التيار يمكن أن تتغير من ناقل إلى آخر وفق المادة التي صنعت النواقل منها، وقد صيغت ملاحظات كافنديش بعد سنوات بقانون أوم، وهو المبدأ الذي يربط بين التيار والفلطية (الكمون) بخاصية النواقل، هذه الخاصية المعروفة باسم المقاومة الكهربائية.

امضى "كافنديش" قسطاً كبيراً من حياته في دراسة الغازات، فكان أول من تعرف على الهيدروجين.  كما اكتشف أضاً أن مزيج الأكسجين والهيدروجين يحترق بانفجار منتجاً كميات صغيرة من الماء. 

وأثبت بتجربته هذه أن الماء هو أكثر مركبات الكرة الأرضية توافراً، وأنه يتألف من الهيدروجين والأكسجين متحدين كيماوياً.

 

وقام عندما كان قد قارب السبعين من العمر بأكثر بحوثه دقة عندما أجرى أول قياس مباشر لقوة تجاذب الأجسام الصغيرة.  ذلك أن هذه القوة التي تؤثر في جسمين صغيري الكتلة نسبياً قوة صغيرة أيضاً. 

فكان عليه أن يخطط لتجبة في منتهى الحساسية والدقة.  ونفذ ذلك بتعليق قضيب معدني صغير بخيط مربوط من منتصف القضيب، وثبت في كل طرف من طرفي القضيب كرة صغيرة من الرصاص. 

ثم قرب كرتين كبيرتين من الرصاص من الكرتين الصغيرتين، قربهما من طرفي القضيب المتقابلين، فنشأ فعلاً تجاذب بين الكرتين الكبيرتين والكرتين الصغيرتين أدى إلى تدويير القضيب.  وقد توصل "كافنديش" إلى استنتاج قوة التجاذب بقياس فتل الخيط.

وتمكن "كافنديش" باستخدام هذه المعطيات ومعادلة نيوتن لقانون التجاذب – وكان هذا القانون قد صيغ قبل عام واحد – من حساب كتلة الأرض وكثافتها. 

وكانت نتائجه تشير إلى أن كتلة الأرض تبلغ 6500 مليون مليون مليون طن، وأن كثافتها أكبر من كثافة الماء بـــ 5,5 مرة، وهما قيمتان قريبتان قرباً ظاهراً من الأرقام التي نتجت باستعمال الطرائق العلمية الحديثة الحالية.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى