العلوم الإنسانية والإجتماعية

“برامج العمل الإلزامي” ومرحلة ما بعد الفوردية في مجتمع السوق النابض بالحياة

2014 مجتمع السوق

سبايز بوتشر

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

العلوم الإنسانية والإجتماعية التكنولوجيا والعلوم التطبيقية

غالباً ما يصحب التغييرات في هيكل العمالة تغييرات في الرعاية الاجتماعية. فمنذ عام 1990، برزت ممارسات جديدة تعرف باسم "البرامج الإلزامية" (Work Fare)، ولا سيما في أنظمة الخدمات الرعاية الليبرالية في العالم الناطق باللغة الإنجليزية. تشير عبارة "البرامج الإلزامية" إلى مجموعة من البرامج والمتطلبات الإلزامية للمستفيدين من خدمات الرعاية الليبرالية بغية إنفاذ الرعاية في العمل والمساكن الاجتماعية (Beck 2001, p. 10). إن البرامج الإلزامية هي جزء من التحول الليبرالي الجديد الأوسع في صنع السياسة العامة التي نوقشت في هذا الكتاب.

إن الربط بين المساعدة الاجتماعية في العمل وسوق العمل ليس أمراً جديداً. على سبيل المثال، وفقا لقوانين الفقراء في إنجلترا، إذ كان العاطلون عن العمل قادرين على الحصول على مساعدات البطالة فقط عن طريق الذهاب إلى الإصلاحية، حيث كانوا يجبرون على العمل في ظل ظروف وحشية(Fox-Piven & Cloward 1971).

ومع ذلك، تمثل "البرامج الإلزامية" تحولاً من نظام الرعاية الاجتماعية الفوردي، فمدد مدفوعات الإعاشة إلى العمال خارج سوق العمل، بالحد الأدنى من متطلبات الالتزام. وعكس هذا النظام الافتراض الضمني بأن سبب البطالة إلى حد كبير هي المشاكل الهيكلية، مثل عدم كفاية الطلب، وهذا يعني أن العمال كانوا غير قادرين على العثور على عمل.

أما النهج الجديد، والذي بموجبه يكون على العاطلين عن العمل الامتثال لمتطلبات زائدة، فيعكس الاعتقاد بأنّ البطالة ناتجة إلى حد كبير عن ضعف الحوافز أو ضعف أخلاقيات العمل بدلاً من ظروف الاقتصاد الكلي، فيكون "اختيار" العمال فعليا هو عدم العمل. ويتم رصد أنشطة الامتثال على نحو متزايد من قبل الدولة، في ظل وجود المستفيدين الذين يجبرون على أداء أنواع مختلفة من العمل منخفض أو بدون أجر بغية أن يصبحوا مؤهلين لتلقي الأجر.

من الأمثلة المهمة حول البرامج "الإلزامية قانون تسوية المسؤولية الشخصية وفرص العمل" الموقع تحت إدارة كلينتون في الولايات المتحدة  في عام  1996. حدد مشروع هذا القانون مدة خمس سنوات كحد أقصى لمدفوعات البطالة الفردية وأمر بأن ينتقل العمال العاطلين عن العمل الى العمل في غضون سنتين من فقدان وظائفهم (US GPO 1996).

أحد اشكال البرامج الإلزامية، المرتبط بالطريق الثالث لصناعة السياسات (الذي نوقش في الفصل 10) هو الجمع بين اختبارات الالتزام بالتغييرات الحاصلة في النُظُم الضريبية وبين الرعاية الاجتماعية. الأمر الذي يحدد وجود مشكلة محتملة في تفاعل النُظُم الضريبية والرعاية، فترى المستفيد من المدفوعات يفقد المدفوعات بينما يدفع الضرائب أيضاً، وربما يحصل على دخل ضئيل من العمل. يعكس ذلك فهما كلاسيكياً جديداً للبطالة على أنها مرتبطة بالحوافز ولكن يسعى إلى زيادة ثمار العمل وتكاليف البطالة على حد سواء. ويشكل انخفاض الائتمان الضريبي للدخل المنخفض مثالاً على ذلك، فهو تقليص للضرائب بالنسبة لأولئك الذين ينتقلون إلى وظائف منخفضة الأجر.

ويعتبر المنتقدون أنّ البرامج الإلزامية تعزز التغيرات التي تحدثها مرحلة ما بعد الفوردية في العمل. ويمكن للبرامج الإلزامية أن تجعل وجود البطالة أمراً قاسياً، عبر تشجيع الناس على قبول العمل المؤقت غير المستقر. ويمكن لإصلاحات الطريق الثالث أن تسمح لذوي الدخل المنخفض في سوق العمل بالبقاء عن طريق زيادة المدفوعات الحكومية (مثل المساعدة العائلية) لذوي العمالة المؤقتة غير المستقرة.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى