الطب

نبذة تعريفية عامة عن حالة “الصَّمم” التي تصيب البعض من الأشخاص

2001 موسوعة الكويت العلمية الجزء الثاني عشر

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

حالة الصُمم الطب

الصَّمَمُ هو انْعِدامُ القُدْرَةِ علَى سَماعِ الكَلامِ وفَهْمِه.

ويَخْتَلِفُ الصَّمَمُ عن ضَعْفِ السَّمْعِ، إِذْ يُمْكِنُ لِضِعافِ السَّمْعِ سَماعُ وفَهْمُ بَعْضِ ما يُقالُ، خاصَّةً إِذا ما كانَ الحَديثُ بِصَوْتٍ مُرْتَفِعٍ، ولكنَّهُم يَعْجِزونَ عن سَماعِ بَعْضِ الأَصْواتِ الأُخْرَى.

وبِصِفَةٍ عامَّةٍ يُعانِي 1% من سكَّانِ العالَمِ من الصَّمَمِ، علَى حين يُعانِي 7% مِنْهُم من ضَعْفِ السَّمْعِ.

وهُناكَ نَوْعان مِنَ الصَّمَمِ: التَّوصِيلِيُّ والعَصَبِيُّ. وفي بَعْضِ الحالاتِ يَقْتَرِنُ النَّوعانِ، ويُسَمَّى الصَّمَمُ في هذهِ الحالَةِ بالصَّمَمِ المُقْتَرِن.

 

الصَّمَمُ التَّوصِيلِيُّ:

الصَّمَمُ التَّوصِيلِيُّ اضْطِرابٌ يَعْتَرِضُ الذَّبْذَبَاتِ الصَّوْتِيَّةَ في الأُذُنِ الخَارِجِيَّةِ أو الوُسْطَى قَبْلَ أَنْ تَصِلَ هذه الذَّبْذَباتُ نِهاياتِ الأَعْصابِ الواقِعَةِ في الأُذُنِ الدَّاخِلِيَّةِ.

ويَحْدُثُ هَذا نَتيجَةَ أَسْبابٍ مُتَعدِّدَةٍ كَوُجودِ جِسْمٍ غَريبٍ في الأُذُنِ، أو تَرَاكُمِ شَمْعِ الأُذُنِ (الصِّمْلاخِ) نَفْسِهِ، وهَذا يُؤَدِّي إلَى انْسِدادِ قَناةِ الأُذُنِ (أَيْ صِماخِها). ومِثْلُ هَذِهِ الحالاتِ تُشْفَى بِزَوالِ سَبَبِ الانْسِدادِ.

أَمَّا الأُذُنُ الوُسْطَى فإنَّها قَدْ تَمْتَلِئُ بالسَّوائِلِ النَّاشِئَةِ عن الالْتِهابِ نَتيجَةَ العَدْوَى، وهَذا يُؤَدِّي إلَى إعاقَةِ مُرورِ الذَّبْذباتِ.

كَذَلِكَ قَدْ يَحْدُثُ أَنْ تُصابَ عُظَيْماتُ السَّمْعِ الدَّقيقَةُ الثَّلاثُ بما يُتْلِفُها أو يُصَلِّبُها ويَعوقُ حَركَتَها فَتَثْبُتُ في مَكانِها ويَنْشَأُ الصَّمَمُ.

 

الصَّمَمُ العَصَبِيُّ:

تَكونُ الأُذُنانِ الخارِجِيَّةُ والوُسْطَى في حَالَةٍ وَظيفِيَّةٍ سَويَّةٍ، ولكنَّ نِهاياتِ العَصَبِ السَّمْعِيِّ هِيَ الّتي تكونُ مُصابَةً. وتَقَعُ هذهِ النِّهاياتُ في الأُذُنِ الدَّاخِلِيَّةِ (القَوْقَعَةِ أَو عُضْوِ كورْتِي).

وأَحْيانًا يُصابُ العَصَبُ نَفْسُه، أَوْ مَرْكَزُ السَّمْعِ في الدّماغِ. ويَنْشَأُ عَنْ هَذا إِعاقَةُ مَوْجاتِ الصَّوتِ أو اخْتِلاطُها.

وتَحْدُثُ هذهِ الإصاباتُ نَتيجَةً لِبَعْضِ الأَمْراضِ (كالزُّهْرِيِّ) وفي حالاتِ تَصَلُّب الشّـَرايينِ، أَوْ نَتيجَةً لإصاباتِ الرَّأسِ في الحَوادِثِ، أو الأَوْرامِ، أَوْ نَتيجَةَ التَّعَرُّضِ لأَصْواتٍ فُجائِيَّةٍ شَديدَةِ الارْتِفاعِ كالانْفِجاراتِ (وهَذا ما يُعْرَف بالصَّدْمَةِ السَّمْعِيَّةِ).

 

وتَجْدُر الإشارَةُ هُنا إلَى أَنَّ التَّعَرُّضَ بِصِفَةٍ مُسْتَمِرَّةٍ للأَصواتِ العَالِيَةِ قَدْ يُؤَدِّي أَيْضًا إلَى إتْلافِ السَّمْعِ، ومِنْ هُنا يَنْبَغِي إِعْطاءُ أَهَمِّيَةٍ كُبْرَى إلَى خُطورَةِ الضَّوْضاءِ.

وتَحْدُثُ نِسْبَةٌ كَبيرَةٌ مِنَ الصَّمَمِ الخِلْقِيِّ مِنْ أَمْراضٍ تُصيبُ الأُمَّ في أَثناءِ الحَمْلِ. وأَكْثَرُ هَذِهِ الأَمْراضِ شيُوعًا: الحَصْبَةُ الأَلمانِيَّةُ، ولِهَذا يَجِبُ علَى الحَوامِلِ اللاَّئِي يَتَعَرَّضْنَ لَها أَنْ يُبادِرْنَ فَوْرًا إلَى الطَّبيبِ. ومِنْ حُسْنِ الحَظِّ أَنَّ حُقَنَ جُلوبْيولين جاما تُساعِدُ علَى زِيادَةِ مَناعَتِهِنَّ لِهذا المَرَضِ. وتُشيرُ المُلاحَظاتُ الطِّبِّيَّةِ إلَى أَنَّ ضَعْفَ السَّمْعِ قَدْ يكونُ وِراثِيًّا.

ويُولِي الأَطِبَّاءُ أَهَمِّيَّةً كُبْرَى لِضَرورَةِ إِبْلاغِ الطَّبيبِ عَنْ أَيِّ عَرَضٍ مَرَضِيٍّ في الأُذُنِ أَوْ مُتَعلِّقٍ بالسَّمْعِ، ذَلِكَ أَنَّ كثيرًا مِنْ أَمْراضِ الأُذُنِ قابِلٌ لِلشِّفاءِ إذا عولِجَ مُبَكِّرًا.

 

وهُنا نُنَبِّهَ إلَى أَهَمِّيَّةِ الالْتِفاتَ إلَى أَمْراضٍ مِنْ قَبِيلِ الطَّنينِ في الأُذُنَيْنِ، أَوْ الإحْساسِ بِضَغْطٍ فِيهما، أو التَّعَذُّرِ المُتَزايِدِ في السَّمْعِ أَو أَلمِ الأُذُنِ مِنْ أَيِّ نَوْعٍ. ويَنْبَغي لأُولئِكَ الَّذينَ تُعانِي نِسْبَةٌ كَبيرَةٌ مِنْ أَقارِبِهِمْ من الصَّمَمِ أَنْ يَسْتشيروا الأَطِبَّاءَ ومُسْتَشارِي الوِراثَةِ.

ومَا تَزالُ مُجْتَمَعاتٌ كَثيرَةٌ تُهْمِلُ اخْتِبارَ السَّمْعِ في الأَطْفالِ عِنْدَ الْتِحاقِهِمْ بالمَدَارِسِ. وهَكَذا يُصَنَّفُ كثيرٌ مِنَ الأَطْفالِ علَى أنَّهُم مُتَخَلِّفونَ عَقْلِيًّا في حِينِ أَنَّهُم ضِعافُ السَّمْعِ فَحَسْبُ.

ومِنَ المُمْكِنِ مُلاحَظَةُ اضْطِراباتِ السَّمْعِ في الأَطْفالِ في سِنٍّ مُبَكِّرَةٍ جِدًّا، لأَنَّ الطِّفْلَ العَادِيَّ يَسْتجيبُ لِلْكَلِماتِ البَسيطَةِ المَألوفَةِ حَتَّى قَبْلَ أَنْ يَأْخُذُ في التَّكَلُّمِ.

 

فإذَا عَجَزَ عَنْ ذَلِكَ أَمْكَنَ اخْتِبارُ سَمْعِهِ بِرَفْعِ الصَّوْتِ أَوْ صَفْقِ اليَدَيْنِ، أو بإحْداثِ صَوْتٍ عَالٍ. والأَفْضَلُ مِنْ هذا بالطَّبْعِ استِشارَةُ الطَّبيبِ وإجْراءُ اخْتِبارٍ للسَّمْعِ.

ومِنْ حُسْنِ حَظِّ البَشَرِيَّةِ أَنَّ أَنْواعًا كَثيرَةً مِنَ الصَّمَمِ ومُسَبِّباتِهِ أَصْبَحَتْ قَابِلَةً لِلْعِلاجِ بِفَضْلِ تَقَدُّمِ العِلاجاتِ الطِّبِّيَّةِ، ومِنْهَا عَدْوَى الأُذُنِ الوُسْطَى.

كَذَلِكَ أَسْهَمَتْ الجِراحَةُ المِجْهَرِيَّةُ في عِلاجِ إصاباتِ الأُذُنِ، ومِنْ ثَمَّ تُجْرَى عَمَلِياتٌ جِراحِيَّةٌ دَقيقَةٌ كالَّتي تُعالِجُ تَصَلُّبَ الرِّكابِ (إحْدَى العُظيْماتِ الثَّلاثِ)، ويُبْدِلونَها بِقِطْعَةٍ أُخْرَى تُتيحُ انْتِقالَ الذَّبْذَباتِ الصَّوْتِيَّةِ.

 

وتُفيدُ عَمَلِيَّاتُ تَرْقِيعِ طَبْلَةِ الأُذُنِ في تَصْحيحِ أَنْواعٍ مِنَ الصَّمَمِ التَّوْصِيلِيِّ، كَما أَنَّه أَصْبَحَ بالإمْكانِ إعادَةُ بِنَاءِ الأُذُنِ الوُسْطَى.

ويَتَوَلَّى «التَّأْهِيلُ» التَّعامُلَ مَعَ الحالاتِ الصَّعْبَةِ مِن حالاتِ الصَّمَمِ حَيْثُ لا تُجْدِي الجِراحَةُ والعَقَاقيرُ. وقَدْ شَهِدَ التَّأْهيلُ تَقَدُّمًا رائِعًا يُمْكِّنُ الأَصَمَّ مِنْ أَنْ يُواصِلَ حَياةً مُنْتِجَةً سَعيدَةً، باسْتِخْدامِ المُعيناتِ السَّمْعِيَّةِ.

ويُرَكِّزُ الأَطِبَّاءُ علَى أَهَمِّيَّةِ إِيمانِ مَريضِ الصَّمَم بِحاجَتِه إلَى المُعيناتِ السَّمْعِيَّةِ. ذَلِكَ أَنَّ الخِبْرَةَ الطِّبِّيَّةَ قَدْ دَلَّتْ علَى أَنَّ هَؤلاءِ يَأْبَوْنَ الاعْتِرافَ بِذَلِكَ، ويُفَضِّلونَ التَّوارِي عَن الحَياةِ الاجْتِماعِيَّةِ والانْعِزالَ.

 

ومِنْ وَسائِلِ التَّأْهيلِ المُهِمَّةِ: قِراءَةُ الشِّفاهِ، حَيْثُ تُسْتَخْدَمُ الدَّالاَّتُ البَصَـرِيَّةَ، كَحَرَكاتِ الشَّفَتَيْنِ واللِّسانِ، لتَعْزيزِ الأَصْواتِ المَسْموعَةِ.

ومن الوسائِلِ المُفيدَةِ استِخْدامُ نِظامٍ مُتَّفَقٍ عَلَيْهِ من الإشاراتِ، يعتمِدُ أَساسًا عَلَى حَرَكاتٍ باليَدَيْنِ والأصابِعِ. وهذا النِّظامُ يُمَكِّنُ الأَصَمَّ المُدَرَّبَ علَى تَلَقِّي الدُّروسِ، ومُتابَعَةِ بَعْضِ برامِجِ التِّلفازِ.

ومِنَ الحَقائِقِ المَعْروفَةِ أَنَّ الأَطْفالَ المُصابِينَ بالصَّمَمِ أو ضَعْفِ السَّمْعِ الشَّديدِ يُعانونَ صُعوبَةً كَبيرَةً في تَعَلُّمِ الكَلامِ.

 

إِذْ يَتَعَلَّمُ الطِّفْلُ الكَلامَ عَنْ طَريقِ تَقْليدِهِ لِكلامِ الآخَرين. وقَدْ لا يَتَعَلَّمُ هَؤُلاءِ الأَطْفالُ الصُّمُّ التَّحَدُّثَ بِصورَةٍ جَيِّدَةٍ ومَفْهومَةٍ أَبدًا نتيجةً لِفُقدانِهِمْ القُدْرَةَ علَى سَمَاعِ الكَلامِ.

ولِتَعْليمِ هَؤلاءِ طُرُقٌ خَاصَّةٌ ومَدارِسُ خَاصَّةٌ. وقَدْ أَصْبَحَتْ هذهِ الطُّرُقُ والمدارسُ مُتَقَدِّمَةً جِدًّا في أَداءِ هَذهِ الوَظيفَةِ الإنْسانِيَّةِ.

ويَنْبَغي التَّنْبيهُ إلَى أَنَّ الصُّمَّ يَحْتاجونَ إلَى البَدْءِ بِتَعْليمِهِم في سِنٍّ مُبَكِّرَةٍ عَن السِّنِّ المُعْتادَةِ لِدُخولِ المَدارِسِ، لأَنَّه مَا لَمْ يَتَلَقَّ الطِّفْلُ ما يَلْزَمُهُ مِنْ تَدْريبٍ فَسَوْفَ يُحْرَمُ مِنْ تَعَلّمِ الكَثيرِ مِنَ المَهاراتِ والمَعْلوماتِ الّتي يُتاحُ لِلْطِّفْلِ السَّوِيِّ أَنْ يَلْتَقِطَها في الأَعْوامِ المُبَكِّرَةِ مِنْ عُمْرِهِ.

 

الطِّفْلُ الأَصمُّ الأبْكَمُ:

هذه حَالةٌ نادِرَةٌ جدًّا يولَدُ فيها الطِّفْلُ عاجِزًا أَيْضًا عَن الكلامِ. ومَعَ صُعوبَةِ هَذِهِ الحالَةِ يَتَكَفَّلُ التَّدْرِيبُ الخَاصُّ بِعِلاجِ وتَأْهيلِ هَؤُلاءِ الأَطْفالِ للتَّواصُلِ مَعَ الغَيْرِ ولِعَيْشِ حَياةً سَوِيَّةً مُنْتِجَةً.

ولا نَنْسَى بِالطَّبْعِ حَالَةَ «هيلِينْ كِيلَرْ» الّتي وُلِدَتْ صَمَّاءَ بَكْمَاءَ عَمْيَاءَ، ومَعَ هَذا وَاصَلَتْ تَعْليمَها مُحَقِّقَةً إِنْجازًا عَظيمًا، ومَكانَةً عالَمِيَّةً مَرْموقَةً.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى