التاريخ

مميزات تكنولوجيا الحضارة الهندية قديماً

2016 علوم العصر الكلاسيكي وأوائل العصور الوسطى

جون كلارك مع مايكل ألابي وإيمي جان بيير

KFAS

التاريخ الأحافير وحياة ما قبل التاريخ

تعتبر الحضارة الهندية التي ازدهرت على امتداد وادي نهر الغانجا ووادي نهر الهندوس حضارة رائدة في التكنولوجيا ذات الصلة بإدارة مصدر مياه شديد التذبذب وفي الصناعات المعدنية.

بدأ الشعب الآري هجرته حوالي عام ١٥٠٠ ق.م. باتجاه الجنوب الغربي إلى السهول المترامية لنهر غانجا (نهر الجانجيز سابقا)، فيما يُعرف حالياً بشمال الهند.

وبوصولهم إلى المنطقة دارت رحى حروب طاحنة بين القبائل الآرية والشعوب التي كانت تسكن الأرض من قبلهم حيث انتصرت القبائل الآرية، لكن الآريون كانوا بالدرجة الأولى أهل رعي وزراعة؛ ولذلك سكنوا القرى يحرثون الأرض ليؤسسوا في نهاية المطاف المملكة الهندو – آرية وعاصمتها قريبة من مدينة دلهي الحالية، حيث ازدهرت الديانة البراهمانية واللغة السنسكريتية.

تتابعت الأسر الحاكمة على المملكة التي تغيرت حدودها عبر الزمن حتى اعتلى تشاندراقبتا ميوريا حكمها عام ٣٢١ ق.م. كأول حاكم من الأسر الميورانية، وخلال عهد تشاندرا قبتا توسعت الإمبراطورية كثيرا.

مثل الأرز غلة الغذاء الرئيسة لشعوب سهل الغانجا، وقد وجد علماء الآثار أرزاً مفحماً في بيهار شمالي شرق الهند يعود تاريخه إلى مابين سنة 2000 إلى 1500 ق.م. أصبح الأرز المحصول الزراعي الأهم للفلاحين الآريين.

 

هناك طريقتان لزراعة الأرز؛ فعلى السفوح الهضبية المائلة يُزرع الأرز كمحصول حقلي يُسقى بمياه الأمطار، أما في الأرض المنخفضة فتتم زراعة الأرز بوضع البذور في حاضنات ومن ثم تُستزرع في الحقول المغمورة بالماء، وتُسمى حقول استزراع الأرز البادي (حاضنات الأرز)، وتُجفف الحقول قبل جني الحصاد.

يتميز الأرز المستزرع في الحاضنات عن أرز سفوح الهضاب بوفرة محصوله، لكن الزراعة الناجحة للأرز تعتمد على آلية إدارة مياه الري؛ ولذلك أصبحت إدارة المياه ذات أهمية قصوى في الهند في ظل مناخها الموسمي، حيث تهطل الأمطار خلال فصل الصيف بشكل شبه يومي.

استحدثت خلال عهد تشاندرا قبتا ميوريا (حكم 321 -296 ق.م.) السدود والبحيرات الاصطناعية ونُظم الري المختلفة اعتمد بعضها على الاستفادة من مياه الأمطار ومياه الفيضانات المخزونة من المواسم السابقة، كما استخدمت قنوات مغمورة على نطاقٍ واسعٍ في البنغال (وكذلك شمالي شرق الهند).

كانت هذه القنوات العريضة الضحلة تُفتح خلال موسم الفيضانات عندما تتجمع مياه الثلوج المنصهرة الهابطة من قمم الجبال مع مياه الأمطار الموسمية، وبهذه الكيفية يتم توجيه المياه الغنية بالطمي إلى الحقول الزراعية عبر قنوات جانبية صغيرة، ومع انخفاض مستوى مياه النهر يقوم المزارعون بسد القنوات الرئيسة.

على سفوح هضاب بيهار طُبق نظام آخر للري يُعرف بأهار– باين ، يعني الباين القناة التي تربط النهر ببركة هي الأهار، والتي تتكون من حوض مستطيل الشكل مدعوم الأسوار من ثلاث جهات بيما يمثل الانحدار الهضبي الطبيعي إلى الحقول جانبه الرابع.

 

ويُعتبر الخزان المشيد في القرن الأول قبل الميلاد في منطقة سرنجافيرابورا قرب مدينة الله آباد في الهند أحد أروع أمثلة خزانات مياه المحاصيل، يبلغ عمق الخزان ١٢ قدماً (٣.٧ م) وطوله ٨٠٠ قدمٍ (٢٤٤ م) وبعرض ٦٠ قدماً (١٨ م) مرصوف من الداخل بالطوب.

ينحدر الماء من نهر الغانجا إلى خزانين تحت الأرض ليترسب الطمي في قاعيهما، ويتم رفع الماء من مخرج قرب الحواف العلوية للخزانين ليسري إلى الخزان الرئيس عبر درجات مرصوفة ذات جدران منحنية بغرض تبطئة سرعة اندفاع المياه. ولتوفير مياه الري خلال الفصول الجافة حفرت آبار عدة تحت مستوى الخزان.

لم تقف التكنولوجيا الهندية عند هذا الحد، فعلى أراضي مسجد قوة الإسلام في منطقة مهرولي قرب دلهي ينتصب عمود من الحديد يزيد ارتفاعه عن 23.5 قدم (7 م) ويبلغ قطره 16 بوصة (40 سم) ويزن أكثر من 6.6 طناً (6 طن متري).

نُصب العمود الحديدي عام ٤١٥ ميلادي خلال عهد التاريخ الكلاسيكي للهند الذي بدأ مع اعتلاء أسرة قبتا الحكم عام ٣٢٠ ميلادي وقد أمر كومارا قبتا بتشييد النُصب (حكم ٤١٥-٥٥ ميلادي) تخليداً للمآثر العسكرية لوالده تشاندرا قبتا الثاني.

 

والجدير بالذكر أن الأوروبيين لم يتمكنوا من صب قطعة واحدة من الحديد بحجم عمود كومارا الحديدي حتى نهايات القرن التاسع الميلادي.

كما أن العمود يُظهر خاصية مميزة أخرى، فعلى الرغم من تعرضه للهواء الخارجي على مر ما يزيد عن ١,٥٠٠ عامٍ إلا أن سطحه لا يحتوي على أي أثر للصدأ، ويعود هذا الأمر جزئياً إلى المناخ الجاف للمنطقة -على الرغم من هطول الأمطار الموسمية الغزيرة في فصل الصيف- لكنه يعود أيضاً إلى الشوائب في حديد العمود.

انتشرت تكنولوجيا صناعة الحديد عبر الهند، وبحلول عام ٥٠٠ ق.م. وقد استخدمت شعوب جنوبي الهند الأسلحة المصنوعة منه.

وكما نعلم فإن الحديد معدن لين لا يصلح لتصنيع السيوف أو السكاكين، لكن زعماء قبائل البنجاب أهدوا الإسكندر الأكبر قطعة من الفولاذ بعد غزوه الجزء الشمالي الغربي من الهند عام ٣٢٧ ق.م.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى