البيولوجيا وعلوم الحياة

تعريف “المزارع الجزيئية” ومجالات استخدامها

2002 في رحاب الكيمياء

الدكتور نزار رباح الريس , الدكتورة فايزة محمد الخرافي

KFAS

المزارع الجزيئية البيولوجيا وعلوم الحياة

لقد عرف الإنسان منذ قرون عديدة أن الأشجار والنباتات المختلفة تشكل مصدراً  هائلاً للمنتجات الطبيعية التي نستخدمها في حياتنا اليومية . 

فشجرة المطاط تزودنا بحليبها الصافي لننتج منه المطاط الطبيعي ، وشجرة الزيتون تشكل مصدراً لزيت الزيتون ، وهناك الكثير من الحبوب التي توفر لنا أيضاً أصناف الزيوت المختلفة مثل حبوب السمسم والذرة وبذرة الكتان وفول الصويا وغيرها كثيرة . 

وبالإضافة إلى ذلك هناك العديد من النباتات التي تشكل الاساس للعديد من البهارات والمنكهات التي نضيفها إلى طعامنا . 

 

ولا ننسى في هذا المجال ان نذكر الزهور والورود والرياحين التي تشكل مصدراً للعطور المختلف شذاها وعبيرها .

ولا يفوتنا كذلك التذكير بان الطب الشعبي يعتمد اساساً على استخدام العديد من أنواع  الثمار والأعشاب التي تحتوي على مواد كيميائية مختلفة تساعد على الشفاء من العديد من الامراض، أو تحتوي على مواد مخدرة مثل نبتة الخشخاش والحشيش والقات وغيرها ، أو تحتوي على سموم قاتلة قد تؤدي بحياة الإنسان . 

هذا قليل من كثير مما تقدمه لنا المزرعة التقليدية التي عرفناها على مر العصور .  لكننا الآن نتجه إلى نوع جديد من المزارع يطلق عليها اسم (المزارع الجزيئية) فماذا نقصد بذلك ؟

 

إنها نتاج تسخير الهندسة الوراثية في عملية تحويل النباتات ما يسمى "بالمفاعلات الحيوية" لإنتاج ما نريده من مواد وما نحتاج إليه من مركبات كيميائية لاستخدامها في حياتنا اليومية .

وهنا يمكن لنا استخدام النباتت التي تنتج الزيوت التقليدية مثل نبات الكانولا والصويا والكتان والسمسم لإنتاج أنواع جديدة من الزيوت يمكن استخدامها لأغراض مختلفة ، مثل زيوت التزليق أو الزيوت المعدنية أو مواد اولية لصناعة الألياف الصناعية مثل النايلون ، أو عقاقير فعالة لعلاج الأمراض المختلفة . 

وفي مجال آخر من الاستخدام تمكن العلماء من إنتاج نوع جديد من البلاستيك من نشاء البازلاء وزيت الكانولا الذي يمكن استخدامه لتغليف المأكولات المجمدة بحيث يمكن طبخه مع هذه المأكولات دون الحاجة إلى إزالته والتخلص منه .

 

وفي هذا المجال أيضاً تمكن الباحثون من إنتاج أنواع من اللدائن من نبات الذرة عن طريق الهندسة الوراثية .

 وقد طوروا هذه الطريقة حديثاً بحيث ينتج نبات الذرة هذه اللدائن في أوراقه وسيقانه وهكذا يمكن لنا ان نجني حبوب اذرة واللدائن من نفس النبتة فنحافظ بذلك على محصول الذرة الاصلي دون زيادة مساحة الأرض المزروعة .

ومن المجالات المهمة الأخرى التي يستخدم فيها الباحثون "المزرعة الجزيئية" التوجه نحو إنتاج محصولات زراعية تكون غنية بمضادات الأكسدة والسرطان ، وتحتوي على كميات عالية من الفيتامينات وغيرها من المواد المفيدة لصحة الإنسان ، إضافة إلى بعض البروتينات والموصلات العصبية والأجسام المضادة (الأضداد) والأمصال المضادة للعديد من الأمراض التي مكن استخدامها في عمليات التطعيم .

 

وهكذا سوف يشهد عالمنا في هذا القرن نوعاً جديداً من المزراع تشكل فيه النباتات المختلفة مصانع حيوية لإنتاج ما نحتاج إليه من مواد كيميائية نستخدمها في لباسنا وغذائنا وعلاجنا وسائر امور حيانتا.

كل ذلك بفضل قدرة الإنسان على التدخل في الشفرة الوراثية لهذه النباتات وتوجيهها على المستوى الجزيئي لتصبح مصانع المستقبل دون الحاجة إلى توفير المواد الأولية التقليدية للمنتجات الصناعية المختلفة . 

 

وهنا يتبادر إلى أذهاننا السؤال التالي : هل يتوصل الإنسان مستقبلاً إلى أن يزرع في حديقته شجرة تنتج عقاراً معيناً ، ونبتة تنتج له وقود السيارة ، وأخرى تزوده بحاجته من ألياف النايلون وغير ذلك من حاجته الحياتية ؟

والجواب عن ذلك بالإيجاب ، ولكننا لا نستطيع منذ الآن ان نحدد المدة الزمنية التي سيستغرقها هذا الأمر ، ولكن المزرعة الجزيئية قادمة لا محالة لتشكل الحل الأمثل لإطعام الاعداد المتزايدة من البشر وعلاجها .

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى