التاريخ

تحرر كوبرنيكوس من العبادة الأرسطية

1997 قطوف من سير العلماء الجزء الأول

صبري الدمرداش

KFAS

العبادة الأرسطية كوبرنيكوس التاريخ المخطوطات والكتب النادرة

لعلنا قد لا ندرك خطر تلك الخطوة الجريئة التي خطاها كوبرنيكوس إلا إذا تذكرنا أن آراء أرسطو وبطليموس كانت لا تزال تلف الفكر العلمي السائد في ذلك العصر بوشائجها التي لا يستطيع منها فكاكاً.

ففي كل رأي خالفها مروق وفي كل صوتٍ يعلو عليها إلحادٌ وجحود. ولو لم يُتح لكوبرنيكوس أن يجد (مغمزاً) واحداً في نظامهما الكوني، لما تجرأ على الارتياب في سائر الأسس التي قام عليها ذلك النظام.

كان أرسطو قد أكد أن الأرض ثابتة ومستقرة في مكانها، وأنها هي مركز الكون.

ولكن كوبرنيكوس كان مقتنعاً- على نحو ما أسلفنا- بأن الأرض على الضد ليست ثابتة وما هي بمستقرة وإنما سائرة في الفضاء وهي تدور حول نفسها.

لذا كان طبيعياً أن يناجي عالمنا نفسه: إذا كان أرسطو مخطئاً في قوله (إن الأرض ثابتة)، فلعله مخطئ كذلك في قوله (إنها مركز الكون).

وكان رصده للاختلاف في إشراق المريخ وقدره قد عزَّز هذا الريب عنده. فلما اطَّلع على آراء فيثاغورس وأرستارخوس في هذا الخصوص استوثق من خطأ أرسطو وبطليموس.

وهكذا بعد انقضاء ثمانية عشر قرناً على أرسطو، وتعالميه هي الدستور، جاء من يتحداه ويفلت من إسار سطوته على الفكر وسلطانه.

ولكن، مع ما عُرف عن كوبرنيكوس من استقلال في الرأي وجرأةٍ في الحق، فإنه لم يستطع أن يتحرر كاملاً من نفوذ أرسطو.

فهو مع فهمه لقواعد النظام الشمسي كما نعرفها الآن لم يتوصَّل إلى القول بالأفلاك الإهليليجية، وهو ما كشفه كبلر في القرن التالي.

ومع هذا فالأثر الكوبرنيكي في الفلك الكبير، ألم (يضع) الأرض في مكانها الصحيح من الكون؟ فكان بذلك أول من أفلت من قيد عبادة الأرسطية التي عاقت تقدم الفكر العلمي – في بعض جوانبه- قروناً وقرونا.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى