التاريخ

التجربة التي أجراها العالم “بريستلي” على الفئران

1997 قطوف من سير العلماء الجزء الثاني

صبري الدمرداش

KFAS

تجربة بريستلي على الفئران التاريخ المخطوطات والكتب النادرة

في 8 مارس عام 1775 بدأ هذا القس الحر المفتون بالبحث العلمي تجربة غريبة في قصر اللورد شلبورن في بوود .

كان في الليلة السابقة قد نصب للفئران أفخاخاً يستطيع أن يستخرجها منها حية. ولكن أي شأن لمعلم العقول ومهذب النفوس بالفئران؟! إنه يرى فيها جلاء السر الغامض الذي يُحَيِّر لبَّه .

أخذ وعائين زجاجيين متماثلين ووضع في أحدهما الغاز الخارج من الزئبق والرصاص (الأكسيجين) وفي الآخر الهواء العادي . ثم وضع الوعائين في إنائين بهما ماء بحيث يغمر الماء حافتيهما السفليين .

 

وفي اليوم التالي أمسك بأحد الفيران من عنقه وأدخله في الوعاء المحتوي على الهواء العادي ووضعه فوق منصة تعلو سطح الماء كي لا يغرق.

وأمسك بفأر آخر ووضعه بالطريقة ذاتها في الوعاء المحتوي على الأكسجين وجلس على كرسي أمام الوعائين يترقّب دون أن يعلم إلى متى يدوم انتظاره وهو يُسلَّي نفسه بعزف مزمار!. وتوقف العزف فجأة.

لقد مات الفأر الذي في الوعاء المحتوي على الهواء العادي بعد مضي ربع ساعة وراح يرقب من جديد، فهناك فأر لا زال في الوعاء الآخر الذي به الأكسيجين .

 

وكم كانت فرحته لأن الفأر الثاني قد قضى في الوعاء نصف ساعة قبلما تظهر عليه أعراض الإعياء، في حين أن الأول قضى نحبه في نحو ربع ساعة .

ما تعليل ما حدث؟ هل الأكسيجين أنقى من الهواء العادي؟ أم أن الهواء العادي به مادة تقتل الحياة؟ أم ما حدث إن هو إلا صدفة أو محض اتفاق لا يُعتدَّ به ؟ .

لم يغمض لبريستلي في تلك الليلة جفنٌ وهو يفكر في مسألة الفأر والأكسيجين . وخلُصَ – بحس العالم الواعي – إلى وجوب إعادة التجربة برمَتِّها ليتثبَّت من صحة ما كان. وأجرى التجربة، بل تجارب، أقنعته في النهاية بنقاء الأكسيجين وفائدته .

 

ولو شاء لتوقّف بريستلي في تجاربه عند هذا الحد، ولكنه كان عالماً مطبوعاً فعزم أن يجري التجربة ذاته على نفسه!.

استنشق قليلا من الأكسيجين وهنا قال:"شعرت أن تنفسي خف برهة . ومن يدري أن هذا الهواء النقي قد لا يصبح في المستقبل من الكماليات، فلم يُجربه حتى الآن أحد غيري والفئران!" .

ولم يصبح فعلاً من الكماليات . بل أصبح الأكسيجين يستعمل اليوم في أغراض كثيرة فرجال الإطفاء ، ورجال الإنقاذ في المناجم محتاجون إليه ، كما أن الغواصين والطيارين عنه لا يستغنون .

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى