الطب

الأنظمة الغذائية المسؤولة عن الوقاية من الأمراض القلبية

2013 أنت والسكري

نهيد علي

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

الطب

عليك أن تولي الاهتمام الأول لحالتك كسكري، وعلى هذا اجعل عنايتك المطلقة بالنظام الغذائي الذي تمشي عليه شغلك الشاغل على الدوام، فذلك النظام الغذائي هو الذي سيحفظ لك صحة ونشاط جميع الأعضاء في جسمك.

وقد أوجزت الرابطة الأمريكية للقلب التوصيات الأكثر أهمية للقلب في النظم الغذائية "التي تضمن صحة القلب" أو النظم الغذائية "الحكيمة".

ووفق تلك التوصيات يمكنك أن تستمد كمية تقل عن 30% من السعرات الحرارية (الكالوري) من المواد الدهنية، على أن يقل محتواها من الدهن المشبّع عن 10%، ويكون ضمنها 300 ميلي غرام من الكوليستيرول، ورغم أن من المعروف أن هذا النظام الغذائي يخفض معدلات انتشار الأمراض القلبية، فإن فعاليته في معالجة السكري غير واضحة تماماً، ولعل هذا هو السبب الذي يجعل فائدتك أكبر باتباع النظام الغذائي النباتي الفقير جداً بالدهن وبالنظام الغذائي الشرق الأوسطي الفقير بالدهن.

 

النظام الغذائي النباتي الفقير جداً بالدهن

لقد أصبح من الثابت أن النظام الغذائي النباتي الفقير جداً بالدهن له أهمية واضحة في تقليص مخاطر الأمراض القلبية، فلقد عمل عدد كبير من الباحثين على إثبات أن النظام الغذائي النباتي الفقير جداً بالدهن يقلل من مستويات الكوليستيرول في الدم، بل إنه، حسر المسار المعتاد الذي يشاهد عند المرضى المصابين فأنقص مستوى كوليستيرول الدم.

ويتضمن النظام الغذائي النباتي الفقير جداً بالدهن على مختلف الفواكه والخضروات والبقول والحبوب غير المقشورة، وفي هذا النظام الغذائي يجب الابتعاد عن إضافة أي صنف من الدهون إلى الطعام، سواء كان من الزيوت أو المرغرين أو الزبدة أو الميونيز أو الصلصة.

كما ينبغي تقليل كمية الأطعمة النباتية الغنية بالدهون مثل البذور والأفوكادو والجوز والزيتون، أو عدم تناولها على الإطلاق، وعلى هذا فإن مجمل محتوى الطعام من الدهون لن يتجاوز 10% من السعرات الحرارية أو الكالوري، كما أن الحموض الدهنية المشبّعة لا تتجاوز في هذا النظام الغذائي 2%، وبعض أنماط النظم الغذائية الفقيرة جداً بالدهن يمكن أن تتضمن كمية زهيدة من بياض البيض (الزلال) ومنتجات اللبن المنزوعة الدسم، في حين أن بعضها الآخر، مثل النظام النباتي الصارم جداً، فلا يتضمن شيئاً من البيض أو منتجات الألبان أو اللحوم.

 

النظام الغذائي الشرق الأوسطي الفقير بالدهن

بغض النظر عما يمكن أن يتضمنه النظام الغذائي الشرق الأوسطي الفقير بالدهن من كمية الدهون التي تبدو ليست بالقليلة، فإنه بدون شك فعال في ضبط مستويات سكر الدم، نظراً لقلة محتواه من الكربوهيدرات.

ونظراً لما يتضمنه النظام الغذائي الشرق الأوسطي الفقير بالدهن من محتوى عال من الدهن الجيد أو المفيد ومحتوى منخفض من الدهن السيء أو الضار، فقد انصرف ذهن بعض الباحثين إلى الحذر من احتمال تأثير ضار له على القلب، إلا أن النتائج أظهرت خلاف ذل، إذ أظهرت نتائج البحوث الطبية أن النظم الغذائية الغنية بالدهون ليست جميعها ضارة، بل إن بعضها مثل النظام الغذائي الشرق الأوسطي الفقير بالدهن قد يحمي القلب من الأضرار، ولعل هذا ما يجعل من الضروري التعرف على النظام الغذائي الشرق الأوسطي الفقير بالدهن، فما هو؟

إن النظام الغذائي الشرق الأوسطي الفقير بالدهن يتضمن من حيث تكوينه مجموعة من الأطعمة، وجميع هذه الأطعمة لا تخضع إلا لقدر ضئيل من عمليات التصنيع التجارية، فهي عادة طازجة وموسمية، وتنتج محلياً، وتتضمن في أصناف المقبلات الفواكه الطازجة، مع تناول الحلويات في مناسبات قليلة أثناء الأسبوع

فالاقتصار على عدد قليل من مناسبات لتناول الحلويات قد يكون أفضل من الامتناع عنها تماماً، أما المصدر الرئيسي للدهون فهو زيت الزيتون، وهو يحل محل جميع الأشكال الأخرى من المرغرين أو الزبدة أو الميونيز أو الصلصة وغيرها من الدهون الصلبة. وفي النظام الغذائي الشرق الأوسطي الفقير بالدهن يكون المتناول الإجمالي من الدهون 30% – 35% من السعرات الحرارية أو الكالوري، كما لا تتجاوز كمية الدهون المشبعة 7% – 8%.

وفي النظام الغذائي الشرق الأوسطي الفقير بالدهن يتوخى الناس الاعتدال في تناول الأطعمة ذات المكونات الحيوانية، ولا يتناولون اللحم الأحمر إلا في مناسبات قليلة العدد كل شهر، ويتناولون كمية أكبر من لحوم الطيور تزيد على ما يتناولونه من اللحوم الحمراء، كما أنهم يتناولون السمك 2 – 3 مرات أسبوعياً

ولا تزيد عدد البيضات التي يتناولونها كل أسبوع عن 4 بيضات، وإذا قررت أن تتناول منتجات الألبان فإن عليك أن تقتصر في نظامك الغذائي منها على الجبن واللبن الزبادي، مع اجتناب المشروبات الكحولية، وإذا كان ذلك محتماً عليك، فلا بد من الاقتصار على الشرب مع تناول الوجبات، وأن لا يتجاوز كأسين للرجال، وكأساً واحداً كل يوم للنساء.

 

الأساس المنطقي للنظامين الغذائيين (النظام الغذائي الشرق الأوسطي الفقير بالدهن و النظام الغذائي النباتي الفقير جداً بالدهن)

قد يتساءل البعض عن سبب التوصية باتباع هذين النظامين الغذائيين (النظام الغذائي الشرق الأوسطي الفقير بالدهن و النظام الغذائي النباتي الفقير جداً بالدهن) واعتبارهما من الأنظمة الصحية للمصابين بأمراض القلب وبالسكري. فهما يختلفان اختلافاً واضحاً عن معظم النظم الغذائية التي نجدها سائدة في أيامنا الحاضرة.

وفي بدء الحديث عن السبب وراء ذلك لا بد من الإشارة إلى أن هذين النظامين الغذائيين (النظام الغذائي الشرق الأوسطي الفقير بالدهن و النظام الغذائي النباتي الفقير جداً بالدهن) يتشابهان في مكوناتهما، رغم الاختلاف بينهما في المحتوى من الدهون

فكلاهما يتكون بشكل أساسي من الخضروات والبقوليات والحبوب غير المقشورة والفواكة، وكلاهما يقدم كمية وافرة من البروتينات النباتية والفيتامينات والألياف والمعادن والمركبات الأخرى الضرورية للمحافظة على صحة الجسم بكامله، وعلى صحة القلب على وجه الخصوص

ولعل الاختلاف الرئيسي بين هذين النظامين يكمن في احتواء النظام الغذائي الشرق الأوسطي الفقير بالدهن على كمية وافرة من زيت الزيتون، وفي احتواء النظام الغذائي النباتي الفقير جداً بالدهن على كمية لا بأس بها من الأطعمة النباتية الأكثر غنى بالزيوت، مثل الجوز والبذور والأفوكادو، فمثل هذه الأصناف توفر للقلب عند استهلاكها الصحة والعافية.

 

النظام الغذائي النباتي الفقير جداً بالدهن: لا تتركه عندما تفقد الكثير من الوزن

إذا كنت تود اتباع النظام الغذائي النباتي الفقير جداً بالدهن لمعالجة السكري من النمط 2 ينبغي عليك أن تأخذ بالاعتبار أربع قضايا هامة؛ الأولى أن هذه النظم الغذائية قد لا توفر لك الكمية الكافية من الحموض الدهنية الطويلة السلاسل أوميغا – 3، وهي الحموض الدهنية التي توجد عادة في زيت السمك وزيت الكتان والخضروات ذات الأوراق الخضراء.

وقد أوضحت الدراسات الطبية أن الحموض الدهنية أوميغا – 3 هي التي تقدم الحماية الكافية من الأمراض القلبية، فهي تخفض مستويات ثلاثي الغليسيريد، وتقلل من مخاطر تشكل الجلطات، كما تقلل من احتمال تكرر حدوث الضربات غير المنتظمة في القلب، ولتلك الوظائف الواقية للقلب أهمية كبيرة وخاصة لدى السكريين، وعندما لا تتوافر كميات كافية من هذه المركبات فإن خطر الإصابة بالأمراض القلبة سيزداد

ولا يتضمن النظام الغذائي النباتي الفقير جداً بالدهن إلا الكميات الضئيلة التي تحويها المكونات النباتية من الدهون، مثل الصويا والبذور والجوز. ولكن هذه النباتات لا تقدم أكثر من 25% – 30% من ما يحتاجه كل فرد من الحموض الدهنية أوميغا – 3 .

والقضية الثانية التي ينبغي أن تأخذها بالحسبان إذا رغبت في اتباع أحد النظامين الغذائيين (النظام الغذائي الشرق الأوسطي الفقير بالدهن و النظام الغذائي النباتي الفقير جداً بالدهن) هي أن تتذكر على الدوام أهمية امتصاص الجسم للفيتامينات والمعادن والمواد الكيميائية النباتية المصدر الذوابة في الدهون

 

فالمواد الكيميائية النباتية المصدر هي مواد ذات تأثير قوي على صحة الإنسان، توجد في النباتات، وقد أثبت الباحثون أن تناول كميات معتدلة من الدهون يعزز من امتصاص الجسم لبعض المكونات الغذائية المحددة، ومن المواد ما يساعد أيضاً على امتصاص غيرها من المكونات الغذائية الأخرى، مثل الفيتامينات الذوابة في الدهون مثل فيتامين إي

وبعض المواد التي يطلق عليها المركبات الشبيهة بالكاروتين أو الجزر، مثل الفيتامين ألف، وبعض المعادن، وبعض المواد الكيميائية النباتية المصدر، ولجميع هذه المكونات الغذائية أهمية كبيرة لدى السكريين وينبغي أن تدرج صمن النظم الغذائية التي يتبعونها.

والقضية الثالثة التي ينبغي أن تأخذها بالحسبان إذا رغبت في اتباع أحد النظامين الغذائيين (النظام الغذائي الشرق الأوسطي الفقير بالدهن و النظام الغذائي النباتي الفقير جداً بالدهن) هي أن تتذكر على الدوام أنك ستنقص المحتوى التغذوي للطعام الذي تتناوله نقصاً مؤثراً

وهنا تأتي أهمية أن تدقق النظر في المعلومات التي تتضمنها الملصقات على العبوات الغذائية، فالسكريون الذي يعمدون إلى إنقاص محتوى غذائهم من الدهون سيفقدون المصادر الغنية بالفيتامين إي وبالمعادن الزهيدة المقدار، ووبالمواد الكيميائية النباتية المصدر، وبالسيلينيوم، وهي مكونات غذائية يكثر توافرها في الكثير من الأصناف الغذائية مثل الجوز والبذور والأفوكادو والزيتون، بل وحتى في منتجات معاملة بزيت الصويا.

 

 والقضية الرابعة التي ينبغي أن تأخذها بالحسبان إذا رغبت في اتباع أحد النظامين الغذائيين (النظام الغذائي الشرق الأوسطي الفقير بالدهن و النظام الغذائي النباتي الفقير جداً بالدهن) هي أن تتذكر على الدوام أن النظام الغذائي الذي يتضمن كمية قليلة جداً من الدهون والكربوهيدرات المنقاة والمكررة بعناية قد يؤدي إلى انخفاض شديد في مستويات كوليستيرول البروتينات الدهنية المنخفضة الكثافة، إلى جانب ازدياد ملحوظ في ثلاثي الغليسيريد، وإن ترافق هذين الأمرين مع السكري يزيد احتمال الإصابة بأمراض الفلب زيادة كبيرة.

ولعل منشأ هذه المشاكل يكمن في تناول الكربوهيدرات المصفاة بشدة في بعض الأغذية مثل الدقيق المنخول من القشور نخلاً ناعماً، والأغذية الغنية بالسكريات، وهكذا فإنك ستقلل وإلى أدنى حد ممكن من التغييرات التي كانت ستحدث في مستويات كوليستيرول البروتينات الدهنية الرفيعة الكثافة، وثلاثي الغليسيريد بمجرد إدخال الحبوب غير المقشورة ضمن نظامك الغذائئي، ووفقاً لما أشارت به دراسات متعددة، فإن النظام الغذائي الشامل (الذي لا يستبعد أحد الاصناف الغذائية استبعاداً تاماً) والغني بالكربوهيدرات يؤدي إلى إنقاص مستويات ثلاثي الغليسيريد، إلا أن تأثيراته على مستويات كوليستيرول البروتينات الدهنية الرفيعة الكثافة ستكون متفاوتة.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى