الكيمياء

نسب وكميّات توافر”العناصر الكيميائية” في العالم

2002 في رحاب الكيمياء

الدكتور نزار رباح الريس , الدكتورة فايزة محمد الخرافي

KFAS

العناصر الكيميائية الكيمياء

عرف الإنسان أن عدد العناصر في كوكبنا يزيد على المائة قليلاً ،  وأن كمياتها تختلف من عنصر لآخر ، وأن بعضها يتوافر بكثرة لكن البعض الآخر قليل نادر . 

إن التقدير الحقيقي لكميات هذه العناصر بدا بمشروع قام به عالم أمريكي يسمى كلارك (H. Clarck)، هذا الذي أجرى ما يربو عن 5500 تحليل لعينات حصل عليها من مختلف أجزاء المعمورة.

فكان بعضها من المناطق الاستوائية وبعضها الآخر من مناطق التندرا ، وعينات أخرى من أعماق المحيطات أو مجاري الأنهار ومجاهل الغابات . 

ولقد استغرقت هذه الدراسة التي أجراها كلارك حوالي عشرين عاماً وتمكن خلالها من تحديد كميات العناصر المتوافرة في كوكبنا ، ومن هنا ولد علم جديد أطلق عليه اسم "الجيوكيمياء" Geochemistry أو كيمياء الأرض .

 

ولقد تبين من نتائج هذه الدراسات أن العناصر الستة والعشرين الأولى من جدول مندليف الدوري بدءًا بالهيدروجين وانتهاءا بالحديد تكون من الناحية العملية مجمل القشرة الأرضية ، وتشكل 99.7% من كتلتها ، وأن ما تبقى من كتلة هذه القشرة الأرضية والذي لا يتجاوز 0.3% يتكون من باقي العناصر المعروفة والتي يبلغ عددها أكثر من 67 عنصراً .

وقد نتساءل ما هو أكثر العناصر توافراً في كوكبنا الذي نعيش فيه ؟ وهل هو أحد العناصر التي عرفها الإنسان واستخدمها منذ آلاف السنين مثل الحديد والنحاس والقصدير ؟

والجواب على ذلك بالنفي ، وذلك رغم كثرة الكميات التي استخدمها الإنسان وما زال يستخدمها من هذه العناصر . 

لكن العنصر الأكثر توافراً في عالمنا هو الأكسجين ، بل لا تعجب إذا قلنا بأننا لو وضعنا الأكسجين الموجود بأشكال مختلفة في عالمنا في كفة ميزان ووضعنا سائر العناصر الأخرى في الكفة الأخرى لتعادلت الكفتان ، فحوالي نصف القشرة الأرضية مكون من الأكسجين وهو موجود أيضاً في الهواء وفي الماء وفي الخصور والرمال والحيوانات والنباتات وكل شيء من حولنا .

 

أما السيليكون فإنه يشكل ربع كتلة القشرة الأرضية ، أما ما تبقى فإنه يتكون على النحو التالي : 7.4% من الألمنيوم ، 4.2% من الحديد ، 3.3% من الكالسيوم ، 2.4% من الصوديوم ، 2.35% من كل من البوتاسيوم والمغنيسيوم ، 1.5% من الهيدروجين ، 0.6% من التيتانيوم ، وهذا يوضح توزيع العناصر العشرة الأكثر وجوداً في عالمنا .

وهنا قد يخطر لنا أن نسأل … ما هو أقل العناصر توافراً في عالمنا ؟ إن أول ما قد يخطر على بالنا هي الفلزات النبيلة مثل الذهب والبلاتين والتي لا توجد في الطبيعة على شكل مركبات بل على حالتها الفلزية.

لذا لا تحتاج إلى معالجات معقدة في استخلاصها ، لكن الحقيقة أن هذه الفلزات النبيلة ليست أندر العناصر على الأرض … بل إن العناصر المشعة والتي تسمى أيضاً بالعناصر الأشباح هي الأكثر ندرة .. وتدل الإحصائيات على أن كمية البولونيوم على الأرض تبلغ حوالي 9600 طن ، وأن كمية الرادون أقل من ذلك ، إذ تبلغ 260 طناً ، وهناك 26 ألف طن من الأكتينيوم . 

 

أما أكثر هذه الأشباح توافراً فهما الراديوم والبروتكتينيوم إذ يوجد منهما حوالي 100 مليون طن ، لكن هذه الكميات تعدّ صغيرة جداً إذا ما قورنت بكميات الذهب والبلاتين . 

وللإجابة على التساؤل السابق عن أندر العناصر المعروفة نقول إنه "الاستاتين" والذي لا يوجد منه في القشرة الأرضية سوى 69 مليغراماً فقط اي أقل من عشر غرام واحد .

ويتضح لنا مما تقدم أن العناصر التي يتكون منها عالمنا توجد بكميات مختلفة ، فمنها ما تبلغ كمياته ملايين الأطنان ومنها ما لا يتجاوز عُشر الجرام وهنا يتبادل إلى ذهننا تساؤل جديد … لماذا توجد العناصر في عالمنا هذا بنسب وكميات متفاوتة ..؟ ولماذا لا توجد بكميات متساوية ..؟

 

وللإجابة عن هذا السؤال نعود ونقول إن العناصر الخفيفة وهي العناصر الثلاثون الأولى من الجدول الدوري تشكل الأغلبية الساحقة من الناحية الكمية ، وأن باقي العناصر وهي العناصر الأثقل توجد بكميات ضئيلة .  والحقيقة أن ما يتحكم في هذه القضية هي قوانين الكيمياء النووية ، وهذه القوانين تتحكم في تحول عنصر إلى آخر . 

بحسب هذه القوانين ، فإن بعض العناصر تتكون بسهولة ويسر وتتجمع منها كميات كبيرة ، ويتكون البعض الآخر بصعوبة فلا يتوافر منها إلا القليل .  وتعتمد هذه العملية على ثبات نوى هذه العناصر إذ أن نوى العناصر الخفيفة تحتوي على عدد متساو من البروتونات والنيوترونات تقريبا ًوهذا يجعلها عالية الثبات وسهلة التكوين . 

أما العناصر الأثقل والتي تحتوي نواها على عدد من النيوترونات يفوق عدد البروتونات ، فهي الأقل ثباتاً والأصعب تكويناً مما يؤثر على الكمية المتوافرة منها . 

 

بحسب قوانين الكيمياء النووية ، فإن زيادة الشحنة على نواة العنصر يزيد من صعوبة تكوينه وبالتالي يقلل من وجوده.

وهكذا فإن تكوين عالمنا الذي نعيش فيه هو انعكاس صامت لديناميكية القوانين التي تتحكم في اصطناع عناصره ، وحينما يتوصل العلماء إلى معرفة دقيقة لهذه القوانين فسوف يكون بإمكانهم معرفة سبب وجود كميات متفاوتة من هذه العناصر . 

ويعمل العلماء جاهدين سعياً إلى تحقيق ذلك ، وقد تمكنوا من تحقيق اختراقات مهمة في هذا المجال مكنتهم من اصطناع عناصر جديدة .

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى