الطب

المعالجة الدوائية لمرضى السكري عن طريق الإنسولين

2013 أنت والسكري

نهيد علي

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

الطب

أصبح من المعروف لكل إنسان أن الإنسولين هو هرمون تفرزه الخلايا بيتا في جُزَيْرات لانغرهانس في البنكرياس (وهي مجموعات من الخلايا تشبه الجزر الصغيرة في البحر).

وأن الإنسولين يعمل على تخفيض مستويات سكر الدم من خلال استخدامه في الخلايا الدهنية والعضلية والكبدية.

وأن عدم وجود كميات كافية من الإنسولين في الدم يجعل من الضروري تناول الأدوية الأخرى التي تخفض مستوى السكر في الدم.

المعالجة بالإنسولين والتحضيرات التي تسبقها: لا يستطيع السكريون من النمط 1 إنتاج الإنسولين، مما يوجب توفيره من مصادر أخرى وإعطاءه لهم طيلة فترة حياتهم، أما لدى السكريين من النمط 2 فإن الإنسولين قد يوصف لهم وقت الحاجة له، ولفترة قد تكون طويلة عندما لا يحقق تناول الأدوية الخافضة للسكر عن طريق الفم ولا النظام الغذائي ضبطاً كافياً لمستويات السكر في الدم. وقد يصف الأطباء الإنسولين للسكريين عند إصابتهم بأمراض أخرى، أو بالعدوى، أو عند الخضوع لعمل جراحي، أو أثناء الحمل، أو عند مرورهم بشدات وكروب تهدد صحتهم واستقرارهم النفسي.

وقد يحرز بعض السكريين تحسناً ملحوظاً بمجرد اتباعهم لنظام غذائي خاص بالسكريين، أو بإضافة بعض أقراص الأدوية الخافضة لسكر الدم إلى ذلك النظام الغذائي، بينما قد يحتاج سكريون آخرون إلى أخذ حقنتين أو أكثر من الإنسولين كل يوم حتى يصلوا إلى الضبط الجيد لمستويات سكر الدم لديهم.

ويتطلب التعرف إلى الجرعة المناسبة من الإنسولين إجراء مراقبة ذاتية متكررة لمستوى سكر الدم. وهناك أنواع متعددة من الأنسولين متوافرة في الأسواق، وهي جميعها تتشابه في ما بينها إلى حد ما في أدائها لوظائفها، إلا أنها تختلف في خصائصها الكيميائية والدوائية، مثل سرعة الامتصاص والمسار الزمني للتأثير ومصدر إنتاجها الأصلي.

 

ويقسم الأطباء أنواع الإنسولين، آخذين بالاعتبار الخصائص الكيميائية والدوائية، إلى فئات متعددة، فالإنسولين البشري المنشأ على سبيل المثال له زمن تأثير قصير إذا قورن بالإنسولين الحيواني المنشأ، كما أن مستحضرات الإنسولين السريع المفعول مثل الإنسولين ليسبرو (lispro)هيومولوغ (Humalog)، والأنسولين الشبيه (semi insulin) نوفولوغ  (Novolog) ، تؤثر تأثيراً سريعاً لخفض سكر الدم، ولكن مثل هذه الأنواع لا تبقى في مجرى الدم إلا زمناً قصيراً يقل عن الزمن الذي تبقى فيه المستحضرات الأخرى من الإنسولين النظامي، ويبدأ تأثيرها بعد فترة قصيرة (5 – 15 دقيقة) من حقنها، ويصل إلى ذروته خلال ساعة واحدة تلو حقنها، ويبقى التأثير الفعال لمدة ساعتين، وهكذا يتوجب على السكريين الذين يعالجون بالإنسولين السريع المفعول أن يتناولوا وجبة من الطعام خلال فترة 5 – 15 دقيقة بعد أخذ الحقنة.

ولا بد للسكريين من النمط 1 وللمصابات بالسكري الحملي ولبعض السكريين من النمط 2 من أن يأخذوا الإنسولين الطويل المفعول حتى يتمكنوا من المحافظة على المستويات السوية لسكر الدم في دمائهم. فوجود كمية أساسية من الإنسولين ضروري للمحافظة على المستويات الثابتة لسكر الدم رغم ما تسببه العادات التي يتبعها السكريون في تناول وجبات الطعام من تذبذبات في سكر الدم.

ويؤدي الإنسولين المتوسط الأمد الوظيفة ذاتها التي يؤديها الإنسولين الطويل المفعول، ولكنه يعطى على جرعتين يفصل بينهما 12 ساعة.

ومستحضرات الإنسولين السريع المفعول متوافرة تجارياً، ويبدأ تأثيرها خلال 30 دقيقة أو ساعة واحدة، لتبلغ ذروة التأثير خلال 2 – 3 ساعات، ويستمر التأثير 4 – 6 ساعات، وهو سائل رائق اللون ويعطى قبل تناول الوجبات ب 20 30 ثانية، ويمكن أن يأخذ السكريون الإنسولين السريع المفعول لوحده أو مع الإنسولين الطويل الأمد، ومن التسميات متوافرة تجارياً (Novolin) و (Humulin) و(Regular Iletin).

 

ويعرف الإنسولين المتوسط الأمد أيضاً بإنسولين (neutral protamine Hagedorn)، ويرمز إليه بالحروف (NPH)، أو إنسولين لنت (lente)    والتي تعني باللغة اللاتينية زمناً طويلاً يصل إلى 40 يوماً)،  ويبدأ تأثيره خلال 3 – 4 ساعات، لتبلغ ذروة تأثيره خلال 4 – 12 ساعة، ويستمر تأثيره 16 – 20 ساعة، وهو سائل عكر، ويشبه تأثيره تأثير الإنسولين الطويل المفعول، وإذا أخذ السكريون الإنسولين المتوسط الأمد لوحده فليس من الضروري أن يؤخذ قبل الوجبات ب 30 دقيقة، إلا أنه من الضروري أن يتناولوا وجبة طعام في الوقت الذي يتوافق مع وقت ذروة التأثير، ومن التسميات متوافرة تجارياً هيومولين إن (Humulin N) ، و إيليتين إن بي أتش (Iletin NPH  )، ونوفولين إن (Novolin N)،  وهناك من أنماط الإنسولين البطيء المفعول نوفولين إل (Novolin L  )، و إيليتين إل (Iletin L  )و  هيومولين إل(Humulin L).

والإنسولين الطويل المفعول ، أو مـا يسمـى ألترا لنت  (ultralente) الطويل المفعول طولاً زائداً، أو الإنسولين الذي يؤثر تأثيراً متواصلاً دون وقت لذروة تأثيره، لأنه يؤثر تأثيراً بطيئاً ومديداً ومتواصلاً وليس له قمة تأثير، ويبدأ تأثيره خلال 6 – 8 ساعات، لتبلغ ذروة تأثيره خلال 12 – 16 ساعات، ويستمر تأثيره 20 – 30 ساعة.

 

أما الإنسولين الأساسي الذي ليس له ذروة تأثير فهو إنسولين غلارجين  (glargine) لانتوس (Lantus)، فهو يستقلب استقلاباً بطيئاً يستغرق 24 ساعة، لذا يمكن إعطاؤه مرة واحدة كل يوم، وعادة قبل النوم. وبسبب أن نمط الإنسولين هو مستعلق حمضي تصل درجة حموضته إلى 4، فإنه لا يمكن مزجه مع الإنماط الأخرى من الإنسولين، فلو تم المزج فسيتكون راسب وسيسبب الألم في موقع الحقن. وقد ترك الأطباء في الولايات المتحدة الأمريكية استخدام نمطي الإنسولين لنت وألترالنت.

 ومن المتوقع أن يتاح توافر الإنسولين الذي يؤخذ استنشاقاً قريباً، وهو مستحضر على شكل مسحوق فائق النعومة ينطلق من أداة تشابه الأداة التي تستخدم في معالجة الربو، ويستنشق قبل تناول الوجبات.

مصادر الإنسولين: كانت نماذج الإنسولين تستفرد في الماضي من أعضاء البنكرياس من الأبقار والخنازير، أما الإنسولين البشري المنشأ فيتم تصنيعه بتكنولوجيا الدنا المؤشب (recombinant DNA) ، وهو الإنسولين الأكثر شيوعاً في الاستخدام.

شركات تصنيع الإنسولين: هناك شركتان في الولايات المتحدة الأمريكية تصنعان الإنسولين، هما شركتا إيلي ليليEli Lilly  ، ونوفو نوردسك Novo Nordisk ، ويمكن استخدام الإنسولين الذي تنتجه إحدى الشركتين مكان الإنسولين الذي تنتجه الشركة الأخرى، فكل من المنتجات ذات تركيز واحد هو 100 وحدة، وهناك تشابه مشترك في منتجاتهما من حيث المكونات مثل إن بي اتش NPH ، وتباع مستحضرات الإنسولين تحت أسماء تجارية متقاربة فمثلاً بالنسبة للإنسولين البشري المنشأ هناك هيوميولين إن Humulin N ، ونوفولين إن Novolin N .

 

اعتبارات يجب الاهتمام بها عند المعالجة بالإنسولين:  تتطلب بروتوكولات المعالجة الشمولية بالإنسولين عادة أخذ ما يتراوح بين 1 و4 حقن من الإنسولين كل يوم، وقد تضم تلك المعالجة الشمولية كلاً من الإنسولين السريع المفعول مع الإنسولين الطويل المفعول لمحاكاة الكيفية التي يؤدي فيها البنكرياس وظائفه في الوقت الحاضر

فالبنكرياس يؤدي وظائفه في جميع أوقات الليل والنهار، إلا أن هنالك من الأوقات ما تصل فيه وظيفة البنكرياس إلى ذروة أدائها

فبعد أن يتم هضم الطعام وما يتلوه من ازدياد في سكر الدم، فإن البنكرياس يفرز الإنسولين بكميات كبيرة تكفي لتخفيض المستوى المرتفع لسكر الدم الذي نتج عن تناول الطعام. ويعد إعطاء جرعة وحيدة من الإنسولين كل يوم هو الطريقة الأسهل للتعامل مع تناول الطعام وممارسة الأنشطة اليومية المختلفة.

وينبغي على المرضى الذين يرغبون بتغيير جرعات الإنسولين أن يتعرفوا على كيفية تفسير الأرقام التي يحصلون عليها أثناء المراقبة الذاتية للغلوكوز في الدم، مع تسجيل ما يتناولونه من الكربوهيدرات، إذ وفق تلك النتائج يمكنك أن تغيير توقيت الوجبات وكمية الطعام المتناول فيها، وممارسة التمارين الرياضية، ويتطلب التغيير قدراً من الالتزام مع اتباع النظام العلاجي والغذائي.

وعلى كل فرد أن يتمتع بمعلومات ثقافية كافية وبالتدريب وبالمراقبة التي يشرف عليها طبيبه للمحافظة على المستويات المثلى للغلوكوز في الدم.

 

نظرة عامة على الإنسولين:  هناك أسلوبان يمكن اتباعهما في المعالجة بالإنسولين، وهما الأسلوب التقليدي والأسلوب غير التقليدي، ويشار بالأسلوب التقليدي إلى الأسلوب الذي يستخدم لتجنب المضاعفات الحادة التي يحتمل أن يسببها السكري، مثل نقص سكر الدم وازدياد سكر الدم الذي لا يترافق بأية أعراض، وذلك باستخدام مزيج من الإنسولين المتوسط الأمد والإنسولين السريع المفعول في الحقن التي تؤخذ كل يوم.

 ويغلب أن يعاني الذين يتبعون الأسلوب التقليدي من تغيرات في مستويات الغلوكوز في الدم، وعليهم أن لا يغيروا نماذج وجباتهم أو نمط النشاط الحياتي اليومي الذي يسيرون عليه.

ويوصي الأطباء باتباع الأسلوب التقليدي للمعالجة بالإنسولين للفئات التالية من السكريين:

المرضى في مراحل مرضهم النهائية

• الضعاف

•  كبار السن

عدم رغبة المرضى بمراقبة مستويات الغلوكوز لديهم

• عدم القدرة المادية لدى المرضى على مراقبة مستويات الغلوكوز لديهم

• معارضة المرضى لاتباع الأساليب غير التقليدية

أما الأسلوب الثاني فهو أسلوب التدبير الأكثر تركيزاً وتكثيفاً، ويتضمن نظاماً أكثر تعقيداً لإعطاء الإنسولين، ووفق هذا الأسلوب فإن احتمال الوقاية من المضاعفات الطويلة الأمد يكون أكبر، كما تزداد مرونة الأفراد على الانتقال من جرعة لأخرى بين يوم وآخر، وذلك اعتماداً على أنماط الطعام المتناول والأمراض العارضة الأخرى والتعرض للشدات والكروب، وكلها عوامل قد تؤثر على مستويات السكر في دمك.

وليس جميع السكريين بحاجة إلى المراقبة الصارمة لمستوى السكر لديهم، إلا أن من يعالج معالجة مكثفة قد يتفادى خطورة النقص الشديد في سكر الدم.

 

المضاعفات التي قد تنشأ من المعالجة بالإنسولين: قد يشعر السكري بعد أخذ حقنة الإنسولين بساعة أو بساعتين بالحكة أو بالاحمرار أو بالتورم أو بالألم في موقع الحقن بسبب تفاعل تحسسي، ويحدث مثل هذا التفاعل عادة في المراحل الباكرة للمعالجة ثم يختفي مع استمرار المعالجة بالإنسولين.

وقد تناقص حدوث تفاعل التحسس في موقع الحقن بسبب شيوع استخدام الإنسولين البشري بدلاً من الإنسولين الحيواني. وعلى كل حال فإن الطبيب يسارع لوصف الأدوية المضادة للحساسية (مضادات الهيستامين) ليأخذها السكري قبل حقن الإنسولين بساعة.

ومن النادر أن يسبب حقن الإنسولين تفاعلات تحسسية جهازية، وحتى إن حدثت مثل تلك التفاعلات، فإنها ستكون على شكل تفاعل جلدي موضعي ما يلبث أن يتحول إلى تفاعل متعمم، مثل الشرى أو الاندفاعات الواسعة المساحة.

وتتضمن معالجة مثل هذه الحالات وصف الأدوية المضادة للتحسس والمعالجة التي تزيل الحساسية من الإنسولين، والتي تتم بإعطاء جرعات من الأنسولين بكميات قليلة ثم تزاد بالتدريج.

أما التبدلات النسيجية الموضعية في مكان الحقن فتكون على شكل غياب النسيج الشحمي تحت الجلد الذي يؤدي إلى تغير في شكل وحجم المنطقة التي تحيط بموضع الحقن ولاسيما النسيج الشحمي. وقد تظهر على شكل انخفاض طفيف في سطح الجلد، وقد تناقص حدوثها تناقصاً شديداً في أيامنا هذه بسبب استخدام الإنسولين البشري المنشأ.

ومن التبدلات النسيجية الموضعية في مكان الحقن أيضاً التزايد المفرط في النسيج الندبي الليفي وفي النسيج الشحمي في مكان الحقن، وهو ينتج عادة بسبب استخدام موقع الحقن عدداً كبيراً من المرات، ومن المفضل على الدوام تغيير مواضع الحقن، وإذا حدثت مثل تلك التبدلات فينبغي الامتناع عن الحقن في الموضع المتأثر لفترة طويلة.

 

المقاومة للإنسولين: إن معرفة المقاومة للإنسولين له صلة مباشرة بالكثير من الأمراض الأخرى، تجعل من الضروري معرفة الكثير من الأساليب العلاجية التي تؤدي للوقاية منها، وإذا كان العامل الذي يسبب المقاومة للإنسولين هو البدانة، فإن أكثر التوصيات شيوعاً للوقاية من المقاومة للإنسولين هي بدون شك إنقاص الوزن.

وعندما تصبح أعراض المقاومة للإنسولين صريحة سريرياً تكون الجرعة المطلوبة من الإنسولين قد وصلت إلى 200 وحدة أو أكثر يومياً.

وقد ينتج السكريون الذين يعالجون بالإنسولين أضداداً ترتبط بكمية من الإنسولين وتعطل عمله، وتقلل بالتالي من كمية الإنسولين الجاهزة للعمل، ومن المعروف أن جميع أنماط الإنسولين الحيوانية المنشأ بل وحتى بعض أنماطه البشرية المنشأ (ولكن بدرجة أقل) تؤدي إلى إنتاج أضداد للإنسولين.

وتشير الدراسات إلى أن عدداً قليلاً فقط من السكريين المصابين بالمقاومة للإنسولين لديهم مستويات عالية من تلك الأضداد.

وهنا تحتاج المعالجة إلى مستحضرات مركزة من الإنسولين مثل 500 وحدة، وللإقلال من تصنيع الجسم للاضداد يمكن أن يعطى المرضى مركب البريدنيزون، ويغلب أن يتلو ذلك انخفاض تدريجي في كمية الإنسولين اللازمة مع مرور الوقت.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى