شخصيّات

نبذة عن حياة الشاعر “حَاتِم الطَّائِيّ”

1996 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء السابع

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

الشاعر حاتم الطائي شخصيّات المخطوطات والكتب النادرة

إنه حاتم بنُ عبد الله بن سعد بن امْرئ القَيْس بن طيء. اشْتَهر بالجود والكرم، حتى أصبح اسمُه مَضرب الأمثال فيقال «أجَودُ من حاتم».

وتَحكي كتب التراث الأخبارَ والرواياتِ عن جُودِه وكَرَمه، ويقال إنه وَرِث صفة الكرَم والجود من أمه وابيه. وكانت أمه بجُودِها بمنزلة حاتم وشهرته

وكانت غَنَّية تملك المال الكثير إلا أنها كانت أسْخَى الناس لا تَدَّخر شيئا إن سألها أحد حاجة، فلما رأي اخْوُتها صَرْفَها لمالها على الناس والمحتاجين حَجَروا عليها ومَنَعوها من التصرف في مالها.

 

وكان حاتم من شعراء الجاهلية، ويقال إنَّ شعره يشبه جودَه وكرَمَه، وكان موصوفا بالبلاغة والإِتْقان. فَمِن أشعاره التي تُعبِّر عن أخلاقه وصفاته قوله مخاطبا زوجته "نُوَرا" التي كانت تلومه على بَذْله المال:

مهلا نوار ألقي اللوم والعذلا..                ولا تقولي لشيء فات ما فعلا.  

ولا تقولي لشيء كنتَ مُهلكَه..               مهلا وإن كنت مُعطَى العَنْسَ والجملا

 

وقوله أيضا:

لعمري لقد عَضَّني الجوع عضةً..          فآليت أن لا أمنع الدهر جائعا

فقولا لهذا اللائِم اليوم أعفني..             فإن أنت لم تفعل فَعُضَّ الإصابعا

 

ولحاتم الطائي ابنةٌ اسمها (سفانة) وولد اسمه (عدي)، فكان يُكَنى بابنته سفانة، وهي أكبر أولاده، وكانت مَوْصوفةً بالكرم حتى قيل عنها: «من أجود نساء العرب».

وكان أبوها يُعطِيها من ماله فَتَهَبُه للناس، فقال لها أبوها: فإما أن أُعطيِ وتمسكي وإما أن أمسك وتعطي أنت، فإنه لا يَبقَى على هذا شيء، فقالت: والله لا أمسك أبدا، وقال: وأِنا لا أمسك أبدا، قالت: فلا نتجاوز، فقاسمها ماله وافترقا.

 

ومن الأخبار والروايات عن سخائه وجوده ما رَوَتْه زوجتهُ عن أحد مواقفه الإنسانية في سَنَةٍ أصابهم فيها الجفاف، وفي ليلة أسْهَرَهم فيها الجوع.

باتت وحاتم يُعلِّلُون طفليْهما سفانة وعدي بالأحاديث حتى ناموا وهم جياع، ثم تظاهرت زوجته بالنوم لتُخفِّف قَلَقَ حاتم عليهم، فسمعت امرأة تَطرقٍ بابهم تشتكي ما أصاب أطفالها الذين مَسَّهمُ الجوع في تلك الليلة.

فلم يستطع حاتم أن يَرُدَّ تلك المرأة الشاكية حتى قام إلى فرسه فنحرها، وأشعل النار ليشوي لحمها ويُطعِم هذه المرأة وأطفالَها ومعهم أهل بيته، إلا أنه لم يكتف بذلك، وإنما دار على جيرانه ليطعمهم جميعا، حتى لم يَبْقَ من لحم تلك الفرس شيء، وقضى حاتم ليلته حتى الصباح، وهو يتضور جوعا ولم يعلم به أحد.

 

وتُوفِّيَ حاتم الطائي في سنة 605م أي قبل ظهور الإسلام.

ولما وَجَّه النبي محمد صلى الله عليه وسلم فريقا من جُنده يتقدمُهم عليُّ بنُ أبي طالب، رضي الله عنه، إلى قبيلة طيء – قبل إسلامهم – تَمكَّن منهم وعَرَضَهم أسرى أمام النبي، نهضت من بينهم سفانة بنت حاتم فقالت: يا محمد، هلك الوالد، وغاب المَرَافد، فرايت أن تُخلِّيَ عني، ولا تشمت بين أحياء العرب!

فإن أبي كان سيد قومه، يَفُك العاني، ويَقتُلَ الجاني، ويحفظ الجار، ويُفرِّج عن المكروب، ويطعم الطعام، ويفشي السلام، وما آتاه أحد في حاجة فَرَدَّه.. أنا بنت حاتم الطائي!

 

فقال لها النبي، صلى الله عليه وسلم، هذه صفات المؤمنين حقا، خَلَّوا عنها فإن أباها كان يحب مكارم الأخلاق، والله يحب مكارم الأخلاق، ثم قال: ارحموا عزيزا ذل، وغنيا افتقر، وأطْلَق قومها تكريما لها.

ولما رجعت إلى أخيها عدي وكان رئيس قومه في الجاهلية والإسلام فقال له عن محمد صلى الله عليه وسلم: «رأيتُه يُحب الفقير، ويَفُكُّ الأسير، ويرحم الصغير، ويَعرف قدْر الكبير، ما رأيت أجود منه ولا أكرم منه».

قَدِمَ بعدها عدي إلى رسول الله فأسلم، وأسلمت سفانة، وكان ذلك سنة 9 هـ وشهد فتح العراق بعد إسلامه.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى