شخصيّات

نبذة عن حياة الشاعر العباسي “أَبُو العَتَاهِية”

1987 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الأول

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

الشاعر أبو العتاهية شخصيّات المخطوطات والكتب النادرة

جلس جماعةٌ من الشعراء العبّاسيين يتطاروحون الشِّعر (أي يتبادلون نَظْمَ الشعر)، فقال أحدُهم: سأنظمُ شطراً من بيت شعر وعليكم أن تُجيزوه (أي تُكْمِلُوه بالشطر الثاني). فقال:

عَذُبَ الماءُ وطَابَا

                                               ….   ….  ….  ….

ولكنْ لم يستطْع أحدٌ من جلسائه أن يُكْمِل البيت. وصادف في أثناء ذلك مرورُ أبي العتاهية بالجماعة وسمع شطر البيت فأكمَلَه في الحال، قائلاً:

                   ….  ….. ….        ….

                                               حبَّذا الماءُ شرابَا

ذلك هو أبو العتاهية إسماعيل بن القاسم الشاعر العبّاسي الذي اشتهر بسهولة الشعر وبساطة معانيه.

 

ولد أبو العتاهية في القرن الثاني الهجري الثامن الميلادي، وعاش أكثرَ حياتِه بالكوفة بإقليم العراق وعاصَر من الخلفاء العباسيين المهدي والهادي والرشيد والأمين والمأمون، ومَدَحَهم جميعاً. وتُوفِّي في خلافة المأمون.

كان في أولَّ حياتِه خزَّافاً يحترف بيع الأواني الخزفية. وكان يحملها ويطوف بها في طُرُقات الكوفة.

ويقال إنه في الوقت نفسِه كان ينظم الشعبرَ فكان الصِّبيان المتأدبون يسمعون منه شعرَه ويكتبونه على القِطعَ المتكسّرة من الخزف.

يتميزُ شعر أبي العتاهية بالسهولة والعَفَوية. وكان يقول: لو شئتُ أن أجعلَ كلامي كلَّه شَعراً لفعلتُ. والمشهور عنه أنه كثيراً ما كان يرتجل الشعر ارتجالاً فيأتي شعرُه أشبهَ بالكلام العادي.

 

وكان يميل إلى نظم المواعظ والأفكار المتعلقة بالحياة والموت والخير والشـر. وقد اشتهرت هذه الأشعار باسم (الزُهديات) أو (شِعر الزُهد)، مثل قوله:

أَلا إنّنا كلَّنا بائِدُ

                                           وأيُّ بني آدمٍ خالِدُ

أو قوله:

ما الفخرُ إلا في التُّقَى والزُهدِ

                                       وطاعةٍ تُعطِي جِنانَ الخُلْدِ

 

وقد اشتهرتْ من هذه الأشعار قطعةٌ من أبياتٍ عديدة عُرِفتْ باسم "ذاتِ الأمثال". ويقال إنه نَظَم فيها أربعةَ آلاف مثلٍ. ومنها قوله:

لكلِّ إنسانٍ طبيعتان

                                      خيرٌ وشرُّ وهُما ضدّانِ

والخيرُ والشَرّ إذا ما عُدَّا

                                      بينهما بَونٌ بعيد جدّا

 

وله أشعار رقيقة في الغزل، مثل قوله:

ولقد قلتُ لأهلي

                                      إذْ أَذاب الحبُّ قلبي

وأرادوا لي طبيباً

                                      فاكتفَوْا مني بعِلْمي

مَنْ يكنْ يجهل ما أَلْقَى

                                      فإنّ الحُبّ سقمي

إن روحي لَبِبَغدادَ

                                      وفي الكوفةِ جِسْمي

وهكذا جاءت عامةُ أشعارِه سهلةً في التعبير بسيطةً في المعاني. وقد نَظَم الشَعر في فنون أخرى مثل المديح، والهجاء، وغيرهما. وكانت له علاقات أدبية بشعراء عصـره الذين كان يجالسهم ويطارحهُم الشِّعْرَ. وقد عَاصَره أبو نواس ومسلم بن الوليد وغيرُهما.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى