شخصيّات

نبذة عن حياة الخليفة “هارون الرشيد”

2004 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء السادس عشر

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

الخليفة هارون الرشيد شخصيّات المخطوطات والكتب النادرة

هارون الرشيد هو خامِسُ خُلَفاءِ الدَّولةِ العَبّاسيَّةِ، وأشْهَرُهُمْ على الإطْلاقِ.

أبوهُ الخليفةُ المهديُّ (واسمُ المهديّ: مُحمد)، وأُمُّهُ الخَيزرانُ الَّتي كانَتْ تُعَدُّ مِنَ المُتَفَقِّهاتِ، وكانَتْ تَتَمَتَّعُ بشخصيَّةٍ قويَّةٍ ومُؤثِّرَةٍ.

وُلِدَ الرَّشيدُ (وهذا لقبٌ لَهُ) بالرَّيِّ سنةَ 149 هـ حينَ كانَ أبوهُ أميراً على خراسانَ.

 

ونَشَأَ في دارِ الخلافَةِ ببغدادَ، على الجّدِّ والعِلْمِ، وكَلَّفَهُ أبوهُ منذُ شبابِهِ الباكرِ بمهامِّ الحكمِ والحَرْبِ، فعيَّنَهُ أميراً للصّائِفَةِ (أيْ قائِداً للجيوشِ الَّتي تُحارِبُ في فصلِ الصَّيفِ)، ثُمَّ وَلَّاهُ ولايَةَ المغربِ كُلَّها.

غَزا الرُّومَ – بتكليفٍ مِنْ أبيهِ – في القِسْطَنْطينيَّةِ، فصالَحَتْهُ الملكةُ إيريني على جِزيةٍ قَدْرُها سبعونَ ألفَ دينارٍ تدفعُها لخزانَةِ الخِلافَةِ كُلَّ عامٍ، ولمَّا نَقَضَ نَقْفورُ الَّذي تَوَلَّى بعدَ إيريني هذا الصُّلْحَ اضْطَرَّهُ الرَّشيدُ إلى دَفْعِ الجزيةِ مرَّةً أُخْرى، ولَمْ تَزَلْ جزيةُ الرُّومِ تُحْمَلُ إليهِ طِوالَ حياتِهِ.

وقد بُويِعَ الرَّشيدِ بالخِلافَةِ بعدَ أخيهِ الهادي سنةَ 170 هـ، وهو ابنُ إحْدى وعشرينَ سنةً، فَوَطَّدَ المُلْكَ، وقَضَى على بعضِ الثّوْراتِ الَّتي قامَتْ في أطْرافِ دولَتِهِ.

 

واهتمَّ كثيراً بالعلمِ والعُلَماءِ والشعراءِ والأدباءِ، وشَملَ الرَّخاءُ أنحاءَ الدَّولةِ الإسلاميَّةِ، وزادتِ العلاقاتُ الاقتصاديَّةُ القويَّةُ مع الممالِكِ المعاصِرَةِ لَهُ.

وقد جَعَلَ من بغدادَ عاصمةِ مُلْكِهِ، حاضرةَ الدُّنْيا علماً وعمارَةً وأدَباً وفَنّاً، واتَّصَلَتِ المَوَدَّةُ بينَهُ وبينَ بعضِ مُلوكِ عصرِهِ وخاصَّةً كارلوسَ الكبيرَ المُلَقَّبِ بشارلمانَ ملكِ فرنسا، فكانا يَتبادَلانِ التُّحَف والهَدايا.

وكانَ الرَّشيدُ معَ علمِهِ الوافرِ بالفِقْهِ والأدَبِ شُجاعاً كثيرَ الغَزواتِ، يُلَقَّبُ أحياناً بِجَبّارِ بَني العَبّاسِ، حازِماً كريماً مُتواضِعاً، يحجُّ سنةً ويغزو سنةً، وكانَ يَطوفُ أكثرَ اللَّيالي مُتَنَكِّراً، وقد لَخَّصَ ابنُ دحيةَ ذلكَ كلَّهُ بقولِهِ: «وفي أيامِهِ كَمِلَتِ الخِلافَةُ بِكَرَمِهِ وعَدْلِهِ وتَواضُعِهِ وزيارَتِهِ العُلَماءَ في ديارِهمْ».

 

ومِنْ أشهرِ قراراتِهِ في سياسَةِ الدَّولةِ ما عُرِفَ في التّاريخِ بنكبةِ البرامِكَةِ أو وقعةِ البرامكةِ، وهم وزراءٌ مِنْ أصْلٍ فارسيٍّ، كانُوا قدْ اسْتَولُوا – تقريباً – على جميعِ شؤونِ الدَّولةِ، فأوقعَ بهم في ليلةٍ واحدةٍ.

ومِمَّا تجدُرُ الإشارَةُ إليهِ أنَّ كتابَ «ألفِ ليلةٍ وليلةٍ» وهو يقومُ على حكاياتٍ خيالِيَّةٍ أُلِّفَتْ في العصرِ المملوكيّ، قد شَوَّهَ صُورَةَ الرَّشيدِ، فنَسَبَ إليهِ كثيراً من حياةِ اللّهوِ والمجُونِ، وزادَ هذه الصورةَ انتشاراً ترجمةُ الكتابِ إلى اللُّغاتِ الأوروبيةِ. وهيَ صورةٌ يَنْقَضُها المعروفُ الثابِتُ الَّذي رواهُ المؤرخونَ الثُّقاتُ.

وعِنْدَما تَخَطّى الرَّشيدُ الأربعينَ بقليلٍ، مَرِضَ مرضاً عجزَ الأطِبّاءُ عن علاجِهِ، فماتَ سنةَ 193 هـ (أو 191) في «سناباذ» من قُرى طَرْسُوسَ، وبِها قبرُهُ.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى