النباتات والزراعة

نبذة تعريفية عن نباتات السراخس

2000 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الحادي عشر

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

نباتات السراخس النباتات والزراعة الزراعة

يوجدُ في العاَمِ نحوُ عشرةِ آلافِ نوعٍ من السَّراخِسِ، مُعْظَمُها نباتاتٌ صغيرةُ الحجمِ كالأعشابِ، وقليلٌ منها يبلغُ حجمَ شجرةٍ متوسِّطَةٍ ارتفاعُها عشرةُ أمتارٍ.

والسَّراخسُ نباتاتٌ مُحِبَّةٌ للجوِّ الرَّطْبِ كثيرِ المطرِ.  ولذلك فهي توجدُ بكثرةٍ في الغاباتِ الاستوائيّةِ، حيثُ تنمو على الأرضِ أو عالقةً بجذوعِ الأشجارِ الكبيرةِ المُبْتَلَّة بالماءِ.

كذلك يعيشُ كثيرٌ منها في المناطِق المعتدِلَةِ المطيرةِ، ويندرُ وجودُها في المناطِق الباردةِ القطبيَّةِ.

 

وفي وطنِنا العربيِّ تكون السراخسُ كثيرةً نوعاً ما في المناطقِ التي يتوافَرُ بها بعضُ المطرِ في الشَّام وشمالِ العِراقِ.

أمّا في المناطقِ الصحراويَّةِ، كالجزيرةِ العربيّةِ ومصرَ وليبيا، فلا يتعدَّى عدد الأنواعِ الناميةِ عشرة أنواعٍ، منها سرخسُ »كُزْبَرَةِ البِئْرِ« الذي ينمو على جُدْرانِ الآبارِ والسواقي، وأوراقُهُ تشبهُ أوراقَ نباتِ الكُزْبَرَةِ (من النباتاتِ الزَّهريّةِ) ولذلك أُطْلِقَ عليه هذا الاسمُ.

ويوجدُ سرخسُ كزبرةِ البئرِ في جميع قارّاتِ الأرضِ، فهو نباتٌ واسعُ الانتشارِ.

 

ومن السَّراخسِ أنواعٌ قليلةٌ جدّاً تعيشُ في الماءِ، أشهرُها وأوسعُها انتشاراً في قارّاتِ العالَمِ سَرْخَسُ أَزْولاَّ. وهو نباتٌ يعيشُ طافياً على سطحِ الماءِ.

وفي مَوْسِمِ النموِّ تزدادُ أعدادُ هذا النباتِ حتى تكادُ تغطِّي سطحَ الماءِ فتحجبُ الضوءَ والهواءَ عن يرقاتِ البَعوضِ التي تحاولُ الصعودَ إلى سطحِ الماءِ فلا تستطيعُ، فتقضى بذلك عليها. 

ولذلك يُعْرَفُ هذا النباتُ أيضاً باسمِ »سَرْخَسِ البَعوضِ«. وتُستخدم الأزولاَّ في بعضِ البلادِ غذاءً لحيواناتِ المزرعةِ ولطيورِها وللأسماكِ أيضاً.

 

ولكنَّ أهميَّةَ نباتِ الأزولاَّ تَكْمُنُ في وجودِ طُحْلُبٍ أخضرَ مُزْرَقٍّ يعيشُ معيشة تبادلِ منفعةٍ داخلَ تجاويفَ خاصةٍ في أوراقِ السَّرْخَسِ. و

هذا الطُحْلُبُ يستطيعُ تثبيت النَّيتْروجين الجويِّ، ولذلك يُستخدمُ النباتُ السرخسيُّ على نطاقٍ واسعٍ في تسميدِ الحقولِ وخاصةً حقولَ الأرزِ في دُولَلِ جنوبِ شرقِ آسيا.

وتتبعُ السراخسُ مجموعةَ النباتاتِ التِّرِيديّةِ التي تحتلُّ موقعاً متوسطاً في المملكةِ النباتيّةِ.

 

فهي أرقَى من الحزازيَّاتِ لأنّ بها أنسجة وعائيةً مُوَصِّلَةً، وأقّلُّ رُقِيّاً من مُعَرَّاةِ البذورِ لأنّها لا تُكَوِّنُ بذوراً بلْ تُكَوِّنُ وَحَدَاتِ تكاثرٍ صغيرةِ الحجمِ لا تُرى إلا بالميكروسكوبِ (المجهرِ) وتُسَّمى أبواغاً (مفردُها: بوغٌ).

وتتكوَّن الأبواغُ داخلَ أكياسٍ تسمَّى «الحوافظَ البوغيَّةَ«. وهذه توجدُ عادةً على السطحِ السفليِّ للورقةِ في مجموعاتٍ تسمَّى «بَثْرَاتِ» (أو بُثُور).

 

وقد تنثني حافَةُ الورقةِ للخلفِ لتغطِّيَ مجموعةَ البثراتِ كما في سَرْخَسِ كُزْبَرَةِ البئرِ.

والحوافظُ البوغيّةُ صغيرةُ الحجم عادة، تحتاجُ إلى مجهرٍ لتُرَى بوضوح. وعند نُضْجِ الأبواغِ تنفتحُ الحوافظُ وينطلقُ من كلِّ حافظةٍ عددٌ من الأبواغِ يختلفُ من نوعٍ لآخرَ، ويتراوحُ غالباً بين 4 أبواغٍ و 512 بوغاً.

ولكنْ لكثرةِ عددِ الحوافظِ المحمولةِ على أوراقِ النباتِ قَد يصل إنتاج النبات الواحد إلى 50 مليون بوغٍ في موسمِ نموٍّ واحدِ.

وعندَ تكوينِ الأبواغِ تنقسمُ الخليَّةُ الخِصْبَةُ، أو كلُّ خليَّةٍ خصبةٍ داخلَ الحافظةِ، لتعطِيَ أربعةَ أبواغْ ولذلك يكونُ عدد الأبواغِ في كلِّ حافظةٍ هو أربعةً أو مضاعفاتِ العددِ أربعة، فمثلاً يكونُ 8 أو 16 أو 32… أو … 512.

 

وعندما تستقرُّ الأبواغُ على أرضٍ رطبةٍ ينبتُ كلُّ بوغٍ ليعطِيَ نباتاً صغيراً قلبيَّ الشكلِ، أخضرَ اللَّونِ، قُطْرُهُ نحوَ سنتيمترٍ واحد.

هذا النباتُ لا يلبثُ أن يُكَوِّن أعضاءَ تذكيرٍ بداخِلها عددٌ كبيرٌ من الأمشاجِ (الخلايا) المذكَّرَةِ، كما يُكَوِّن في الوقت نفسه أعضاءَ تأنيثٍ بداخلِ كلِّ منها مشيجٌ واحدٌ مؤنث.

ولذلك يسمَّى هذا النبات الصغيرُ «النباتَ المشيجي».

 

ولكيْ يحدثَ الإخصابُ لا بدَّ لأَحَدِ الأمشاجِ المذكِّرَةِ أن يصلَ إلى المشيجِ المؤنَّثِ ويتحِّدَ معه.

ووصولُ المشيجِ المذكَّرِ إلى المشيجِ المؤَنَّثِ يحتاجُ إلى وجودِ ماءٍ على سَطْحِ النباتِ المشيجيِّ لِكَيْ تسبحَ فيه الأمشاجُ المذكَّرَةُ بأهدابِها حتى يصلَ أحدُها إلى المشيجِ المُؤَنَّثِ ويخصبَهُ.

ولذلك فإنه على الرغم من أن النباتاتِ المشيجيّةَ للسراخسِ تعيشُ على الأرضِ، فهي تحتاجُ إلى ماءٍ خارج جسمِها لكيْ تسبحَ فيه أمشاجُها المذكَّرَةِ لتتمَ عمليةُ الإخصابِ، ولهذا كان من الضروريِّ أن تعيشَ السراخسُ في المناطِقِ الرطبةِ المطيرَةِ.

 

وبعد الإخصاب يتكوَّن الجنينُ داخلَ عضوِ التأنيث ثم ينمو بعد ذلك ليعطِي النباتَ البوغيَّ الذي يتكوَّنُ من: جذرٍ، وساقٍ، وأوراقٍ تحملُ على سطحِها السفلِيِّ الحوافظَ البَوْغِيَّةَ، وهذه تعطِي الأبواغَ، والأبواغُ تنبتُ لتعطِي نباتاتٍ مشيجيّةً جديدةً تعيدُ دورةَ الحياةِ مرَّةً أخرى.

وهكذا يتبادَلُ في دورةِ حياةِ السّراخِسِ جيلان: أحدُهما مشيجِيٌّ صغير قلبيُّ الشَّكْلِ، والآخرُ بوغِيٌّ كبيرُ الحجمِ يتكوَّنُ من ساقِ تمتدُّ عادةً تحت الأرضِ (رَيْزومَة)، وتحملُ على سطحِها السفلِيِّ جذوراً عديدةً، وتخرجُ الأوراقُ من سطحِها العلويِّ.

 

والأوراقُ هي الجزءُ الهامُّ والظاهِرُ فوقَ سطحِ الأرضِ من الجيلِ البوغيِّ.

وهي عادةً مركبَّةٌ ريشيَّة، (مثل أوراقَ نخيلِ البلحِ) كبيرةُ الحجم تبلغُ عِدَّةَ أمتارٍ، وقد تصلُ إلى 30 متراً في بعض السَّراخس الشجريَّةِ الاستوائيةِ بجنوبِ شرقِ آسيا. 

والأوراقُ الحديثةُ السِّنِّ تتميَّزُ بأنَّها ملتفَّةٌ على نَفْسِها حلزونيّاً. وتتميّز السراخسُ وباقي التريدياتِ بأنّ الجيليْن البوغيِّ والمشيجِيَّ يُمثلُهما نباتان مستقِلاَّنِ. 

 

أما في الحزازيّاتِ والنباتات البِذْرِيَّة فإنَّ أحَد الجيليْن يكونُ مستقِلاً بينما يكونُ الآخرَ محمولاً عليه.

(وللسراخِسِ أسلافٌ كانتْ تعيشُ منذ حوالَيْ 350 مليونِ سنةٍ في العصر الديفونِيِّ ثم زاد انتشارها في العصر الذي يليه وهو العصر الكربونِيِّ الذي انتشرَتْ فيه أيضاً السراخسُ البِذْرِيَّةَ (يُعْرَف أحياناً بِعَصْرِ السَّرَاخِس

 

وقد استُخُدِمَتْ السراخسُ قديماً دواءً لطردِ الديدانِ الشريطيَّةِ من الجِسمِ وتستخدَمُ في الطبِّ الشعبيِّ لمعالَجَةِ آلامِ الظَّهْرِ والروماتيزم.

 أمّا في أيامِنا الحاضِرَة فإنَّ السراخِسَ تُزرعُ كنباتاتِ زينةٍ في الحدائق العامَّةِ والخاصَّةِ وفي الصُّوباتِ (البيوت الزجاجيَّة)، كما أنَّ بعضَ السراخِسِ توكلُ أوراقهُ الصغيرةُ الطيريَّةُ في بعض البلاد.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى