الرياضيات والهندسة

نبذة تعريفية عن مجموعة العلوم التي يشملها علم الرياضيات

1999 موسوعة الكويت العلمية الجزء العاشر

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

علم الرياضيات الرياضيات والهندسة الهندسة

الرياضياتُ مجموعةُ علومٍ كثيرةٍ، تشملُ الحسابَ والجبرَ والهندسةَ وحسابَ المثلثاتِ وحسابَ التفاضُلِ والتّكامُلِ.

وإذا كان الإغريقُ قد لعبوا الدورَ الأكبر في بناءِ علمِ الهندسةِ، وينسبُ إلى عالمِهِم «إقليدس» علمُ الهندسةِ الإقليديّةِ، فإنَّ العربَ هم واضعو أُسُسِ علمَيْ «الحسابِ»، و«الجَبْرِ»، وهم أوّلُ من استخدمَ لفظةَ «جبرٍ»، وعنهم نقلها الفِرِنْجَةُ.

بل إن لفظةَ «Algorithmi» التي ظلّت تشيرُ قروناً عديدةً إلى علمِ الحسابِ مأخوذةً عن اسمِ العالمِ العربي المشهور الخوارزمي.

 

كذلك كانَ للعربِ الفضلُ في فصلِ علمِ حسابِ المثلثاتِ عن علمِ الفلكِ. ومِنْ أشهرِ عُلماءِ الرياضياتِ العرب الخَوارزميُّ، وابنُ الهيثمِ، والبيروني وله نظريةٌ في استخراجِ محيطِ الكرةِ الأرضيَّةِ أورَدَها في كتابه «الأُسْطُرْلاب».

كما أنَّ لَهُ مُعادَلَةً يحسبُ بها نِصْفَ قطر الكرةِ الأرضيَّةِ، ويُعَدُّ مِنْ أَوائِلِ مَنْ وضَعوا أُسُسَ عِلْمِ حسابِ المُثَلَّثاتِ الكرويّةِ، أي المرسومة على سطح كُرَةٍ، والكِنْديُّ؛ وموسى بنُ شاكر وبنوه، وهم الذينَ رَسموا المُنْحَنى المعروفِ الآنَ باسم «القِطْعِ الناقصِ»؛ وثابتُ بن قُرَّة.

ويُعدُّ مِمَّن مَهَّدوا لِعلمِ حسابِ التَّفاضُلِ والتَّكامُلِ؛ والمَجْريطيُّ وكان إمامَ الرياضيينَ بالأندلسِ، والبوزْجَانِيُّ وقد مَهَّدَ لِعلمِ الهندسةِ التحليليَّةِ بأبحاثِهِ في علاقةِ الجبرِ بالهندسةِ.

 

وكذلكَ مَهَّدَ لحسابِ التفاضُلِ والتَّكامُلِ، ويُقِرُّ له كثيرونَ بالسبقِ في حسابِ المثلثاتِ، وابنُ يونُسَ المِصْرِيُّ الذي حَلَّ مَسائِلَ صعبةً في حسابِ المثلثاتِ الكرويَّةِ.

وقوامُ الحسابِ البدائيِّ العملياتُ الأربعُ: الجمعُ والطرحُ والضربُ والقسمةُ.

 

ومن المسائِلِ المشهورةِ في «الرياضيات» المسألةُ الآتية:

«طريقٌ به مئةُ شجرةٍ، بحيثُ توجدُ شجرةٌ في أوّلِ الطريقِ، وشجرةٌ أخرى في آخرِهِ. والمسافَةُ بين كل شجرتينِ متتاليتينِ عشرةُ أمتارٍ. كم يبلغُ طولُ الطريقِ».

 

والطالب النجيب يلاحظ أنه يمكنه أن يمثل المسألة بالشكل الآتي:

ويكون طولُ الطريق = مسافة (1) + مسافة (2) + …. + مسافة (99)

 = 99 × طول المسافة

 = 99 × 10

 = 990 متراً

 

هذا نموذجٌ لمسألةٍ حسابيةٍ. لكن ليستْ كلُّ المسائلِ الرياضيَّةِ تُحَلُّ بهذا المنهجِ الحسابيِّ البسيطِ، بل قد يصعبُ أو حتى قد يستعصي عليه الحلُّ.

ومن ثَمَّ احتاجت الرياضياتُ إلى نوعٍ من «الرَّمْزِ»، فنشأ علمُ الجَبْرِ. وإليك هذا المثال:

«عددانِ الفرقُ بينهما 24، وإذا أُضيف 8 إلى كُلٍّ منهُما، فإنَّ أكبرَ العددين الناتجين يساوي 3 أمثالِ أصغرِهما، فما العددانِ؟»

 

ونلاحظ هنا أنَّنا نحتاجُ إلى التعبير الرمزي. وليكن العددان س، س +24 والآن بإضافة 8 إلى كل منهما يصبح العددان س + 8 ، س +32

والآن، فإن أكبر العددين «س + 32» = 3 أمثالِ أصغرِ العددين

 

أي أن: س + 32 = 3 (س+8)

 = 3س + 24

ومن ثم فإن: س = 4

أي أنَّ العددين هما: 4 ، 28

 

وهناكَ ضربٌ ثالثٌ من ضروبِ الرياضياتِ: «الهَنْدسة». وهي قد تكون هندسةً مستويةً اي أن كلَّ اشكالِها تُرسمُ في مستوًى، أو هندسةً فراغيةً، إذا تعذَّر رسمُ أشكالِها في مستوًى، ورُسِمَتْ في الفراغ.

(وهناك هندساتٌ أخرى تخرجُ عن نطاق كلامِنا).

ومن أشهر النظرياتِ في الهندسةِ المستويةِ نظرياتُ فيثاغورث، وأبولونيوس، وبطليموس، وشيغا، ومنلوس.

 

وتبحثُ الهندسةُ المستويةُ في خصائص المستقيماتِ المرسومةِ في مستوًى واحدٍ، والأشكالِ المرسومةِ كذلك في مستوًى واحد، مثل المثلثِ، ومتوازي الأضلاعِ (ومن أنواعِهِ المستطيلُ والمربَّعُ) والدائرةِ.

كما تبحثُ الهندسةُ الفراغيةُ في علاقاتِ المستقيماتِ والمستوياتِ في الفراغِ، وكذلكَ في خصائصِ الأجسامِ، وحُجُومِها ومساحاتِ سُطوحها، ومن أشهر هذه الأجسامِ المنشورٌ، والهرمُ، والمخروطُ، والأسطوانةُ، والكرةُ.

ومن ذلك مثلاً أن حجمَ الكُرةِ = 

حيث ط النسبةُ التقريبيّةُ نق نصف قطر الكرةِ. أما مساحةُ سطحِ الكرةِ فتساوي 4 ط نق2.

كما نَعلمُ أن حجم الأسطوانة الدائريةِ القائمةِ هو ط نق2 ع، حيث ط النسبة التقريبية، نق نصفُ قطرَ الأسطوانة، ع ارتفاعُها.

 

ونشأت الهندسةُ المستويةُ التحليليةُ والهندسةُ الفراغيةُ التحليليةُ لتُعبِّرَ عن العلاقاتِ الهندسيةِ في حالةِ الاستواءِ والفراغِ بالصيغِ الجبريّةِ.

وفي الهندسةِ التحليليةِ المستويةِ نحتاجُ في تمثيلِ الأشكال إلى محورين، يُرمزُ لهُما عادةً بالزمزين س ، ص (المحور السيني والمحور الصادي). أما في الهندسةِ التحليليةِ الفراغيةِ فنحتاجُ إلى ثلاثةِ محاورٍ س ، ص ، ع (المحاور: السيني والصادي والعيني على الترتيب).

حيث يتحدَّدُ وضعُ أي نقطة في المستوى (أو في الفراغِ) ببعدَيْها عن المحوَرَيْنِ في حالةِ المستوى (وبأبعادها الثلاثةِ عن المستوياتِ الثلاثةِ في حالةِ الفراغِ).

 

ويُعتَبرُ عِلْمُ حسابِ المثلثاتِ مزيجاً ما بينَ الحسابِ والهندسةِ. وقد عُرِّفَتْ النسبُ المثلثيّةُ كالآتي:

لنرسم المثلث أ ب جـ قائم الزاوية في ب

جيب الزاوية أ =

وبالرموز نكتب جا أ =

 

وجيب تَمامِ الزاوية أ =

أي أن:

جتا أ = 

وظل الزاوية أ=

ونكتب ظ أ = 

 

أمّا علمُ التَّفاضُلِ والتّكامُلِ الذي مَهَّدَ لهُ العربُ كما قُلنا، فقد اكتشفَهُ كل من الفيزيائي الإنجليزي إسْحَق نيوتُن (1642 – 1727)، والفيلسوفُ الألمانيُّ جوتْفريد لَيْبِنْتِس (1646 – 1716) في نهاية القرن السابع عشر.

اكتشفه نيوتُن من وجهةِ نظرٍ فيزيائيةٍ، وهو يعالِجُ بعضَ مسائِلِ الفيزياءِ والفلك، مثلَ المسافةِ التي يَسْقُطُها حجرٌ، واعتمادُها على الزمنِ الذي يَستغرِقُهُ الحجرُ في السقوطِ.

وقوةُ الجذبِ بين الشمسِ وكوكب ما واعتمادُها على المسافةِ بينهما، بينما اكتشفَهُ لَيْبِنْتِس من وجهةِ نظر هندسية بحتة.

 

وللتَّفاضُلِ والتَّكامُلِ تَطبيقاتٌ هائِلةٌ لا تَتَّسِعُ للحديثِ عنها مُجَلَّداتٌ، ومِنها حِسابُ مساحاتِ سطوح وحجومِ بعض الأشكالِ، وأطوالِ بعضِ المُنْحَنَيَات.

ولا يكادُ يوجدُ عِلْمٌ من علومِ الفيزياءِ أو الكيمياءِ الفيزيائيةِ أو العلومِ الهندسيةِ لا يستخدمُ حسابَ التفاضلَ والتكاملِ!

ذلكَ أنه في كلِّ هذهِ المواقفِ يتغيرُ متغيرٌ ما مثل زمن سقوطِ الحجرِ، بينما يعتمدُ المتغيرُ الآخرُ (المسافةُ) عليه. وحسابُ التفاضُلِ يُوضِّحُ لنا كيفَ يؤثِّرُ التغيُّرُ في المتغيِّرِ الأوّلِ على المتغيِّرِ الثاني.

 

وفي أوائلِ السبعيناتِ دخلتْ «الرياضياتُ الحديثةُ» أو «الرياضياتُ المُعاصِرَةُ» أغلبَ مدارِسِنا في بلادِنا العربيةِ.

ولا يتوقعُ أحدٌ – بالطبعِ – أن تأتيَ الرياضياتُ الحديثةُ بنتائِجَ تُخالِفُ النتائجَ التي وصلتْ إليها الرياضياتُ التقليديةُ.

لكنّ الرياضياتِ المعاصرَةَ أشدُّ حَبْكَةً وإحكاماً في مناقشتها للأمورِ التي ناقشتها الرياضياتُ التقليديةُ من قبل، كما أنها فتحتْ آفاقاً جديدةً لم يكن باستطاعَةِ الرياضياتِ التقليديَّةِ أَنْ تُحَلِّقَ فيها.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى