العلوم الإنسانية والإجتماعية

دور الحكومة في تسيير البحث والتطوير من خلال الأنظمة الأكثر مركزية

1998 تقرير1996 عن العلم في العالم

KFAS

تسيير البحث والتطوير الأنظمة الأكثر مركزية العلوم الإنسانية والإجتماعية المخطوطات والكتب النادرة

إن النشاطات الأكاديمية، وكل ما يحرزه المرء من علم، يحظى باحترام كبير في بلدان البحر الأبيض المتوسط، وذلك لأنها تقدم إسهامًا في الثقافة الوطنية والطموحات الشخصية وتحقيق الذات.

وتتوزع النشاطات البحثية، وبخاصة في العلوم والهندسة، بين معاهد تخصصية، غالبًا ما تُدار وتموَّل وتنظَّم مركزيًّا، وبين الجامعات.

وهذه كلَّها تكُون عادةً تابعةً لوزارات التعليم العالي والبحث العلمي. هذا وقد أدى الدَّور القوي للحكومات في تسيير وإدارة البُنى التحتية الوطنية والشؤون الاقتصادية إلى القيام بكثيرٍ من البحوث التطبيقية التي تنفَّذ على حساب المرافق الحكومية المؤممة وبإدارتها.

إن الهدف الأساسي الذي تسعى إليه الجهود البحثية للدولة البحثية هو إنشاء منظمة ممولة من قبل الحكومة تقوم مقام مظلة لشبكة واسعة من مختبرات البحوث. لذا فإن معظم الباحثين موظفون في هذه المنظمة.

وأكثر نمط لهذا النموذج وضوحًا هو فرنسا، التي تمثل القائد لهذه المجموعة من الدول بمركزها الوطني للبحث العلمي (CNRS). ويبحث هذا المركز في كل موضوع بدءًا من الفيزياء الفلكية إلى العلوم الإنسانية، وهو العمود الفقري للعلوم في فرنسا، ممَّا يجعله بؤرة وطنية قوية للعلوم هناك.

وفي فرنسا عدد من مختبرات البحوث المستقلة، إلا أنَّ معظم مراكز البحوث موجودة في الجامعات، علمًا بأن قلة من الباحثين في المركز CNRS يقومون بالتدريس في هذه الجامعات. وقد تسعى الجامعات لتضم في حرمها مراكز للبحوث.

 

وكانت المناطق المحيطة بباريس تحوي فيما مضى عددًا غير متجانس من مختبرات المركز CNRS، لكن التوازن اختل الآن لمصلحة المناطق الأخرى.

وتمثل سلطات الأقاليم مصادر مهمة للتمويل اللازم لدعم سياسات محددة في مناطقها، ومن بين هذه السياسات وضع برامج لجذب مختبرات المركز CNRS إليها، وقد يكون السبب في ذلك المساعدة على تعزيز الاستثمارات عن طريق الصناعة.

هذا وقد جرى التخلص من المركزية في إدارة المركز CNRS للمساعدة على تطوير مثل هذه السياسات.

ولكل من مجموعات المواضيع السبع سياستها الإقليمية أيضًا، وهي توسع أعمالها لإنشاء مراكز متميزة في كل إقليم. وثمة أيضًا عدد من الوكالات تنفذ مشروعات ذات أهداف معينة في الفضاء والصحة ومجالات أخرى.

ويُفترض في الجامعات أن تقوم في المستقبل بدور أكبر في البحوث، كما أن الحكومة تأمل في تحسين حرية الحركة بين الجامعات ومراكز البحوث التي ستكون بحاجة إلى العديد من الطاقات الشابة لدى إحالة بعض عناصر الجيل الحالي إلى المعاش خلال العقد القادم.

 

ويتعين على كلٍّ من مراكز البحوث والجامعات أن تتحين الفرص للعمل مع مؤسسات خارجها، كالمؤسسات الصناعية والحكومات الوطنية المحلية والإقليمية. ومنذ عهد قريب وجدت الصناعة نفسها مضطرة لوضع برامج علمية على أسس وطنية، كما يبدو أنها ستقوم بوضع خطط سنوية للعلم، تعرض ما يرد فيها من أهداف وإنجازات للمناقشة.

ولإيطاليا، أيضًا، شبكة من مراكز البحوث تسمى المجلس الوطني للبحوث (CNR)، تنفِّذ فيه الدولة بحوثًا في مواضيع محدَّدة ضمن مجالات العلوم الأساسية والصحة. هذا وإن شبكة البحوث الحكومية في الطاقة (ENEA) بدأت توسع دورها منذ عهد قريب ليشمل تقانات جديدة ومشكلات بيئية أيضًا، كما أن هناك وكالة فضاء حديثة العهد نسبيًا.

وكما هي الحال في فرنسا، ففي إيطاليا وزارة تشمل التعليم العالي والبحث العلمي، وهي تحدد الأولويات التي يتعين إنجازها، كما أنها تراقب وتدعم البحوث التي تجري في نطاق المؤسسات الحكومية وبعض المرافق الصناعية.

وثمة تمويلٌ للبحوث التطبيقية يوفر الدعم لمجموعة واسعة من النشاطات بما فيها البحوث الأساسية في الصناعة، وبرامج البحوث الوطنية للتقانات الاستراتيجية والإجراءات الأولية للتعاون الدولي وتقييمه.

وبالنظر إلى الجامعات نظرة شاملة، فإننا نرى أن مقدار ما تقوم به من البحوث يعادل تقريبًا ما تنجزه المعاهد الحكومية. كذلك فإنها تخضع لمراقبة الدولة، كما أنها انضمت إلى شبكة البحوث التابعة للدولة التي تخضع لسلطة وزارة الجامعات والبحوث العلمية والتقانية.

 

وقد وضعت خطة للتطوير تدوم ثلاث سنوات تم بموجبها إضافة جامعات جديدة، وذلك بغية تخفيض اكتظاظ الجامعات بالطلبة، كما أن الدولة ستقوم أيضًا بتقوية التدريب على البحوث وبتعزيز الاستقلال الإداري والمالي للجامعات.

أما إسبانيا فقد زادت بسرعة المصروفات على البحث والتطور خلال عقد الثمانينات، ولها خطة وطنية للبحث والتطور تحث على تدريب طواقم البحوث، وتضع برامج البحوث، وتدعم البنية التحتية العلمية والتقنية.

وثمة لجنة وزارية مهمتها وضع مشاريع للعلم والتقانة وتنفيذ الخطط المرسومة، وهناك العديد من المنظمات تضع أهدافًا للخطط وتقوم بتقييم تنفيذها. ومرة أخرى، فإن مختبرات الدولة والجامعات متوازنة تقريبًا، حيث تؤدي الصناعة دورًا يتزايد حجمه على المسرح الوطني.

وتفتقر اليونان والبرتغال إلى شبكات لمراكز البحوث، ويتركز البحث والتطور فيهما، في نظمهما الجامعية. وهما تختلفان عن الدول الصغيرة في الشمال في أن الدولة يتعين عليها أن تؤدي دورًا مركزيًا في تشجيع التطور والتوسع الصناعي، إلى أن تصبح الصناعات الناتجة مهيأة لاتخاذ زمام المبادرة للقيام بوضع برامج للبحوث فيها.

هذا وفي فرنسا وإيطاليا وإسبانيا تقوم الصناعة بدفع ما بين ثلث وثلثي الأموال اللازمة للبحث والتطوير، اللذين ينفَّذان في القطاع الحكومي، في حين أن الصناعة في اليونان والبرتغال لا تموَّل سوى ثلث البحوث التي تنجز في نطاق الدولة.

 

مواضيع مشتركة وتحولات تجري حاليًا

لقد تطورت الأنظمة تطورًا كبيرًا منذ الحرب العالمية الثانية. إن أوجه الشبه والاختلاف بينها تنشأ عن التفاعل بين الثقافة السياسية الوطنية وبين عوالم العلم التي تولّدها جزئيًا الثقافات الوطنية للعلوم، والتي تتأثر تأثرًا شديدًا أيضًا بطبيعة المشروع العلمي العالمي.

وتمثل هذه الأنظمة المحاولات التي تُجريها الحكومات، كل بمعزل عن غيرها من الحكومات، لتحمل مسؤولية تطوير العلوم لديها من خلال توفير تمويل مناسب، وفي الوقت نفسه لقولبة الأنظمة كي تتمكن من تقديم العلوم بطريقة تلبي حاجات الدولة.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى