علوم الأرض والجيولوجيا

نبذة تعريفية عامة عن “النيازك”

1998 الموسوعة الجيولوجية الجزء الخامس

ترجمة أ.د عبد الله الغنيم واخرون

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

النيازك علوم الأرض والجيولوجيا

النيازك هي أجسام معدنية صلبة تسقط من الفضاء إلى الأرض. مثل هذه الأجسام تكون نادرة وتختلف تماماً عن الصخور الأرضية في تركيبها الكيميائي. ويوجد حوالي (2200) نيزكاً معروفة في العالم

والنيازك هي الأجسام الوحيدة التي تصل إلينا تلقائياً م من الفضاء الخارجي، ويقدر العلماء أن ما يسقط على الأرض سنوياً من النيازك لا يقل عن ألف نيزك، وإن كان ما يمكن التعرف عليه قليلاً، وذلك لأن معظمها يسقط في البحار والمحيطات.

وفي مناطق الصحاري والغابات والقطبين المتجمدين وكلها مناطق عديمة أو قليلة السكان. وتتحلل هذه النيازك بالتقادم لتصبح جزءاً من مكونات التربة.

 

وتنجذب النيازك إلى الأرض إذا كانت تتحرك في الفضائ في مدارات تسمح للحقل المغناطيسي للأرض أن يجذبها.

وتسافر النيازك بسرعة عند دخولها الغلاف الجوي، فإذا كانت تسافر في نفس اتجاه الأرض فإنها تسافر بسرعة أعلى من سرعة الأرض، ونسمي هذه النيازك الأجسام اللاحقة. وهناك النيازك التي تأتي مباشرة إلى الأرض وباتجاه معاكس لحركة الأرض، وتدخل الغلاف الجوي بسرعة كبيرة أو تسمى هذه النيازك بالنيازك القادمة.

وقد وجد أن الجسام اللاحقة تسقط بين الظهر ومنتصف الليل، بينما الأجسام القادمة تسقط بين منتصف الليل والظهر.

 

وقد وجد من دراسة المواد النيزكية المكتشفة من الارتطامات المشاهدة أن معظم النيازك تأتي من الارتطامات التي تحدث بين الظهر ومنتصف الليل.

وبسبب السرعة التي تسقط بها هذه النيازك خلال الغلاف الجوي، فإن الهواء يصبح مضغوطاً وشديد الحرارة في مقدمتها، لأن الجسم يتحرك أسرع من الهواء الذي يحاول دفعه جانباً.

وحيث أن نافورات الهواء التي تحيط بالجسم تكون حارة، فإن سطح النيزك يصبح حاراً كما تذوب الأجزاء الطرية بسبب الحرارة.

 

إن أشهر النيازك التي سقطت إلى الآن هو نيزك هوبا (Hoba) في جنوب غربي أفريقيا، وهو يزن حوالي 60 طناً، وما زال إلى الآن في موقع سقوطه، ويليه في الكبر نيزك مدينة ركاب يورك ويزن أكثر من 36 طناً، وهو نيزك حديدي عثر عليه أحد المكتشفين في جزيرة جرينلاند سنة 1897م، وهو محفوظ حالياً في المتحف الأمريكي للتاريخ الطبيعي بنيويورك بالولايات المتحدة.

يوجد في المملكة العربية السعودية العديد من النيازك والتي استخرجت من ست عشرة منطقة من الربع الخالي، لعل أشهرها منطقة وبر أو الحديدة حيث أحدث سقوط (نيزك وبر) الذي يصل وزنه إلى حوالي (2200) كيلوجراماً.

ولعله أكبر نيزك سقط على أرض شبه الجزيرة العربية فوهة نيزكية يقدر قطرها ما بين 90 – 100 متراً وعمقها أكثر من (12 متراً) وكذلك بعض الفوهات الأصغر، وقد غطت الرمال معظم هذه الفوهات، أما النيزك الأصغر فيصل وزنه إلى حوالي (200) كيلوجراماً.

 

النيازك المشاهدة والمستخرجة:

إذا كانت السماء صافية فإن النيزك الساقط يمكن أن يشاهد بوضوح على مسافات كبيرة تقدر بآلاف الكيلومترات، ولكن الصوت الذي يحدثه لا يسمع إلا على بعد 140 كيلومتراً تقريباً.

ولعل أقدم الارتطامات النيزكية المشاهدة قد حدثت في منطقة انزيزهايم (Ensisheim) بفرنسا في 18 نوفمبر سنة 1492م، ولكن انقضى أكثر من ثلاثمائة عام قبل أن يقبل العلم حقيقة أن هذا الارتطام هو ارتطام نيزك سقط من السماء.

وهناك نيزك حجري آخر سقط في منطقة باربوتان في فرنسا في 24 يوليو 1790م، وآخر سقط في مسينا في إيطاليا في 16 يونيو 1794م وآخر سقط في وود كوتيج ببريطانيا في 13 ديسمبر 1795م. وقد سقط وابل من آلاف النيازك على منطقة لو إيجل بفرنسا في 26 ابريل 1803م.

 

ويوجد حوالي 762 ارتطام نيزكي مشاهد في الولايات المتحدة، ويوجد منها حوالي 562 نيزكاً محفوظة في معهد سميشونيان والخاص بمجموعات النيازك. كما سقط نيزك الليند (Allende) في المكسيك في 8 فبراير 1968م.

وتحدث عدة ارتطامات نيزكية كل عام بجمع منها عدة نيازك. وهناك عدد غير محدود من النيازك التي تصل إلى الغلاف الجوي وتحترق عند عبورها في الهواء.

إن عدد النيازك المستخرجة من الارتطامات الملاحظة في جميع أنحاء العالم يقدر عددها في فترات زمنية مقدارها خمس سنوات، بداية من عام 1800م (أنظر جدول رقم 1).

إن الدراسات الجارية الآن تعمل لتعين مسارات النيازك قبل أن تصطدم بالأرض، وكذلك استعادتها لو سقطت .

وكان أول نجاح لهذا البرنامج الذي قام به مرصد سميشونيان للطبيعة الفلكية هو استعادة نيزك صغير بجوار مدينة لوست بولاية أوكلاهوما بأمريكا في 9 يناير 1970 م.

 

توزيع النيازك الساقطة:

إن 75% من سطح الأرض يوجد تحت المياه، وهذا يدل على أن معظم النيازك قد سقطت في البحار، ومن الصعب استخراجها جميعاً في المستقبل. أما النيازك التي سقطت في مياه الضحلة، فإنها سرعان ما تتغطى بالمواد المترسبة كيميائياً أو ميكانيكياً.

ولذلك فإن بعض النيازك يمكن أن تحفظ وتغطى وتصبح محمية من التفكك الكامل. ولا يوجد أي سبب للاعتقاد بأن بعض الأماكن تكون أهدافاً مفضلة للنيازك لكي تسقط عليها.

 

التاريخ الجيولوجي:

استخرج نيزك جي كريك (Aggie creek) الحديدي من ألاسكا على بعد أربعة أمتار من رسوبيات الوادي التي ترجع إلى عصر البلايوستوسين، ومع ذلك فإنه لا يحتوي على علامات تدل على أنه قد تأثر بالسقوط.

وتتميز النيازك الحديدية بثقلها (تتراوح كثافتها بين 7.7 و 8)، حيث إنها تغطس إلى أعماق الحصى لا سيما إذا كانت هناك حركة تؤثر على الحصى.

إن نيزكي كلوندايك (Klondike) في كندا لهما نفس التاريخ ويزن أحدهما 483 جراماً وقد وجد في حصى البلايوستوسين في منطقة جاي جلش (Gay Gulch).

 

أما الثاني فيزن 165 كيلو جراماً وقد اكتشف على عمق 18.5 متراً من حصى البلاستوسين أيضاً، وقد  اقترح المهندسون الذي استخرجوا هذين النيزكين بأنهما أقدم من الحصى، وإذا كان هذا حقيقياً فإن العمر الأرضي لهذين النيزكين يصل إلى أكثر من مليون عام.

أما نيزك سارديس (Sardis) الحديدي بولاية جورجيا الأمريكية فهو أقدم. فقد اكتشف هذا النيزك المتجوي الذي يصل وزنه إلى 880 كيلوجراماً تحت سطح الأرض في طبقات الأرض، ولذلك فهو أكبر نيزك وجد في الولايات المتحدة شرق نهر المسيسيبي.

 

ولا شك أن هذه الكتلة الحديدية الضخمة تتطلب زمناً طويلاً لكي تتجوى إلى هذه الدرجة الكبيرة، وتدل الأبحاث على أن هذا النيزك قد سقط في زمن الميوسين.

وإذا كان هذا صحيحاً فإن هذا النيزك يعد أقدم النيازك التي سقطت، وبذلك يكون له عمر يقدر بحوالي 20 مليون سنة.

 

القشور المنصهرة للنيازك:

إن معظم النيازك لا تكون ساخنة عند سقوطها إذ أن الحرارة لا تتعمق داخل النيازك الحجرية، لأن السيليكات تعد موصلات رديئة للحرارة.

كما أن النيازك الحجرية تكون عادة عباة عن تجميع من حبيبات السيليكات الصغيرة،والتي تكون مترابطة بعضها مع بعض بواسطة معدن الترويلايت (Troilite) وهو معدن كبريتيد الحديد الذي يكون له نقطة انصهار منخفضة.

وعندما يذوب هذا المعدن فإن حبيبات السيليكات تتفكك وتحمل بواسطة الهواء، ولذلك فإن الطبقة الخارجية للنيازك الحجرية تكون رقيقة جداً خاصة في مقدمة النيزك.

 

وتبرد هذه المادة المنصهرة وتكون لمعة سوداء تحتوي دائماً على حبيبات من السيليكات المنصهرة بالإضافة إلى فقاعات الغاز التي تكون صغيرة جداً.

أما في مؤخرة النيزك حيث تتجمع كمية أكبر من الخبث فإن فقاعات الغاز تكون أكبر.

إن القشرة المنصهرة على النيازك الحجرية تكون سوداء أو قائمة عندما تسقط، والسبب يعود إلى أن هذه النيازك تحتوي على كمية جيدة من الحديد.

 

الفوهات النيزكية:

هناك كثير من الفوهات النيزكية التي يمكن كشفها بواسطة الاستطلاع والتصوير الجوي، ومن الملاحظ أن النيازك التي تسقط وتشكل فوهات، لا تدفن داخل هذه الفوهات، ولكن جزءاً كبيراً من هذه النيازك يتناثر خارج الفوهة.

ويعرض الجدول رقم (3) بعض الفوهات النيزكية في العالم وأماكن وجودها وأقطارها بالمتر. ولعل من أهم هذه الفوهات النيزكية فوهة بارينجر بولاية أريزونا بأمريكا. ويقارب قطر هذه الفوهة حوالي 1200 متراً وعمقها حوالي 300 متراً.

ويتضح من هذا عنف الاصطدام الذي تعرضت له كتلة المادة هناك، وتحولت إلى غاز تحت درجة حرارة عالية، وهو ما يحدث تماماً عند إشعال شحنة متفجرة.

 

إن العديد من الفوهات النيزكية قد اختفت بمرور الزمن فيما لو قورنت بسطح القمر المكسو بالفوهات الصغيرة والكبيرة الناتجة عن سقوط النيازك، ويقود السبب في عدم احتفاظ الأرض بهذه الفوهات النيزكية إلى عاملين رئيسيين هما:

1- الدور الذي تعلبه عوامل التعرية والتجوية على سطح الأرض مسببة إزالة جوانب وحواشي الفوهات.

2- امتلاء معظم فوهات النيازك بالمواد الرسوبية، وما تحمله الرياح والمياه من رسوبيات تغطي هذه الفوهات.

 

وقد وجد من دراسة الفوهات النيزكية أن صخور حوافها مقلوبة، كما أن الحافة نفسها منقلبة إلى الأعلى، ومع مرور الزمن فإن حواف الفوهات تتعرى. وتبدو الفوهات القديمة جيولوجياً ذات حواف بارزة.

ويوجد في العالم حوالي 45 فوهة نيزكية معروفة، والتي لا يوجد في داخلها أي قطع نيزكية، لكن الصخور التي حولها تحتوي على مظاهر اصطدام (Shock Features) وهي تميز الصخور حول الفوهات النيزكية.

إن النيزك الذي يسقط على سطح الأرض وبشكل فوهة نيزكية، لا يكون له نفس حجم الفوهة لأن أكثر صخور المنطقة حول نقطة الاصطدام تتكسر إلى قطع تسقط حول الفوهة.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى