البيولوجيا وعلوم الحياة

مكونات ووظائف “الشَعْر”

2000 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الحادي عشر

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

مكونات الشعر وظائف الشعر الشَعْر البيولوجيا وعلوم الحياة

يتكوَّنُ الشَّعْر من الطَّبَقَةِ الخارجيَّةِ للجِلْدِ (البَشَرَةِ)، حيثُ تمتدُّ منها بعضُ الخَلايا الطِّلائِيَّةِ إلى الطّبقَةِ الداخليَّةِ (الأَدَمَةِ) مُكَوِّنَةً جِذْرَ الشَّعْرَةِ.

ثمَّ تنمو هذه الخلايا وتَتَمايَزُ لتبرزَ إلَى الخارِجِ مكوِّنَةً ساقَ الشَّعرَةِ، وهو الجزءُ الخارجِيُّ من الشَّعْرَةِ الّذي نَراه. أمَّا الجِذْرُ فيَظَلُّ مطمورًا في الجِلْدِ.

وتتركَّبُ السَّاق من ثلاثِ طَبَقاتٍ: الداخليَّةُ منها النُّخَاعُ، يليها القِشْرَةُ، ثمَّ الجُلَيْدُ الذي يحيطُ بها من الخَارِجِ.

 

ويتكوَّنُ النُّخاعُ، وهو لُبُّ الشَّعْرَةِ، من خلايا مفكَّكَةٍ يَفْصِلُها سائلٌ كيراتِينِيٌّ لَيِّنٌ. أمّا القِشْرَةُ، وهي أَسْمَكُ الطَّبَقاتِ، فتتكوَّنُ من مجموعَةٍ من الطَّبَقاتِ الخلوِيَّةِ ينتشرُ فيها وبينَها الصِّبَغُ الّذي يُكْسِبُ الشَّعْرةَ لونَها.

وحينَما يَبْهَتُ لونُ الشَّعْرِ، نتيجةً لقِلَّةِ الصِّبْغِ في قُشُورِهِ ومَوْتِ خلايا النُّخَاعِ، يملأُ الهواءُ فراغاتِهِ فيميلُ لونُهُ إلى اللّونِ الرَّمادِيِّ.

ويستمِرُّ هذا حتَّى يفقدَ الشَّعْرُ الصِّبْغَ كُلِّيَّةً فيصيرَ لونُه أبيضَ. ويقالُ عندئذٍ إنَّ الشَّعْرَ قد شابَ، ويحدثُ هذا عادةً مع تقدُّم السنِّ.

 

ويتكوَّنُ الجُلَيْدُ من خلايا حَرْشَفِيَّةٍ رقيقَةٍ يتراكَبُ بعضُها فوقَ بعضٍ، فتَبْدُوا كالحراشِفِ. ويمتدُّ جِذْرُ الشَّعْرةِ نتيجةَ نُمُوِّهِ داخِلِيًّا إلى ما تحتَ الجِلْدِ، ويَنْتَفِخُ مكوِّنًا ما يُسَمَّى بَصَلَةَ الشَّعْرةِ.

وتتكوَّن هذه البصلَةُ من خلايا طِلائيةٍ، تَنْغَمِدُ عندَ طَرَفِها السُّفْلِيِّ لتكوِّنَ ما يسمَّى بالحَلَمَةِ الّتي يغذِّيها نسيجٌ ضامٌّ غنيٌّ بالأوعِيَةِ الدَّمَوِيَّةِ. ويُحيطُ بالبَصَلَةِ حُوَيْصِلَةٌ أنبوبيَّةٌ تسمَّى جُرَيِّبَ الشَّعْرةِ.

ونظرًا لأنّ جُلَيْدَ الشَّعْرةِ ينشأُ من طبقَةِ البشـرَةِ كبروزٍ داخلِيٍّ مائلٍ، فإنّ ساقَ الشَّعْرَةِ تَتَّجِهُ للخارِجِ مائِلةً نحو سطحِ الجلْدِ.

 

وهذا الوضْعُ يسمحُ للشَّعْرِ بأن يُغَطِّيَ مِساحَةً أكبرَ من سطحِ الجسمِ (مثلِ الرَّأسِ)، أفضلَ مِمَّا لَوْ برزَ عمودِيًّا على سَطْحِ الجِسْمِ.

وشَكْلُ الجُرَيِّبِ يحدِّدُ صورَةَ نُمُوِّ الشَّعْرِ. فإذا كان هذا المَقْطَعُ العَرْضِيُّ للجُريِّبِ، مستديرًا، تكونُ الشَّعْرَةُ مستقيمَةَ الاتِّجاه.

أمّا إذا كان هذا المقطعُ بيضاويًّا، فإن الشعرةَ تكونُ مُتَمَوِّجَةً. وأمّا إذا كان حَلَزونيًّا فإن الشعرَ يكونُ مُجَعَّدًا.

ومن هنا يتبايَنُ شَعْرُ الرَّأسِ في النّاسِ بين مُرْسَلٍ ومُتَمَوِّجٍ ومُجَعَّدٍ. وتتحكَّم الوِراثَةُ في دَرَجَةِ ملاسَةِ الشَّعْرِ، واستقامتِهِ أو تجعُّدِه، ولونِه، وغزارتِه.

 

ويتَّصلُ بالجُرَيِّبِ حُزْمَةٌ من العَضَلاتِ المَلْسَاءِ (عند مُنْتَصَفِهِ تقريبًا) تسمَّى العَضَلَةَ الناصِبَةَ للشَّعْرَةِ.

وهي تَحْتَضِنُ غُدَّةً مُفْرِزَةً لمادَّةٍ دُهْنِيَّةٍ شَمْعِيَّةٍ تُسَمَّى الزُّهْمَ. وهذه الغُدَّةُ الزُّهْميَّةُ تنفتحُ في جُرَيِّبِ الشَّعْرَةِ. والزُّهْمُ يطَّرِّي ساقَ الشَّعْرَة والجلْدَ المحيطَ بها.

ولكُلِّ نوعٍ من الشَّعْرِ دَوْرَةُ حياةٍ خاصَّةٌ بِهِ، ومُعَدَّلُ نُمُوٍّ محدَّدٍ. ولذا لا يسقطُ الشعرُ كلُّهُ مرَّةً واحِدَةً، إنما يسقطُ بعضُ الشعْرِ حتى دونَ أن نشعرَ، ويتجدَّدُ غيرُه، أو لا يتجدَّدُ، بحَسَبِ الحالَةِ الصِّحِّيَّةِ والعُمْرِ، وعواملَ أخرَى كثيرةٍ.

 

وتنمُو الشَّعْرَةُ الجديدةُ قريبًا من موضِعِ الشّعرةِ القديمةِ. وعندما تظهرُ الشَّعْرَةُ الجديدةُ تدفَعُ الشَّعْرةَ القديمةَ إلى الخارِجِ، هذا إذا لم تَكُنْ قَدْ سَقَطَتْ بالفِعْلِ ومتوسِّطُ عددِ الشَّعرِ في رأسِ الإنسانِ 125000 شعرةٍ.

وتنمُو الشَّعْرَة نحوَ خمسةَ عشـرَ سنتيمترًا في السَّنَة. وإصابةُ الإنسانِ بالصَّلَع، في أعمارٍ مختلفةٍ، تتوقَّفُ على جنسِ الفردِ، ذكرًا أو أنثَى، أو على الوِراثَةِ، وعلى عواملَ صِحِّيَّةٍ مختلفةٍ، منها تعرُّضُه للإشعاعِ، أو تناوُله عقاقيرَ معيَّنَةً.

وللشَّعْرِ وظائفُ عديدةٌ، فهو يعطِي لرأسِ الإنسانِ شكلاً مميِّزًا ومحدِّدًا لبَعضِ مَلامِحِه.

 

والشَّعْرُ عازِلٌ جيِّدٌ يمنعُ فقدانَ الجسمِ حَرَارَتَهُ في المناطِقِ البارِدَةِ، كما يحمِي الجسمَ من التعرُّضِ لسُخونَةِ الشَّمسِ وأثَرِ أَشِعَّتِها المباشِرِ علَى الجلدِ في المناطِقِ الحارَّة.

كذلك هو يعطِي الجسمَ نوعًا من الحمايَةِ في أثناءِ احتكاكِهِ (أو رأسِهِ) بالموادِّ الصُّلْبَةِ.

ويُشْبِهُ شَعْرُ الحاجِبِ في الإنسانِ اللِّبَّادَ في حمايتِهِ العيْنَ، كما يحميها من الضَّوْءِ القَوِيِّ، ويمنعُ انسيابَ العَرَقِ إليها.

 

أمّا الرُّموشُ ففضلاً على وظيفتِها الجمالِيَّةِ الّتي يتَغَنَّى بها الشعراءُ والأُدَباءُ، هي تعملُ كمِصْفَاةٍ للأجسامِ الغريبةِ، كالأَتْرِبَةِ، من وُصُولِها إلى العيْنِ. وهكذا يفعلُ الشَّعْرُ في مَدْخَلِ الأَنْفِ والأُذُنِ أيضًا.

وفي بعضِ أنواعِ الحيوانِ توجدُ شَعَراتٌ حسَّاسَةٌ، كتلكَ الّتي حولَ الفَمِ في القِطَطِ والقوارِضِ.

ولكن لا شَكَّ أن وظيفةَ الشعْرِ الأولَى هي الحفاظُ على حرارَةِ جسم الحيوانِ الثَّدْيِيِّ، الّتي يجبُ أن تكونَ درجتُها ثابِتَةً.

فعِندَ تَعَرُّضِ الحيوانِ لبردٍ شديدٍ، تنقبضُ العَضلاتُ الناصبَةُ لتَشُدَّ جرابَ الشَّعْرَةِ فتتَّخِذَ وضعًا قائِمًا، بدلاً من وضعِها الراقِدِ المعتادِ، ويَتَقَبَّبُ الجلدُ حولَها. ويكوِّنُ الشَّعْرُ الواقِفُ طبقَةً تحبِسُ بينَها هواءً دافِئًا هو – في الواقِعِ – الذي يعزلُ جسمَ الحيوانِ عن الجوِّ البارِدِ المحيطِ به.

 

وعندَمَا يُشَدُّ الشَّعْرُ، تنقبضُ غُدَدُه الزُّهميَّةُ، فتفرِزُ المادَّةَ المختزنَةَ فيها. وهذه الكَميَّةُ الزائِدةُ من الزُّهْمِ تساعِد، هي أيضًا، على عزلِ جسمِ الحيوانِ عن الجوِّ البارِدِ.

وهذا كلُّه غيرُ ظاهِرٍ في الإنسانِ، لأن معظمَ جسمِه يكادُ يكونُ عارِيًا من الشَّعْرِ. ولكنَّ الشَّعْرَ، في الإنسانِ والحيوانِ، قد ينتصبُ عندَ الخوفِ أيضًا. والقِطُّ المنتفِشُ يبدُو أكبرَ من حقيقةِ حجمِه وهذا قد يُرْهبُ عدوَّه.

وفَحْصُ عَيِّناتٍ من الشعرِ يفيدُ في تشخيصِ بعضِ الأمراضِ، وفي الكَشْفِ عن وجودِ بعضِ الموادِّ في الجِسْمِ، مثل عُنْصُرَيْ الرَّصاصِ والزَّرْنيخ، والموادِّ المخدِّرة، كالهِروينِ والكوكايين.

 

والشَّعْرُ يميِّزُ الحيواناتِ الثَدييَّةَ، وقد يكونُ له في بعضِها أسماءٌ خاصَّةٌ، مثل الصُّوف لشَعْرِ الغَنَمِ، والوَبَرِ لشَعْرِ الجَمَلِ.

والفِرَاءُ التي تتزيَّنُ بها السيداتُ هي جلودُ بعضِ الثديياتِ وما عَليها من شَعْر. ويرتفعُ ثمنُ الفرْوةِ كلَّما تعدَّدَتْ خواصُّها، من نُعومَةٍ وكثافَةٍ، وتميَّزَتْ في لونِها.

ويُسْتَخْدَمُ الصُّوفُ والوَبَرُ في صُنْعِ المَلابِسِ الشتويَّةِ، والعديدِ من أنواعِ المَفَارِش والطَّنافِسِ والمُعَلَّقَات الجِدَارِيَّةِ وغيرها، مِمَّا يعطِي الشعرَ عمومًا أهميَّةً اقتصاديةً كبيرةً.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى