إسلاميات

نبذة تعريفية عن مدى أهمية فريضة “الصوم” وأنواعها المختلفة

2001 موسوعة الكويت العلمية الجزء الثاني عشر

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

فرضة الصوم أهمية الصوم أنواع الصوم إسلاميات المخطوطات والكتب النادرة

أَنْتَ تَصومُ شَهْرَ رَمَضانَ…

وأَنْتِ تَصومِينَ شَهْرَ رَمضانَ…

وكَذَلِكَ يَفْعَلُ كُلُّ مُسْلِمٍ قَادرٍ علَى الصَّومِ، خالٍ مِنَ الموانِعِ الشّـَرْعِيَّةِ. في كُلِّ لَيْلَةٍ من لَيالِي الشَّهْرِ المُبارَكِ يَعْقِدُ النَّيَّةَ في قَلْبِه ويَعْزِمُ عَلَى أَنْ يَصومَ، فَيَتَناوَلَ قَبْلَ طُلوعِ الفَجْرِ طَعامًا وشَرابًا يُسَمَّى «السُّحُورَ».

فإِذَا طَلَعَ الَفَجْرُ امْتَنَعَ عَنْ تَنَاوُلِ الطَّعامِ والشَّرابِ، ويَحْرِصُ في نَهارِهِ عَلَى الالْتِزامِ بآدابِ الصِّيامِ، فَلا يَرْفَعُ صَوْتَه عَلَى أَحَدٍ، ولا يَعْتَدِي علَى أَحَدٍ، ولا يَغْتابُ أَحدًا، ولا يَنْطِقُ بكلامٍ لا يَليقُ، ويُقْبِلُ عَلَى عَمَلِهِ في إِتْقانٍ وصَبْرٍ. حَتَّى إِذَا غَرَبَتْ الشَّمْسُ حلَّ لَهُ الطَّعامُ والشّـَرابُ وهَكَذا.

 

والصَّائِمُ يُكْثِرُ مِن قِراءَةِ القُرْآنِ وتَدَبُّرِ مَعانِيهِ، ويُقبِلُ علَى صَلاةِ التَّطَوُّعِ، فيُواظِبُ علَى صَلاةِ «التَّراويحِ» وقِيامِ الَّليْلِ.

وغَالِبًا ما يكرِّرُ الوُعَّاظُ وأَئِمَّةُ المَساجِدِ في شَهْرِ رَمَضَانَ هَذِهِ الآيةَ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (البقرة 183).

ويَزْدادُ فَهْمُنا لهذِهِ الآيَةِ الكرِيمَةِ في ضَوْءِ المَعْلوماتِ التَّالِيَةِ عَنْ صِيامِ الأُمَمِ السَّابِقَةِ عَلَى الأُمَّةِ الإسْلامِيَّةِ:

 

1-الصِّيامُ مَعْروفٌ لَدَى مُعْظَمِ الشُّعوبِ، حَتَّى البُدَائِيَّةِ مِنْها.

2-الصِّيامُ قَدْ يكونُ إِمْساكًا وامْتناعًا عن الطَّعامِ والشَّرابِ كُلِّهِ، أوْ عَنْ أَنْواعٍ مِنْه، وقَدْ يكونُ امْتِناعًا عَنْ أَعْمالٍ مُعيَّنَةٍ، كالكَلامِ مَثَلاً.

 

3- تختلف مُدَّةُ الصِّيامِ سَواءٌ في اليَومِ الواحِدِ، أَوْ في عَدَدِ الأَيَّامِ الّتِي يُؤَدَّى فيها.

4- الصِّيامُ عِنْد بَعْضِ البُدائيِّينَ، قَدْ يكونُ تجنُّبًا لِغَضَبِ الإِلهِ، أَوْ مَظْهَرًا لِشُكْرِه.

 

5- يَصومُ اليَهودُ المُتَدَيِّنونَ يَوْمًا واحِدًا في العامِ (هُوَ اليومُ العاشِرُ مِنَ الشَّهْرِ السَّابِعِ مِنْ سَنَتِهِمْ)، يُمْسِكونَ عَنْ الطَّعامِ والشَّرابِ مِنْ غُروبِ الشَّمْسِ إلَى غُروبِها في اليومِ التَّالِي. ولدَيْهِم أَنْواعٌ أُخْرَى مِنَ الصَّومِ، لَكِنَّها لَيْسَتْ مُلْزِمَةً.

6- لَيْسَ في الكُتُبِ المَسيحِيَّةِ ما يَدُلُّ عَلَى أَنَّ المَسيحَ عَلَيْه السَّلامُ فَرَضَ الصَّوْمَ عَلَى أَتْباعِهِ، ولكنَّ جميعَ الطَّوائِفِ المَسيحِيَّةِ تُباشِرُ الصَّومَ. وصَوْمُهُم امْتِناعٌ عَنْ بَعْضِ أَنْواعِ المَأْكولاتِ: كاللُّحومِ والأَلْبانِ ومُشْتَقَّاتِها.

7- عَرَفَ عَرَبُ الجاهِلِيَّةِ الصَّوْمَ، وكانَ بعضُ القُرَشِيِّينَ يصومُ يومَ عاشوراءَ (وهُوَ اليَوْمُ العاشِرُ مِنْ شَهْرِ المُحَرَّمِ).

 

وقَدْ ذَكَرَ اللهُ تَعالَى الصَّوْمَ والصِّيامَ والصَّائِمينَ والصَّائِماتِ في القُرْآنِ الكَريمِ 14 مَرَّةً.

وأَكثَرُ الآياتِ جَمْعًا لأَحْكامِ صِيامِ شَهْرِ رَمَضانَ هِيَ الآياتُ 183، 184، 185، 186، 187 من سُورَةِ البَقَرَةِ، فاقْرَأْها، واقْرَأْ تَفْسيرَها. كما تَكَرَّرَ ذِكْرُ الصَّومِ في الأَحاديثِ النَّبَوِيَّةِ الشّـَريفَةِ، حثًّا عَلَيْه، وتَفصيلاً لآدابِهِ وأَحْكامِهِ، وبَيانًا لِفَضْلِهِ وثَوابِهِ.

وفي كُتُبِ الفِقْهِ أَحْكَامٌ تَفْصِيلِيَّةٌ لِلْصَّومِ بِكُلِّ أَنْواعِهِ، ونَسْتَطِيعُ تَلْخيصَ هَذِهِ الأَنْواعِ فيما يَأْتِي:

 

أَوَّلاً: صِيامُ الفَرْضِ، هُوَ صِيامُ شَهْرِ رَمَضَانَ،

 

ثانِيًا: صِيامُ التَّطَوُّعِ، وهُوَ صِيامٌ خَارِجَ رَمَضَانَ كَصَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ (9 من ذي الحِجَّةِ) ويَوْمِ عَاشورَاءَ (ويُسْتَحَبُّ صِيامُ يومٍ مَعَهُ قَبْلَهُ أو بَعْدَهُ) ويَوْمَيْ الاثْنينِ والخَميسِ مِنْ كُلِّ أُسْبوعٍ، وثَلاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ (15، 14، 13 من الشَّهْرِ القَمَرِيِّ) وسِتَّةِ أَيّامٍ مِنْ شَوَّالٍ.

 

ثالِثًا: صِيامُ « الدَّيْنِ»، أو الكفَّاراتِ، كَقَضاءِ شَهْرِ رَمَضانَ لِمَنْ لَمْ يَصُمْه أَوْ أَيَّامًا مِنْه لِمانِعٍ شَرْعِيٍّ، وكفّارَةِ القَتْلِ الخَطَأِ، وكفّارَةِ الفِطْرِ العَمْدِ في رَمَضانَ، وكفّارَةِ اليَمينِ، وصَوْمِ جَزاءِ الصَّيْدِ أَوْ قَتْلِ الحَيَوانِ في الحَرَمِ. (حَاوِلْ جَمْعَ مَعْلوماتٍ عمَّا لا تَعْرِفُ مِنْ هذهِ الأَنْواعِ، بِسُؤالِ العُلَماءِ، أَوْ قِراءَةِ كُتُبِ الفِقْهِ).

 

رابِعًا: الصِّيامُ المُحرَّمُ، وهُوَ صِيامُ اليَوم الأَوَّلِ مِنْ شَوَّال (عِيدِ الفِطْرِ)، وصيامُ اليومِ العاشِرِ من ذِي الحِجَّةِ (عيدِ الأَضْحَى) وثَلاثَةِ أَيَّامٍ بَعْدَه، كَما يَحْرُمُ صِيامُ الحائِضِ والنُّفَسَاءِ (أَيْ المَرْأَةِ الحَديثَةِ الوِلادَةِ).

 

خامِسًا: الصِّيامُ المَكْروهُ، مِنْه إِفْرادُ يَوْمِ الجُمْعَةِ بالصَّوْمِ تَطَوُّعًا، لأَنَّ يَومَ الجُمْعَةِ عيدٌ لأَهْلِ الإسْلامِ، وكَذَلِكَ يُكْرَهْ تَخْصيصُ يَوْمِ السَّبْتِ ويَوْمِ الأَحَدِ بالصِّيامِ، لِكَوْنِ أَوَّلِهِما معظَّمًا عِنْدَ اليهودِ، والثَّاني مُعظَّمًا عِنْدَ النَّصَارَى، كَما يُكْرَهُ صَوْمُ الوِصالِ (وهُوَ صَوْمُ يَوْمَيْن مُتَتَابِعَيْنِ دُونَ إِفْطارٍ بَيْنَهُما)، وصَوْمُ الدَّهْرِ، أَيْ الصَّوْمُ طُولَ العُمْرِ.

ومِنْ أَهَمِّ ما يَجِبُ التَّنَبُّهُ لَهُ أَنَّ الصِّيامَ مَفْروضٌ عَلَى المُسْلِمِ لِتَحْقيقِ تَقْوَى اللهِ ومُراقَبَتِهِ وطاعَتِهِ. وكَذَلِكَ فإنَّ كَبيرَ السِّنِّ – رَجُلاً كانَ أو امْرَأَةً – إذا كانَ الصَّومُ يَشُقُّ عَلَيْه مشقَّةً شَديدَةً يَحِلّ لَهُ الإفْطارُ.

 

وكَذَلِكَ المَريضُ مَرَضًا مُزْمِنًا يَصْعُب أو يَضُرُّ مَعَهُ الصَّوْم، يَحِلُّ لَهُ، بَلْ قَدْ يَجِبُ عَلَيْه أَنْ يُفْطِرَ.

ومِثْلُ المَريضِ المَرْأَةُ الحامِلُ والمُرْضِعُ. ومِمَّنْ رَخَّصَ اللهُ لَهُم في الفِطْرِ المُسافِرُ، والّذي يُرْهِقُهُ الجُوعُ والعَطَشُ إرْهاقًا مُؤْذِيًا لا يُحْتَملُ.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى