الطب

مدى تأثير السكري على الصحة النفسية

2013 أنت والسكري

نهيد علي

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

الطب

يؤثر السكري تأثيراً كبيراً على الصحة النفسية لدى السكريين، فبالإضافة إلى المظاهر التي تظهر على أجسام السكريين، وإلى المضاعفات التي تصيب القلب والكليتين والكبد والعينين والأعصاب والأعضاء الأخرى، تظهر على السكريين وعلى أفراد أسرهم تبدلات في العواطف قد تؤثر تأثيراً يختلف بين شخص وآخر.

ولا تحظى العواقب النفسية للسكري بالكثير من الاهتمام، وينبغي التركيز باستمرار عليها. إذ قد يفقد السكري الاهتمام بما اعتاد عليه من أنشطة روتينية يومية، إلى حد يبعث القلق لدى أفراد الأسرة من حوله، ويثير لديهم التخوف من التقصير في بذل الجهود اللازمة لمساعدة ابنهم السكري.

وهكذا يؤدي مجمل ما يعانيه السكريون في حياتهم إلى فقدهم للاعتداد بالنفس وإلى قلقهم من تدهور علاقاتهم الاجتماعية.

ولا ريب أن لدى السكريين ولدى زملائهم ولدى الذين يعتنون بهم القدرة على التخلص من هذه التغيرات والعيش مع السكري بأمن وسلامة.

وقد تتطلب الصحة النفسية الإيجابية من السكريين الكثير من الوقت والجهد، إلى جانب آليات الدعم الذي يتلقونه ممن حولهم.

 

مضاعفات ترتبط بالسكري وتؤثر على الصحة النفسية

قد يؤدي السكري إلى الكروب والشدات التي تلحق بالسكريين أنفسهم أو بالذين يحيطون بهم من أفراد الأسرة، وقد تظهر أمام السكريين تحديات لم تكن متوقعة، وقد تتفاقم أعراص المضاعفات المختلفة لتؤدي إلى أفكار غير صحية وإلى صراعات عاطفية.

زوال الاعتزاز بالنفس: لعل من أهم المضاعفات التي يعاني منها السكريون دون أن تحظى بما تستحقه من اهتمام التدهور الملحوظ في العواطف، وعندما يتضاءل اعتزاز السكري بنفسه قد تصبح عقلية السكري مثقلة بالقلق وبالمشكلات الشخصية، مما يوصل السكري إلى فقدان الثقة بالنفس.

وقد يساهم تركيز الاهتمام على النظام الغذائي وأنماط الحياة الصحية وممارسة الرياضة بتكريس مشاعر الخوف من وجوب ترك بعض العادات السيئة. وللتخلص من ذلك الخوف ينبعي أن يكون لدى السكري رغبة صادقة في النجاح في كبح جماح السكري.

كما يجب تقديم المساعدة للسكريين للتغلب على مشاعر الضيق التي يسببها السكري، وتسهيل التدرج في الانتقال من العادات الضارة إلى العادات النافعة بين حين وأخر، وكما هو الحال في جميع القضايا الأخرى، فإن من بين السكريين من هو سباق للمبادرة بالتعامل الإيجابي مع حالته، مما يتيح لهم أن يضبطوا الصحة الجسدية والنفسية لديهم.

 

من المعروف أن الاعتزاز بالنفس يؤثر على الكثير من جوانب الحياة لديك، ومنها على سبيل المثال عملك وزواجك وأداؤك لوظائف الأبوة، بالإضافة إلى جوانب أخرى ذات أهمية بالغة في المحافظة على سعادتك وصحتك الجسدية

وعندما تشعر بالتأثيرات الجسدية للسكري فإنك ستتساءل: "لماذا حدث ذلك معي؟ هل سيأتي يوم أتخلص فيه من الألم الذي أعاني منه الآن؟ فأنا أشعر الآن أنني عبء على الذين من حولي، ولا أستطيع التفلت من هذه الأفكار".

لقد ازداد إلمام الكثير من السكريين بمشكلاتهم مع توافر الأدوات الحديثة لتدبير السكري، مثل مضخة الإنسولين، والمراقبة الذاتية لمستوى سكر الدم، ومع تزايد الاستفادة منها على النحو الملائم.

وقد يشعر السكريون الذين لا تتاح لهم الاستفادة من تلك الأدوات الجديدة، أو الذين لا يستطيعون استخدامها، أو الذين يعانون من درجة ما من الإعاقة، أنهم يشكلون فئة تختلف عن أولئك الذين يستفيدون منها. وقد يشعر بعض السكريين أنهم قد حرموا من الاستمتاع بأنماط الحياة التي طالما تعودوا عليها، مما يدفعهم إلى تحريم الاستمتاع بالملذات الأخرى المسوحة لهم.

 

وينبغي ألا تظن أنك الوحيد في خوض المعركة ضد السكري، فهناك الكثير من الطرق التي يمكنك أن تستمتع بتجريبها في الأنشطة اليومية لحياتك، وهي طرق تختلف عن تلك التي كنت تعرفها قبل أن تصبح سكرياً

وستجد أن لكل أناس أفكارهم الخاصة بهم، ولكن الأمر في نهاية المطاف يخصك وحدك، فأنت الذي تستطيع ضبط إيقاع حياتك ليناسب السكري، ورغم أن الطبيب الذي يقدم لك الرعاية يمكنه أن يساعدك على تحقيق الأهداف التي وضعتها لنفسك في كبح جماح السكري، فإن باستطاعتك أن تعمل الكثير لحفظ العافية والصحة، إذ يمكنك أن تكتسب قدراً ضخماً من المعارف حول حالتك وحول صحتك، وعندها يمكنك أن تعمل وفق تلك المعلومات، مثل المعلومات التي يقدمها لك هذا الكتاب، ولكن تحت إشراف طبيبك ووفق مشورته.

 

هواجس الخوف: يعتبر الخوف من المضاعفات التي يعاني منها السكريون فتؤثر على صحتهم النفسية وعلى عواطفهم، وقد يشير الخوف إلى أنك لا تبذل القدر الكافي من الجهد لمساعدة نفسك، وهو ما قد يؤدي إلى ظهور أفكار سلبية، وقد تظهر أمارات الخوف في ما تقوم به من أعمال، أو قد يمنعك من طرح بعض الأسئلة على طبيبك، مما يحرمك من بعض فرص التحكم بالسكري.

وقد يحرمك ذلك الخوف من الاستمتاع بالكثير من المارسات الصحية، وعندها يتمثل الحل بمواجهة العقبات التي تقف في طريقك، إذ أن الخوف كثيراً ما يستند على هواجس عدم مكافحة السكري مكافحة مجدية.

وعليك أن تعمل على التواصل مع الطبيب ومع المسؤولين عن تقديم الرعاية لك، وإذا ما شعرت بالخوف من الوضع الذي أنت عليه فبادر إلى الحديث مع طبيبك، فالسكري من الأمراض التي يصعب توقع مآلها، إلا أن التواصل الجيد مع الأصدقاء ومع الأسرة سيكون عوناً لك على مواجهته.

 

الشعور بالوحدة: نظراً للتراكم المتواصل للمضاعفات وللمظاهر الرئيسية للسكري، فإن هناك سبباً وجيهاً لما ينتاب السكريين من مشاعر الإحباط والاستسلام، والتي تعود جميعها إلى مواقفك من الحالات النفسية التي تعاني منها لمجرد كونك سكري، فحتى حين تسمع من الناس من حولك من يقول بأن السكري مرض لا يشفى، فليس هناك ما يبرر التوقف التام عن العلاج.

ولعلك تعرف أن هناك العديد من النظم التي تقدم الدعم للسكريين، وقد لا يتطلب الاستفادة منها أكثر من إجراء مكالمة هاتفية أو زيارة للمكان المناسب حتى تحصل على المساعدة التي تطلبها للتغلب على المشكلات النفسية التي قد تعاني منها، ومن بينها الشعور بالوحدة.

 

الحزن العميق: من الطبيعي أن يشعر كل إنسان بالحزن العميق، وينطبق ذلك عليك وعلى إصابتك بالسكري، ولكن ينبغي عليك أن تتجنب الوقوع ضحية للحزن العميق بسبب ما آلت إليه حالتك، وإذا تأملت المراحل التي يمر بها الحزن العميق فستجد أنه يمر بمسيرة طبيعية تبدأ بالإنكار الذي يتسم بعدم قبول حقيقة ما يجري بالفعل له، ثم سرعان ما يمر المصاب إلى مرحلة الغضب.

وفي مرحلة الغضب قد تطرأ حالة من التمرد على الوضع الذي يمر به، ورغم أن هذه المرحلة تعتبر استجابة طبيعية، إلا أنه قد يكون من الضروري التعبير عن المشاعر دون الخضوع للمشاعر وللأفكار السلبية، ومنها مشاعر الحزن العميق.

وفي المرحلة التالية من مراحل الغضب العميق يظهر التفاوض الذي قد يحاول الشخص من خلاله الوصول إلى صفقة تعني له أثراً إيجابياً، مثل "إن زال عني السكري سأؤدي وظائفي كأب على نحو أفضل، وسأتعلم بشكل أفضل، وسأكون إنساناً أفضل".

 

ثم تظهر مرحلة الاكتئاب بعد مرحلة التفاوض، حيث يميل السكريون ولا سيما من كان يمر منهم بالمراحل النهائية من المرض بالاكتئاب الذي قد يستعصي على التدبير، فتسود مشاعر العجز، بل قد يميل المصاب بالاكتئاب إلى محاولات الانتحار.

أما المرحلة الأخيرة للحزن العميق فهي القبول، وذلك عندما يأتي الوقت الذي يقبل الشخص بقدره، ويكون مستعداً لمواجهة أي شيء قد يحدث بعد ذلك.

وقد يعتقد السكري أن كل شيء يسير على ما يرام، فلا جدوى من الانغماس في مشاعر الوحدة واليأس في سياق النظام الغذائي والنظام المعيشي المنضبط، من أجل مكافحة السكري، وعند اختيار الطبيب فإن الوصية التي عليك التقيد بها هي أن يكون متعاطفاً وأن يكون ملتزماً أشد الالتزام بتقديم الخدمات الملائمة التي تلبي الاحتياجات.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى