قناة ومضات علمية

ومضات علمية 26 : القصف العنيف المتأخر

عندما تشكلت الأرض – لأول مرة – منذ أكثر من 4 مليار سنة، بدأت الأرض كعالم صخري منصهر خال من المياه، ومن ثمَّ يفتقر إلى الحياة. ولكن عندما اندفعت موجة من المذنبات إلى المجموعة الشمسية، حيث قصفت جميع عوالمها، مُنح كوكبنا الماءَ الذي كان في أمس الحاجة إليه. وتُعرف هذه الفترة بالقصف العنيف المتأخر (LHB)، والتي حدثت منذ نحو 4.1 إلى 3.8 مليار سنة. – خلال فترة القصف العنيف المتأخر، سقطت مليارات المذنبات من المجموعة الشمسية الخارجية إلى الداخل، فارتطمت بالكواكب وأقمارها. ويأتي معظم الأدلة على القصف العنيف المتأخر من بعثات أبولو التي جلبت العديد من الصخور من القمر. وتمثل بعض هذه الآثار بصخور انصهرت بفعل الارتطام، والتي تعود إلى 3.8 إلى 4.1 مليار سنة، وتشير مجموعة معينة من الأعمار حول هذه الفترة إلى وقوع كثير من الارتطامات. كما قدمت الأحجار النيزكية المختلفة أدلة على صحة تلك النظرية. فما زلنا نرى بقايا هذا الحدث اليوم في أماكن أخرى، حيث ظل العديد من الفوهات البركانية مرئية منذ القصف العنيف المتأخر. أما على الأرض؛ فقد اختفت معظم الفوهات البركانية التي ترجع إلى تلك الفترة، إذ عمل كوكبنا النشيط جيولوجيًّا على إخفائها تدريجيا عن الأنظار عن طريق تحريك الصفائح التكتونية وغيرها من العمليات. كذلك، فإن سبب هذه الفترة ليس واضحا تماما. وتتعلق واحدة من أفضل نظرياتنا في الوقت الحالي بحركات كوكبي المشتري وزحل: عندما تشكّل هذان الكوكبان العملاقان – لأول مرة – في مجموعتنا الشمسية، كانا أقرب بكثير من الشمس مما هما عليه الآن، ومن ثم تباعدا عنها تدريجيا ودخلا في رنين، أو نمط، مداري أحدهما مع الآخر. وكان لهذا تأثير متسلسل تسبّب في اضطرابات تجاذبية هائلة في المجموعة الشمسية. ومن بين نتائج ذلك أن دُفع كوكب نبتون إلى منطقة من الحطام الجليدي، والمتبقية منذ مولد مجموعتنا الشمسية. وتسبب هذا في تدفق مليارات الكويكبات والمذنبات إلى الداخل؛ مما أنتج “ملعبا للرماية” تعرضت فيه الكواكب للقصف. وفي نهاية المطاف، استقرت مدارات الكواكب، وأصبحت مجموعتنا الشمسية المكان السلمي نسبيا الذي يوجد فيه كوكبنا اليوم. ليست هذه هي النظرية الوحيدة حول القصف العنيف المتأخر؛ إذ يشير البعض إلى أن سببه قد يكون تأخر تشكّل أورانوس أو نبتون. ويبدو أن الأدلة الحالية تؤيد حدوث القصف العنيف المتأخر بسبب كوكب المشتري، لكن بداياتنا لا تزال غير واضحة تماما.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى