علم الفلك

محاولات العالم “انشتاين” لبناء نموذج نظري للكون

1996 نحن والكون

عبد الوهاب سليمان الشراد

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

العالم اينشتاين الكون علم الفلك

 إن نظرية النسبية لألبرت انشتاين Einstein. A (١٩٥٥-١٨٧٩) ، تمثل مراجعة شاملة لقوانين الفيزياء التقليدية التي اعتمدت قوانين نيوتن ، والتي كانت تُعد نهائية حتى مطلع القرن العشرين ، وهي تتضمن العديد من الأفكار الجريئة التي ما زلنا نلتمس أبعادها حتى الآن .

فعندما فرغ انشتاين من صياغة النظرية النسبية العامة في عام ١٩١٥ حاول استغلال نظريته في بناء نموذج نظري للكون.

ولابد من الإشارة في البداية الى أن النظرية النسبية العامة هي نظرية للجاذبية ، تطبق على الأنظمة الحركية المنتظمة وغير المنتظمة وتهتم بحركة التعجيل النسبي ، وخاصة فيما يتعلق بالجاذبية وتأثيرها ، وتبعاً للأفكار التقليدية والتي سبق وأن ساقها نيوتن تعتبر الجاذبية فيها عن قوة Force .

 

أما من وجهة نظر النسبية فالجاذبية تمثل انحناءً أو تحدباً في النسيج الزمكاني  timespace ، وبغياب الجاذبية يصبح كل من الزمان والمكان مسطحاً.

وفي حالة وجود مجال جذبي يحني الزمان والمكان ، وكلما اشتدت الجاذبية كلما ازداد تحدب الزمان والمكان ،  ويشتمل الكون على العديد من الأمثلة الجلية على ذلك التي يمكن ملاحظتها .

وتعد الجاذبية gravitation القوة الوحيدة المهمة على الطبيعة في المقياس الكوني ، بالرغم من أنها أضعف القوى المعروفة ، فهي التي تعمل على تماسك النظام الشمسي ، وهي التي تسيطر على التفاعل والارتباط بين المجرات والنجوم ، وهي التي تخضع الكون برمته .

 

ويتحتم أن يبدأ أي نموذج رياضي لوصف الكون من نظرية تبحث في الجاذبية ، وقد أكدت الأرصاد أن النظرية النسبية العامة يمكن أن تقدم وضعاً أدق للكون . مما طرحته أفكار نيوتن التقليدية ، ويبدو أن كلاً منهما يعالج جانباً محدداً من الفيزياء physics .

وتبعا ﻵراء نيوتن يتحتم أن يكون الكون مستقراً ولا محدوداً ، فلو كان للكون نهاية، فستعمل قوى الجاذبية المتبادلة بين كل النجوم والمجرات في الكون على جعله ينكمش .

والشيء الوحيد الذي يمكن أن يعمل على استمرار الكون التقليدي بما هو عليه ، هو أن يكون لا نهائياً . وثابتاً غير متغير ، وكم لاحظنا سابقاً فإن هذه الأفكار قد قادتنا إلى معضلة أوبلرز المثيرة للجدل .

 

ورغم أن نظرية انشتاين حول الجاذبية أكثر دقة ، إلا أنه لم يكن متأكدا من صحة ما توصل إليه في بناء النماذج النظرية للكون ، ولم يكن أحد في ذلك الحين أيضا يظن أو يشك بوجود حركات كبرى في الكون ، ولذلك اتجه انشتاين في أبحاثه الى وضع نماذج ثابته للكون

وقد تعرضت جهوده في هذا المجال الى الإحباط الشديد ، فكلما سعى الى بناء نموذج رياضي للكون يجد أن عمله يؤدي الى كون ينكمش ، وبدلا من أن يتبع ما توصل إليه في حساباته ويوافقها. 

إذ كانت صيغته الرياضية تقوده دائما الى حقيقة تدل على أننا لا نحيا في كون ثابت ، ولذلك بدأ الشك والحيرة تصيبه في صحة معادلاته. 

 

وعلى ذلك أضاف الى معادلاته مقدارا محددا أطلق عليه الثابت الكوني ((Λ)) cosmological constant بحيث يمنع الثابت كون انشتاين من الانكماش ، ويمثل الثابت الكوني قوة كونية لها مدى واسع وتعمل على الإمساك بالكون ، ولا يمكن إدراكها عبر مسافات قصيرة مختبريا Laboratory .

وبمعادلاته الخاطئة في بناء نماذج كونية ثابتة ، فوت انشتاين الفرصة في تعجيل اكتشاف هبل بما لا يقل عن عشر سنوات .

وبقدوم عام ١٩٢٩ أصبح جلياً أننا نحيا في كون يتمدد ، ولم يعد هناك أي تحفظ في أن النماذج الكونية الثابتة قد أصبحت غير ملائمة ولا توافق الوضع الجديد ، ولقد ندم انشتاين كثيرا في السنوات التالية لإضافته الثابت الكوني في معادلاته الأصلية في النسبية العامة ، وأشار الى ذلك بقوله : ((لقد كان ذلك هو أكبر خطأ وقعت به في حياتي)) .

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى