العلوم الإنسانية والإجتماعية

فلسفة وسياسة “التدريب أثناء الخدمة” وأهميتها في تنمية الموارد البشرية

2004 التدريب أثناء الخدمة

د. فهد يوسف الفضالة

KFAS

التدريب أثناء الخدمة تنمية الموارد البشرية العلوم الإنسانية والإجتماعية المخطوطات والكتب النادرة

بعد أن استعرضنا التنمية البشرية من حيث المفهوم والمردود والتي تعد مظلة لتنمية الموارد البشرية التي تعني بالبشر كعنصر من عناصر الإنتاج ، فإن ثمة ضرورة تقتضي استعراض آلية تنمية العنصر البشري والوسائل التي يمكن بها تحقيق ذلك بما يحقق الكفاية في الإنتاج مع الكفاءة في معدلات الإنجاز.

تلك الآلية هي عملية التدريب والتي سوف نتناولها في هذا الفصل والذي يعنى بالتدريب أثناء الخدمة في مؤسسة العمل من حيث فلسفته وأهدافه ومراحله وأشكاله ومداخله وطرقه ثم الأساليب التكنولوجية الحديثة المستخدمة فيه.

مع استعراض إدارة عملية التدريب ومسئولية القائمين على إدارته والأبعاد الأساسية ذات العلاقة بذلك كتوفير الإمكانيات البشرية والمادية والتقويم ومتابعة المتدربين والتقارير والسجلات الخاصة بهم وذلك في ضوء الاتجاهات الحديثة لعملية التدريب .

 

إنه من الأهمية بمكان أن يكون لكل نظام تدريبي فلسفة ما أو سياسة معينة تعكس تلك الفلسفة ، وتكتسب مسألة التدريب أثناء الخدمة أهمية استراتيجية خاصة تزداد مساحتها نظراً للتوسع الكمي الكبير والمضطرد في مختلف قطاعات الخدمات.

وتعتبر السياسة التدريبية Training Policy بمثابة آلية تحقيق تلك الفلسفة في إطار استراتيجية محددة ، وفي حالة عدم وجود سياسة تدريبية فإن ذلك يؤدي بالضرورة إلى ظهور مشكلات تدريبية متعددة.

والسياسة هي الإطار الذي يمكن أن تتفاعل فيه الاحتياجات الفردية بهدف أن يؤدي العاملون معاً عملاً مشتركاً يحقق الرضا الوظيفي لهم كما يحقق أيضاً أهداف المنظمة، ويتم رسم وصياغة السياسة التدريبية بواسطة المستويات العليا لأي منظمة وينبغي قبولها واحترامها من قبل المستويات الدنيا فيها.

 

ولهذا السبب فإنه يكون من المفيد لتجنب تلك المشكلات التي قد تحدث من عدم قبول سياسات المنظمة لدى العاملين أن تتاح الفرصة الكاملة لجميع الأطراف في المنظمة سواء واضعي السياسات أو العاملين بها مناقشة تفاصيل هذه السياسات ، والهدف من ذلك أن يؤدي العاملون في المنظمة العمل بفاعلية إذا ما أنيطت بهم تفويضات وتم تدريبهم على حل المشكلات اليومية في ضوء السياسة المتفق عليها وفي حدود مستوى مسئولياتهم وصلاحياتهم.

وينتظر أن يطغى قطاع تنمية الموارد البشرية على اهتمامات المجتمعات في الحقبة التالية حيث تقتضي الضرورة وجود جهاز متخصص لإعداد الموارد البشرية وتدريبها والتي أصبحت من أولى الضرورات القومية بسبب قيمة الدور الذي يؤديه العاملون في منظمات الأعمال الحكومية وغير الحكومية واتساقاً وانسجاماً مع الاستراتيجيات والسياسات العامة التي تضعها الدولة.

ومن المعلوم أن التقدم العلمي والتكنولوجي السريع الذي يشهده العالم اليوم يؤثر تأثيراً بالغاً على جهود المنظمات بمختلف أنواعها وأنشطتها إلى الدرجة التي أصبحت فيها ومعها إدارة تلك المنظمات في مختلف دول العالم والدول النامية بصفة خاصة مسئولة عن ملاحقة هذا التطور السريع والتكيف معه.

 

وظهور الحاجة إلى فلسفة جديدة قوامها الثورة المعرفية والاتصالات والأنماط التكنولوجية الحديثة بما ينعكس على الدور الجديد للتدريب من وجهة النظر الفلسفية فضلاً عن الأهداف والمحتوى والأساليب والطرق الخاصة بالتدريب .

لذا فإن التدريب قد أصبح أساساً وقناة لملاحقة التطورات التكنولوجية السريعة التي لا تحتاج فقط إلى تطوير الكوادر والكفاءات الفنية ، وإنما تحتاج أيضاً إلى تنمية وتطوير الكوادر والكفاءات الإدارية والتي أصبحت عاملاً أساسياً في مجال تخطيط وتنفيذ مشروعات وخطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المجتمع.

الأمر الذي يستوجب معه وجود القدر الكافي من التكامل والتنسيق بين عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المجتمع وبين عملية تطوير وتنمية قدرات ومهارات وأداء العاملين أثناء الخدمة بهدف توفير الموارد البشرية اللازمة لتنفيذ خطط التطوير الاقتصادي والاجتماعي.

 

وتكتسب السياسة التدريبية للمؤسسة أهمية خاصة حينما تجعل من التدريب أثناء الخدمة وسيلة فعالة تستهدف تحقيق تنمية الموارد البشرية في ضوء عدة اعتبارات من أهمها :

– أن التدريب يعتبر وسيلة فعالة من وسائل الاستثمار الحقيقي في رأس المال البشري ومن ثم فإن النظام التدريبي يستطيع مساعدة المؤسسات والمنظمات المختلفة في سد الاحتياجات المجتمعية من الأفراد المزودين بالمهارات والقدرات والمعارف والمعلومات المطلوبة لتطوير تلك المجتمعات .

 

– أن التدريب أثناء الخدمة يفترض أن يكون عملية مستمرة تهدف إلى تنمية الإدارة التنفيذية وتعميق قدرات وإمكانيات العاملين في مختلف المستويات ، هذا إلى جانب تطوير وتنمية سلوكيات واتجاهات وقيم هؤلاء العاملين وترشيد علاقاتهم وإكسابهم المهارات السلوكية المؤثرة والفعالة .

– أن التدريب أثناء الخدمة هو الوسيلة الناجعة والعملية والتي لا تتوقف عن إتاحة التجديد المستمر للمعلومات والمهارات للمتدربين ، كما تتيح لهم فرص النمو المهني في عالم سريع التغير .

 

– أن التدريب يعمل على تدعيم وتوثيق علاقات العاملين مع قياداتهم مع اطلاعهم على الجديد من المتغيرات المستمرة في السياسات الخدمية والإنتاجية وكذلك كل ما يتعلق بخططها وبرامجها .

– أن التدريب يعمل على تدعيم وتعزيز النمو الذاتي للأفراد كما يعمل على استخدام الأساليب والطرق المتطورة التي تتضمن كافة المعلومات النظرية والتطبيقية والفنية والتكنولوجية التي تمثل ركيزة أساسية أساسية ورئيسة في جميع البرامج التدريبية .

 

ومن ذلك يتضح أن التدريب وسيلة لتغيير الفرد العامل وبمعنى آخر تغيير اتجاهاته وسلوكه لتحسين علاقاته مع الآخرين وإكسابه مهارة فنية لتزويده بالمعرفة حول عمله خصوصاً وأن عملية التغير في المجتمعات أصبحت سريعة.

وتشير الدلائل إلى أن التغيير سيكون أكبر سرعة في المستقبل وسيكون من المهم على العاملين في المنظمات أن يعملوا على تجديد أنفسهم وأن يكونوا على علم بالتقنيات الجديدة ولابد من وجود برامج لتطوير هؤلاء العاملين والتي تشجع وتؤكد التعليم الوظيفي المستمر Career Long Learning

لذلك فإن وضوح فلسفة وسياسات التدريب في المنظمة ذو أهمية أساسية لأنها تتيح الفهم الواضح لوظيفة التدريب في ضوء العلاقات مع الفعاليات الأخرى.

 

وبالتالي فإنها تمكن عملية التدريب من القيام بالدور المناسب والفعال وتعمل على التخصيص الصحيح لمسئوليات التدريب وبالتالي تقليل المنازعات داخل الإدارة وانحسار المشكلات فيها .

وتؤدي إلى مزاولة التدريب في نطاق رسالة محددة وإطار تنظيمي متفق عليه بعيداً عن التوجه الشخصي وبالتالي بعيداً عن سوء الفهم ، ويسهم ذلك في تقييم فعالية التدريب وقياس أثره وبما يتوافق وأهداف منظمة العمل .

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى