العلوم الإنسانية والإجتماعية

نبذة تعريفية عن القِيم ومصادر اكتسابها

2003 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الرابع عشر

عبد الرحمن أحمد الأحمد

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

القِيم مصادر اكتساب القِيم العلوم الإنسانية والإجتماعية المخطوطات والكتب النادرة

القِيَمُ جمعْ قِيمَةٍ، وهِيَ صِفَةٌ في الشَّيْءِ تَجْعَلُهُ مَوْضِعَ تَقْديرٍ واحْتِرامٍ أَيْ مَطَلوبًا ومَرْغوبًا فيهِ، سواءٌ عِنْدَ الفَرْدِ أو الجَمَاعَةِ.

فالقِيَمُ هي كلُّ ما كانَ مِنْ شَأْنِه تَزْكِيَةٌ للنَّفْسِ وتَهْذيبُها وتَطْهيرُها من نَزَعاتِ الشَّرَّ والإثْمِ ووَسْوسَةِ الشَّيْطانِ، وتنميةُ فِطْرَةِ الخَيْرِ فيهَا، فيَسْتقيمُ السّلوكُ الإنْسانِيُّ.

والقِيَمُ الإنْسانِيَّةُ صِفاتٌ مُكْتَسَبَةٌ يَبْدأُ تكوينُها عِنْدَ الفَرْدِ منذُ طُفولَتِه الأُولَى. والأُسْرَةُ هي الّتي تَضَعُ أَساسَ القِيَم الّتي سَيَنْشَأُ عَلَيْها.

 

ويُؤَدِّي الوالدانِ دوراً حيويّاً في هذه المَرْحَلَةِ. فالوالِدانِ عِنْدَما يُشَجِّعانِ طِفْلَهما عِنْدَما يقومُ بسلوكٍ مُعَيَّنٍ، ويَجْعلانِ الطِّفْلَ يميلُ إلَى تَكرارِ هذا السُّلوكِ باعْتِبارِ أنَّه سلوكٌ مرغوبٌ فيهِ ويَرْضَى عَنْه الوالِدانِ.

والعَكْسُ صَحيحٌ، فالسُّلوكُ غيرَ المرغوبِ فيهِ يُقابِلُ بالرَّفْضِ أو عَدَم الرِّضا، وقَدْ يُعاقَبُ عَلَيْه الطِّفْلُ، وبالتَّالي يَتَعَلَّمُ الطِّفْلُ أنْ يَتْرُكَهُ وألاَّ يعودَ إلَيْه مَرَّةً ثانِيَة.

ومَعَ اتِّساعِ دائِرَةِ اتِّصالاتِ الفَرْدِ بالآخرينَ في مَراحِلَ عَمْرِيَّةٍ مُتَتَالِيَةٍ، يَكْتَسِبُ الفردُ المزيدَ من الخِبْراتِ الّتي قَدْ تَدْعَمُ ما نَشَأَ عَلَيْه من قِيَم، أو تُوَجِّهُهُ نَحْوَ اكْتِسابِ قِيمٍ جديدةٍ. ولِلْمَدْرَسَةِ، والأَصْدِقاءِ، ووسائِلِ الإعْلامِ المُخْتَلِفَةِ، ودُورِ العِبادَةِ، والنَّوادِي ونحوِها، دَوْرٌ كبيرٌ في هذا الشَّأْنِ.

 

وللقِيَمِ وظائِفُ عديدَةٌ تَنْعَكِسُ علَى سلوكِ الفَرْدِ والجَماعَةِ قولاً وعَمَلاً، فهِيَ تُهَيِّئُ للأفْرادِ الاختيارَ المنُاسِبَ للسّلوكِ المطلوبِ بميزان صحيح، يتفق مع القيم التي يرضاها المُجْتَمَعُ، وهذا بدَوْرِهِ يَحَقِّقُ لِلْفَرْدِ رِضاه عَنْ نَفْسِهِ.

ومِثْلُ هذا التَّوازُنِ ضَرورِيٌّ لِكَيْ يَشْعُرَ الفَرْدُ بالأَمانِ في مواجهة الصعاب والمشكلات؛ وهو ضروري في الوقتِ نَفْسِهِ لاسْتِقرارِ المُجْتَمَعِ وتَماسُكِهِ. وبهذا يُصبِحُ التَّمَسُّكُ بالقِيَمِ المَرغوبَةِ مِنَ العوامِلِ الّتي تُساعِدُ علَى تَحقيقِ السَّعادَةِ والطُمَأْنِينَةِ لِكُلِّ من الفَرْدِ والمُجْتَمَعِ.

والقِيَمُ المرغوبَةُ في مُجْتَمَعِنا العَرَبِيِّ عديدةٌ، منها: القِيَمُ الرُّوحِيَّةُ كالعِباداتِ الّتي أمَرَنا بها اللهُ، سُبْحانَهُ وتَعالَى، من صَلاةٍ وزَكاةٍ وصَوْم وحَجِّ، والقِيَمُ الأخْلاقِيَّةُ مثل الصِّدْقِ والعَدالَةِ والأمانَةِ.

 

والقِيَمُ الاجْتِماعِيَّةُ مثل الكَرَمِ والصَّبْرِ والتَّواضُعِ والعَطْفِ والتَّسامُحِ وحُبِّ الوَطَنِ والمَوْطِنِ والأُسْرَةِ، والقِيَمُ الذَّاتِيَّةُ مثل التَّمَتُّعِ بالصِّحَّةِ والحِكْمَةِ والتَّحَلِّي بالشَّجاعَةِ وتحقُّقِ النَّجاحِ.

والقِيَمُ الجَمالِيَّةُ الّتي تَتَمَثَّلُ في التَّرْويح عَن النَّفْسِ وتَقْديرِ عَظَمَةِ الخالِقِ، سُبْحانَهُ وتَعالَى، في إبْداعِ صُنْعِهِ وتَذَوُّقِ الجوانِبِ الفَنِّيَّةِ في الفُنونِ المُخْتَلِفَةِ بما لا يَتَعارَضُ معَ تَعاليمِ وتَوْجيهاتِ دِينِنا الحَنيفِ.

والدِّينُ الإسْلاميُّ يَحُضُّ علَى اكْتِسابِ القِيَمِ الحَميدَةِ الّتي علَى ضَوْئِها يُمْكِنُ الحُكْمُ علَى أَفْعالِ الإنْسان بالصَّلاحِ أو الفَسادِ.

 

والقُرآنُ الكَريمُ والسُنَّةُ النَّبَوِيَّةُ الشَّريفَةُ هما المَصْدَرُ الأَساسِيُّ لِلِأخلاقِ. مِنْهما انْطلَقَتْ الدَّعْوَةُ إلَى التَّحَلِّي بهذه القِيَمِ الحَميدَةِ كَطَهارَةِ النَّفْسِ وتَهْذيبِها، والتَّعاوُنِ علَى الخيرِ والدَّعْوَةِ إلَى اللهِ بالحِكْمَةِ والمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ، والاعْتِدالِ والتَّوَسُّطِ في الأُمورِ.

وكذلِكَ يدعو الدِّينُ إلَى تهذيبِ الإنْسانِ بالبِرِّ والرَّحْمَةِ، والإخاءِ والمَوَدَّةِ والتَّعاوُنِ، والعَدْلِ والتَّسامُحِ، والصَّبْرِ والتَّواضُعِ، والأَمْرِ بالمَعْروفِ والنَّهْيِ عن المُنْكَرِ.

ولَمْ يَكْتَفِ الإسْلامُ بِدَعْوَةِ النَّاسِ إلَى الالْتِزامِ بالقِيَمِ الفَاضِلَةِ، بَلْ نَهاهُم عن كُلِّ ما يَهْدِمُ تِلْكَ القِيَمَ: كالسُّخْرِيَةِ مِنَ النَّاسِ، وسُوءِ الظَّنَّ والتَّجَسُّسِ، والغَيْبَةِ والنميمَةِ، وأكْلِ الرِّبا، والكَذِبِ والنِّفاقِ والغَشِّ، وكِتْمانِ الشَّهادَةِ، والقِمَارِ، والبُخْلِ والإسْرافِ، وشُرْبِ الخَمْرِ وعُقوقِ الوالِدَيْنِ، وسائِرِ وُجوهِ الإفْسادِ في الأَرْضِ.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى