إسلاميات

نبذة تعريفية عن حادثة الإسْرَاءُ والمِعْرَاجُ

1997 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الثاني

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

حادثة الإسْرَاءُ والمِعْرَاجُ إسلاميات المخطوطات والكتب النادرة

المعنَى اللُّغَوِيُّ للَفْظِ "الأِسراء" هو: سَيْرُ المسافرِ ليلاً، و "المِعْراجُ" هو: وسيلةُ العُروجِ وهو الصعودُ إلى أعلى.

وحادثةُ الإسراء من الوقائعِ المشهورةِ في سيرةِ النَبِي، صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، وقد جاء ذكرُها في القرآنِ في أوَّلِ السورةِ التي سُمِّيَتْ بهذا الاسم.

قال الله تعالى(سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) ( الاسراء:1).

 

وحين يُذكرُ الإِسراءُ والمعراجُ يرادُ بهما تلكَ الرِّحْلَةُ العجيبةُ التي وَقَعَتْ معجزةً للرسولِ، صلَّى الله عليه وسلَّم، وبانتقالِه فى جزءٍ من ليلة بين مَكَّةَ والقُدْسِ، ثم مِنْها عَبْرَ السماواتِ العُلَى، بصورةٍ لا يمكنُ للبشرِ أن يقوموا بها.

والمعجزاتُ هي أمورٌ خارقةٌ للعادةِ يُمَكِّنُ اللَّهُ رُسُلَه من إتيانِها لإِثباتِ صِدْقِهْم في أَنَّهم أنبياءٌ يُوحِى اللَّهُ إِليهم، وذلك لتأييدِهم ونَصْـرِهم وتكريمِهم.

 

وقد أراَدَ اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ تكريمَ رسولهِ بهذهِ الرحلةِ إلى الأرضِ المُقَدَّسَةِ والصلاةِ بها. ثم عُرُوجهِ للسَّمَاواتِ ليكونَ من المُوقِنين. ولذا جاءَهُ جبريلُ عليه السَّلامُ بالبُرَاقِ، وهو كَائِنٌ ذو مقدرةٍ خَارِقَةٍ في السـُّرْعَةِ.

ومن هُنا جاءَتْ تسميتهُ بهذا الاسمِ لأنه شبيهٌ بالبَرْقِ. وقد وَصَفَه الرَّسولُ، صلَّى اللَّهُ علَيْه وسلَّم، بأنه يَضَعُ قوائمَه عند مُنْتَهَى طَرَفِه، أي أنَّ كُلَّ خُطْوَةٍ منه تُعَادِلُ مَدَى ما يَقَعُ عليه البَصَرُ.

 

ولما وَصَل الرسولُ، صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّم، بيتَ المَقْدِس دخلَ المسجدَ الاقصَـى فصلَّى فيه ركعتيْن ثم أُتِىَ بالمِعْرَاجِ، فَصَعَد فيه إلى السماوات، والْتَقَى ببعضِ الملائكةِ وبعضِ الرُّسُل، وانتهى إلى سِدْرَةِ المُنْتَهَى وهي مَكَانٌ لا يَبْلُغُه أَحَدْ من البَشَر أو المَلَائِكَة.

وهذا غايةُ التكريمِ لِسَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ عليه أفضلُ الصلاةِ وأزْكَى التسليمُ. وهناك أوحَى اللَّهُ إليه ما أَوْحَى، وفَرَضَ عليْه الصَلَوَاتِ الخَمْسَ.

 

وقد أشار القرآنُ الكريمُ إلى المعراج، قالَ اللَّهُ تعالَى(وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) إلى أن قال(فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (10) مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى (11) أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى) ( النجم: 1 _ 4، 10 _ 12 ).

وعِنْدَما عادَ الرَّسُولُ، صلّى اللَّهُ عليْه وسلَّم، إلى مَكَّةَ بعد تمامِ الإسراء والمِعْراج، أخبر أهلَها بذلك، وكان فيهِم المسلمون والكُفَّارُ، فَصَدَّقَه كُلُّ مَنْ اطمأَنَّ قلبُه بالايمانِ، وتشكَّك بعضُ ضِعَافِ الإيمان.

 

أما الكُفَّارُ فَكَذَّبُوه وجاءَ بعضَهم إلى أبي بكر ليفاجِئُوه بالخَبَر فما كانَ مِنْه إلا أن تَقَبَّلَه وبادر إلى التَصْدِيقِ وقالَ: " أُصَدِّق مُحَمَّداً عليه السلامُ عَلَى الوَحْي يأتيه من السَّمَاء ولا أصَدِّقُ مثلَ هذا؟!"، فُلُقِّبَ من ذلكَ اليومِ "الصِّدِّيقَ".

وقد تَحَدَّى الكُفَّارُ النَبِيَّ صلَّى اللّه عليه وسلّم لِيَصِفَ لهم المسجدَ الأقْصـَى وقد عَلِمُوا أنه لم يَرَهْ من قبلُ، وكان النبيُّ، صلّى اللَّهُ عليه وسلّم، حينَ رأىَ المسجدَ لم يَهْتَمْ بصفتِه.

 

فجَلَّى اللّه بيتَ المَقْدِسِ للنَبيِّ حتى وَصَفَه وَصْفاً دَقِيقاً مُطَابِقاً لِمَا يعرفُهُ أهلُ مَكةَ. ثم سألوه عن قافلةٍ لهم في طريقِها إلى مكةَ، فأخبَرهم بشأِنها وأنَّها ضَاعَ منها جَمَلٌ في مكان مُعَيَّنٍ ذَكَرَه لَهُم.

وبعد قليل وَصَلَتْ القافلةُ وأَخبَرَتْ بما حصل لها فظهر صِدْقُ ما أخبرَ الرَّسُولُ، صلّى اللَّهُ عليه وسلّم، عنها. ومع هذا أَصَرَّ الكُفَّارُ عَلى مَوْقِفِهْم.

 

لَقَدْ كانتْ رِحْلَةُ الإسراءِ إِحدَى مُعْجِزَاتِ الرَّسُولِ، صلّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، وكانت أيضا إكراماً له. وتخفيفاً عنه بعد أن اشْتَدَّتْ الأَزماتُ حَوْلَه من إِيذاءِ أهلِ مَكَّةَ له وصدِّهْم عن دَعْوَتِه.

وتَنَكُّرِ أهلِ الطائفِ له حينَ وَفَدَ إليهم ليَنْشُـرَ الإسلَام بحمايتِهم لَهُ في بَلَدِهْم، كما تُوُفِّيَتْ زوجتُه خديجةُ، رضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، وكانتْ عوناً لَهُ على الدَّعْوَةِ.

 

وماتَ عَمُّه أبو طالب وكانَ يَحْمِيه مِمَّنْ يريدُ به أذى. ولِكَثْرَةِ ما وَقَع بهِ من المَصَائِبِ والمَصَاعِب سُمِّيَ ذلكَ العامُ "عامَ الحُزْن". فأرادَ اللّه عَزَّ وجَلَّ أن يُكْرِمه برؤيةِ المَشَاهِدِ العظيمةِ التي شَاهَدَها في الإسراءِ والمعراجِ.

وقعتْ حادثةُ الإسراءِ والمعراج قَبْلَ الهِجْرَةِ بسنة وستَّة أشهر، وذلك فيس شَهْر رَجَب، في لَيْلَة السَّابِعِ والعِشْرين منه، وتحتفلُ بعضُ البلادِ الإسلاميةِ- ومنها دولةُ الكُوَيت- بذكرى الإسراءِ والمعراجِ في هَذَا المَوْعِدِ من كل عام.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى