التاريخ

أعمال الفلكي البتَّاني

1997 قطوف من سير العلماء الجزء الأول

صبري الدمرداش

KFAS

أعمال الفلكي البتَّاني التاريخ المخطوطات والكتب النادرة

لعالمنا مساهماتٍ قيمة في كلٍ من الفلك والجبر والهندسة وحساب المثلثات والجغرافيا والتنجيم.

وله في الفلك مؤلَّفاتٍ كثيرة منها: شرح المقالات الأربع لبطليموس، ورسالة في تحقيق أقدار الاتصالات، وأخرى في معرفة مطالع البروج فيما بين أرباع الفلك، وثالثة في تعديل الكواكب.

إلا أن أعظم مؤلَّفاته وأشهرها قاطبةً هو (الزَّيج الصَّابئ). وهو بمثابة عمليات حسابية وقوانين عددية وجداول فلكية بها ما يخص كل كوكب، ويمكن بها معرفة الشهور والأيام والتواريخ الماضية، وبها أصول مقررة لمعرفة (الأوج) وهو أبعد نقط الكواكب عن الأرض، و(الحضيض) وهو أقربها من الأرض.

فالزيج إذن، معلومات مركزة ومجدولة تيسيراً على المتعلمين وإشباعاً لحاجات المحتاجين وإرواءً لغلة الصادين.

وهو أول زيج ضم معلوماتٍ صحيحة ودقيقة كان لها أثرها الكبير في تقدم علم الفلك خلال العصور الوسطى عند العرب وأوائل عصر النهضة في أوروبا. وهو من الضخامة بحيث تألَّف من سبعةٍ وخمسين باباً.

وفي عام 1899 طبع الزيج الصابئ بروما بعد أن حقَّقه كارلو نالينو عن النسخة المحفوظة بمكتبه الأسكوريال بإسبانيا.

 

ويضم الزيج أكثر من 60 موضوعاً، منها الموضوعات التالية في المقدِّمة: تقسيم دائرة الفلك وضرب الأجزاء بعضها في بعض وتجذيرها وقسمتها بعضها على بعض- معرفة أقدار أوتار أجزاء الدائرة – مقدار مسيل فلك البروج عن فلك معدل النار وتجزئة هذا الميل- معرفة أقدار ما يطلع من فلك معدل النهار.

ومنها الموضوعات التالية في الخاتمة: معرفة مطالع البروج فيما بين أرباع الفلك- معرفة حركات سائر الكواكب بالرصد ورسم مواضع ما يحتاج إليه منها في الجداول في الطول والعرض.

وللبتاني كذلك أرصاد كثيرة أجراها بنفسه في الرقة بالعراق وأنطاكية بسوريا. فقد رصد زاوية الميل الأعظم بمدينة الرقة، وقاس موضع أوج الشمس في مسارها الظاهري، وأثبت احتمال حدوث الكسوف الحلقي للشمس، وحقَّق مواقع عدد كبير من النجوم، وتحدَّث عن مسارات الكواكب، وقارن بين التقاويم العربية والرومية والفارسية والقبطية، كما تحدَّث عن منازل القمر ومطالع النجوم، فضلاً عن وصفه الآلات الفلكية التي استخدمها وكيفية صناعتها.

كذلك عرف عالمنا أموراً هندسية وفلكية كثيرة: فقد عرف قانون تناسب الجيوب، واستخدم معادلات المثلثات الكرية الأساسية، كما استخدم الجيوب بدلاً من أوتار مضاعفات الأقواس الذي كان مستخدماً آنئذ، وهو ما يعتبر تقدماً رياضياً له أهميته.

 

وأدخل اصطلاح جيب التمام، كما استخدم الخطوط المماسة للأقواس، واستعان بها في حساب الأرباع الشمسية وأطلق عليها اسم (الظل الممدود) الذي يعرف باسم (خط المماس).

كما تمكَّن البتَّاني من إيجاد الحل الرياضي السليم لكثيرٍ من العمليات والمسائل التي حلَّها اليونانيون هندسياً من قبل، مثل تعيين قيم الزوايا بطرقٍ جبرية.

ومن أروع أعماله الفلكية أنه أصلح قيمة الاعتدالين الصيفي والشتوي، وعين قيمة ميل فلك البروج على فلك معدل النهار لأي ميل لمحور دوران الأرض حول نفسها على مستوى سبحها حول الشمس، ووجد أنه = 35´ 23° (23 درجة و 35 دقيقة)، والقيمة السليمة المعروفة الآن هي 23°! وقاس طول السنة الشمسية ولم يُخطئ في قياسها إلا بمقدار دقيقتين و22 ثانية فقط! كما رصد حالات عديدة من كسوف الشمس وخسوف القمر.

وقد تُرجمت أعمال البتَّاني إلى اللاتينية في القرن الثاني عشر الميلادي، ثم تُرجمت بعد ذلك إلى لغاتٍ أجنبيةٍ أخرى، كما ظلت هذه الأعمال معتمدة لدى أهل الصناعة في أوروبا عدة قرون.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى