علم الفلك

دراسات تبيّن موقعنا داخل مجرة “درب التبانة”

1996 نحن والكون

عبد الوهاب سليمان الشراد

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

مجرة درب التبانة علم الفلك

يبدو أن إدراك علاقتنا ببقية أجزاء الكون تمثل أحد الأسباب التي من أجلها قام علم الفلك..  

ولقد سعى الإنسان منذ أقدم العصور إلى الفلكيين ليتبينوا ويكشفوا له موقعنا في المنظور الزمكاني Space -Time للكون

ومن المعلوم أن آراء وأفكار الفلكيين لم تقم بالاعتماد على أرصاد المناظير الفلكية إلا في القرون القليلة الماضية.

 

لقد بدا واضحاً أن هرشل بأرائه وتأمله في الكون ، كان يسير قدماً إلى الأمام وكانت فكرته تعتمد على مفهوم محدد يفترض من خلاله أن شخصاً يقف داخل غابة ، ورأى أعداداً متساوية من الأشجار في كل الاتجاهات

وكان بإمكانه آنذاك افتراض أنه واقف في مركز الغابة . أما لو رأى أعداداً ضئيلة من الأشجار في أحد الاتجاهات ، وكثافة أعلى في الاتجاه المضاد، فذلك يعني أنه لابد أن يكون واقفاً بالقرب من طرف الغابة.  

وكان ذلك هو الأساس الذي أقام عليه هيرشل فكرتة لتبين موقعنا بين كل النجوم المحيطة في مجرتنا التبانة .

 

لقد أيد ووافق هيرشل معظم فلكيي عصره في أن الشمس ما هي إلا نجم واحد من بين ملايين النجوم ، تتحشد جميعها بداخل تركيب قرصي الشكل .

ومن خلال تقسيم السماء إلى 683  بقعة محددة أجرى هيرشل حسابات دقيقة وشاقة لعدد النجوم في كل من هذه البقع ، وكان بعمله هذا يحاول التنبؤ بموقعنا داخل التبانة .

وبعد جهد جهيد توصل هيرشل باستنتاجه النهائي إلى أننا نقع في المركز ، وأظهر ذلك خريطة رسمها لمجرة درب التبانة .

 

ولا شك أنه كان مخطئا فيما ذهب إليه ، ولم تكن لدية أية وسيلة ليتعرف بها على الكميات الهائلة من غاز وغبار ما بين النجوم التي تعيق من قدراتنا على الرؤية عند مستوى المجرة.

ويمكننا حالياً تحديد وجود بعض المادة المعتمة الممتدة عبر المجرة .. وبذلك لم يبد أمام هيرشل أي دليل على وجود أعداد مميزة من النجوم باتجاه مركز المجرة ، وذلك لأنها كانت غير مرئية.

ويشابه ذلك كثيراً محاولة إدراك موقعنا داخل غابة مغطاة بالضباب ، ولأن الضباب يحجب معظم الأشجار ، ولذلك ومع حساباتنا الدقيقة لما يمكن أن نراه من أشجار في كل الاتجاهات إلا أننا سوف نكون انطباعاً خاطئاً عن حقيقة موقفنا تبعاً لصعوبة الرؤية .

 

ويتركز معظم غاز وغبار ما بين النجوم المعتمين في المستوى المجري ، وبالابتعاد عن هذا المستوى ورصد اتجاهي درب التبانة لا نجد أية مشكلة في رؤية أجزاء بعيدة ونائية من الكون .

وتمتد التبانة حول معظم السماء ، وتمتد الحزمة الضوئية الضبابية نحونا وباتجاه خارجي نحو حافة مجرتنا ، ويتبين أن الثلث العلوي والثلث السفلي من التبانة يكادان أن يكونا خاليين تماماً من أية مادة معتمة

ولقد كان أول إدراك صحيح وفعلي لموقع الشمس داخل التبانة قد تم بواسطة أرصادنا للأجرام الواقعة في البقاع غير المحجوبة عند طرفي المجرة .

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى