شخصيّات

نبذة عن حياة العالم “إدوارد جنر”

1997 قطوف من سير العلماء الجزء الأول

صبري الدمرداش

KFAS

العالم إدوارد جنر شخصيّات المخطوطات والكتب النادرة

حريٌّ بنا كلما نظرنا إلى ندبة تطعيمنا الصغيرة أن نتذكَّر بالشكر والامتنان كثيراً من المجهولين الذين وهبوا أنفسهم لتجري عليهم التجارب غير مأمونة العاقبة.

كما نحيِّي في احترام ذلك العبقري، إدوارد جِنر (شكل رقم 114) مبتدع فكرة تطعيمنا ضد الجدري، مجتثاً بذلك وإلى الأبد جذور مرضٍ لعين.

 

البداية… بائعة لبن!

ولد إدوارد في 17 مايو عام 1749 في بيركلي بمقاطعة جلوسستر شاير بريف في إنجلترا. وقد أظهر منذ حداثته ولعاً بدراسة التاريخ الطبيعي، كما عزم على دراسة الطب.

وفي يوم من أيام عام 1768 سمع إدوارد من بائعة لبن حضرت إلى عيادة طبيب لعلَّة أًصابتها أن جُدرياً ينتشر في المنطقة، ولكنها لم تكن وجلة من ذلك قط ولا خائفة.

فقد أُصيبت من قبل بجدري البقر Cow Pox، وكان القرويون يعتقدون أن من يصاب بجدري البقر لا يصيبه جدري البشر! Small Pox وجدري البشر مرض مخيف ولكن جدري البقر – وإن شابهه- ليس في خطورته.

والمرض الأخير، كما يدل عليه اسمه، مرض يصيب البقر فتنتقل العدوى منه إلى الإنسان، وبائعات اللبن معرضات بحكم عملهن للإصابة به، ومن عجبٍ أن البقر كان يصاب بهذا المرض لعدوى من مرض يصيب حوافر الخيل!.

 

طبيب… الفلاحين!

في الحادية والعشرين من عمره، رحل إدوارد إلى لندن ليتتلمذ على جون هنتر أكبر جراحي عصره، فلبث معه في المستشفى سنتين.

وكان هنتر يتمتع بفضولٍ وحماسٍ يزينهما إيمان عميق بضرورة التجريب، ولكن لسوء الحظ أنه جعل من نفسه هدفاً لتجاربه فأصابه داء عضال أنهك صحته وقصَّر عمره.

ولكنه لم يُعد نفسه في الواقع بهذا الداء فحسب. وإنما أعدى تلميذه بفلسفته أيضا (لِمَ لا نحاول التجربة؟!) وتخرَّج إدوارد في مستشفى القديس جورج.

وإبَّان إقامته في لندن، ذكر جنر لهنتر ما سمعه عن اعتقاد القرويين في الوقاية من جدري الإنسان بالإصابة بجدري البقر، وهنا ذكَّره الأستاذ بفلسفته إذن فلا بد من المحاولة، ولا بد من التجربة.

وخلال السنتين قابل جِنَر رجالاً ذوي شأن من مثل السير جوزيف بانكز عالم النبات الذي كان قد عاد لتوه من رحلته البحرية الشهيرة إلى أستراليا مع الكابتن كوك.

 

وقد طلب بانكنر من جِنَر أن ينظم عينات التاريخ الطبيعي التي أتى بها من رحلته ويحضَّرها له، فقام الشاب بمهمته خير قيام، وكانت مكافأته دعوته لمرافقة بانكنر في رحلته الثانية إلى أستراليا.

ولا بد أن يكون هذا العرض مغرياً لشاب مغرم بطبعه بدراسة التاريخ الطبيعي. ولكن جنر كان مقبلاً على ممارسة الطب مشغوفاً به، كما كان باراً بأخيه الأكبر محباً له، ومن ثم رفض العرض مفضلاً عليه العودة إلى بلدته ليعالج أهله وذويه من القرويين أبناء الريف الطيبين.

وفي بيركلي كان جنر نشيطاً مجتهداً، فقد أقام جمعية طبية محلية، كما دوام على مراسلة أستاذه هنتر، وعلى مشاهداته في ميدان التاريخ الطبيعي حتى حصل على الدكتوراه في الطب من جامعة سانت أندروز في اسكتلندة عام 1792. كما كان اجتماعياً محبوباً وفناناً مقبولاً، يغني فيطرب ويعزف فيشجي ويقرض الشعر من غير أن يُسكِر!.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى