التاريخ

بدايات وأسباب ظهور مرض الفرنجة

1995 أمراض لها تاريخ

حسن فريد أبو غزالة

KFAS

مرض الفرنجة التاريخ المخطوطات والكتب النادرة

إن الزهري لم يكن له أرض أو وجود في عالمنا القديم قبل رحلة "كريستوفر كولومبس" إلى أميركا عام 1491، وهبوطه على أرضها عام 1491 ثم عودته ثانية إلى أرض الوطن… لذا ربما استرعى المرض في مراحل انتشاره الأولى ببعض بحارة كولومبوس العائدين من جزيرة "هايتي" على متن السفينة "بنتا" Pinto.

حين شاهدوا إصابة بعض زملائهم بطفح على هيئة بقع جلدية حمراء، فتوهموا أنها صورة من صور الحصبة، لهذا أطلقوا في حينها اسم "الحصبة الهندية" عليها ولم يعيروها اهتماماً، غير أن المأساة الوبائية بدأت حين غزا الملك الفرنسي "شارل الثامن" بجيشه المرتزق الخليط من فرنسيين وسويسريين ومجريين وبولنديين وأسبان وبرتغاليين…. مدينة "نابلي" واحتلها وعاث فيها جنوده فساداً ولهواً .

في ذلك الزمان كانت "نابلي" بؤرة الفساد الأوروبي، الذي شاع عقب عودة جنود الحملات الصليبية، بما فيهم جيش من المومسات قوامه 13 ألفاً، قيل فيهن أنهن ممن يؤدين الواجب المقدس في الترويح عن جنود الإيمان المرسلين فنقاذ الأراضي المقدسة من أيادي الكفار المسلمين.

لهذا لا غرابة أن تبارك الكنيسة قيام بيوت للدعارة، تضم هؤلاء المومسات إلى أن تجد لهن الدولة عملاً يرتزقن منه، حلاً لمشكلة بطالتهن وارزاقهن ولهذا كن يعتبرن مواطنات صالحات، وبيوتهن بيوت محترمة يؤمها الناس الشرفاء.

وقد بارك قداسة البابا "سكتس" هذا العمل وأيده، وقامت الدولة بحمايته وتنظيمه شرط أن يقمن أي (المومسات) بدفع ضريبة دخل للدولة شأنهن شأن المهن الأخرى، وأن يؤدين الفرائض الدينية في الكنيسة ويقمن بشعائرها يوم الأحد.

 

وأن لا يتعاملن إلا مع زبائن مسيحيين فقط فلا مسلم ولا يهودي ولا مشرك فيهم، لهذا لم يكن غريباً أن تجد مدرسة للأولاد في الأدوار السفلى من أحد المباني وفي الوقت ذاته تجد فيه بيتاً للدعارة في الأدوار العليا منه. 

ولهذا أيضاً عجت الشوارع بالأولاد غير الشرعيين، وانتشر التسيب الأخلاقي بين الناس وتفككت الأسر، وفي جو كهذا الجو، وبيئة كهذه البيئة لا عجب أن ينتشر المرض بين الجنود الغزاة، وبين سكان "نايلي" المدنيين أيضاً. 

فكان أن أطلقوا عليه اسم مرض "نايلي"، وذهب بعضهم ممن لا يعرف كنة هذا المرض إلى تسميته "بالجدري الطلياني"، نظراً لتشابه بثوره مع بثور مرض "الجدري" الذي عم أوروبا في ذلك الزمان، غير أن الطليان – على ما يبدو – رفضوا الإسم ولم يقبلوا هذه الدعوى وردوهم على الفرنسيين الذين حملوا المرض معهم، ومن ثم سمي بعدها بالمرض الفرنسي الذي سماه العرب باسم مرض الفرنجة فيما بعد.

ولكن الفرنسيين بدورهم قذفوا بالكرة في مرمى الاسبان، لهذا تصدى طبيب أسباني يسمى "رودريجودياذّ" للأمر مؤكداً أن منبع هذا المرض هو جزيرة "هايتي "، وايده في هذا الإدعاء كاتب أسباني يدعونه "أوفيديو" كان حاكماً لجزر الهند الغربية مؤكداً أن كولومبس قد أخبره بهذا شخصياً!!

 

وقد كان أن صاغ طبيب إيطالي من "فيرونا" (كان يتحلى بملكة الشعر) واسمه "جيرولامو فراكاستوزا"… صاغ قصيدة روى عبر أبياتها قصة من راع في جزيرة "هايتي" يسمى "سيفيليوس" كان يتعبد آلهة اسمها "اليكتوس" بدلاً من الآلهة الشمس، فكان أن غضبت الشمس وأرسلت على الجزيرة إعصاراً قتل أغنام الراعي وشردها.

فما كان من الراعي "سيفيليوس" إلا أن تتطاول على الآلهة الشمس وسبها فأصابته الشمس بهذا المرض الذي سمي باسمه، غير أن الناس لم تتقن لفظ "سيفيليوس" وحرفته إلى اسم "سيفيليس"، ومن يومها وحتى يومنا هذا عرف المرض بهذا الاسم… مرض "سيفيليس".

لكن طبيباً فرنسياً رفض هذه القصة من أصلها على اعتبار أن الأمراض لا تنسب إلى منبعها وإنما تنسب إلى أسبابها، وما دام السبب هو الاتصال الجنسي فمن الأصوب أن يرد إلى إلهة الحب والجنس وهي "فينوس" التي يقع الجنس في دائرة اختصاصها.

يبدو أن هذا التعليل كان منطقياً عند بعضهم ومقبولاً … ليس بالنسبة للزهري فحسب وإنما لكل مرض ينقله الإتصال الجنسي، لهذا أطلقوا اسم "فنيريال" نسبة إلى "فينوس" على مجموعة الأمراض التي ينقلها الإتصال الجنسي سواء أكان الزهري؟ أم السيلان؟ أم غيره من أمراض الجنسي.

أما الأطباء العرب قبل قرون أقنعتهم هذه الحجج فأطلقوا على المرض اسم الزهري، لأن اسم الزهرة في اللغة العربية هو المقابل لاسم فينوس عند الفرنجة.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى