الطب

الوسائل المستخدمة في عملية تحصين جسم الإنسان من الأمراض

1994 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الخامس

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

عملية تحصين جسم الإنسان وسائل تحصين الجسم من الأمراض الطب

 عندما نتعرض للعدوى، تنشط في الجسم مجموعة من الخلايا، تهاجم مسببات المرض وتقضي عليها. بعض هذه الخلايا أكول، يبتلع ويقتل مسببات المرض. وبعضها الآخر، وهي الخلايا اللمفاوية، يتعرف عليها ثم ينتج أجساما مضادة لها.

وهذه الأجسام المضادة قد تقتل مسببات المرض، أو تقيد حركتها بحيث يسهل الخلايا الأكول أن تبتلعها.

ويستمر الجسم في إنتاج هذه الأجسام المضادة لشهور عديدة أو أعوام، يكون الجسم خلالها حصينا، بحيث لا يمكن أن تحدث له إصابة بنفس الكائن المسبب للعدوى السابقة. ونحن نقول في هذه الحالة: إن الجسم قد اكتسب حصانة أو مناعة ضد ذلك المرض.

 

وقد لاحظ العالم الفرنسي لويس باستير سنة 1880، أنه من الممكن إضعاف الفيروس المسبب لداء السعار (الكلب)، وذلك بحقنه بضع مرات في الحيوانات المعملية الصغيرة مثل الفئران والأرانب.

بحيث يمكن استخدامه لتحصين الإنسان من هذا المرض، وذلك لأن الفيروس الضعيف يدفع الجسم إلى تكوين الأجسام المضادة دون أن يحدث فيه مرضا.

كذلك لاحظ الطبيب البريطاني إدوارد جينر في أواخر القرن الثامن عشر، أن الأشخاص المصابين بجدري الأبقار، لا يصابون بمرض الجدري الذي يصيب الإنسان.

من هذا المرض باستخدام المادة المعدية التي تستمد من الأبقار، والتي نعرفها باسم «لقاح اللمف البقري».

 

وبعد أن تمكن العلماء من اكتشاف مسببات الأمراض المعدية مثل البكتريا والفيروسات والحيوانات الأولية، بدأت المحاولات لإيجاد وسيلة لتحصين الإنسان، أي حمايته من الإصابة بهذه الأمراض.

وقد استخدم العلماء البكتريا والفيروسات وغيرها، بعد إضعافها بصورة لا تسبب مرضا للإنسان، أو بعد قتلها مع الاحتفاظ بقدرتها على أن تكسب الجسم حصانة ضد المرض والمادة التي نستخدمها لهذا الغرض هي «اللقاح».

وللتحصين أساليب مختلفة، فقد نستخدم اللقاح عن طريق الفم أو عن طريق الحقن.

وقد يعطى اللقاح جرعة واحدة أو في ثلاث جرعات أو أكثر.وقد يحتاج الشخص إلى جرعات منشطة من اللقاح بعد عدة سنوات حتى يحتفظ بحصانته ضد هذا المرض.

 

ولما كان الطفل الصغير معرضا للإصابة بكثير من الأمراض الخطيرة في السنوات الأولى من عمره، فإن الجهات المعنية بالصحة تحرص على أن توفر للطفل اللقاحات الضرورية لتحصينه ضد الأمراض الخطيرة مثل شلل الأطفال، والخناق، والكزاز، والسعال الديكي (الشاهوق)، والحصبة، والسل، (التدرن).

وقد أدى استخدام هذه اللقاحات إلى ندرة الإصابة بهذه الأمراض بين الأطفال في الوقت الحاضر.

والهدف من تحصين الفرد هو وقايته من الإصابة بالأمراض المعدية، أما القضاء على هذا المرض، فيكون بتحصين جميع الأفراد المعرضين للإصابة بهذا المرض في المجتمع. لذلك تنظم الأجهزة المعنية بالصحة حملات قومية للتحصين

 

وتتم هذه الحملات في فترة زمنية محددة، بقصد مكافحة احد الأمراض الخطيرة، وتشترك جميع أجهزة الدولة، مثل وسائل الإعلام، في حث المواطنين على ضرورة الحصول على للقاح، وتوضح لهم أعراض المرض، ومدى خطورته على صحة الفرد، وآثار ذلك على المجتمع.

ومن الضروري أن ندرك أن الهدف من مثل هذه الحملات القومية هو أيضا حماية الفرد، والمحافظة على سلامته، لذلك، فمن واجبنا أن نعمل على إنجاح الحملات القومية للتحصين، وذلك بأن يبادر كل واحد منا إلى الحصول على اللقاح في موعده المحدد.

ولكن هل توجد لقاحات تقي من جميع مسببات الأمراض المعدية؟ إن مسببات الأمراض المعدية كثيرة جدا، ومختلفة أيضا، والأمراض التي تنتج عنها ليست دائما خطيرة.

 

لذلك اهتم العلماء بإنتاج لقاحات لمكافحة الأمراض الأكثر خطورة، والأكثر انتشارا في المجتمع، أما باقي الأمراض المعدية، فإن الوقاية منها تكون بالالتزام بالقواعد الصحية السليمة.

فمثلا، التهوية الكافية للمنزل، والفصول الدراسية بالمدراس، والأماكن العامة كالمحلات التجارية، والمسارح ودور السينما، تقي من الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي مثل نزلات البرد.

كذلك فإن الاهتمام بالنظافة الشخصية، وذلك بالوضوء المتكرر، وغسل اليدين قبل الأكل وبعده وأيضا بعد قضاء الحاجة (التبول والتبرز)، يقي من الإصابة بأمراض الجهاز الهضمي مثل التيفوئيد والنزلات المعوية.

 

ومن القواعد العامة للوقاية، عدم أكل الأطعمة المكشوفة للحشرات، كالذباب مثلا، وأيضا ارتداء الملابس المناسبة للظروف الجوية في فصول السنة المختلفة، وذلك حتى نحافظ على قدرة الجسم على التصدي لمسببات الأمراض، وكذلك ضرورة علاج المرضى، باستخدام المضادات الحيوية مثلا، حتى لا تنتشر الأمراض منهم إلى أفراد أصحاء.

ويمكن الحصول على الأجسام المضادة لمسببات المرض مباشرة من الدم على هيئة «أمصال».

ويكون مصدر هذه الأمصال هو أشخاص آخرون لديهم حصانة ضد المرض، سواء بعد الإصابة به، أو بعد حصولهم على اللقاح الواقي منه.

 

وعند التعرض الفعلي للعدوى، قد يستخدم الأطباء هذه الأمصال، بقصد وقاية الأشخاص المعرضين للعدوى من الإصابة بالمرض.

إلا أن الحصانة المكتسبة بهذه الطريقة لا تستمر إلا لفترة قصيرة، يصبح بعدها الشخص معرضا لأن يصيبه المرض نفسه.

 

ويتضح لك الآن الفرق بين «اللقاح» و«المصل». فاللقاح يحوي مسببات الأمراض بعد إضعافها، وهو يدفع الجسم الملقح به إلى تكوين الأجسام المضادة له، أي أن الإنسان، في هذه الحالة، يصنع الأجسام المضادة بنفسه.

أما المصل فإنه يحتوي على أجسام مضادة سبق لشخص آخر صنعها، ثم تؤخذ من دمه بطرق خاصة. أي أن الإنسان المحصن بالمصل يأخذ الأجسام المضادة جاهزة.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى