علم الفلك

الوجه الأبعد للقمر

2013 أطلس الكون

مور ، السير باتريك مور

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

علم الفلك

الوجه الأبعد للقمر

لو نظرت للقمر، حتى ولو بالعين المجردة، سترى المعالم الواضحة عليه كالبحار الرئيسية. مع أن مواقع هذه المعالم ثابتة إلى حد كبير على قرص القمر بسبب الدوران المتزامن للقمر، لكن هناك انزياحات طفيفة ناتجة عن الميسان أو تأرجح القمر. بإمكاننا دراسة %59 من سطح القمر الكلي ويبقى %41 منه محجوبا، مع أنه لا يمكننا أبدا مشاهدة ما يزيد عن %50 في ذات الوقت.

إن أهم ميسان، وهو الميسان في خطوط الطول، سببه أن مدار القمر حول الأرض إهليلجي الشكل وليس دائريا وأسرع نقطة له هي عندما يكون الأقرب لنا (نقطة الحضيض). ولكن معدل الدوران المحوري ثابت ولا يتغير، ولهذا فإن موقعه في المدار وقدر الدوران المحوري يصبحان غير متجانسين من فترة إلى أخرى، مما يتيح لنا رؤية بسيطة جدا بعيدا عن الأطراف المتوسطة المتغيرة. يحدث أيضا ميسان في خطوط العرض لأن ميل مدار القمر يزيد عن °5 ولذلك نستطيع أن نرى لمسافة وراء الأطراف الشمالية والجنوبية. وأخيرا يحدث الميسان اليومي لأننا نرصد القمر من فوق سطح الأرض وليس من مركزها.

وجميع هذه الظواهر تعني أن مناطق الميسان تدخل وتخرج من مجال الرؤية، وتتأثر هذه المناطق جدا بالتقصير لدرجة أنه يصعب أحيانا التمييز بين الفوهة والخندق، وحتى أن خرائطنا لها قبل عام 1959 لم تكن متقنة. أما بالنسبة للمناطق المحجوبة كليا فلم تكن لدينا معلومات مؤكدة عنها، وكان من المنطقي افتراض أنها مماثلة للمناطق المعروفة مع أن البعض كان يتقدم بأفكار غريبة من حين إلى آخر. (في القرن التاسع عشر تقدم الفلكي الدنماركي أندرياس هانسن (Andres Hansen) بفكرة أن كل الهواء والماء على سطح القمر موجود في الناحية المحجوبة ويمكن أن تكون مأهولة!). وقد حصل على أوائل الصور للناحية البعيدة للقمر المسبار السوفييتي لونيك 3 (المعروف أيضا بلونا 3) في أكتوبر من عام 1959 عندما دار حول القمر، ملتقطا أثناء جولته صورا للناحية البعيدة وأرسلها لاحقا عبر تقنية التلفاز، وكانت الصور مشوشة وتفتقر إلى تفاصيل ولكنها كانت كافية لتثبت ما كنا نتوقعه وهو أن الناحية البعيدة للقمر قاحلة وسطحها مندب ومنقر بالفوهات تماما مثل المناطق التي نعرفها. وقد مكنتنا المركبات الفضائية فيما بعد، المأهولة منها والمؤتمتة، من رسم خرائط مكتملة لسطح القمر الكلي.

يوجد فرق محدد بين الناحية القريبة والناحية البعيدة للقمر، وهذا بلا شك لأن دوران القمر ظل متزامنا منذ مرحلة مبكرة في تطور المنظومة الأرضية-القمرية، وأسمك جزء من القشرة يقع في الناحية البعيدة. ويقع معظم البحر الشرقي- وهو أحد البحار الرئيسية- في المناطق المحجوبة ولا يظهر منه غير جزء صغير عندما يُشاهد من الأرض تحت ظروف ميسان ملائمة. وقد أظهرت صور التقطتها مركبات فضائية أن البحر عبارة عن تكوين شاسع مطوق وهو في الأغلب أصغر البحار القمرية عمرا. وفيما عدا ذلك لا توجد بحارا كبيرة في الناحية البعيدة، وهذا هو الفرق الأساسي بين النصفين.

تُرى الكثير من المعالم المألوفة على الناحية البعيدة من القمر، وتتوزع الفوهات بنفس الطريقة غير العشوائية، فعندما تتداخل فوهة وأخرى دائما ما تكون الفوهة الأصغر هي المقتَحِمة. تحوي هذه الناحية من القمر وديانا وقمما ومنظومات شعاعية. ومع أن القمر ليس له مجال مغناطيسي يمكن كشفه، هناك مناطق محلية ممغنطة من هنا وهناك وتقع إحدى هذه المناطق قريبا من الفوهة غير المنتظمة الشكل فان دي غراف والتي تقع على الناحية البعيدة من القمر. وقد اقتُرح أن القمر كان له مجال مغناطيسي محدد ثم تلاشى.

في صورة لونيك 3 الأصلية ظهر تكوين طويل متألق امتد لمئات الكيلومترات واعتُقِد حينذاك أنها سلسلة جبلية وسميت فورا جبال السوفييت تكريما للاتحاد السوفييتي، ولكن للأسف اكتشف لاحقا أنها ليست إلا شعاعا سطحيا وتم مسح اسم جبال السوفييت بكل لباقة من على الخرائط. ولكنه من المؤكد أن تسمية أكثر الملامح بروزا على الناحية البعيدة من القمر على شرف كونستانتين إدواردوفيتش تسيولكوفسكي كان من الصواب، بما أنه كان رائدا في الكتابة عن الرحلات الفضائية منذ أكثر من 100 عام.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى