الكيمياء

المشطورات: تعريفها ومكوناتها وأهميتها

2013 الرمل والسيليكون

دنيس ماكوان

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

الكيمياء

كنا نستعرض هندسة عمارة الفلزات الطبيعية والمواد الصنعية الناتجة عن الرمل. ومع ذلك، يحصل أكبر استعمال للرمل في التمعدن الحيوي حيث يدخل السيليكا على السواء في الطحالب (Algae) وحيدة الخلية مثل  المشطورات (Diatoms) والأوالي (وحيدات الخلية) (Protozoa) مثل  الشعاعيات (Radiolarians).

وتمتلك المشطورات والشعاعيات واثنتين من عائلات الإسفنج الثلاثة هيكلاً يتألف من السيليكا بدلاً من هياكل كربونات الكالسيوم الأكثر شيوعاً في الحيوانات.

وتستعمل الصناعة عشرات ألاف الأطنان من الرمل سنوياً بينما تستعمل الطبيعة مليار طن من الرمل في التمعدن الحيوي (Perry )2003. 

تعتبر المشطورات مكونات هامة في العوالق النباتية (Phytoplankton) التي تشكل أساس سلسلة الغذاء في المحيطات والأنهار، إنها كائنات مجهرية وُجد منها آلاف من الأنواع المختلفة.

وتتألف هياكلها من صدفتين متراكبتين تسميان المصراعين (Frustules). يبين الشكل 11.2 أمثلة على ذلك.

تظهر المشطورات تعدداً كبيراً من الأشكال المعقدة والمتناظرة. عندما يدور المصراع على اليمين بزاوية 120°، يبدو مطابقاً للمصراع غير المستدار. أما المصراع على اليسار، فإن الجانبين الأيسر والأيمن يشكلان انعكاساً لبعضهما البعض، وتصنف المشطورات وفق امتلاكها أحد هذه التناظرات.

 

تتكاثر المشطورات بانشطار نواة الخلية حيث تتحرك كل نواة جديدة نحو واحد من المصراعين   اللذين ينفصلان وينمو جزء سفلي وجزء علوي جديدين بحيث تمتلك كل مشطورة جديدة واحداً من المصراعين الأصليين وواحداً جديداً.

ولتشكيل المصراع، تُولِّد المشطورة كيساً من مادة عضوية يحدد شكل المصراع. ولملء الشكل، يُمتَص السيليكون المتواجد في الماء على شكل حمض سيليكوني ويُحوَل إلى أوكسيد سيليكون.

يتعلق نمو المشطورات وتركيزها في الأنهار والبيئات البحرية بشكلٍ حاد بتركيز الحمض السيليكوني في الماء. ويؤدي ذلك إلى دورة تزايد أو تراجع السيليكون حسب تناوب تركيز الحمض السيليكوني من الأعلى إلى الأدنى خلال العام.

يرجع أصل السيليكون إلى الصخور التي تتعرض للحت بفعل الأنهار والينابيع والحَمل إلى المحيط، وتنمو بعد ذلك المشطورات باستعمال الحمض السيليكوني المتوفر، كما يشكل جزء هام من المشطورات غذاء للعضو الأعلى في سلسلة الغذاء بينما يموت الجزء الباقي عندما لا يستطيع الاستمرار في التكاثر كنتيجة لنضوب التغذية من الحمض السيليكوني. في الحقيقة، تتحلل المشطورات الميتة، وتنحل الهياكل السيليكونية المتبقية لتوفر حمضاً سيليكونياً جديداً أو تغرق إلى القاع (Yool and Tyrrell 2003).

 

ويرتبط إنتاج الحمض السيليكوني بشدة باحتجاز ثاني أوكسيد الكربون، فالكربونات تنحل في الماء وتتفاعل مع الرمل لإنتاج الحمض السيليكوني وثاني أوكسيد الكربون الذي يذهب إلى غلاف القشرة الأرضية ويتحرر بعد ملايين السنين بفعل البراكين.

ومع الزمن، تتجمع الهياكل في قاع الأنهار والمحيطات لتشكيل ما يسمى تربة المشطورات التي تُستعمل كمواد ترشيح أو مواد امتزاز أو تُرش للتنظيف عند إراقة المواد الكيميائية أو في بعض أنواع مهاد القطط.

ترجعنا بعض استعمالات تربة المشطورات إلى طرائق غير تقليدية في علوم القرن العشرين. فالتقدير الأكثر أهمية للعلوم المتميزة يتمثل في جائزة نوبل التي مُنحت لأول مرة في بداية القرن العشرين عام 1901. وقد وُهبت الجائزة من قبل الفريد نوبل الذي جمع ثروته نتيجة اختراع الديناميت.

ففي منتصف سنوات 1800، تم اختراع متفجرات النتروغليسرين التي كانت غير مستقرة جداً. وكانت لنوبل فكرة امتصاص النتروغليسرين على تربة المشطورات وجعلها على شكل قضبان مما نسميه اليوم بالديناميت (Nobel 1868). وهكذا، تعود جذور جائزة نوبل إلى إدخال السيليكا- الرمل- في بقايا هياكل المشطورات إلى الديناميت.

 

تُظهر جولتنا الموجزة حول بنى المواد المختلفة في الشكل 4.2 كيف تتغير هندسة عمارة رباعيات وجوه السيليكون –أوكسجين التي تتشارك في الرؤوس من الحلقات إلى الأشكال الحلزونية إلى الشبكات المنتظمة أو العشوائية ذات الثقوب المتزايدة في الأبعاد.

من جهة أخرى، تصنع الطبيعة مواداً مثل أنواع العقيق ذات النظام الذاتي الفريد وتُدخل السيليكا في هياكل الكائنات الجسيمة المائية. إن مقدرة العلميين على التحكم بهندسة عمارة الرمل تعتمد جزئياً على القدرة على تحديد بنى هذه المواد باستعمال انعراج الأشعة السينية.

ويكمن التحدي أمام علميي المواد في القرن الحادي والعشرين في فهم كيفية إدارة الطبيعة لنمو تنوعٍ واسعٍ من البنى المعقدة من السيليكا. وتُمكِّن هذه المعرفة الإنسان من تصنيع بنى تلبي المتطلبات التقانية الجديدة.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى