الحيوانات والطيور والحشرات

نبذة تعريفية عن حيوان “الفيل”

2003 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الرابع عشر

عبد الرحمن أحمد الأحمد

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

حيوان الفيل الحيوانات والطيور والحشرات البيولوجيا وعلوم الحياة

الأَفْيالُ أَضْخَمُ الثَّدْيِيَّاتِ الأَرْضِيَّةِ الّتي تَعيشُ الآنَ وهي تَنْتَمِي إلَى رُتْبَةِ «الخُرطومِيَّاتِ».

وقَدْ بَدَأَ ظهورُ الأَفْيال في شَماليِّ أَفْريقْيا، ثُمَّ هاجَرَتْ إلَى آسْيا، ومِنْها إلَى أوروبا وأَمْريكا، ثُمَّ عادَ بعْضُها إلَى أفْريقْيا وانْتَشَر في أَنحائِها.

ومِنْ أهَمِّ الخَصائِصِ المُمَيَّزَةِ لِلأَفيالِ أَرْجُلُهَا وخرطومها. فأرجلها ضَخْمَةٌ يَنْتَهِي كلٌّ مِنْها بِخَمْسِ أصابِعَ، مُزَوَدَّةٍ بِوسائِدَ مَرِنَةٍ، ولِكُلٍّ مِنْها 3 – 5 حوافر وتَقْطَعُ الأَفْيالُ في مِشْيَتِها الطَّبيعِيَّةِ نَحْوَ خَمْسَةِ كيلومِتْراتٍ في السَّاعَةِ، ولَكِنَّها قَدْ تُسْرِعُ عِنْدَ الخَوْفِ إلَى نحوِ 60 كيلومترًا في السَّاعَةِ.

 

وتَسْتَطيلُ شَفةُ الفيلِ العُلْيا وأَنْفُهُ إلَى خرطوم طويل يصل إلى الأَرْضِ. وهو يُؤَدِّي وَظيفَتَيْ الشَّمِّ والحِسِّ، كما أَنَّه يَعْمَلُ عُضْوًا للإمْساكِ يمكنُهُ تَنَاوُلُ أَوْراقِ الأشجارِ وفُروعِها، بَلْ يُمْكِنُهُ أَنْ يَنْتَزِعَ شَجَزَةً كامِلَةً مِنْ جُذروِها.

كَذَلِكَ يُسْتَخْدَمُ الخُرْطومُ في امْتِصاصِ الماءِ وإزَالَةِ الحَشَراتِ العَالِقَةِ بهِ، إضَافَةً إلَى اسْتِخْدَامِهِ سِلاحًا للعِراكِ.

ولَيْسَ لِلأفْيالِ أَنْيابٌ حَقيقِيَّةٌ، أمَّا ما يُسَمَّى «نَابَيْ» الفِيلِ، فَهما زَوْجٌ مِنَ القَواطِعِ الأَمامِيَّةِ العُلْيَا تَبْرُزان من الفم وتَسْتَمِرَّانِ في النُّمُوِّ طَوَالَ حَيَاةِ الحَيوانِ.

وقَدْ يبلغُ طولُ «النَّابِ» الواحِدِ مِنْها أكْثَرَ مِن مِتْرَيْن، ووَزْنُه أكْثَرَ مِنْ مِئَةِ كيلوجرامِ.

 

وهذه الأَنْيابُ هي المَصْدَرُ الرئِيسِيُّ لسِنِّ الفِيل وقَدْ طَارَدَ الإنْسانُ آلافَ الأَفْيالِ في سَبيلِ الحُصولِ علَى «العَاج» (أو «سِنِّ الفيلِ») لِقيمَتِه التّجارِيَّةِ العظيمَةِ وصَلابَتِه ونَقَاوَةِ مادَّتِهِ.

ويَسْتَخْدِمُ الفيلُ عادَةً أَحَدَ هَذيْنِ النَّابيْن إلَى أَن يَتْلَفَ، ثُمَّ يَسْتَخْدِمُ الآخَرَ إلَى أنْ يَنْمُوُ الأوَّلُ مَرَّةً أُخْرَى.

ولِلْفِيلُ رَأْسٌ كَبيرٌ وعَيْنانِ صَغيرتانِ إلَّا أَنَّ حاسَّة الإبْصارِ لَيْسَتْ ضَعيفَةً كما يُظَنُّ، وإنْ كانَ الفيلُ يَعْتمِدُ على قوة حاستي الشم والسمع.

والأذنان كبيرتان، وإضافة إلى وظيفتهما في السمع، يساعد تحريكهما على تنظيم حرارة الجسم.

 

ويَغْتذِي الفيلُ كُلَّيَّةً بالحَشائِشِ وأَوْراق الأَشْجارِ وفروعِها وجُذوعِها وثِمارِها، ويَلْتَهِم مِنْها 40 – 60 كيلوجرامًا، كما يَشْرَبُ 80 – 150 لِترًا من الماءِ في اليَوْمِ الواحِدِ.

وتَقْضِي الأَفيالٌ مُعْظَمَ وَقْتِها في التَّجَوُّلِ في قُطْعانٍ تقودُها أَكْبَرُ الإناثِ، بَحْثًا عن الغِذاءِ وتَتْبَعُها الذًّكورُ، ولكنَّها عِنْدَ تَعَرًّضِها لِلْخَطَرِ تَنْقَلِب الأَوْضاعٌ، وتُصبحُ الذًّكورُ في المُقَدِّمَةِ. ولا تنامُ الأَفْيالُ أكثرَ مِنْ أرْبَعِ ساعاتٍ يَوْمِيًّا.

ومُدَّةُ الحَمْل في الأَفْيالِ 20 – 22 شهرًا، وهي أَطْوَلُ  مُدَّةِ حَمْلٍ في الثَّدْيِيَّاتِ، تَضَعُ الأُنْثَى في نهايَتِها وليدًا واحِدًا تَرْضِعُهُ عامَيْنِ ويولَدُ الفيلُ الصَّغيرُ وعَلَيْهِ شَعْرٌ أَسْودُ خَشِنٌ. 

 

في حينِ أنَّ الفيلَ البالِغَ يكادُ يصبحُ أجْرَدَ مِنَ الشّعْرِ. ويبلغُ عُمْرُ الفيلِ 60 – 70 عامًا، ويُمْكِنُ تدريبُه مُنْذُ الصِّغَرِ أو بَعْدَ أَسْرِه في الكِبَرِ.

ويَحْكِي لَنا التَّاريخُ عَنْ اسْتِخدامُ الفِيل في الحُروبِ. فَقَدْ اسْتَحْضَرَها البَطالِمَةُ في مِصْرَ القَديمَةِ منَ الحَبَشَةِ لاسْتِخدامِها في الأَغْراضِ العَسْكَرِيَّةِ. وبَدَأ بِها هاينبالُ غَزْوَهُ لإيطالْيا، إلَّا أَنَّه فَقَدَها في أَثْناءِ عُبورِهِ للأَلْبِ.

وقَبْلَ ذَلِكَ عادَ الاسْكَنْدَرُ الأكْبَرُ مِنَ الهِنْدِ بأَعدادٍ كبيرَةٍ من الأَفْيالِ الهِنْدِيَّةِ، غَيْرَ أنَّ كُلَّ هذا لا يُقارَنُ بالأَعْدادِ الهائِلَةِ الّتي احْتَفَظ بِها الحُكَّامُ الهنودُ والفُرْسُ. فَقَدْ عُرِفَ أَنَّ مَلِكَ الفُرْسِ امْتَلَك جَيْشًا مِنْ تِسْعَةِ آلافِ فيلٍ. ولا نَنْسى المُحاوَلَةَ الفَاشِلَة لأَبْرَهة، مَلِكِ الحَبَشَةِ، لِهَدْم الكَعْبَةِ المُشَرِّفَةِ

 

ويُوجَدُ مِنَ الأَفيالِ الحَيَّةِ نَوْعانِ، هُما الفيلُ الآسْيَوِيُّ أو الهِنْدِيًّ والفيلُ الأفْريقِيُّ. ويَزِنُ الفِيلُ الهِنْدِيُّ 4 – 5 أَطْنانٍ، ويبلغُ ارْتِفاعُ الذَّكَرِ حَوَالَيْ ثلاثَةِ أمْتارٍ والأُنْثَى مِتْرَيْن ونِصْفَ مترٍ.

وهو يَسْتَوْطِن الغاباتِ الاسْتِوائِيَّةِ في الهِنْدِ وسيلانَ وبورْنيو وسُومَطْرة. ويَصِلُ طولُ النابيْنِ في الذّكورِ إلَى مِتْرَيْنِ ونِصْفِ مترٍ، ويبلغُ وزنُ الواحِدِ منهما نحوَ 20 كيلوجرامًا. أمَّا الإناثُ فناباها صغيرانِ أو مُنعدِمان. وما يزالُ الفيلُ الهِنْدِيُّ مُسْتَخْدَمًا في النَّقْلِ والأَعْمالِ الثقيلَةِ.

 

أمَّا الفيلُ الأَفريقِيُّ فهو أَثْقَلُ وَزْنًا وأَضْخَمُ حَجْمًا حيثُ يَزِن 5 – 6 أَطْنانٍ، ويبلغُ ارْتِفاعُهُ 3 – 4 أمتارٍ، وهو أَنْشَطُ من الفيلِ الهِنْدِيِّ وأكْثَرُ تَوَحُّشًا. يَسْتَوْطِن السَفانَّا الأفْرِيقيَّةَ جنوبَ الصَّحارِي، ويَصِلُ طولُ النَّابِ في الذُّكورِ أكْثَرَ من ثلاثَةِ أمْتارٍ، وهي أَصْغَرُ في الإناثِ. وتُسْتَأْنَش الأفيالُ الأَفْريقِيَّةُ وتُسْتَخْدَمُ كحيواناتِ عَمَلٍ في الكُونغو.

وأُذُنَا الفيلِ الأَفْريقِيِّ أكبرُ مِنْ أُذُنَيْ الفيلِ الهِنْدِيَّ، وظَهْرُهُ أَقْرَبُ إلَى الاسْتِقامَةِ، في حينِ أنَّ ظَهْرَ الهِندِيِّ مُحَدَّبٌ. وينتهي خرطومُ الفيل الأَفْريقِيِّ بزائِدَتَيْن كالإصْبَعَيْنِ (أ «شَفَتَيْن»)، في حينِ أنَّ طَرَفَ خَرطومِ الهِنْدِيِّ ينتهي بزائِدَةٍ واحِدَةٍ.

 

والأَفْيالُ مُهَدَّدَةٌ بالانْقراضِ، بِسَبَبِ القَضاءِ علَى مواطِنِها الطَّبيعِيَّةِ، والصَّيْدِ الجائِرِ طَمَعًا في أنْيابِها. ويُقَدَّرُ أنَّ ما يُقْتَلُ منها كلَّ عامٍ يتراوحُ بينَ خَمْسينَ ألْفاً ومْئَةٍ وخَمسينَ أَلفاً. وهناكَ مُحاولاتٌ دَوْلِيَّةُ لتنظيمِ تِجارَةِ العاجِ، وحمايَةِ الأَفْيالِ.

وإضافةً إلَى النَّوْعَيْنِ الحَيَّيْن، هناكَ أَنْواعٌ مُنْقَرَضَةٌ وُجِدَت أحافيرُها في أَمْريكا وأوروبا وسَيْبيرْيا، أَهَمُّها الماموثُ الّذي يَقْتَرِبُ في شَكْلِهِ من الفِيلِ الهِنْدِيِّ.

وقَدْ عُثِرَ علَى بَعْضِ أَفْرادِهِ بِشَحْمِها ولَحْمِها مَدفونًا في ثُلوجِ سَيْبِيرْيا وتَدُلُّ جُثَثُها علَى أنَّ أَجْسامَها كانَتْ مُغَطَّاةً بِصوفٍ يَتَخَلَّلُهُ بَعضُ الشَّعْرِ الأَبْيضِ الطَّويلِ. ويَبْدو أنَّ السَّبَبَ في انْقراضِ فيلِ الماموثِ هو اختفاءُ الغاباتِ الكثيفَةِ الّتي كانَ يَعْتَمِدُ عَلَيْها في تِلْكَ المَناطِقِ.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى