البيولوجيا وعلوم الحياة

نبذة تعريفية عن “الأنسولين”

2000 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الثالث

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

الأنسولين البيولوجيا وعلوم الحياة

جزي الجلوكوز (سكر العنب) هو أبسط جزيئات الغذاء وأصغرها.

وهو المادة الجاهزة لإمداد الجسم بالطاقة إمدادا مباشرا سريعا، وهو أيضا المادة الأساسية لغذاء الدماغ (المخ) والأعصاب.

ويستهلك الدماغ وحده نحو ستة جرامات من الجلوكوز كل ساعة، في المتوسط. ولذلك كان من الضـروري أن يستمر تركيز الجلوكوز في الدم عند مستوى معين.

ونقص هذا المستوى يحدث هبوطا في نشاط الجسم، وخللا في وظائف الدماغ والأعصاب. أما نقصه الشديد فيؤدي إلى فقد الوعي والغيبوبة التي تنتهي بالموت، إن لم يسعف المصاب بالسكر والعلاج.

 

والمصدر الرئيسـي للجلوكوز هو الغذاء. فكل ما نتناوله من مواد نشوية وسكرية يتحلل بالهضم، ويتحول في النهاية إلى جلوكوز تمتصه الأمعاء.

ويحمل الدم الجلوكوز إلى جميع خلايا الجسم فتأخذ في سحب حاجتها منه لتوليد الطاقة. أم المقادير الفائضة منه فإنها تختزن في الكبد والعضلات بعد أن تتكثف إلى جليكوجن (نشا حيواني).

وبين الوجبات وعند الصيام ينخفض مستوى الجلوكوز في الدم فيلزم تحليل الجليكوجن المدخر وإعادته إلى جلوكوز جاهز للاستعمال.

 

وهذه التحولات الكيميائية محتاجة طبعا إلى إنزيمات، ولكن تنظيمها الدقيق يحدث بإشراف هرمونات معينة، أهمها هرمونان تفرزهما خلايا "جزيرات لا نجرهانز" في نسيج غدة البنكرياس، وهما: الإنسولين والجلوكاجون.

فالجلوكاجون يساعد على تحويل الجليكوجين إلى جلوكوز عند الحاجة إليه، ولكن يعاونه في ذلك هرمونات أخرى (أهمها الأدرينالين والنور أدرينالين).

أما الأنسولين فلا غنى عنه لمرو الجلوكوز إلى داخل الخلايا كي تستفيد منه، أو لتجميد الفائض منه إلى جليكوجن لادخاره. ولذلك فقلة إفراز البنكرياس للإنسولين أو انعدامه تجعل المصاب عاجزا عن أمرين: عن حسن استخدام الجلوكوز وعن ادخاره أيضا، مهما ارتفع مستوى الجلوكوز في دمه.

 

وعندئذ تعجز الكليتان عن الحفاظ على السكر الكثير الموجود في الدم فيفقده الجسم في البول. وهذا هو أهم أعراض مرض البول السكري.

وتظهر لنا هذه المعادلة التوازن الدقيق بين استهلاك السكر وادخاره. ويقوم الإنسولين بدور لا غنى عنه في الحفاظ على مستوى مناسب من السكر في الدم، لا ينقص كثيرا ولا يزيد كثيرا.

 

ولكن الإنسولين لا يقتصـر عمله على حسن استخدام الجلوكوز وادخار الجليكوجن فقط بل إنه يساعد أيضا على تحول بعض الجلوكوز إلى دهن، وعلى بناء البروتينات، التي هي لحمنا ودمنا والمادة الأساسية في بناء أجسامنا. فالأنسولين هو هرمون الادخار والبناء والنمو.

ومع أن مرض البول السكري كان معروفا لدى قدماء المصـريين واليونان، ووصفه الأطباء المسلمون الأوائل، كابن سينا، لم تكن العلاقة بين البنكرياس وهذا المرض معروفة.

ولاكتشاف هذه العلاقة قصة طريفة. ففي عام 1889، قام العالمان الألمانيان "فون ميرنج" و"منكوفسكي" بنزع بنكرياس كلب ليدرسا أثر ذلك في هضمه للطعام. ولكن مساعد المعمل الذكي لاحظ أن النمل والذباب يتجمع على بول ذلك الكلب.

 

فلفت نظر منكوفسكي إلى هذه الظاهرة. واهتم العالم بالأمر، فحلل بول الكلب فوجد أنه يحتوي على السكر، أي أن الكلب أصيب بمرض البول السكري نتيجة استئصال، أي نزع، بنكرياسه. وهذا درس لنا في قيمة دقة الملاحظة والاهتمام بما نلاحظه ومتابعته متابعة علمية.

ولكن اكتشاف الإنسولين نفسه كانت له بعد ذلك قصة طويلة، فبعد محاولات متكررة قام بها علماء من بلاد مختلفة، تمكن فريدريك بانتنج وزميلان كنديان آخران، عام 1921، من استخلاص هرمون الإنسولين من بنكرياس أجنة الحيوانات.

 

وتحضـر الكميات الكبيرة من الإنسولين، لعلاج مرضى السكري، من بنكرياس أعداد هائلة من الأبقار أو الخنازير.

ولكن العلماء توصلوا الآن إلى حمل البكتيريا، التي لا شأن لها عادة بالإنسولين، على اكتساب المقدرة على إنتاجه، وذلك باتباع الطرق الحديثة للهندسة الوراثية. وسوف تصبح هذه الطريقة هي أفضل الطرق وأرخصها لإنتاج إنسولين بشرى بكميات وافرة.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى