الفيزياء

القواعد التي تحكم حساب شتى خصائص ظاهرة “الانعكاس الجزئي”

1997 عجائب الضوء والمادة تجريباً وتأويلاً

KFAS

الانعكاس الجزئي الفيزياء

ما هي القواعد التي تحكم طول واتجاه كل واحد من الأسهم التي يعطي جمعها السهم الحصيلة؟ ليس لدينا في الوقت الراهن سوى سهمين . أولهما يمثل الانعكاس عن الوجه الأمامي ويمثل الآخر الانعكاس عن الوجه الخلفي.

لنبدأ بالطول . لقد تبين لنا ، من التجربة الأولى ( عندما وضعنا مضاعفاً فوتونياً في الزجاج ) أن وجه الدخول يعكس 4% من الفوتونات التي يستقبلها . فنستنتج من ذلك أن طول السهم الأول، الذي يمثل الانعكاس ))الأمامي(( ، يساوي 0.2 ، كما أن الوجه الخلفي ، الذي يعكس أيضاً 4% من الضوء ،  يمثله سهم طوله 0.2 أيضا .

ولتعيين اتجاه كل سهم يجب أن نتخيل عملية قياس الزمن الذي يستغرقه كل فوتون في مساره . لنتخيل إذن مزمانا ( كرونومتراً  chronometer ) يدور عقربه بسرعة كبيرة .

نحرر عقرب المزمار فور اطلاق الفوتون من المنبع ، فيدور عقربه عدة دورات في أثناء سير الفوتون ( قرابة 15000 دورة لكل سنتيمتر من المسار، إذا كان الضوء أحمر) .

 

نوقف عقرب المزمان فور وصول الفوتون إلى المضاعف الفوتوني . يكون العقرب عندئذ قد اتخذ اتجاهاً معيناً ، ذلك هو اتجاه السهم الذي يتعلق بهذا الفوتون .

عند هذه المرحلة يجب أن أضيف قاعدة أخرى كي يمكن حساب الجواب الصحيح . سنصطلح على أن نعكس اتجاه السهم كلما انعكس الفوتون عن وجه الدخول ( أي الوجه الأمامي ) .

وبتعبير آخر :  نعتمد أن السهم الممثل للفوتون المنعكس عن الوجه الخلفي يتخذ اتجاه العقرب ، ونعتمد الاتجاه المعاكس من أجل الفوتون الذي ينعكس عن الوجه الأمامي .

لنرسم الآن السهمين المتعلقين بالارتداد عن الصفيحة الزجاجية الرقيقة جدا . فكلي نرسم السهم المتعلق بالانعكاس عن وجه الدخول نتخيل فوتوناً يغادر المنبع ( نطلق عقرب المزمان ) فينعكس عن وجه الدخول ، ويصل أخيرا إلى A (نوقف العقرب) . نرسم بعدئذ سهماً صغيراً طوله 0.2 في الاتجاه المعاكس لاتجاه العقرب ( شكل 10 ).

ولرسم السهم المتعلق بالانعكاس عن الوجه الخلفي نتخيل أن فوتوناً يغادر المنبع ( نطلق العقرب ) ثم يخترق وجه الدخول ، ثم ينعكس عن الوجه الخلفي ليخرج بعدئذ من الصفيحة حتى يصل إلى A ( نوقف العقرب ) .

 

في هذه الحال (صفيحة بالغة الرقة جدا) يكون اتجاه العقرب هو نفس الاتجاه تقريبا، الذي رسمناه منذ قليل . وسبب ذلك أن المسافة التي يقطعها هذا الفوتون ، بين المنبع A ، تكاد تساوي (بسبب رقة الصفيحة) مسار الفوتون الذي ينعكس عن الوجه الأمامي : فهذان المساران لا يختلفان إلا بضعفي ثخن الصفيحة (وهو بالغ الصغر) . وعلى ذلك نرسم سهماً ثانيا، طوله 0.2  في عكس اتجاه السهم الأول (شكل 11).

 

علينا الآن أن نجمع بين هذيه السهمين ( جمعاً ((سهمياً)) ). ولما كان لهما طول واحد واتجاهان شبه متعاكسين، يكون السهم الحصيلة شبه معدوم، ومُربعه أقرب إلى الصفر منه. فاحتمال أن يرتد الضوء عن صفيحة زجاجية رقيقة جدا شبه معدوم إذن (شكل 12 ).

 

إذا بدَّلنا الصفيحة الرقيقة جداً بأخرى أثخن بقليل، فإن الفوتون الذي ينعكس عن الوجه الخلفي يقطع في الزجاج ، قبل أن يبلغ A، مسافة أطول؛ مما يتيح للعقرب أن يدور أكثر قليلاً قبل أن يتوقف، فيصنع السهم المتعلق بهذا الفوتون زاوية محسوسة مع السهم المتعلق بالفوتون الذي ينعكس عن الوجه الأمامي ، فيكون السهم الحصيلة إذن أطول مما كان في حالة الصفيحة البالغة الرقة،  وكذلك يكون مربعه (شكل 13).

 

لنضرب مثلا ً آخر ، صفيحة زجاجية ذات ثخن من شأنه أن يتيح لعقرب المزمان أن يدور نصف دورة بالضبط في أثناء الزمن الذي يستغرقه الفوتون، الذي ينعكس عن الوجه الخلفي، في الذهاب والإياب ضمن الصفحية.

في هذه الحالة يكون اتجاه السهم المتعلق بالانعكاس عن الوجه الخلفي هو نفس اتجاه السهم المتعلق بالانعكاس عن الوجه الأمامي .

فإذا جمعنا هذين السهمين (طول كل منهما 0.2) نجد أن طول السهم الحصيلة ( شكل 14 ) يساوي 0.4 فيكون مُربعه ، أي 0.16 ، الاحتمالَ المطلوب.

 

إذا زدنا في ثخن الصفيحة الزجاجية ليبلغ قيمة تجعل العقرب يدور دورة كاملة لدى اختراق الفوتون (الذي سينعكس عن الوجه الخلفي) للصفيحة في الذهاب والإياب، نحصل من جديد على سهمين باتجاهين متعاكسين، وبالتالي على سهم حاصل معدوم (شكل 15) .

 

لنستمر في زيادة ثخن الصفيحة. نجد عندئذ أن الظروف نفسها تتكرر كلما أصبح المسار الإضافي، لفوتون الوجه الخلفي، ذا قيمة تجعل العقرب يدور دورات إضافية كاملة على صفحة المزمان التخيلي.

إذا كانت الزيادة في المسار تؤدي إلى ربع دورة، أو ثلاثة أرباع إضافية، فإن السهمين اللذين نجمعهما يشكلان زاوية قائمة، فيكون السهم الحصيلة وتر مثلث قائم .

ولما كان مربع الوتر يساوي ، بموجب نظرية فيثاغرس ،  مجموع مربعي الضلعين القائمتين نجد، في هذه الحالة ، احتمالاً يساوي فعلا 8% ( 4% + 4% ) (شكل 16).

 

لاحظوا أن السهم المتعلق بالإنعكاس عن الوجه الأمامي لا يتغير اتجاهه من صفيحة لأخرى ( بفرض أن المسافة بين هذا الوجه ومنبع الفوتونات ثابتة) مهما كان ثخنها ؛ لكن الذي يتغير هو اتجاه السهم المتعلق بالانعكاس عن الوجه الخلفي ، فهو الذي يدور أكثر فأكثر بازدياد ثخن الصفيحة .

ومن ذلك ينتج تغير في الزاوية بين السهمين ، وبالتالي تغير في طول السهم الحصيلة ذو صفة دورية بين الصفر و0.4 . فمربع هذا الطول يتغير، هو الاخر، بصورة دورية بين الصفر و 16%. وبيت القصيد هو أن هذا بالضبط ما وجدناه في شتى تجاربنا (شكل 17) .

 

وهكذا شرحت لكم كيف نحسب بدقة شتى خصائص الانعكاس الجزئي ، وذلك فقط برسم أسهم صغيرة على ورقة عادية . إن هذه الأسهم تمثل ، باللغة الفنية ،  ((سعات احتمال))  .

وفي هذه العبارة: ((حساب سعة احتمال هذا الحادث أو ذاك)) ، كثير من الأناقة والجدية، لكنني أفضل أن أكون أكثر صدقاً معكم فأقول : إننا لم نفعل أكثر من تعيين السهم الذي مربع طوله يمثل احتمال وقوع الحادث المقصود.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى