الطب

السكري من النمط (2): تعريفه وأعراضه

2013 أنت والسكري

نهيد علي

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

الطب

ما أن تعرف بأمر ارتفاع مستوى سكر الدم لديك حتى تبدأ في مسيرتك لبناء حياة حافلة بأنماط الحياة الصحية، وتتوخى فيها اتباع نظم غذائية تقتصر على عدد أقل من المكونات الغذائية ولكنها أكثر صحة.

بل قد يكون بإمكانك التخلص من السكري نهائياً أو أن تقلل إلى حد كبير من آثاره عليك، إلى درجة تتلاشى فيها أو تكاد، بعد أن تتعرف على أنماط السكري.

إن الخوض في مناقشات معمقة حول أنماط السكري يمكن أن توفر لك المعارف الأساسية اللازمة عن الوقاية من هذا المرض ومعالجته.

فما أن يشخص طبيبك إصابتك بالسكري حتى يخبرك بمدى شدة إصابتك، فهو قد يشخص أن لديك النمط 1، وعندها يصف لك الأدوية التي ينبغي عليك أن تأخذها كل يوم، كما يحدثك بالتفصيل عن فوائد الالتزام بتناول الأدوية من أجل كبح جماح السكري.

والسؤال هو هل تعطيك مثل هذه المعلومات راحة في الضمير عندما تحاط علماً بجميع تلك المعلومات عن السكري "المخيف"؟

وعندها سيكون لك الخيار في أن تأخذ زمام المبادرة لاكتساب جميع المعلومات التي تستطيع الوصل إليها والإحاطة بها، وأن تتجنب أن تكون مجرد رقم جديد في البيانات الإحصائية لدى إحدى المستشفيات أوإحدى العيادات المتخصصة بالسكري.

 إن عقلية المبادرة الاستباقية التي سنحاول استكشاف أبعادها معاً في الفصول القادمة من هذا الكتاب ضرورية للتكيف مع السكري.

 

خلاصة القول في السكري من النمط 2

السكري من النمط 2 هو النمط الأكثر شيوعاً من أنماط السكري، والأسباب الأكثر مشاهدة لهذا النمط من السكري هو السمات الوراثية، والتي تؤدي إلى إحداث نقص متأصل في إنتاج الإنسولين، وما يؤدي إليه ذلك من الفشل في نقل السكر من مجرى الدم إلى داخل الخلايا. ومن الأسباب الأخرى البدانة وقلة ممارسة الرياضة وحياة الدعة والخمول وما شابه ذلك.

إن الإنسولين هو الذي يعطي الأوامر لتفكيك الدهون ضمن الخلايا، وهو الذي ينظم كمية الدهون التي تتدفق ضمن مجرى الدم.

وعندما تكون كمية الإنسولين كبيرة فإن مستوى الغلوكوز في الدم سينخفض، وعندما تنقص كمية الإنسولين عن المعدل النظامي له فإن مستوى الغلوكوز في الدم سيزداد.

فإذا ابتعد مستوى الغلوكوز في دمك عن الكمية النظامية أو المعيارية أو القياسية، وهي 100 ميلي غرام / ديسي لتر، فإنك قد لا تفكر بأن شيئاً خاطئاً قد حدث، بسبب عدم حدوث الأعراض الأخرى. ولعل هذا السبب هو الذي جعل الأطباء يطلقون على السكري لقب "القاتل الصامت"، فعندما تظهر الأعراض عليك وعندما تعاني من المضاعفات فعندها تدرك مدى شدة الحالة لديك. وإذا كان لديك مقاومة للأنسولين فإن مستوى الغلوكوز في دمك يصبح عصياً على الضبط.

 

ففي السكري من النمط 2 تكون الخلايا بيتا التي تنتج الإنسولين قد "خارت قواها" بسب عملها الدؤوب لتلبية القدر الكبير من الطلب على الإنسولين، وهو قدر درجة يصعب توقعه، وهناك من الناس من ترتفع لديه معدلات فشل الإنسولين، ولكن خلايا بيتا لديه تواصل عملها في إفراز الإنسولين بكفاءة فلا يعانون على الإطلاق من السكري.

إن السمات الرئيسية للسكري من النمط 2 هي المقاومة للأنسولين والاختلال في إفراز الإنسولين، وتتواصل الجهود للتعرف على أسباب المقاومة للإنسولين، ولم تتضح تلك الأسباب على وجه الدقة حتى الآن، ولكن الإنسولين ضروري لتنظيم مستويات الغلوكوز في الدم، ولتفادي تراكم مسستوياته، وما أن تفقد الخلايا بيتا القدرة على إنتاج الإنسولين بكميات تكفي لتلبية احتياجات الجسم، حتى يظهر السكري.

وفي السكري من النمط 2 قد يختل إفراز الإنسولين، إلا أنه قد يكون هناك احتياطي من الإنسولين يكفي لتجنب التفكك في الدسم وتكوُّن المركبات الكيتونية، ونتيجة لذلك لايحدث الحُماض الكيتوني السكري في هذا النمط من السكري على وجه الإجمال. وما أن يصبح الحُماض الكيتوني السكري خارج حدود السيطرة حتى تحدث وبسرعة تداعيات أخرى ذات صلة بها.

ومنذ وقت مبكر لوحظ أن السكري من النمط 2 يصيب بشكل رئيسي البالغين الذين تجاوزوا سن الثلاثين، إلا أن أيامنا الراهنة شهدت إصابة أفراد أصغر سناً بهذا النمط من السكري، ونظراً للبدء المخادع لعلامات الاختلال في تحمل الغلوكوز فإن الكثير من السكريين يصابون بالدهشة عندما يعرفون بأنهم أصيبوا بالسكري.

 

فأعراض السكري من النمط 2 عادة طفيفة، وهي تشمل: 

– سرعة الهياج

 – التعب

– العطش الشديد (السُهَاف)

– التبول المتكرر

– تأخر اندمال الجروح

– تشققات في الجلد

– تغيُّم الرؤية

– عدوى بالأعضاء التناسلية الظاهرة (بالمهبل) (لدى السيدات إذا ارتفع مستوى سكر الدم لديهن ارتفاعاً شديداً)

 

إن التعرف على المزيد من الظروف ذات الصلة بالسكري من النمط 2 يمكن أن يقدم لك الأسلوب الفعال للتعامل مع الإصابة الأولية التي تعاني منها.

ومن تلك الأساليب أن تراقب مستوى الغلوكوز في دمك مراقبة لصيقة. فمع توافر البدائل العلاجية المختلفة يزداد احتمال حصولك على نتائج إيجابية إذا واصلت مراقبة مستوى سكر الدم لديك. إلا أنك إذا عملت على كبح مستوى الغلوكوز في دمك بشدة فقد تصاب بنقص سكر الدم أو ما يعرف بالانخفاض الشديد في مستوى الغلوكوز في دمك.

ولكي تتعرف على كيفية حدوث نقص سكر الدم لابد لك من فهم العلامات والأعراض التي يتسبب في ظهورها على جسمك، وأكثر تلك الأعراض والعلامات التي تنذر بنقص سكر الدم شيوعاً:

– التعرق الغزير

– الرجفان

– الدوخة

– الشحوب

– الجوع

– التغير المفاجئ في المزاج

– الاختلاجات

– الإحساس بالتنميل في الفم

 

وعليك أن تجري قياسات متكررة ومنتظمة لسكر الدم لديك، وعندها قد تتفادى الوقوع ضحية لنقص سكر الدم، فتبادر إلى تناول ثلاثة أقراص من الغلوكوز، أو نصف كوب من عصير الفاكهة، أو خمس إلى ست قطع من الحلوى الصلبة القوام.

وعليك أن تبادر أولاً باستشارة طبيبك، فقد تكون هذه الأعراض بمثابة العلامة الأولى على انتصارك على السكري، ولكن ينبغي عليك أن تحمل على الدوام وجبة صغيرة من السكريات لتتناولها وقت الحاجة إليها.

وبعد أن تمر 15 إلى 20 دقيقة على تناولك ما توافر لك من السكريات، افحص مستوى سكر الدم ثانية، فإذا وجدته لايزال منخفضاً فبادر إلى تناول كمية أخرى من السكريات التي تناولتها من قبل، حتى يصبح مستوى سكر الدم لديك سوياً، ويصبح من الضروري أن تأخذ حقنة إسعافية من الغلوكاكون أو معالجات أخرى تزيد من كمية السكر في الدم إذا ما فقدت الوعي.

وينبغي أن نتذكر أنه يجب عدم إعطاء الإنسولين أو الطعام أو السوائل لمن هو فاقد الوعي، بل ويجب إبعاد يديه عن فمه.

ويتعرض المصابون بنقص سكر الدم دون أن يعرفوا بأمر إصابتهم به لمخاطر الجهل بنقص سكر الدم. ومعظم المصابين بنقص سكر الدم الذين يجهلون إصابتهم به هم من السكريين المزمنين الذن يعانون من أضرار تلحق بأعصابهم يطلق عليه اسم اعتلال الأعصاب السكري المنشأ، ومن السكريين الذين يحرصون على ضبط مستوى سكر الدم لديهم ضبطاً دقيقاً، ومن الذين يتناولون أدوية لمعالجة المضاعفات القلبية.

 

وللوقاية من نقص سكر الدم ولتخفيف احتمال الإصابة به ينبغي عليك أن تتعرف على هذه الحالة، وأن تراقب مستوى سكر الدم لديك، وأن تحسن التدبير للسكري، وأن تعيش حياة أكثر صحة.

أما ازدياد سكر الدم فهو العرض الأولي للسكري، وهو أيضاً أحد المضاعفات، إذ يمكن لسكر الدم أن يرتفع لمستويات شاهقة تهدد بالخطر إذا لم نحسن تدبيره. ويحدث ازدياد سكر الدم عندما تنفص كمية الإنسولين في الجسم، ولاسيما لدى المصابين بالسكري من النمط 2،

ولكن هناك بعض الحالات التي تكون فيها كميات الإنسولين كافية، ولكنها لاتخضع للتنظيم بحيث قد تؤدي تارة لازدياد سكر الدم وتارة لنقص سكر الدم. ومن الأمور التي تؤدي إلى ازدياد سكر الدم تناول كميات كبيرة من الطعام والتعروض للكروب وللشدات النفسية والإصابة بأمراض أخرى تؤثر على أداء الوظائف الأخرى في الجسم.

ويمكن التعرف على ازدياد سكر الدم ازدياد سكر الدم بسهولة بملاحطة العديد من العوامل التي تدل عليه، ومنها كثرة شرب الماء وكثرة التبول. أما الاختبارات التي نجريها على البول وعلى الدم فإنها تعطينا معلومات عن كمية السكر في البول أو في الدم.

ومن الوصايا المحمودة أن تراقب مستوى سكر الدم لديك مراقبة دقيقة، وعليك أن تستفسر من طبيبك حول عدد مرات المراقبة اللازمة للتدبير الجيد لحالتك، ولتفادي مواجهة مشكلات أخرى. وما أن تعرف أن لديك ازدياد سكر الدم حتى يصبح من الواجب عليك أن تعالجه.

وإذا لم تنجح مساعيك في تدبير مستوى سكر الدم تدبيراً جيداً فقد يتفاقم الأمر إلى الحُماض الكيتوني السكري [والحُماض هو تبدل تفاعل الدم نحو الحموضة] أو حتى إلى الغيبوبة (السُّبَات)، وكلاهما ينتج عن وجود كميات كبيرة من المركبات الكيتونية [أو الأسيتونية] في الدم.

إذ يؤدي نقص الإنسولين إلى تفكك الدهون، وإلى إنتاج المركبات الكيتونية. ويؤدي وجود كميات كبيرة من الأجسام الكيتونبة في الدم الجائل إلى التأثير على قدرة الجسم على أداء وظائفه أداءً جيداً، ويتم طرح المركبات الكيتونية عبر البول، إلا أن التخلص من جميع تلك الكميات يبدو مستحيلاً.

لذا فإنها سرعان ما تتراكم في الدم، مما يؤدي في نهاية المطاف إلى الحُماض الكيتوني السكري. والحُماض الكيتوني السكري هو حالة تستدعي الإحالة إلى الطوارئ، إذ تتسم بضيق النفس والغثيان وظهور رائحة الفواكه في الأنفاس وجفاف الفم.

 

إن ممارسة الرياضة تؤدي إلى خفض مستويات سكر الدم، إلا أنه عند وصول سكر الدم إلى مستوى يزيد عن 240 ميلي غرام / ديسي لتر يجب قياس مستوى المركبات الكيتونية، لأن مواصلة ممارسة الرياضة تؤدي إلى ازدياد سكر الدم، ومن هنا تأتي أهمية استشارتك لطبيبك حول الأسلوب الصحيح لتناول الغذاء ولممارسة الرياضة.

وبالإضافة إلى ما ذكرناه سابقاً فإن السكريين قد يصابون بمتلازمة [مجموعة من الأعراض التي تحدث متلازمة مع بعضها البعض] متلازمة فرط السكر وفرط التناضح وغياب المركبات الكيتونية ، وتصيب هذه المتلازمة السكريين المسنين، ويمكن أن تحدث في كلا النمطين من السكري، سواء النمط 2  أم النمط 1، إلا أنها أكثر حدوثاً في السكري من النمط 2.

وهي تنتج عن غلبة أعراض طاغية، وقد تكون لها نتائج خطيرة تؤثر على المصاب بالسكري في فترة لاحقة من حياته.

 وفي مثل هذه الحالة الخطيرة فإن مستوى سكر الدم يرتفع كثيراً ليقوم الجسم بطرح الكميات الكبيرة منه مع البول.

وفي بداية الأمر، سيعاني المصابون بمتلازمة متلازمة فرط السكر وفرط التناضح وغياب المركبات الكيتونية من كثرة مرات التبول لكميات كبيرة من البول، ثم ما تلبث كمية البول أن تتناقص، ويتغير لون البول إلى اللون القاتم. كما سيلاحظون ما يشعرون به من العطش الشديد والدائم، مما قد ينتهي بهم إلى التجفاف أو ضياع السوائل من الجسم.

وإذا لم يتم تدبير هذه الحالة تدبيراً جيداً فإنها ستتفاقم إلى الغيبوبة (السبات)، وإلى الاختلاجات، بل وإلى الموت. لذا كان من الضروري أن نتعرف على العلامات التي تنذر بقرب الوقوع في متلازمة متلازمة فرط السكر وفرط التناضح وغياب المركبات الكيتونية وأن نتقي حدوثها.

 

وتعد العلامات التالية جميعها علامات منذرة بقرب وقوع متلازمة متلازمة فرط السكر وفرط التناضح وغياب المركبات الكيتونية: تجاوز مستوى سكر الدم 600 ميلي غرام / ديسي لتر ، جفاف الفم، وجفاف ودفء الجلد، والعطش الشديد، والحمى المرتفعة، وضعف في أحد أجزاء الجسم، والهلوسات، وفقد الرؤية، والميل للنوم.

ولعل أفضل السبل المتكاملة لتفادي الوقوع في متلازمة فرط السكر وفرط التناضح وغياب المركبات الكيتونية هو مراقبة مستويات سكر الدم، كل يوم بين الوجبات، وهذا ما يقوم به بالفعل الكثيرون من السكريين.

إن 75 بالمئة من السكريين تقريباً يشخصون ضمن السكري من النمط 2، ويتم تشخيصهم خلال فحص مختبري روتيني أو خلال زيارة لطبيب العيون. وإذا ترك السكري بدون تشخيص وبدون معالجة فإن المضاعفات التي تحدث بعد فترة طويلة تظهر على شكل اعتلال الأعصاب المحيطية وأمراض عينية وأمراض الأوعية المحيطية.

وإذا كانت البدانة من العوامل الرئيسية التي تؤدي للإصابة بالسكري من النمط 2، فإن إنقاص الوزن هو الوصية الفورية للتحكم بالسكري ولضبطه. فإذا أردت أن تعزز فعالية الإنسولين فعليك أن تدرج ممارسة الرياضة في البرنامج العلاجي الذي تتبعه. فإذا لم تكن ممارسة الرياضة كافية لخفض مستوى سكر الدم فيمكن إعطاء الأدوية الخافضة لمستوى سكر الدم، لتلبية احتياجات كل فرد على حدة.

 

وبالمثل فإن من الممكن إضافة الإنسولين إلى النظام العلاجي، كما يمكن أن يعطى الإنسولين لوحده، فبعض السكريين يحتاجون للمعالجة المتواصلة بالإنسولين، وبعضهم الآخر لايحتاجون إلى الإنسولين إلا عندما يتعرضون للكروب أو الشدات النفسية الشديدة (وعادة أثناء الخضوع للعمليات الجراحية أو الإصابة بالأمراض الشديدة).

ولما كان بإمكان الأدوية أن تؤخر بدء ظهور السكري وظهور مضاعفاته، فإن استخدامها يطبق على نطاق واسع في مجتمعات يومنا هذه، للتخفيف من وطأة السكري من النمط 2.

لذلك فلا مبرر لشعورك بالخوف ولا بالهلع عندما تعرف بأمر إصابتك بالسكري من النمط 2، فإن مسؤولية الطبيب أن يحدد لك أي الأدوية التي سيتم تقديمها هي الأفضل لك، ولا حاجة لأن تبذل المحاولات لتخمين ذلك.

ولتتذكر أنه بقدر ما تتناول نظاماً غذائياً صحياً، وتمارس الرياضة بانتظام، وتمتثل للنظام العلاجي الموصوف لك بقدر ما تتمتع بالسعادة في حياتك، ولاسيما عندما تتسلح بالمعلومات حول حالة السكري التي تمر بها

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى