علم الفلك

الطيف الشمسي

2013 أطلس الكون

مور ، السير باتريك مور

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

علم الفلك

الطيف الشمسي

لو لم يكن بوسعنا سوى دراسة الغلاف الضوئي الساطع للشمس وتتبع التغيرات التي تحدث في البقع الشمسية والصياخد والحبيبات لكان علمنا بنجمنا ضئيلا بالفعل. ولحسن حظنا ليس هذا هو الواقع ويمكننا استخدام تلك الأداة الفلكية الأخرى العظيمة وهي المطياف.

تماما كما يجمع المقراب الضوء، يقوم المطياف بتشتيته. تتكون الحزمة الضوئية من مزيج من الألوان، ونرى كيف تنحني أو تنكسر الألوان المختلفة عندما تمر عبر الموشور، حيث أن الموجات القصيرة (أزرق و بنفسجي) أكثرها انكسارا، والموجات الطويلة

(برتقالي و أحمر) أقلها انكسارا. أجرى إسحق نيوتن أول تجاربه عام 1666 ولكنه لم يكملها ربما لتدني جودة الموشورات التي كان يستخدمها. في عام 1802 قام العالم الإنجليزي و.ه. وولاستون 

(W.H.Wollaston) بتمرير ضوء الشمس في موشور عبر شق في شاشة مصمتة وحصل على طيف شمسي حقيقي، يبدأ بالأحمر من جهة ثم يليه البرتقالي و الأصفر و الأزرق و النيلي و البنفسجي. رأى وولستون أن حزمة قوس قزح تتخللها خطوطا داكنة، ولكنه أخطأ في تفسيرها كحدود فاصلة ما بين الألوان المختلفة. بعد مرور 12 عاما أجرى جوزيف فراونهوفر (Josef Fraunhofer) دراسات أدق واكتشف أن الخطوط ثابتة في مكانها و بنفس الشدة، ثم دَوَّن 324 منها والتي مازالت معروفة حتى اليوم بخطوط فراونهوفر. في عام 1859 فسرها عالما فيزياء ألمان جوستاف كيرتشوف (Gustav Kirchoff) و روبيرت بونسين (Robert Bunsen) وبهذا وضعا أسس الفيزياء الفلكية الحديثة.

تصدر المادة المتوهجة سواء كانت صلبة أو سائلة أو غازية طيفا مستمرا من الأحمر إلى البنفسجي تحت تأثير ضغط عالي. يصدر الغاز المتوهج تحت ضغط منخفض طيفا مختلفا من خطوط ساطعة و منفصلة إذ يمثل كل واحد منها عنصرا معين أو مجموعة من العناصر، وهذا ما يسمى بطيف الانبعاث. فعلى سبيل المثال، يصدر الصوديوم المتوهج طيفا يحتوي على خطين ساطعين من اللون الأصفر، ولو رأينا هذين الخطين نعرف أن مصدرها حتما الصوديوم لأنه لا يمكن أن يصدرها أي عنصر آخر. والعديد من العناصر لها أطياف معقدة لدرجة أنها تصل لآلاف الخطوط في بصماتها الفريدة.

يصدر الغلاف الضوئي للشمس طيفا مستمرا. يقع الغلاف اللوني فوق الغلاف الضوئي، وهو مكون من غاز منخفض الضغط يمتص موجات معينة من الضوء المنبعث من الغلاف الضوئي أسفله ثم يعيد انبعاثها في كل الاتجاهات بدلا من اتجاه واحد. هذه هي خطوط الامتصاص التي تبدو داكنة ولكن مواقعها وشدتها ثابتة فيسهل التعرف عليها. وفي الجزء الأصفر هناك خطان داكنان متطابقان مع خطي الصوديوم، فبهذا يمكننا إثبات وجود عنصر الصوديم في الشمس.

قد وجد أن أكثر العناصر توافرا في الشمس هو الهيدروجين الذي يشكل %71 من الكتلة الكلية، وإنه من المفاجئ أن نجد نتيجة غير هذه حيث تفوق عدد ذرات الهيدروجين الكلية في الكون كل العناصر الأخرى مجتمعة. أما العنصر الذي يلي الهيدروجين في الشمس فهو الهيليوم، وهو يمثل %27 من كتلة الشمس. لا يبقى الكثير للعناصر الأخرى، مع أنه حتى الآن وجدت معظم العناصر ال92 الموجودة في الطبيعة بكميات أصغر. والجدير بالذكر أنه تم التعرف على عنصر الهيليوم في الطيف الشمسي من قبل أن يعرف على الأرض، و ن.لوكيير (N. Lockyer) هو من عثر عليه عام 1868 وسماه نسبة إلى ’هيليوس’ التي تعني ’شمس’ باليوناني. ولم نجده في عالمنا هذا حتى عام 1894.

تنبني عدة أدوات مختلفة على نفس أسس المطياف، منها مرسمة الطيف الشمسي التي تستخدم شقين وبإمكانها تكوين صورة للشمس باستخدام عنصر واحد فقط (النظيرالبصري لمرسمة الطيف الشمسي هي المطياف الشمسي). يمكن الحصول على نتائج مماثلة باستخدام مرشحات مخصوصة تقوم بحجب كل الموجات إلا التي يتم اختيارها. وفي يومنا هذا، تستخدم مثل هذه المعدات من قبل الهواة والمتخصصين على حد سواء، وستظل مشاهدة الشمس شيئا مذهلا وحتى لو كان لمجرد أنها دائما تُظهِر شيئا جديدا، فالشمس دائمة التغير ولا يمكن لنا معرفة ما الذي سيحدث تاليا.

 

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى