الطب

الأعراض الفيزيولوجية للسكري

2013 أنت والسكري

نهيد علي

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

الطب

يواصل العلماء في الوقت الحاضر دراساتهم المتعلقة بالعمليات الفيزيولوجية التي تساهم بالسكري، فاحتمال الإصابة بالسكري تتضاعف لدى النساء اللاتي يعانين من ارتفاع ضغط الدم ثلاث مرات ما هي عليه لدى من يكون لديهن ضغط الدم سوياً

وهذه النتيجة مستقلة عن منسب كتلة الجسم BMI Body Mass Index وغيره من الحالات التي تؤدي إلى الأمراض القلبية وإلى السكري.

 

تفصيلات حول العوامل الفيروسية:  يشك الخبراء بالدور الذي تؤديه الفيروسات في نشر السكري على الصعيد العالمي، ويقولون بأن الزرنيخ، وهو أحد السموم الذي يجعل الجسم عرضة بشكل خاص إلى الإصابة بعدوى الفيروسات مثل الإنفلونزا "أ"، لأنه يسبب تلفاً في السبل التي تسير وفقها الهرمونات.

ولما كانت منظومة الغدد الصم (وهي الغدد التي تصب مفرزاتها من الهرمونات في مجرى الدم مباشرة ولاتحتاج إلى مخازن أو قنوات لتوصيلها إلى أهدافها)، هي المنظومة التي تتحكم بما في أجسامنا من نظم أخرى هامة، فإن الاضطراب في عمل الهرمونات يؤدي على الدوام إلى الاستئثار بدور بارز أثناء الأمراض.

والسكري هو من الأمراض التي تؤثر على منظومة الغدد الصماء أكثر من تأثيرها على أية أجزاء أخرى من الجسم.

ووفقاً لما هو متوافر لدينا من المعارف في الوقت الحاضر فإنه لايبدو لفيروس الإنفلونزا "أ" أية صلة بالسكري، وقد اكتشف الخبراء من الأطباء اليابانيين أن لفيروس الالتهاب الكبدي "سي" ارتباطاً مباشراً بالسكري عبر طرق المقاومة للأنسولين.

وإذ تساءلنا عن سبب ذلك الارتباط فسنجد أنه يعود كما نعرف جميعاً إلى أن الالتهاب الكبدي "سي" هو مرض غير سرطاني يصيب الكبد، وأن الإنسولين هو هرمون يعمل على قلب الغلوكوز إلى طاقة في الكبد وفي العضلات، وهكذا يؤدي الكبد المقاوم للإنسولين إلى زيادة إنتاج الغلوكوز، كما تؤدي العضلات المقاومة للإنسولين إلى فشل امتصاص كميات كافية من الغلوكوز من مجرى الدم.

وهكذا تكون الحصيلة النهائية في الكبد والعضلات هي تراكم كميات متزايدة من السكريات، مما يؤدي في نهاية المطاف إلى الإصابة بالسكري من النمط 2.

 

المظاهر السريرية:  إن العلامات والأعراض السريرية التي يشترك فيها جميع أنماط السكري هي "الإفراط أو الزيادة" في:

– العطش: فرط العطش

– البول: ازدياد كمية البول وتكرر عدد مرات التبول

– الشهية: ازدياد الرغبة في تناول الطعام

وإذا كان سبب فرط العطش وازدياد كمية وعدد مرات التبول هو ارتفاع مستويات السوائل التي يفقدها الجسم عبر البول بسبب الاختلاف في قوة التناضح، مما يؤدي إلى طرح الغلوكوز والماء وبعض جزيئات الشوارد من مجرى الدم من خلال الكليتين، فإن ازدياد الشهية والرغبة المفرطة في تناول الطعام مردها إلى نقص كميات الإنسولين أو قصوره في أداء وظائفه، مما يؤدي إلى تقوض (أو تفكك) البروتينات والدهون.

كما تتضمن الأعراض تغيرات مفاجئة في قوة الإبصار، والتعب، والحس بالخدر والتنميل في اليدين والقدمين، وجفاف الجلد وتأخر اندمال الجروح والإصابة بأنواع مختلفة من العدوى.

وعندما يصبح الحُماض السكري الكيتوني هو المشهد الغالب على المصابين في السكري من النمط 1، فإن البدء يكون في أغلب الحالات إما على شكل نقص مفاجئ في الوزن مع الغثيان، وإما الشعور بالرغبة في الإقياء والآلام البطنية.         

 

سبب حدوث التغيرات في قوة الإبصار والمشكلات الجلدية لدى السكريين

يغلب أن يعاني السكريون من تشوش في الإبصار ومن الجفاف والحكة في الجلد ومن حلات أخرى ذات صلة بارتفاع سكر الدم، فما تفسير ذلك؟

إن ازدياد مستويات السكر في الدم تؤدي إلى تسرب السوائل من النسج ومن عدسة العين، لأن الغلوكوز ببساطة لايستطيع التراكم في الأماكن الصحيحة.

ولعل هذا ما يؤدي إلى الجفاف في النهايات الطرفية لكل من اليدين والقدمين.

أما الإحساس بالخدر وبالتنميل والذي يعبر عنه الأطباء بأنه "اعتلال الأعصاب"، فيحدث بسبب تلف الأوعية الدقيقة التي تزود الأعصاب بالدم، وذلك نتيجة تراكم كميات كبيرة من الغلوكوز.

والأعراض الرئيسية لاعتلال الأعصاب هي التعب والتجفاف الذي ينتج عن كثرة عدد مرات التبول وعدم قدرة الجسم على قلب السكر إلى طاقة.

وتنتج إصابة الجلد بالعدوى وتأخر اندمال الجروح عن ضعف الجهاز المناعي، مما يسمح للكائنات الدقيقة البالغة الخظورة بغزو الجسم.

 

الأعراض الطفيفة الأخرى:  ومن الاعراض الطفيفة الأخرى التي يشيع ظهورها لدى السكريين الإصابة بالخراجات (وهي تجمع القيح موضعياً بسبب غزو جرثومي للجلد وللنسج التي تحت الجلد)، وقدم الرياضيين (وهي العدوى بالفطريات في الاقدام وبين الأصابع)، والالتهابات البولية المتكررة، والعدوى بالخمائر من أصناف المبيضَّات في الإبطين وأعالي الفخذين، وفي الفم (السُّلاق)، وتقشر الجلد والتقرحات الجلدية وحالات أخرى من العدوى الجلدية، إلى جانب الدوخة. ولضمان سلامة السكري يتعين الإحاطة بمعلومات تفصيلية تتعلق بالتدابير الوقائية، وبالقدرة على التعرف على الأعراض الطفيفة التي تساعد في كبح جماح السكري.

ويعزى الفقد البسيط للوزن الذي يشاهد في السكريين إلى فقدان المواد المغذية والمعادن بطرحها مع الكميات الكبيرة من البول. فالسكري يؤدي إلى حرمان الخلايا من وصول السكر إليها، مما يساهم في معاناتها من الجوع الشديد، وهذا ما يحدث عادة في السكري من النمط 1.        

 

قدم الرياضيين:  وهو من الأعراض الخيفة الوطأة التي تصيب السكريين، وهو اضطراب يعتري الجلد، بسبب العدوى بالفطريات التي يطلق عليه الأطباء اسم الفطريات الشعرية Trichphytones لأنها ببساطة ترى تحت المجهر شبيهة بكتلة من الأشعار الملتفة، وهناك حالات مرضية أخرى ذات صلة بقدم الرياضيين وهو مايطلق عليه الأطباء اسم السعفة أو العدوى الحلقية ringworm ويطلق عليها الأطباء اسم التينة tinea لأنها تشبه في مظهرها جوف التينة الناضجة

وأهم السمات التي تبعث على القلق في هذه الإصابات هي أنها تفضل أقسام الجسم السفلية مثل الساقين، رغم أنها قد تصيب الأقسام العلوية من الجسم مثل اليدين وأعلى الفخذين والأظفار.

وقد تشك ذات يوم بأن قدميك تعاني مما تعانيه قدمي الرياضي، وعندها عليك أن تبحث عن العلامات المنذرة، وهي الإحساس بالتخرش في القدمين، إلا أن هذا لايكفي لتأكيد التشخيض، ولابد من وجود علامات نوعية مثل تلون القدم باللون الأحمر، وجفاف الجلد جفافاً يلفت النظر في السطحين السفليين لكلا القدمين

ويغلب أن تظهر التشققات لتنتشر في جميع أقسام القدمين، وقد يعاني المصاب بالقدم الرياضية أيضاً من زيادة رطوبة القدمين وتساقط القشور من الجلد الذي يسترهما مما يجعل من الضروري التخلص من أي أثر للفطريات أو لما يظهر على الرجلين أو غيرهما من أعضاء الجسم من الطفح الجلدي أو من الاندفاعات الجلدية.

 

الخراج الدماغي: الخراج هو تجمع للقيح الناتج عن العدوى، وتعد الخراجات من العلامات المميزة للسكري، ويصنف الأطباء الخراجات إلى أصناف متعددة، ومن النادر أن يدرجوا خراج الدماغ ضمن قوائم تصنيفاتهم، إذ تدور حوله مناقشات علمية وطبية مستفيضة، ويشير الأطباء إلى أنه يصيب النساء أكثر مما يصيب الرجال، وقد يتوضع الخراج في منطقة عميقة من الدماغ ليسبب للمريض الكثير من المشكلات الجسدية والعاطفية.

ويمكن للأعراض المزعجة التي يسببها الخراج الدماغي أن تشتمل على الصداع وانسداد الأنف وآلام في العينين وحرارة منخفضة وسيلان الانف.       

 

الخراج الأولي (المجهول السبب) في الغدة النخامية:  إصابة نادرة الحدوث لدى الإنسان عند السكريين وغير السكريين على حد سواء، ولكنه يرتبط بالسكري الكاذب أكثر من ارتباطه بالسكري من الأنماط الأخرى، وقد لاحظ الأطباء السريريون والباحثون أن هذا الخراج يصيب الدماغ في مرحلة باكرة من العمر وقد ينتهي بالموت.

إن الغدة النخامية غدة مختبئة داخل الدماغ وتفرز بعض الهرمونات الاساسية، وتتسم الأعراض التي تسببها هذه الإصابة بأنها غير نموذجية ويصعب تشخيصها، إذ تطهر أعراض السكري التفه على المصاب، ومن هنا كان من الضروري أن يفكر الأطباء بوجود الخراج الأولي (المجهول السبب) في الغدة النخامية في كل مرة يشخصون فيها السكري الكاذب.       

 

خراجات الأسنان: تمثل الخراجات في الاسنان شكلاً آخر من الخراجات التي يتكرر حدوثها وشفاؤها، وهي عدوى تصيب الفم وتؤثر على الوجه والفكين وغيرها من البنى التشريحية القريبة، وتؤدي إلى إضعاف الجملة المناعية في الجسم، وتعد خراجات الاسنان من الأعراض الطفيفة في السكريين رغم أن الاطباء يعتقدون أنها قد تكون نتيجة مباشرة للرض الفيزيائي.

         

زيادة التعرق أثناء النوم: ويسمى أيضاً زيادة التعرق الليلي، وهو من الأعراض الجانبية الخفيفة الوطأة للسكري، وكما يدل عليه الاسم فإنه يحدث في الليل، وهو لايسبب بوجه عام أي تهديد على حياة المريض، إلا أن مشكلته تتمثل في أنه مزمن (يتواصل حدوثه لفترة طويلة).

ويحدث التعرق الغزير عادة أثناء النوم، ويتوقف عند الاستيقاظ من النوم، ومن المعروف أن الشخص الصحيح الجسم يفرز ما بين 500 و 1000 ميلي لتر من العرق كل يوم، أما السكري الذي يعاني من زيادة التعرق الليلي فيطرح كمية أكبر من ذلك بكثير.      

 

حقائق حول العدوى بالخمائر من نوع المبيضَّات:  إن العدوى بالخمائر من المبيضَّات هي أحد الأعراض الهامة والخطيرة للسكري، إلا أن هناك العديد من الخرافات التي تربط بين السكري والعدوى بالخمائر من المبيضات.

وتظهر العدوى بالخمائر من المبيضَّات على شكل طفح جلدي له قشور وبترافق بالحكة، وسبب العدوى هي فطريات يطلق عليها الأطباء اسم المبيضات البيض(Candidia albicans)وعلينا أن تنذكر أنها تفضل أكثر ما تفضل الأماكن الرطبة والدافئة من الجسم، إذا كان لدينا أدنى شك بالإصابة بها.

أما الأسس التي يرتكز عليها تشخيص العدوى بالخمائر من المبيضَّات فهي علامات الالتهاب والتخريش والحكة، وتعتبر العدوى بالخمائر من المبيضَّات من العلامات المنذرة بالسكري، فالمبيضّات تتكاثر بوجود مستوى مرتفع من السكر في الدم، ثم إنها بعد أن تهاجم الجسم تعمل على إضعاف مناعته، وتجعله عرضة للإصابة بمزيد من حالات أخرى من العدوى.

وإذا شئنا أن ننظر إلى هذا الأمر من زاوية شمولية فسنرى أن الجسم لايستطيع إنتاج كمية كافية من الإنسولين تقي الجسم من ارتفاع مستوى السكر في الدم، ومستوى سكر الدم السوي ضروري لحماية الجسم من العدوى عندما تضعف المناعة فيه، ومن هنا كانت معالجة السكري للوصول إلى مستوى سوي، وقد يصف لك الطبيب دواء خاصاً مضاداً للفطريات، مثل الكيتو كونازؤل  ketokonazole والميتوكينازول miconazole، إذ توثر هذه الأدوية تأثيراً فعالاً على العدوى بالفطريات وبالخمائر وبالعفن.

ويجدر أن تلاحظ أن العدوى بالخمائر من المبيضَّات قد تكون علامة على الإصابة الرشيكة بالسكري. وعندها يمكن أن تؤدي المعالجة الملائمة واتخاذ التدابير اللازمة إلى الابتعاد عن كل من السكري وعن العدوى بالخمائر من المبيضَّات.      

 

أعراض متأخرة:  وتزداد شدة أعراض السكري مع الازدياد في مستوى سكر الدم، فإلى جانب الأعراض الرئيسية الثلاثة للسكري (وهي فرط العطش، وازدياد كمية البول وتكرر عدد مرات التبول، وازدياد الرغبة في تناول الطعام)، قد تلاحظ أعراض أخرى:

– آلام في العضلات

– تقلصات في العضلات

– صداع

– سرعة التهيج

– ضعف الانتصاب

– جفاف المهبل

– انقطاع الدورة الشهرية

– حب الشباب الذي تتحسن أعراضه بانخفاض مستوى السكر في الدم، وتزداد سوءاً بازدياد مستوى السكر في الدم.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى