علوم الأرض والجيولوجيا

الأجهزة المستخدمة لتسجيل ورصد الزلازل

2001 الزلازل

فريال ابو ربيع و الشيخة أمثال الصباح

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

الأجهزة المستخدمة لتسجيل ورصد الزلازل الزلازل علوم الأرض والجيولوجيا

يرجع تصميم أول جهاز لرصد الزلازل إلى الصيني"شانج هنج" عام 132 ميلادية.

ويتكون هذا الجهاز من إناء نحاسي كبير مثبت على سطحه الخارجي ثمانية تنينات موزعة بشكل متساو على محيط الإناء .

ويحتوي فم كل تنين على كرة وتحيط بقاعدة الإناء ثمانية ضفادع مفتوحة الأفواه في مقابل كل رأس تنين ويتدلى من غطاء الإناء بندول على هيئة عمود.

 

وعند اهتزاز الأرض بفعل زلزال فإن البندول يتأرجح ويقرع ظهر أحد التنينات فتسقط الكرة من فمه فيدل ذلك على أنه قد حدث زلزال،  وعلى الاتجاه الذي حدث فيه الزلزال ، والشكل (1-13) يوضع رسما توضيحيا لهذا الجهاز البدائي.

وبالطبع لم يكن هذا الجهاز كافياً لإتاحة أي معلومات أكثر من هذا ، حيث إنه لا ينتج عنه أي تسجيل للموجات الزلزالية التي وصلت إلى موقع الجهاز.

وانتظر العالم زمناً طويلاً حتى منتصف القرن الثامن عشر حيث ظهر أول جيل من أجهزة تسجيل الزلازل.

 

والمبدأ الأساسي لهذه الأجهزة يعتمد على ثقل معلق بشكل حر الحركه في اتجاه واحد في هيئة بندول يتصل بإبرة تلامس أسطوانة دوارة مثبتة على قاعدة خرسانية.

وعندما تصل الأمواج الزلزالية إلى قاعدة الجهاز تهتز الأرض ومعها القاعدة الخرسانية والأسطوانة الدوارة ، بينما يميل الثقل (البندول)، إلى الثبات في مكانه بالقصور الذاتي .

وبالتالي فإن الإبرة المثبتة في البندول (شبه الثابت) ترسم الاهتزازات التي تهتز بها الأسطوانة الدوارة المثبتة على القاعدة الخرسانية المهتزة بفعل الموجات الزلزالية.

 

ويتم الرسم على ورقة التسجيل المثبتة على الأسطوانة التي تدور بسرعة منتظمة، وفي حالة عدم حدوث زلازل فإن الإبرة ترسم خطا مستقيما .

وقد تم تزويد هذه الأجهزة بوسائل وضع إشارات التوقيت على التسجيل . وهكذا تم الحصول على أول تسجيلات للزلازل، والشكل (1-14) يوضح المبادئ الأساسية في تصميم هذا النوع من السيسموجراف.

إلا أن هذه النوعية كانت قاصرة عن التسجيل الكامل لكل الزلازل القريبة والبعيدة أو القوية والمتوسطة وصغيرة القوة.

وسميت هذه النوعية من الأجهزة بالسيسموجراف الميكانيكي (Mechanical Seismograph) وتسمى ورقة التسجيل بعد رسم الموجات الزلزالية عليها بالسيسموجرام (Seismogram)

 

وفي عام 1906 أدخل الأمير بوريس جاليتزن تطويراً مهماً في تصميمات أجهزة تسجيل الزلازل، حيث قام بتركيب ملف كهربي على ثقل البندول وعلق الإثنان بين قطبى مغناطيس مثبت على قاعدة الجهاز التي تهتز مع الموجات الزلزالية.

وبالتالي يهتز المغناطيس بينما يميل ثقل البندول ومعه الملف إلى الثبات (بفعل القصور الذاتي لكتلة البندول) فيتولد في الملف تيار تأثيري يتناسب مع معدل قطعه لخطوط القوى المغناطيسية للمغناطيس. 

أي مع سرعة اهتزاز المغناطيس التي هي في الوقت نفسه سرعة حركة جزيئات سطح الأرض نتيجة مرور الموجاتالزلزالية.

 

وهكذا يكون جاليتزن قد نجح في تحويل الموجات الزلزالية إلى تيار كهربي متغير يمكن تسجيلة بعد ذلك .

وتزداد حساسية هذا الجهاز بزيادة عدد لفات الملف وكذلك باستعمال مغناطيس ذى مجال مغناطيسي قوي.

وقد أتاح هذا التصميم فصل بندول الجهاز عن وسيلة التسجيل ، ويسمى الجهاز الذي يحوي البندول والملف والمغناطيس بالسيسموميتر(أو جهاز الالتقاط Seismometer) .

 

ويخرج التيار الكهربي المعبر عن حركة الأرض حيث يتم تكبيرة ثم يدخل على أجهزة التسجيل التي تطورت حيث تستعمل طريقة ضوئية بدلا من استعمال الإبرة ، ويتم التسجيل في هذه الحالة على ورق تصوير فوتوغرافي.

وتعتمد معظم أو كل أجهزة الالتقاط (السيسمومترات Seismometers)حالياً ونحن في بداية القرن الحادي والعشرين على فكرة جاليتزن للسيسمومتر الكهرومغناطيسي (Electromagnetic Seismometerوالشكل (1-15) يبين المبادئ الأساسية له.

وحيث إن جهاز الالتقاط (السيسمومتر) يحتوي على بندول حر الحركة في اتجاه واحد ، فإنه يلزم ثلاثة أجهزة في الموقع الواحد لتسجيل الموجات الزلزالية في الاتجاهات الثلاثة الرئيسة .

 

حيث يثبت جهاز التقاط ذو بندول حر الحركة في الاتجاه الرأسي بحيث يكون حساسا لالتقاط الاهتزازات الرأسية ، كما يثبت جهازان آخران يكون بندول كل منهما حر الحركة في اتجاه أفقي، أحدهما (شمال – جنوب) والأخر(شرق – غرب ).

وفي حالة إنشاء شبكات تسجيل الزلازل المحلية ذات المحطات الحقلية المكثفة فإنة يُكتفي بجهاز التقاط واحد يعمل بندوله في الاتجاه الرأسي (Vertical Seismometer).

إلا أنه يفضل استعمال ثلاثة سيزمومترات في كل موقع حيث إن هذا الأمر يتيح الكثير من البيانات في أثناء عملية تحليل التسجيلات.

 

ولما كان لكل بندول تردده الطبيعي (Natural Frequency) الذي تحدده مواصفات تركيبه وبالذات طوله، فإن كل بندول أو كل جهاز التقاط يكون له حساسية عالية لالتقاط مدى محدد من ترددات الموجات الزلزالية ، ويكون هذا المدى متناسباً مع التردد الطبيعي للبندول .

وتقل استجابة السيسمومترات للموجات الزلزالية ذات التردد البعيد عن هذا المدى.

وهكذا فإن أجهزة الالتقاط تصنف طبقاً للتردد الطبيعي لبندولاتها إلى سيسمومترات قصيرة المدى (Short period) وهي التي تدور قيم التردد الطبيعي لبندولاتها حول 1ذبذبة /ثانية  (Hz) وسيسمومترات متوسطة المدى  (Intermediate Priod) يتراوح ترددها الطبيعي بين0,2 إلى 0,3 ذبذبة / ث (Hz) وأخرى طويلة المدى (Long Period)  يصل ترددها الطبيعي إلى0,07 ذبذبة / ث .

 

ومع تقدم تكنولوجيا صناعة أجهزة الزلازل أمكن إنتاج سيسمومترات واسعة المدى وأخرى ذات مدى ترددى فائق الاتساع تستطيع أن تستجيب للموجات الزلزالية عالية التردد حتى 25 ذبذبة / ث (Hz) وأيضاً منخفضة التردد حتى 0,003 ذبذبة / ث (Hz) كما تستجيب بنفس الكفاءة للترددات بين هذين الترددين.

أما أجهزة تسجيل الموجات (Recording systems) بعد أن تم فصلها باستعمال أجهزة الالتقاط الكهرومغناطيسي (Electromagnetic Seismometer ).

فقد تطورت من استعمال رواسم مختلفة على السيسموجرام الورقية إلى التسجيل على الشرائط المغناطيسية التي أتاحت إمكانية عمل نسخ كثيرة مماثلة للأصل ، كما أنها أتاحت زيادة طفيفة في المدى الديناميكي لأجهزة التسجيل وهي الخاصية التي يمكن تعريفها كالتالي:-

 

المدى الديناميكي لجهاز التسجيل (بالدسيبل db) =

 

وباستعمال أجهزة التسجيل على الشرائط المغناطيسية أمكن الوصول بالمدى الديناميكي إلى 48 ديسبل (db) وعند وصول النسبة السابقة إلى أكثر من هذه القيمة فإنه يحدث ما يسمى بالتشبع (saturation) وتصبح السعات المسجلة للموجات الزلزالية غير ممثلة للواقع بل أقل منه.

وبانتشار أجهزة الحواسب الآلية التي تعتمد على البيانات الرقمية تم تطوير عملية تسجيل الموجات الزلزالية إلى الصورة الرقمية (Digital Form) بدلاً من الصورة الموجية (Analog Form) السابقة.

وفي هذه العملية يتم ترقيم الصورة الموجية للتيار الكهربي الخارج من أجهزة الالتقاط (السيسمومتر) أي تحويله إلى صورة أرقام تمثل سعة الموجات الزلزالية مأخوذة كل فترة طبقاً لمعدل ترقيم (Sampling Rate) محدد.

 

وعادة ما يكون مائة عينة في الثانية الواحدة في حالة التسجيل الرقمي للزلازل المحلية والإقليمية، وتكون 20 عينه في الثانية لتسجيل الزلازل البعيدة ذات الترددات المنخفضة.

وقد أتاح التسجيل الرقمي لموجات الزلازل تقدماً هائلاً في تحليلات الزلازل.

حيث أدى إلى زيادة المدى الديناميكي إلى درجة هائلة بحيث يصل إلى 140 ديسبل (أي أنه يمكن للجهاز الواحد تسجيل الزلازل هائلة القوة دون أي تشبع بالإضافة إلى قدرته على تسجيل الزلازل الدقيقة أيضاً) كما أنه أتاح التعامل مع هذه البيانات من خلال الحواسب الآلية ذات السرعة والدقة المتناهية.

 

كما تطورت أيضاً أجهزة إضافة إشارات التوقيت على تسجيلات الزلازل حيث يتم استعمال تكنولوجيا الأقمار الصناعية في إضافة التوقيت المتناهي في الدقة، وذلك بدلاً من استعمال أجهزة التوقيت العادية ذات الخطاء الكبير نسبياً والذي يلزم تصحيحه يومياً.

كما أتاح التقدم في مجال الاتصالات ربط محطات الرصد الزلزالي في هيئة شبكات ، إما محلية في منطقة محدودة أو دولية تشمل بقاعاً كبيرة من سطح الأرض.

ويتم في هذه الشبكات إرسال الموجات الزلزالية الناتجة من أجهزة الالتقاط الموزعة في هيئة محطات حقلية مع إضافة إشارات التوقيت معها ، وذلك من كل محطة على حدة ، وبشكل مستمر إلى مركز للتسجيل من كل المحطات .

 

بحيث يمكن تجميع تسجيلات كل المحطات للزلزال نفسه في هيئة ملف واحد (على الحاسب الآلي) وفي نفس وقت حدوثه تقريباً .

وتستخدم أجهزة الإرسال اللاسلكي المتطورة أو تكنولوجياً الأقمار الصناعية في عمليات البث والاستقبال ، وترسل البيانات من المحطات إلى مركز التسجيل والتحليل في الصورة الرقمية مما يضمن نقاءها .

 

وتضمن هذه التكنولوجيا لمحلل بيانات الزلازل وصول بيانات عدد كبير من المحطات الحقلية (موزعة في أنحاء متفرقة ومتباعدة من بلاده أو من العالم) إلى مكان واحد وهو مركز التسجيل والتحليل. 

وفي وقت واحد بعد حدوث الزلازل بوقت قصير جداً مما يمكنه من إصدار البيانات الدقيقة والفورية عن عناصر الزلازل (زمن حدوثها، ومكانه، وعمق بؤرتها وقوتها). كما يمكنه أيضاً من القيام بكافة الدراسات والتحليلات التفصيلية بصورة أدق وأسرع وأشمل.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى