أحداث تاريخية

الآثار البيئية السلبية الناتجة عن حرب الخليج والغزو العراقي على الكويت

2010 تدهور الأراضي في دولة الكويت

د. علي محمد الدوسري ود. جاسم محمد العوضي

KFAS

حرب الخليج الغزو العراقي على الكويت أحداث تاريخية المخطوطات والكتب النادرة

لقد كان لغزو النظام العراقي البائد، في أغسطس من عام 1990م، على البيئة الكويتية آثار سلبية بعيدة المدى فاقت كل حدود التصور. 

فإلى جانب تفجير وتدمير أكثر من 780 بئرا نفطيا وانسكاب النفط الخام في البيئات البرية والبحرية وتلوث الهواء من الحرائق المشتعلة فإن حركة الآليات العسكرية (3500 دبابة و 4200 عربة مدرعة وحاملة) وانتشار الألغام (حوالي 2,5 مليون لغم) والأسلحة وبناء الخنادق العسكرية كان لها آثار سلبية على التربة والأراضي. 

وهذه الجوانب لها أضرار بعيدة المدى وآثار صحية وأضرار بيئية ما زال العمل جارياً من عدة جهات حكومية على دراستها.

فقد اسفرت كل الإجراءات التي تخذتها القوات العراقية عن تشوه سطح الارض وتغيير الملامح الطبوغرافية، فصاحبه تغيرات جوهرية في الخصائص الطبيعية والبيولوجية للتربة وتدمير الغطاء النباتي، والقضاء على الحيوانات البرية. 

 

ومما زاد من التأثير التدميري لهذه الإجراءات، الظروف المناخية لفترة ما قبل الاحتلال العراقي التي تخللتها فترة جفاف لمدة ثلاث سنوات (1987 – 1989) قلت فيها كميات الأمطار بنسبة 33% عن المعدل السنوي مما اثر سلباً على درجة تماسك حبيبات التربة ودرجة حرارتها ونسبة رطوبتها وكثافة الغطاء النباتي، مما ضاعف من التأثيرات التدميرية بفعل الاحتلال العراقي وحرب التحرير. 

ومن ناحية أخرى أسهمت حركة الآليات والمعدات الحربية الثقيلة في التأثير السلبي على بعض خصائص التربة حيث أن هذه الحركة تسببت في انضغاط حبيبات التربة ومن ثم انسداد وغلق ما بها من مسام ما قلل من معدل التسرب الرأسي لمياه الأمطار الذي يؤدي بدوره إلى جفاف التربة وذبول أو موت ما عليها من كساء خضري.

ولقد نتج عن إقامة التحصينات الدفاعية (مثل الأسلاك الشائكة وحقول الألغام، السواتر الترابية، خنادق القتال وملاجئ الافراد وحفر الذخائر ومخابئ العربات والمدرعات.

 

بالإضافة إلى الخنادق النفطية وهي حفر طولية مملوءة بالنفط المعد للاشتعال في حالة إقدام قوات التحالف على اقتحام الكويت) تكسير وتفتيت للتربة وتدمير للغطاء النباتي والقضاء على الحيوانات البرية وحدوث تلوث نفطي للتربة بمواقع الخنادق النفطية. 

كما أن التربة والرمال الناتجة عن عمليات حفر وإقامة هذه التحصينات شكلت مصادر محلية للعواصف الرملية عند هبوب الرياح خاصة خلال فصل الصيف. 

ويوضح الجدول رقم (19) بيانا بالتحصينات الدفاعية في بعض المناطق بالكويت بناء على المعلومات التي تم الحصول عليها من وزارة الدفاع. 

ويتضح من الجدول أن كثافة التحصينات الدفاعية كانت مرتفعة في المنطقة الشمالية الشرقية (57,26/كم2)، تليها المنطقة الجنوبية الغربية (35,66/كم2).  كما يوضح الشكل رقم (25) توزيع الحفر والخنادق في بعض المناطق بالكويت.

 

ومما يجدر ذكره في هذا المجال والتوقف عنده ما حدث من تلوث نفطي للتربة نتيجة الآبار المحترقة والمدمرة والأنابيب المدمرة بواسطة القوات العراقية قبيل انسحابها من دولة الكويت في فبراير 1991م. 

فقد وصل النفط المتسرب في التربة إلى أعماق حوالي 1,5م، وكون أضا حوالي 570 بحيرة نفطية مختلفة الأحجام والأشكال غطت مساحة 49,1كم2 وقدرت كمية النفط بحوالي 24 مليون برميل.

والجدول رقم (20) يبين أن مساحة البحيرات النفطية تقلصت إلى حوالي 27,5كم2 في عام 1992م  نظراً لتبخر كميات من النفط وتغطية أجزاء منه بالرمال .

 

وأظهرت نتائج الدراسات التي تمت على عينات من التربة الشديدة التلوث بالنفط من مناطق قريبة من البحيرات النفطية أن معدل نسبة المركبات الهيدروكربونية المشبعة في التربة قد بلغ أكثر 32% في عام 1992م. 

كما ثبت أن نسبة المركبات الأروماتية في نفس العام قد بلغ أكثر من 25%.  وعند مقارنة هذه النتائج بالنتائج التي أمكن الحصول عليها خلال العامين 1993 – 1994.

نجد أن المركبات الهيدروكربونية المشبعة قد اختفت تقريبا ولكن نسبة المركبات الأروماتية، التي تعتبر مادة مسرطنة ولها أضرار على الحياة سواء النبات أو الحيوان أو الكائنات الدقيقة وخاصة الحيوانات التي تأكل النباتات المختزنة لهذه المادة، ما زالت عالية في التربة (الجدول رقم 21).

بالإضافة إلى ذلك غطت مساحات تصل إلى حوالي 1000كم2 من سطح الصحراء بالرذاذ النفطي المتساقط من الآبار التيتم تفجيرها ولم يشتعل النفط بها. 

 

وقد أوضحت صور الأقمار الصناعية المأخوذة لدولة الكويت قبل وبعد اشتعال وتدمير آبار النفط هذا النوع من تلوث التربة (الشكل رقم 26).

 وتراوحت سماكة الحصر القطرانية (فرشات صلبة سوداء اللون تتكون من المخلفات الثقيلة للنفط الناتجة بعد تبخر الموماد العضوية المتطايرة من النفط المنسكب فوق السطح) ما بين حوالي 0,5 سم إلى 2 سم، بينما لم يزد سماكة الرذاذ النفطي عن 0,5 سم. 

كما غطى السناج المتساقط من المواد البترولية المحترقة بسماكة حوالي 2 مم مساحات كبيرة قرب الحافات الخارجية للحصر القطرانية في حقول النفط المختلفة، وقد قدرت كميته بحوالي 3,8 مليون طن.

 

وأظهرت نتائج دراسة (ميساك وآخرون 2000) أن الأحداث اللاحقة للعمليات الحربية مثل عمليات الهندسة الميدانية لإزالة الألغام، وتطهير الأرض من آثار المعارك، وكذلك عمليات إطفاء حرائق آبار النفط لا تقل أهميتها في عمليات هدم وتدمير عناصر البيئة. 

كما أنه بالرغم مما بذل من جهود لإصلاح عناصر البيئة المضارة فإن هذه العناصر ما زالت تعاني من آثار متنوعة بسبب آثار حرب الخليج. 

 

ولقد أمكن خلال المسوحات الحقلية ودراسة وتحليل صور الأقمار الصناعية بعد الحرب من حصر الأضرار البيئية الآتية:

1– تدمير الغطاء النباتي الطبيعي وقتل الحيوانات البرية.

2– تفكيك وتفتت التربة وانكشاف الرواسب المفككة للرياح السطحية.

3– تكسير القشرة السطحية الخشنة الحبيبات والتي تحمي ما تحتها من رواسب مفككة.

4- تغيير السمات الطبوغرافية المحلية.

5- انضغاط التربة.

6- تشقق وتفلق الطبقات الجيولوجية الصلبة القريبة من السطح.

7- تلوث التربة وتغير خصائصها الطبيعية والكيميائية.

8- إحلال بعض قطاعات التربة بمواد غريبة مثل النفايات والمخلفات الحربية أو غيرها مما يؤدي سلبا على خصائصها وقدرتها الإنتاجية.

9- تلوث الطبقات الحاملة للمياه القريبة من السطح.

 

أما آثار حرب الخليج ذات العلاقة المباشرة بقطاع الأراضي الزراعية فيمكن حصرها بما يلي (ميساك وآخرون، 2000).

1- تدمير أو جفاف أو حرق ما بين 15 – 25% من الأحراج المنتشرة داخل وحول مدينة الكويت والمناطق الصحراوية المختلفة.

2- القضاء على مساحات من الأحزمة الخضراء المحيطة بالمناطق الزراعية كالوفرة والعبدلي والصليبية.

3- تغطية ما لا يقل عن 60% من مساحة منطقة الوفرة الزراعية بالرذاذ النفطي والسناج المتساقط من الآبار التي كانت مشتعلة بحقل نفط برقان الكبير الواقع في الشمال الغربي من منطقة الوفرة الزراعية.

4– تدمير البنية التحتية لقطاع الزراعة (الإنتاجين النباتي والحيواني).

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى