الطب

مستويات الشدة والكروب التي يواجهها مريض السكري

2013 أنت والسكري

نهيد علي

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

الطب

نظراً لعدم توافر الوسائل اللازمة لقياس العواطف والذكاء فقد ابتكر الأطباء وسائل يسهل التعامل معها لحساب حاصل الشدة، الذي يشبه من حيث المبدأ حاصل الذكاء، إذ تؤدي هذه الوسائل إلى الحصول على نمط ملموس من البيانات لدى اختبار مدى قدرة شخص ما على التعامل مع الشدات والكروب.

وسائلك الشخصية لرصد الشدات والكروب:

يمكنك القيام باختبار ذاتي للتعرف على مستويات الشدة والكروب التي تواجهها كل يوم، ولاسيما في الصباح الباكر عندما تستيقظ من النوم أو في المساء عندما تستعد للذهاب إلى السرير.

فعندما تستيقظ من النوم، ما هو الشيء الذي تفكر فيه فوراً؟ وهل تشعر بالغضب أم بالانزعاج أم بالقلق؟

وما عليك إلا أن تكتب هذه الملاحظات، وأن تتأكد من أنك تتعاطى معها في أول فرصة تتاح لك بعد الاستيقاظ.

وعليك أن تأخذ بحسبانك أسوأ السيناريوهات الممكنة، وأن تضع الخطط للأساليب البديلة الممكنة عندما تكون الظروف التي تواجهها تحتمل الكثير من الاحتمالات والظنون.

 

وحاول أن تأخذ في اعتبارك ثلاثة أمور تشعر نحوها بالامتنان والرضا لتقابل الأمور المزعجة والمثيرة للقلق وللغضب لديك.

وقبل أن تخلد للنوم، فكر في يومك الذي انقضى، وانظر إليه بعين الرضا، واكتب الأمور التي استكملتها أو التي أنت ماض في استكمالها، وخذ على نفسك عهداً بأن تتعاطى مع تلك الأمور في اليوم التالي.

وفي واقع الأمر لن يستطيع أي شخص أن يستكمل جميع المهام المطلوبة منه في يوم واحد، كما لا يستطيع الانتهاء من عمل يتطلب إنجازه عاماً كاملاً خلال شهر واحد، وما على الإنسان إلا أن يبذل ما بوسعه لعمل ما يمكنه عمله، وذلك كفيل أن يحقق له النجاح في مساعيه، ويتيح له أن يعيش يومه بدون قلق، أما في الليل، فإن العقل اللاواعي سيقدم لك مصادر متنوعة لتساعدك على صياغة الخطط وحل المشكلات بالطرق الملائمة.

 

التركيز على العلاقات:

ونؤكد مرة أخرى على أهمية التفكير عند الاستيقاظ من النوم أو عند الذهاب إلى السرير بالعلاقات التي توثر في قدر كبير من حياتك، فهل لديك شيء كان عليك القيام به ولم تقم به بعد، وهل هناك شيء كنت تود قوله ولم تفصح عنه بعد، فإذا كان لديك شيء من هذا القبيل فما هي أفضل الأوقات للقيام بذلك، فهل التبكير في ذلك أفضل، وعليك أن تلاحظ أن التفكير الإيجابي له مفعول سحري، وأن الأمرين الأساسيين اللذين يخففان من وطأة الشدات والكروب النفسية في سياق العلاقات هو الإخلاص والتواصل المستمر.

 

تخفيف مستويات الشدات والكروب:

يمكن للتأمل وللاسترخاء أن يخففا وبدون أدنى شك من وطأة الشدات والكروب التي تتعرض لها، فهما يكسبان الجسم القدرة على التحمل والمقاومة، ويقدمان لك قدراً كبيراً من المساعدة. فحاول أن تكرر الأدعية والصلوات في سرك مرات كثيرة كل يوم، وأن تتفكر وتتأثر بكل كلمة ترددها في تلك الأدعية والصلوات، ولا تستعجل في دعائك أو في صلواتك، بل فكر وتأمل، وركز على حقيقة التعامل مع نفسك بيسر وسماحة، فمشاعر الرحمة والمودة هي ما نتمنى أن تسود في حياتنا في كل الأوقات، وتذكر أن تفكرك وتأملك سيؤهبك لتصبح على درجة كافية من القوة تتيح لك ابتكار أساليب إبداعية لتخفيف وطأة الشدات والكروب ولتجاوز التحديات التي تعترض طريقك في الحياة.

 

الصياغة الإيجابية للأفكار:

إن العملية التي ينغمس فيها المرء أثناء تفكيره أو كلامه أو تواصله سواء مع نفسه أم مع الآخرين من حوله تعد جزءاً من العدة التي تستخدم في سياق الطب النفسي لتقوية التدخلات الإيجابية عند التعرض للشدات والكروب التي ترافق مضاعفات السكري.

وإذا ما حاولنا التعمق أكثر في الصياغة الإيجابية للأفكار فسنجد أنها تدور حول تغيير الطريقة التي ترى بها الأشياء، فبالصياغة الإيجابية للأفكار يمكنك أن ترى الجوانب الإيجابية في بعض الأشياء التي قد يعتبرها غيرك بالغة السوء، وهو أمر يعتبر فرصة ثمينة لك للتنمية النفسية.

فأنت بذلك تبتكر الأساليب وتتحقق من أنك ترسم صورة أكبر للأمور دون أن تقتصر على التركيز على الأشياء التي تراها بالعين المجردة. وهكذا فإنك ستسعرض بنفسك الجانب الآخر من الصورة، وتحاول أن تأخذ بالحسبان ما يدور بالفعل حولك بدلاً من التشبث بكل ما يقال لك من الأشياء واعتبارها حقائق مسلماً بها.

فإذا تخيلت أن زوجتك تصرخ "إنك لا تفعل أي شيء لتساعد نفسك"، فإنك قد تفكر إما بأن زوجتك لا تحبك أو أنها تفهمك فهماً جيداً. وربما تكون زوجتك دائمة الانتقاد لك، وأنك تجد في ذلك مشكلة، وعندها ينبغي عليك أن التعرف على مصدر الاختلاف بينك وبين زوجتك، ثم تواصل المضي في الأفكار التي تشعر معها بإيجابية أكبر.

 

والحقيقة أن زوجتك تشعر بذات القدر من القلق والاهتمام الذي تشعر به أنت، إذا لم يكن أكثر، وعندها عليك أن تتجنب الالتفات إلى ما قامت به بالفعل من الصراخ في وجهك، فأنت تعرف في عمق دماغك أنها قلقة عليك، وخائفة مما قد تتعرض له من مخاطر، لأنها ببساطة تحبك، وعليك أن لا تعيد توجيه الغضب نحوها هي، لمجرد أنك تريدها أن تتوقف عن تصرفها على هذا النحو.

وفي ميدان الطب النفسي، يحتل التواصل العلاجي أهمية فعلية، نظراً لحرص القائمين على إيتاء الرعاية الصحية عند تفاعلهم المتبادل مع المصابين بالاعتلالات النفسية على تجنب الوقوع في التواصل المتحيز والانجرار إلى التعقيب دون إلمامهم بكامل التفاصيل.

وإلى جانب ذلك فإن القائمين على إيتاء الرعاية الصحية ينبغي أن يمارسوا التواصل العلاجي مع السكريين الذين يعانون من شدات وكروب مرافقة.

وهذا يعني ذلك أن التواصل العلاجي أصبح من الممارسات المعتادة، والحقيقة أنه كلما تكوَّن لديك فهم أفضل لسبب محدد يكمن وراء حدوث وضع ما، تزداد الفرصة المتاحة لديك لفهم وتوضيح الاحتياجات التي ينبغي تلبيتها.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى