الفيزياء

إثبات حقيقة مفادها أن “الضوء مصنوع من جسيمات”

1997 عجائب الضوء والمادة تجريباً وتأويلاً

KFAS

الضوء مصنوع من جسيمات الفيزياء

قد تتساءلون عن كيفية كشف فوتون واحد . إن أحد الأجهزة المستخدمة لهذا الغرض يسمى المضاعف الفوتوني photomultiplier ؛ وسأشرحه لكم باختصار .

عندما يسقط فوتون على صفيحة معدنية A (القسم السفلي من الشكل 1) ، فإنه يكسر الرابطة (الضعيفة) التي تمسك بأحد إلكترونات ذرة من المعدن: ينجذب بعدئذ هذا الإلكترون إلى الصفيحة B (وهي تحمل شحنة كهربائية موجبة) ويحرر إلكترونات أخرى.

وهكذا دواليد  يتضاعف عدد الإلكترونات المتحررة من صفيحة إلى أخرى حتى يبلغ المليارات بعد عشر صفائح أو اثنتي عشرة، فيسقط بهذه الصورة على الصفيحة الأخيرة تيار كهربائي يمكن كشفه بسهولة؛  إذ يمكن تضخيمه وإرساله إلى سماعة فيحدث ((تكة))  مسموعة .

وهكذا ، من أجل كل فوتون وارد على المضاعف الفوتوني تصدر ((تكة)) ذات شدة معينة .

 

فإذا أحطنا ، بعدة مضاعفات فوتونية ومن كل الجهات ، منبعاً ضوئياً ضعيفاً يرسل ضوءاً في كل الاتجاهات ، فيسقط الضوء على أي من هذه المضاعفات مسبباً في كل مرة ((تكة)) ذات شدة واحدة.

إن هذا التركيب يتصرف بطريقة ((شيء أو لا شيء)) ؛ أو بتعبير آخر : إذا صدرت عن أحد المضاعفات الفوتونية ((تكة)) في لحظة ما ، فإن المضاعفات الأخرى تكون صامتة تماماً في تلك اللحظة بالذات ( إلا إذا اتفق أن صدر عن المنبع فوتونان معاً ،  لكن هذا نادر جدا) . فالضوء لا يمكن تقسيمه إلى ((أنصاف جسميات))  يذهب كل منها في اتجاه .

ومهما ألححتُ على أن الضوء مصنوع من جسيمات ، فلن أفي هذا الواقع حقه . ومن المهم جدا – أن تعلموا أن الضوء يتصرف كجسيمات . صدقوني : إن الضوء يتصرف في الحقيقة كجسيمات .

قد يعترض بعضكم مدعياً أن المضاعف الفوتوني ، الذي يكشف الضوء ، هو الذي يشعر به بذلك الشكل الجسيمي ، لكن الواقع أن كل الأجهزة المصممة لتستطيع  كشف الشدات الضوئية الضعيفة تعطي النتيجة نفسها : إن الضوء مصنوع من جسيمات .

 

أعتقد أنكم تعرفون كل الخصائص التي يُبديها الضوء في الحياة اليومية؛ تعرفون أنه يذهب في خط مستقيم ، وأنه ينكسر عند نقطة دخوله في الماء ،  وأنه ينعكس ((يرتد)) عن المرآة بزاوية تساوي زاوية وروده عليها ، وأن بالإمكان تفكيك الضوء المزيج  إلى ألوان شتى ( لا بد أنكم قد رأيتم الألوان التي تظهر على سطح بقعة من الزيت طافية على سطح الماء ) ، وأن أشعته تتقارب معا بعد اختراق عدسة زجاجية ، إلخ .

إن هذه الظواهر ، المعروفة جيدا ، ستفيدني في إيضاح السلوك العجيب للضوء ، أي أنني سوف أفسر هذه الظواهر العادية بلغة الإلكتروديناميك الكمومي ، وذك على غرار استخدام المضاعف الفوتوني لإبراز ظاهرة جوهرية لم تعتادوها ،  إن الضوء مصنوع من جسيمات . وآمل الآن أن تكون هذه الظاهرة أيضاً قد أصبحت مألوفة لديكم .

أعتقد أنكم تعرفون جميعاً أن الضوء ينعكس جزئياً عن سطح مادة شفافة كالماء . تذكروا العديد من اللوحات الفنية الممتعة التي تصور بحيرة انعكس على سطحها ضوء القمر .

 

فعندما نشاهد سطح الماء نرى في آن واحد (لا سيما في النهار) ما يوجد في أعماق الماء تحت سطحه، وما ينعكس عن هذا السطح.

وللزجاج سلوك مماثل: فإذا أشعلتم في وضح النهار مصباحا في غرفة ونظرتم نحو الخارج ، ترون في آن واحد الأشياء الموجودة في الخارج وخيال المصباح ( خافتاً ) في زجاج النافذة . وهذا يثبت أن الضوء ينعكس جزئياً بفعل سطح الزجاج .

قبل أن أستمر في هذه المسيرة أحب أن الفت انتباهكم إلى تبسيط اعتمده الآن وسوف أصلحه فيما بعد . عندما أقول : إن الضوء ينعكس جزئياً بفعل الزجاج ، أفترض أن الضوء لا ينعكس إلا بفعل سطح هذا الزجاج .

فالواقع أن قطعة الزجاج مخيفة التعقيد ، إنها تحوي عدداً هائلا من الإلكتروننات مضطربة في كل الاتجاهات ، ومن شأن الفوتون الذي يسقط عليها أن يتفاعل مع كل الإلكترونات الموجودة في قطعة الزجاج – وليس فقط مع تلك الموجودة عند السطح.

وهذا يجعل الفوتونات والإلكترونات تؤدي رقصة من نتائجها أن يجري كل شيء وكأن الفوتون لا يتعامل الا مع سطح الزجاج. وعلى هذا الأساس، وبغية التبسيط، سأفترض أن هذا هو الذي يحدث؛ وسأشرح لكم فيما بعد ما يحدث حقاً في الزجاج ،  وستفهمون لماذا لا يغيِّر هذا الافتراض شيئاً .

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى