الحيوانات والطيور والحشرات

نبذة تعريفية عن عملية “اسْتِزْرَاعُ الأَسْمَاكِ”

1997 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الثاني

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

عملية استزراع الأسماك الحيوانات والطيور والحشرات البيولوجيا وعلوم الحياة

كان الإنسانُ الأوَّلُ يجمعُ غذاءَه، فيتجوَّلُ بين النباتاتِ التي تنمو حوله ليقطفَ ما يناسبهُ من الثِّمَارِ، ويطاردُ الحيواناتِ ليصيدَ منها ما  يشتهي، ويلجأُ إلى وسائلَ بسيطةٍ لصَيْدِ السَمَكِ من البحارِ والأنهارِ.

ثم تعلَّمَ الإنسانُ أن الأفضلَ له أن يزرَع من النباتاتِ الأنواعَ الصالحةَ لغذائِهِ أو كسائِه ليجدَها متوافرةً عِنْدَه، كذلك تعلَّمَ كيف يستأنسُ بَعض أنواعِ الحيواناتِ ثم يُرَبِّيها ليحصلَ على لُحومِها وألبانِها وأصوافِها وليستخدِمَها في الحَمْلِ والانتقال.

أما السَّمَكُ فلمْ يَكُنْ من السَّهْلِ عليه أن يُرَبِّيَهُ كما يربِّي الأغنامَ أو الدجاجَ ولكنه تعلَّمَ بعد ذلك أن يحتفظَ بالماءِ بما فيه من أسماكٍ في بِرَكٍ صغيرةٍ في مَوْسِمِ الفيضان.

 

وهكذا كان يجدُ سمكاً يصيدُه ليأكلَه في مَوْسِمِ جفافِ الأنهارِ. وكذَلِك كان يحجزُ الناسُ الماءَ وما فيه من سمكٍ في أماكنَ مغلقةٍ قريباً من شاطئِ البَحْرِ. وهكذا تعلَّم الناسُ أن يحتفظُوا بالأسماكِ ويَحْمُوها من الأعداءِ والجفافِ لتنموَ طبيعيًّا في المَاءِ.

ويمكنُنا أن نُسَمِّيَ هذا "تربيةً" للأَسماكِ، ويربِّي بعضُ الناسِ أسماكَ الزينةِ المُلَوَّنَةَ في أحواضٍ صغيرةٍ في منازلِهم، للتمتعِ بأشكالِها الجميلةِ وحَرَكَاتها اللَّطِيفَةِ.

ومنذُ نحوِ خَمْسَةِ آلافِ سَنَةٍ كانَ الصينيون القُدَمَاءُ يُرَبُّون الأسماكَ في البِرَكِ ويقدمُّون لها الأرزَ وعذرَاى دودَةِ الحريرِ لتَغْذِيَتِهَا، كما أنهم يأخذون الطِّينَ من قاعِ البِرَكَ ليُسَمِّدُوا بهِ الأرضَ التي يزرعون فيها الأرزَ وأشجارَ التوتِ التي يربُّون عليهَا دودَ الحريرِ.

وقد انتقلتْ حِرْفَةُ تَرْبِيِةِ الأسماكِ إلى اليابانِ وأوروبا وغيرِها من بلادِ العالَمِ.

 

وتضعُ الأسماكُ بَيْضاً كثيراً جِدَّا، تَخْرُجُ منه أعدادٌ هائِلةٌ من الصِّغَارِ، أو اليَرَقَانَاتِ، لَوْ كَبُرَتْ كُلُّها وعاشَتُ لَمَلأَتْ البحارَ والأنهارَ في أعوامٍ قليلةٍ.

ولكَّن معظمَ البيضِ واليرقاناتِ تبتلعُه الكائناتُ البحريةُ الأخرَى والأسماكُ الأكبرُ أحجاماً، فلا يبقَّى منهُ إلا القليلُ.

وإذا صادَ الإنسانُ كثيراً من هذا السَمَكِ القليلِ قَبْلَ أن يَضَعَ بيضَه أصبحتْ بعضُ الأنهارِ والبحارِ فقيرةً جداًّ في الأسماكِ.

 

ولكنَّ الإنسانَ الحديثَ قد استعانَ بالعِلْمِ فَعَرَفَ كيَف يُرَبِّي أعداداً كبيرةً من الأنواعِ المُفَضَّلَةِ عندَه من الأسماكِ، كما يفعلُ عندَ زراعةِ النباتاتِ.

ولذلك سَمَّى هذا زَرْعاً أو "اسْتِزْرَاعاً" للأسماك، وفي استزراعِ الأسماكِ يَرْعَى المختوصون الأسماكَ منذُ تَكُونُ بيضاً، ويُمِدُّونَها بالحمايةِ والغذاءِ حتى تنموَ وتكبرَ، وهم في البدايةِ يجمعون الأسماكَ البَيُوضَ ويربونُّها في أحواضٍ خاصَّةٍ، حتى إذا وضعتْ بيضَها جمعوه في سَلَالٍ من القُّمَاشِ يَتَجَدَّدُ فيها الماءُ.

 

وعند فَقْسِ البَيْضِ، تُنْقَل اليرقاناتُ إلى أحواضٍ صغيرةٍ ويقدَّمُ لها الغِذَاءُ، فإذا نَمَتْ نَقَلُوها إلى أحواضٍ أكبرَ. وتعيشُ معظمُ الأسماكِ الصغارِ لأنَّها تُحْفَظُ بعيدةً عن الأعداءِ وتَجِدُ وَفْرَةً من الغِذَاءِ والأكسجين، وتعيش في درجةِ حرارةٍ مناسبةٍ.

ويستطيع مُرَبُّو الأسماكِ أن يستمرُّوا في تربيتِها في الأحواضِ حتى تكبرَ وتباعَ للنَّاس، أو أن يُطلِقُوهَا في البحرِ بَعْدَ أن كَبُرَتْ واستطاعْت أن تدافعَ عن نَفْسِها وتَفِرَّ من أعدائِها وتحصلَ على غذائِها، فيتاحَ لها حظٌ أكبرُ من الحياةِ. وهكذا ترى أنَّهم "يَزْرَعُونَ" البَحْرَ سَمَكاً.

 

وهم يعملون هذا أيضاً في الأنهارِ التي يَرْتَادُها المُحِبُّون لرياضةِ صَيْدِ الأسماكِ. وقد ازدهرت صناعةُ استزراعِ الأسماكِ في بعضِ البلادِ العربِيَّةِ، وفي الكُوَيْت يقوم "معهدُ الكويت للأبحاثِ العلميةِ" باستزراعِ أسماكِ الهامور والسُّبِيطي والبُلْطِي. ويطرحُ المعهدُ للبيعِ أطناناً من الأسماكِ التي يُرَبِّيها.

ويربِّي الناسُ كائناتٍ بحريةً أخرَى غيرَ الأسماكِ، فهناك أيضا مزارعُ للروبيان والاسفنج والمَحَّارِ صانعِ اللُّؤلِؤِ، وغيرِها من حيواناتِ البحر.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى