العلوم الإنسانية والإجتماعية

التطور التاريخي لـ”المكتبة” وأنواعها

2003 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الخامس عشر

عبد الرحمن أحمد الأحمد

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

تطور المكتبة أنواع المكتبة العلوم الإنسانية والإجتماعية المخطوطات والكتب النادرة

يمكننا أن نطلق اسم «مكتبة» على كل مكان يضم مجموعة منظمة من أوعية حفظ المعلومات، بغرض الاطلاع عليها والاستفادة من محتوياتها. 

ويتردد عليه عدد من المستفيدين من هذه المقتنيات. ولكن اسم المكتبة يشير إلى «الكتب»، بوجه خاص.

والهدف الأساسي من إنشاء المكتبات بجميع أنواعها هو توفير حصاد المعرفة بكل أشكالها وأنواعها للقراء والباحثين على وجه يمكنهم من زيادة معارفهم وتنمية حصيلتهم الثقافية.

 

ويعد إنشاء مكتبة الإسكندرية أهم حدث في تاريخ المكتبات في الأزمنة القديمة وكانت هذه المكتبة مؤسسة متكاملة أنشأها «بطليموس سوتر» أول الملوك خلفاء الإسكندر في مصر نحو عام 290 قبل الميلاد (ق. م).

إلا أن القسم الأكبر منها قد تهدم بعد غارة قيصر على الإسكندرية عام 47 ق. م، وأصبح «السيرابيوم» المركز الحقيقي للكتب في المدينة.

وتأتي بعد ذلك مكتبات المعابد في كل من الحضارة الآشورية والبابلية وأهمها في الحجم والمضمون مكتبة آشور بانيبال (668 – 628 ق. م) من ملوك أسرة سارجون آخر أسرة من ملوك آشور.

 

ويمكن القول بأن هناك شبها كبيرا بين مكتبتي نينوى (في شمال العراق) والإسكندرية: فقد كانت كلتاهما ذات طابع عالمي، كما أسسها الملوك الحاكمون، على الرغم من اختلاف مادة الكتابة في كل منهما (فكانت الألواح الطينية في نينوى ولفائف البردي في الإسكندرية).

ومع بداية القرن الرابع قبل الميلاد أصبح من المألوف أن يجمع العلماء والأدباء مكتبات خاصة بهم.

ومن المناسب هنا أن نشير إلى إحياء مكتبة الإسكندرية في أوائل القرن الحادي والعشرين، في موقعها القديم (تقريبا).

 

وقد أنشئت المكتبة الجديدة بجهود مصرية وعالمية على أحدث المستويات العصرية. وهي تضم عدة مكتبات، منها واحدة للمكفوفين وأخرى للأطفال، وثلاثة متاحف، وخمسة معاهد بحثية، والعديد من المعارض، وقبة سماوية، ومركزا متطورا للمؤتمرات. وقد أحيطت المكتبة بجدار من الجرانيت نقشت عليه ألفبائيات البشر.                       

هذا ويشير التاريخ الإسلامي إلى القرآن الكريم كأول كتاب ظهر في لغة العرب، ثم بدأت المؤلفات العربية تخرج إلى حيز الوجود قبل أن ينتصف القرن الأول الهجري وفي القرن الثاني الهجري بدأت حركة التدوين التي تمثلت في جمع الحديث النبوي الشريف. 

ومن بعده المغازي والسير. وخلال القرنين الثالث والرابع شهدت حركة التأليف ازدهارا رائعا زاد في تنامي المقتنيات المكتبية.

 

ومن الحقائق الثابتة أن الدول الإسلامية في عصورها الأولى قد اهتمت بالمكتبات، فكان هناك العديد منها في الأندلس، والمكتبات الملحقة بقصور الخلافة العباسية في بغداد والفاطمية في مصر والأموية في الأندلس.

فأما المكتبة الأولى فهي مكتبة «بيت الحكمة» أو «خزائن الحكمة» التي أنشأها الرشيد في أواخر القرن الثاني الهجري (انظر: الدولة العباسية)، وكانت مركزا للثقافة ومنتدى للعلماء ومركزا لترجمة الكتب ونسخها.

أما المكتبة الثانية فهي خزانة كتب العزيز الفاطمي (الذي ولي حكم مصر من 365 إلى 386ه). وكان اهتمام الفاطميين بالكتب والمكتبات شديدا وأما المكتبة الثالثة فهي مكتبة الأمويين في الأندلس (التي أنشأها الحكم المستنصر الذي ولي في المدة 350 – 360 ه)

 

وهذه المكتبات جميعها كان لها الفضل الأكبر في حفظ التراث الإسلامي، بل والتراث الإنساني القديم، مترجما إلى اللغة العربية. هذا فضلا على وجود مكتبات المساجد في العديد من الحواضر الإسلامية كدمشق وبغداد والقاهرة وقرطبة وطليطلة.

ولم يقتصر الأمر على ذلك فقد عرفت الدول الإسلامية المكتبات التي تخدم النظام التعليمي، ونعني بها المكتبات المدرسية والجامعية.

ومن هذه المكتبات مكتبة المدرسة النظامية في بغداد في القرن الخامس الهجري، والمكتبة المستنصرية التي أقامها المستنصر العباسي لتكون جامعة تحمل اسمه، وزودها بخزانة عظيمة من الكتب.

 

أما في أوروبا قد كان التعليم خلال العصور الوسطى محدودا، وكان مصدره المكتبات الخاصة بالدين المسيحي، وكانت تسمى مكتبات الأديرة.

ففي إيطاليا كانت مكتبة «دير مونت كازينو» الذي أقامة البندكتيون من أشهر مكتبات الأديرة في أوروبا كلها، وكانت مكتبته من أغنى المكتبات.

ومنذ القرن الثالث عشر بدأت حركة الترجمة تمد المكتبات بدماء جديدة بدأت تتدفق في عروقها في العصر الذي ظهر فيه الفرنسيسكان والدومينيكان وأنشؤوا لطائفتيهما مكتبات في مختلف أنحاء أوروبا، وإن كانوا قد تركزوا في أكسفورد وباريس.

 

ومع دخول القرن السادس عشر تعرضت مكتبات الأديرة للتلف والتخريب حتى القرن السابع عشر حين بدأت المكتبات الخاصة في الازدهار في فرنسا، وأصبحت لازمة من لوازم بيوت الفرنسيين في القرنين السابع عشر والثامن عشر. ثم كان القرن التاسع عشر أغنى من سابقه بالمكتبات وخاصة في إنجلترا.

وفي منتصف القرن التاسع عشر بدأ عصر التوسع والنهضة المكتبية فتوسعت المكتبات القومية وعلى رأسها مكتبة المتحف البريطاني – المكتبة البريطانية حاليا – في لندن، والمكتبة الأهلية بباريس، وظهرت المكتبات العامة على مسرح الحياة كأداة تثقيفية تهتم بها الحكومات والشعوب.

 

أما في العصر الحديث فقد أحدثت التطورات الهائلة في كم المعلومات وتنظيمها، وتضاعف مجالات العلوم والمعارف، والابتكارات التكنولوجية الجديدة… كل هذا قد أحدث تطورا موازيا في المكتبات والمعلومات من حيث المفهوم والتنظيم ولغات التكشيف والتحليل.

واستخدام رؤوس الموضوعات والمكانز، وإدخال الحاسب الآلي في ميكنة العمليات المكتبية وكذلك في تحليل واسترجاع المعلومات.

وهكذا ظهرت المكتبة الإلكترونية بشكل ناجح تماما، بعد أن اتسعت وتدعمت شبكات الاتصال الوطني والدولي لتنقل المعلومات العلمية عبر خطوط الهاتف الدولية والأقمار الصناعية.

 

كما هي الحال في نظام «ديالوج» الذي يحتوي على أكثر من 15 مليون مرجع في مراصد المعلومات المختلفة.

وإذا كان قد أمكننا أن نشير في القرون الماضية من تاريخ البشرية إلى كتاب أو مكتبة مشهورة فإن ذلك لم يعد ممكنا في القرن العشرين وما بعده حيث بلغ حجم المقتنيات في بلاد عديدة إلى ملايين المجلدات.

فمكتبة الكونجرس في أمريكا المكتبة البريطانية في لندن، مثلا، تضم كل منهما أكثر من عشرين مليون مجلد تغطي شتى فنون المعرفة. وقس على ذلك في سائر البلاد الأوروبية والصين وبدرجة أقل بكثير في الدول النامية.

 

أنواع المكتبات:

هناك أنواع مختلفة من المكتبات الحديثة يمكن تحديدها بإيجاز فيما يلي:

1-المكتبات القومية أو الوطنية: توجد في كل دولة مكتبة وطنية واحدة تقوم بحفظ التراث الوطني للدولة وتجميعه وضبطه ببليوجرافيا، وقد تسمى أحيانا «مكتبة الدولة».

 

2-المكتبات العامة: هي المؤسسة الثقافية والاجتماعية التي تجمع مصادر المعرفة بجميع أشكالها وأنواعها، وتعمل على تيسيرها كي ينتفع من خدماتها المواطنون دون أي تفرقة بينهم ودون أية قيود على الاستفادة من مقتنياتها.

 

3-المكتبات المدرسية: هي المكتبات التي توجد في المدارس على مختلف مراحلها، وتقوم بتوفير المواد المطبوعة وغير المطبوعة والمجلات وغيرها من مصادر المعلومات المختلفة لمساندة وإثراء المناهج الدراسية والأنشطة التربوية، وتقدم خدماتها الفنية والإرشادية للطلاب والمعلمين.

 

4-المكتبات الجامعية: هي مكتبات الجامعات والكليات والمعاهد العليا، وتقوم بتوفير أوعية المعلومات التي تساعد الطلاب خلال المرحلة الجامعية على التوسع القرائي في الموضوعات المتخصصة، وتعين الباحثين على الدراسات العليا والأساتذة في إعداد بحوثهم ودراساتهم.

 

5-المكتبات المتخصصة: هي المكتبات التي تختص بتجميع مصادر المعلومات في جانب واحد من جوانب المعرفة طبقا للتخصص الموضوعي للمؤسسة التي تقدم إليها خدماتها وتعينها على تحقيق أهدافها العلمية والاقتصادية والإنتاجية.

 

6-المكتبات الخاصة أو الشخصية: هي التي يكونها الأشخاص أو العائلات، وهي أقدم أنواع المكتبات حيث كان الملوك والحكام والأثرياء والعلماء يحرصون على تكوين مكتبات خاصة بهم يستخدمونها وفقا لاحتياجاتهم الشخصية، أو بمن يسمحون لهم باستخدامها من معاونيهم أو ذوي الصلة بهم.

وغالبا ما تعكس المكتبات الخاصة اهتمام أصحابها فقد تغلب عليها الناحية الأدبية أو الفنية أو العلمية أو غيرها.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى