الرياضيات والهندسة

الاقتصاد والهندسة

2014 أبجدية مهندس

هنري بيتروسكي

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

الرياضيات والهندسة الهندسة

الاقتصاد والهندسة (Economics And Engineering). الهندسة والاقتصاد لا ينفصلان. وفي الحقيقة فإنهما مترابطان في واحد من تعاريف الهندسة الأكثر اقتباساً واستعارة، قدّمه المهندس الذي تعلّم الهندسة بنفسه آرثر ميلن ويلينغتون (Arthur Mellen Wellington) (1847-1895). وقد نشر في عام 1876 سلسة من المقالات بخصوص تصميم خطوط سكة الحديد في مجلة السكك الحديدية (Railroad Gazette)، نشرها في العام التالي في كتاب. وبعد عقد من الزمن نشرت نسخة مراجعة ومزيدة باسم: The Economic Theory of the Location of Railways: An Analysis of the Conditions Controlling the Laying Out of Railways to Effect the Most Judicious Expenditure of Capital (New York: Wiley, Engineering News, 1887). وفي التعريف الذي أصبح مدرسياً الآن نقرأ:

سيكون من المستحسن لو أعطى التعريف بأن الهندسة هي فن البناء. فهي بالأحرى في أحد الجوانب المهمة فن عدم البناء: أو لتعريفها بفظاظة، ولكن ليس بغير ما يناسب، إنها فن الفعل الحسن بدولار واحد، الذي يمكن لأي أخرق أن يقوم بمثله بدولارين.

غالباً ما وجد ذلك معادٍ للصياغة بصورة مختصرة ليستخدم في تعريف المهندس: "المهندس هو شخص قادر على أن يفعل بدولار ما يمكن للآخرين أن يفعلوه بدولارين". وقد أصبح هذا التعريف مألوفاً لدرجة أنه غالباً ما يكرّر بأشكال معدّلة من دون العودة إلى ويلينغتون. وهكذا استخدمه نيفل شت(Nevil Shute) كعبارة مقتبسة في روايته التي نشرت بعد وفاته بعنوان:Trustee From The Toolroom (New York: Morrow, 1960): An engineer is a man who can do for five bob what any bloody fool can do for a quid” . (المهندس هو من يستطيع بخمسة فلوس القيام بفعل قد يقوم به أي طائش لجنيه). ويشار إلى هذا الاقتباس على أنه من مصدر غير معروف.

الربط الوثيق بين المهندسين والاقتصاد يراه البعض ميزة سلبية، هؤلاء الذين يفسّرون تعريف ويلينغتون بمعنى ازدرائي لأنه يفترض أن أيّاً كان بإمكانه أن يقوم بما يقوم به المهندس، ولكن ليس بطريقة اقتصادية فقط. وبالفعل، غالباً ما يتهم المهندسون خطأً بتضحيتهم بالجمال والأسلوب والأمان لأسباب اقتصادية، ومن النادر أن يكون هناك نوع من التنازلات المتبادلة بين الواحد والآخر؛ ولكن بعض المهندسين يمكن أن يُتّهموا فعلاً "بضيق" نظرهم عندما يتعلّق الأمر بالجانب الجمالي.

بالفعل فإن الاقتصاد هو الرابط الأكثر شيوعاً بالهندسة. وبحسب وليام باركلي بارسونس (1859-1932)، الذي كان مهندساً رئيساً لنظام ميترو مدينة نيويورك:

ليس التميّز التقني لتصميم هندسي بمفرده ما يحدّد قيمته، ولكن بالأحرى الكمال الذي تطابق فيه الحاجات الاجتماعية والاقتصادية الوقت الذي صُمّم فيه.

بهذا الاقتباس بدأ كتاب Engineering and Western Civilization الذي ظهر عام 1951 لمؤلفه جيمس كيب فينش (1883-1967). ومثل بارسونس، فقد دَرَس فينش في جامعة كولومبيا وحصل على شهادة الهندسة من مدرستها للمناجم. أمضى معظم أيامه المهنية يُعلّم هناك وعمل عميداً لكلية الهندسة والعلم التطبيقي التي خلّفت مدرسة المناجم في أربعينيات القرن الماضي.

تعزّز الدور الأساسي الذي يمارسه الاقتصاد في الهندسة في تسعينيات القرن الماضي عندما أطلقت إدارة الفضاء والطيران الوطنية (National Aeronau­tics and Space Administration)، (الناسا)، عدداً من مهمات سبر الفضاء صُممت لتكون: "الأسرع والأفضل والأرخص". وتبع ذلك عدد من الإخفاقات المحرجة لهذه المهمات، وصدرتْ العديد من الانتقادات الفورية لتأكيد ملاحظة أنه قد يمكن للهندسة تحقيق اثنين من المعايير ولكن لا يمكن تحقيق الثلاثة في الوقت نفسه.

يدخل الاقتصاد الميدان أيضاً على نحو واسع في الهندسة عند طرح المشاريع لمناقصة البناء. فعند اكتمال تصميم جسر، لنقل، يطرح طلب تقديم مقترحات في وسائل الإعلام لمؤسسات وشركات البناء، التي يمكن لبعضها أن تقدم عرضاً بخصوص المشروع، وحتى لو أن العروض تقدّم على أساس رسوم التصميم والمواصفات التي وضعت بتصرّف كل العارضين فإن كلفة التنفيذ يمكن أن تختلف على نحو كبير، ومع أن الهيئات الطارحة [للمناقصة] يمكن أن تكون مجبرة بالقانون على قبول العرض الأرخص، فإن الواقع ليس على هذه الحال دائماً، فهناك عوامل مثل الجمال وسمعة الجهة المتقدّمة وعوامل غير ملموسة أخرى يمكن أن تؤخذ بالحسبان، ومع أن الاقتصاد هو عامل مهم ولكنه ليس العامل الوحيد الذي يدخل في صنع قرار الهندسة.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى