الفيزياء

أنواع أشعة “الليزر” واستخداماتها في مجالات الحياة المتعددة

2002 في رحاب الكيمياء

الدكتور نزار رباح الريس , الدكتورة فايزة محمد الخرافي

KFAS

أشعة الليزر مجالات الحياة المتعددة الفيزياء

يعدّ العالم ألبرت آينشتاين (A. Einstein) الأب الحقيقي لفكرة الليزر ، ففي عام 1916 وضع نظريتين حول "الانبعاث المحفز" Stimulated Emission ، والتي تعتمد على سؤال بسيط وهو : ماذا يحدث إذا ما قمنا بقذف إلكترون موجود في مستوى طاقة متهيج بفوتون له نفس الطاقة تماماً .

وبعد أن أجرى آينشتاين العديد من الحسابات توصل إلى أن هذه العملية ستؤدي إلى تحفيز الإلكترون للعودة إلى مدار طاقته الأساسي بعد أن يطلق فوتوناً آخر له نفس طاقة الفوتون الأول وبالتالي نفس اللون ، وسوف يتذبذب الفوتونان معاً بشكل متزامن وفي نفس الاتجاه . 

وإذا ما واجه هذان الفوتونان إلكترونات متهيجة مشابهة في طريقهما تكررت نفس العملية السابقة مع كل منها لتضيف مزيداً من الفوتونات المشابهة للحزمة الضوئية الأصلية ، مما يؤدي إلى تكبير الشعاع الناجم وهو شعاع الليزر . 

 

ومن هنا تم اشتقاق اسم "الليزر" الذي يعني تضخيم الضوء بواسطة الانبعاث المحفز للاشعة، والكلمة مشتقة من الحروف الأولى لاسم هذه العملية (LASER;Light Amplification by Stimulated Emission of Radiation) . 

ويتميز شعاع الليزر بأنه ذو اتجاه محدد، وهو بذلك يختلف عن شعاع الضوء العادي الذي ينتشر في جميع الاتجاهات . 

وبالإضافة إلى ذلك فإنه شعاع متماسك أحادي الطور الموجي ، أي أنه يتألف من حزمة ضيقة جداً من الأشعة .

 

ولقد كان الفيزيائيان الأمريكيان تاونز (C.H. Townes) وشاولو (A.L. Schawlaw) أول من بين إمكانية بناء جهاز لإنتاج أشعة الليزر وذلك في العام  1954

وفي عام 1960 قام تيودور ميمان (T.Miman) بصنع أول جهاز ليزر ضوئي في مختبرات أبحاث الطيران في كاليفورنيا باستخدام مادة العقيق الاصطناعية ، وهي عبارة عن أكسيد الألومنيوم غير النقي والمحتوي على ذرات من عنصر الكروم الذي يعطي العقيق لونه الأحمر . 

ومنذ ذلك الوقت أصبح هناك العديد من أجهزة الليزر منها ما يعتمد على المواد الصلبة أو السائلة أو الغازية أو بعض الأصباغ إضافة إلى الليزرات الكيميائية وشبه الموصلة وليزرات الإلكترون الطليق وغيرها . 

وعلينا أن نعرف أن هذه الأجهزة المختلفة تنتج أنواعاً مختلفة من أشعة الليزر والتي تختلف في خواصها مثل طول موجتها وحجمها وقدرتها .

 

وقد وجدت أشعة الليزر العجيبة مجالات متعددة للاستخدام ، فمنها ما يستخدم للأغراض العسكرية ، وأخرى تستخدم في مجالات الطب والزراعة والصناعة .  ولا بد لنا من القول بأنه لا يوجد نوع واحد من الليزر يمكن استخدامه لجميع الأغراض . 

فهناك جهاز الليزر الغازي الذي يستخدم خليطاً من الهيليوم والنيون والذي ينتج شعاعاً مرئياً من الليزر يتجه في خط مستقيم بحيث يصلح للاستخدام في أغراض تحديد الاتجاه عند حفر الأنفاق أو تمديد الأنابيب لمسافات طويلة . 

وهناك الليزر النبضي الذي يستخدم في الرادار ،  لذا يطلق عليه أحياناً اسم ليدار LIDAR، ويسمح ضيق شعاعه بالتحديد الدقيق للهدف .  ويستخدم هذا النوع لتحديد المسافات الكبيرة بدقة متناهية.

فهو يقيس المسافة بين الأرض والقمر بدقة تصل إلى عدة سنتيمترات .  ويستخدم هذا النوع من الليزر أيضاً في تحديد مقدار انزلاق القارات بعضها عن بعض . 

 

ويمكن تثبيت هذا الليدار على طائرة للتصوير عن بعد ورسم خريطة دقيقة للجهة المقصودة ، حيث بإمكانه إظهار تفصيلات الأشياء على سطح عمارة أو السيارات التي تسير في شوارع المدن . 

ويستخدم هذا النوع أيضاً في تحديد كثافة الهواء في الجو وكذلك رصد التيارات الهوائية واتجاهاتها ، وبالتالي مراقبة الأحوال الجوية والتنبؤ بالعواصف والأعاصير . 

وإضافة إلى ذلك فإن هذا النوع من الليزر يستخدم في تحديد حركة القشرة الأرضية وإمكانية حدوث الزلازل والبراكين .

 

وفي مجال الطب ، تستخدم أشعة الليزر في معالجة تصلب الشرايين عن طريق إذابة وتبخير التسربات الدهنية في الشرايين المتصلبة ، مما يقلل من إمكانية حدوث الجلطات القاتلة .

ويتم ذلك عن طريق تركيب مصدر لليزر في طرف قسطر )أنبوب دقيق) قطره أقل من ثلاثة ملليمترات ، يتم إدخاله في الشرايين وتسليط شعاع الليزر على منطقة الترسبات الدهنية .  وقد استخدم الليزر كذلك في إزالة التجاعيد الجلدية وفي جراحات الدماغ والأذن والجاهز الهضمي والجهاز التنفسي وعنق الرحم وجراحات العيون .

وفي مجال الصناعة وجد الليزر استخدامات عديدة تتمثل في كونه مصدراً للحرارة العالية .  حيث يستخدم في قص وحفر السيراميك والماس والياقوت وعمليات اللحام والمعالجات الحرارية وكذلك فتح الثقوب الدقيقة في المواد المختلفة .

 

ومن مجالات استخدام الليزر الحديثة أيضاً الاستشعار عن بعد وماله من تطبيقات مهمة . ومن أمثلة ذلك مراقبة الانسكابات النفطية التي تؤدي إلى تلوث البحار حيث يمكن تحديد طبيعتها وصفات النفط المنسكب وصولاً إلى تحديد مصدر هذا التلوث .

وهناك التطبيقات في مجال الزراعة ، إذ أمكن استخدام الليزر في عمليات تسوية الأراضي وذلك بتركيب جهاز خاص لليزر في عربة الستوية (البولدوزر) مما يمكن سائقها من قراءة إشارات المسح الليزري فيؤدي عمله بسرعة وإتقان . 

وبالإضافة إلى ذلك استخدمت أشعة الليزر في إحداث تغيرات على الصفات الوراثية لبعض أنواع القمح ، مما أدى إلى الحصول على نوع جديد يحتوي على نسبة أعلى من البروتين ويتمتع بخواص ممتازة من حيث الطعم والحجم .

 

ومن محاسن الاستخدامات اليومية البسيطة لأشعة الليزر المتصلة بالحاسوب انها تلغي طوابير الفحص والتسجيل في الأسواق المركزية مثلاً . 

إذ يكفي أن يقوم العامل على آلة صرف النقود بتمرير السلعة المطلوبة على نافذة صغيرة ، حيث يقوم ليزر ذو قدرة صغيرة بمسح الخطوط الطولية السوداء المطبوعة على كل سلعة ، وهي التي تشكل شفرة عالمية لمنتوجات تتضمن معلومات عن اسمها وطبيعتها وسعرها . 

وتقوم اشعة الليزر المنعكسة عن السلعة المذكورة بحمل هذه المعلومات إلى جهاز الكشف الذي يحولها بدوره إلى نبضات كهربائية يتم خزنها في ذاكرة الحاسوب ، وخلال اقل من ثانية يقوم الحاسوب بشطب السلعة من قائمة الموجودات في السوق وكذلك طباعة سعرها على الآلة الحاسبة ، ليقوم الزبون بدفع ثمنها للبائع .

 

وفي مجال الفن يستخدم الليزر في الكشف على اللوحات الفنية الشهيرة ومعرفة ما إذا كانت اللوحة أصلية أم مزورة . 

ويتم ذلك بالحصول عن طريق الليزر على معلومات عن التركيب الكيميائي لألوان اللوحة ، وبمقارنة هذه المعلومات مع الحقائق المعروفة عن طبيعة الألوان المستخدمة في كل مرحلة تاريخية يمكن كشف حقيقة اللوحة المعنية .

وتستخدم انواع أخرى من الليزر في الحفاظ على الأعمال الفنية ، إذ يتم بواسطتها تبخير الطبقات الرقيقة من الأوساخ المتجمعة على سطح العمل الفني او إزالة طلاء يغطي الرسم الأصلي . أما عن المستقبل ، فهناك أبحاث كثيرة تبذل لاستخدام الليزر في مجال إنتاج الطاقة ، حيث يواجه الإنسان خطر نضوب مصادرها الطبيعية . 

 

ومن أمثلة ذلك ما يأمل العلماء في تحقيقه خلال العقدين الأولين من القرن الحادي والعشرين ، حيث يعمل هؤلاء العلماء على استخدام ليزرات عملاقة لإجراء تفاعلات الاندماج النووي والتي تؤدي بدورها لتكوين كم هائل من الطاقة . 

ويعتقد الكثيرون بأن أهم استخدامات الليزر لم تظهر بعد وأن الآمال معقودة على تنسيق العمل بين الليزرات والسواتل (satellites) والحواسيب ، هذا الثالوث الذي سيقدم للعالم خدمات تفوق الخيال.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى