الحيوانات والطيور والحشرات

نبذة تعريفية عن خصائص “السلاحف” وأنواعها المختلفة

2000 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الحادي عشر

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

السلاحف خصائص السلاحف أنواع السلاحف الحيوانات والطيور والحشرات البيولوجيا وعلوم الحياة

تكوِّن السَّلاحفُ رتبةً من الزواحفِ تضمُّ أكثرَ من 250 نوعًا تنتشرُ في أرجاءِ المعمورةِ، من مناطِقِها الحارَّةِ والمعتدِلَةِ.

وتختلفُ بيئاتُها فمنها ما يعيشُ على اليابِسَةِ (السَّلاحِفُ الأرْضِيَّةُ)، ومنها ما يعيشُ في البحاري (السَّلاحِفُ البحريَّةُ)، ومنها ما يعيش في الأنهار (سَلاحفُ المياهِ العَذْبَةِ).

وتتباينُ السَّلاحِفُ في الحجمِ، فمنها الصغيرُ الذي لا يزيدُ طولُه على ثمانيةِ سنتيمتراتٍ، مثل سلاحفِ الطَّمْيِ، ومنها كبيرُ الحجم مثل السُّلْحَفَاةِ ذاتِ الظَّهْرِ الجلديِّ، التي قد يصلُ طولُها إلى متريْن ووزنُها إلى 450 كيلو جرامًا.

 

ولا يمكنُ أن يَخْلِطَ الإنسانُ بين السلاحِفِ وأي حيوانٍ آخرَ، فهي تَلْفِتُ الأنظارَ بشكلِها غيرِ المألوفِ الذي يختلفُ ظاهريًّا عن أشكالِ الزواحِفِ الأخرَى.

فبالرَّغْمِ من أنَّ جسمَها يتركَّبُ، كبقيّةِ الزواحفِ، من رَأسٍ وعُنُقٍ وجِذْعٍ وذَنَبٍ، إلا أن منطقةَ الجذعِ يغلِّفُها تُرْسٌ عظميٌّ كاملٌ (عُلْبَةٌ عَظْمِيَّةٌ) يسمَّى الجزءُ العلويُّ منه الدَّرَقَةَ الظهريَّةَ (القَصْعَةَ)، والجزءُ البَطْنيُّ الدِّرْعَ البطنيَّةَ.

والدَّرَقَةُ الظهريَّةُ صُلْبَةٌ وقويَّةٌ وتَتَحَمَّلُ ضغطَ أحمالٍ ثقيلةٍ جدًا، وتتركَّبُ من صفائِحَ عظمِيَّةٍ مُتَراصَّةٍ في شكلٍ مُحَدَّدٍ، ويَلْتَحِمُ بها العمودُ الفقريُّ والضُّلوعُ.

 

ويغطِّي القصعةَ صفائحُ أخرى تكوِّن الطبقَةَ القرنيَّةَ التي تترتَّبُ بطريقةٍ منتظمةٍ، وتأخذُ أشكالاً جميلةً وألوانًا تختلفُ باختلافِ أنواعِ السَّلاحِفِ.

تظهرُ الرأسُ والذنبُ والأطرافُ في السَّلاحف من جزئَيْ العُلْبَةِ، ويمكنُ أن يَسْحَبَها الحيوانُ إلى داخلِ العُلْبَةِ عِندما يركنُ إلى السكونِ أو يشعرُ باقترابِ الخطرِ.

وعُنُقُ السُّلَحْفَاة طويلٌ وينثني، فيستطيعُ أن يتحرَّك في جميعِ الاتِّجاهاتِ. وذلك لأنَّ فقراتِ العُنُقِ يدورُ بعضُها على بعضٍ، وهذا يُكْسِبُها حُرِّيَةَ حَرَكَةٍ هائِلَةٍ.

 

وجميعُ السَّلاحف عديمةُ الأَسْنانِ، لكنَّ فكوكَها تحملُ مناقيرَ قَرْنيَّةً قَويَّةً وحَادَّةً، تُقَطِّعُ الطَّعامَ وتمزِّقُهُ وتَطْحَنُهُ. وتتميَّزُ جمجمةُ السُّلحفاةُ بصلابَتِها، وبعدمِ وجودِ فُتحتيْن خارجيتيْن للأذنيْن، وكثيرًا ما تكونُ طَبْلَةُ الأُذُنِ مغطَّاةً بزائدةٍ جِلْدِيَّةٍ.

وبالرغمِ من أنَّ تراكيبَ الأُذنِ الدَّاخِلِيَّةِ حَسَنَةُ التكوين، وتستطيعُ تحديدَ الاهتزازاتِ، لا تَتَمَتَّعُ السلاحفُ بسَمْعٍ حادٍّ. وتعتمدُ السَّلاحِفُ أساسًا في حياتِها على حاسَّةِ الإِبصارِ، بالرَّغْمِ من أنَّ حاسَّة الشَّمِ جَيِّدَةٌ أيضًا.

وتتغذَّى السلاحفُ بالكائناتِ النباتيَّةِ والحيوانيَّةِ. ولا تَمْضُغُ السلاحفُ الطعامَ، لأنَّها عديمةُ الأسنانِ، بل تمزِّقُهُ بفكَّيْها ثم تبلعُه بلعًا. ويساعدُ في ذلك المنقارُ الحادُّ وعضلاتُ الصَّدْرِ القويَّةُ التي تدفَعُ قِطَعَ الطَّعامِ إلى المريءِ والمَعِدَةِ.

 

وتتميَّز سلاحِفُ الأرضِ بتغذِيَتِها على النباتاتِ الخضراءِ والثمارِ الغَضَّةِ والحشائشِ. أمّا السلاحفُ البحريَّةُ فهي متنوِّعَةُ التغذيةِ، ما بين كائناتٍ نباتيَّةٍ وأخرَى حيوانيَّةٍ (قواقِعَ وديدانِ أَرْضٍ ويَرَقَاتِ حشرات).

وأمّا سلاحفُ البحر الكبيرةِ فتصيدُ الطيورَ المائيَّةَ حيث تُمسِكُ الطَّيْرَ من رِجْلَيْه ثم تغوصُ به في الماءِ. ومن جهةٍ أخرَى، معظمُ سلاحفِ الأنهارِ لاحِمَةٌ حيث تتغذَّى على الأسماكِ الصغيرةِ ولحومِ القواقِعِ والحشراتِ المائيَّةِ ويرقاتِها.

وتتنَفَّسُ السلاحفُ بالرئاتِ، إضافةً إلى أن كثيرًا من الأنواعِ المائيَّةِ يحصلُ على الأكسيجين عن طريقِ التجويفِ الفميِّ الغَنِيِّ بالشعيراتِ الدَّمَوِيَّةِ.

 

وتتميَّزُ السلاحِفُ المائيَّةُ أيضًا بوجودِ أكياسٍ شَرَجِيَّةٍ رقيقةِ الجُدُرِ غنيَّةٍ بالأوعيةِ الدمويَّةِ، تقومُ باستخلاصِ الأكسيجين الذائبِ في الماءِ، فهي تُسْتَخْدَمُ كخياشيمَ عندما يكون الحيوانُ غاطِسًا تحتَ الماءِ.

والسلاحِفُ، تنامُ الشتَاء فتدفِنُ نفسَها في الوَحَلِ في قاعِ بركةٍ أو نهرٍ، أو تحفِرُ لنفسِها حُفْرَةً في الأرضِ.

وتبيتُ كلُّ أنواعِ السَّلاحِفِ التي تقطنُ المناطقَ المعتدِلَة بياتًا شَتْويًّا، وذلكَ عندما تشتدُّ برودةُ الجوِّ. أمَّا سلاحفُ المناطقِ الحارَّةِ فتبيتُ بياتًا صيفيًا في الأيامِ شديدةِ الحرارَةِ.

 

والسلاحفُ تبيضُ، ويختلِفُ حجمُ البيضِ، ويبلغُ قُطْرُ أكبرِ بيضةٍ في بعضِ أنواعِ السلاحف 6 سنتيمترات.

وتضعُ جميعُ أنواعِ السلاحِفِ بيضَها على اليابِسَة، ويوضعُ البيضُ في مَحاضِنَ، وهي مُجَرَّدُ حُفَرٍ تقومُ الأنثَى بإعدادِها بواسطةِ ذَيْلِها أو قَدَمَيْها الخلفيتيْن ثم تَعْمَدُ إلى تَغْطِيتِها بالتُّراب أو الرَّمل حتى تمحوَ كلَّ أثرٍ يَدُلُّ على وجود العُشِّ.

وتَضَعُ بعضَ الإناث بيضةً أو بيضتيْن، في حين تضعُ سلاحفُ البحرِ أكثرَ من 100 بيضةٍ في المرَّةِ الواحدة.

 

وتتراوحُ مدَّةُ حضانَةِ البيضِ من 45 إلى 100 يوم، بحَسَبِ النَّوعِ وتَبَعا لحرارةِ العُشِّ ورطوبَتِهِ.

وعند الفَقْسِ تقومُ أَجِنَّةُ السَّلاحِفِ التي اكتمل نموُّها بعملِ شقٍّ في قِشْرَةِ البيضةِ باستخدامِ سنٍّ خاصَّةٍ موجودةٍ على المنقارِ أو بأحَدِ مخالِبِها.

وفي بعضِ السَّلاحِفِ البحريَّةِ، مثل السُّلَحْفاةِ الخضراء، تزحف الأنثَى إلى الشواطئِ ليلاً لتضعَ بَيْضَها، فتحفِرُ حفرةً فوقَ أَثَرِ المَدِّ العَالي وتَجْرفُ الرَّمْلَ بأطرافِها ثم تحفرُ حفرةً للبيضِ تَضَعُ فيها نَحْوَ 100 بيضةٍ، كلُّ واحدةٍ بحجم كُرَةِ تنس الطاولة.

 

وبعدما تَضَعُ السَّلَحْفاةُ بيضَها تغطِّيه بالرَّمْلِ. والأنثَى تصنعُ حفرةَ البَيْضِ فوق حدِّ المدِّ العالي، لِئلاَّ يجرفَ الماءُ العائدُ إلى البحرِ، عند الجَزْرِ، ما فيها من البيض. فسبحانَ الذي ألهَمها هذا السلوكَ.

وبعدَ مُدَّةِ الحضَانةِ، وبمجرَّد الفَقْسِ، تخرجُ الصِّغارُ الحديثةُ من الأعشاش مُتَّجِهَةً نحو البَحْرِ.

ومما هو جديرٌ بالذِّكْرِ، أن الدراساتِ أثبتَتْ أن هذه الصغارَ حديثةَ الفَقْسِ لديها القدرةُ على شَقِّ طريقِها إلى البحر حتَّى لو كان هناكَ بعضُ الكُثْبانِ الرمليَّةِ التي تُخْفِي البحرَ عن أنظارِها.

وتبلغُ السلاحِفُ نُضْجَها بعدَ 10 سنوات، وتتميَّز بعضُ أنواعِها بِكِبَرِ حجم الإناثِ بالمقَارَنَةِ بالذكورِ، وقد يبلغُ حجمُها ضِعْفَ حجمِ الذكورِ.

 

والزواحفُ أطولُ الفقاريَّاتِ عمرًا، والسلاحِفُ هي أطولُ الزواحِفِ أعمارًا. وأَقْصَى عُمْرٍ مُسَجَّلٍ لسلحفاةٍ حتى الآن، هو 152 عامًا وكان هذا لذكرِ سُلَحْفاةٍ من نوعِ الماريون.

وتتميَّز السلاحفُ الأرضيَّةُ بأنها تستطيعُ أن تسحبَ رأسَها داخلَ الدرقة، وبأن أقدامَها قصيرةٌ مُمْتَلِئَةٌ، وببطْءِ حَرَكَتِها وطولِ عمرِها وبتغذِيَتِها النباتيَّةِ.

أمَّا سلاحِفُ المياهِ العذبة فتتميَّزُ بطولِ العُنُقِ وبالأقدام الغِشَائِيَّةِ المُكَفَّفَةِ القادرةِ على السباحةِ، وتغذيتِها على الأسماكِ الصغيرةِ والقواقعِ.

وأما سلاحِفُ البحار فتعيش في حزامٍ عريضٍ مُتَّسِعٍ يضمُّ المحيطاتِ والبحارَ بما فيها البحران المتوسِّطُ والأحمرُ. وهي تتميَّز بتفلطُحِ وتحوُّرِ أطرافها الأماميَّة لمجاديف، وتنتشرُ بكثرةٍ في المحيطاتِ الدافئة.

 

وللسلاحف أهمية اقتصاديَّةٌ وتجارِيَّةٌ، إذْ تشكِّل لحومُ بعضِ أنواعِها المادَّةَ الأساسيَّةَ في حِساءِ (شوربة) السلاحِفِ المشهورِ في أوروبا، كما أنَّ بعضَ الناسِ يستطيبُ أكلَ لحومِها وبيضِها.

لذلك أَفْرَطَوا في صَيْدِها، فانخفضَتْ أعدادُ بعضِ أنواعِها انخفاضًا ذريعًا، مما جَعَلَها مُهَدَّدَةً بالانقراضِ والفناءِ، حيث أثبتَتْ الأبحاثُ البيئيَّةُ أن هناك أكثرَ من ثلاثين نوعاً منها معرضةٌ لخَطَرِ الانْقِراضِ.

ومما يحزن، أن تجارةَ صِغَار السَّلاحف قد انتشرتْ لفترةٍ ما ثم توقَّفَتْ، ليس لحمايَتِها من الانقراضِ، ولكنْ بسببِ اكتشافِ أنَّ السلاحِفَ قد تتسبَّبُ في نقل مَرَضِ السَّالمونيلاَّ.

 

ومن أشهر أنواع السلاحف، وأكبرها حجمًا، السلحفاةُ البريَّةَ ذاتُ الظَّهْرِ الجلديِّ، التي يبلغُ طولُها من طرف البوزِ حتَّى نهَايَةِ الذَّيْلِ حوالَيْ متريْن، وتزنُ حوالَيْ 450 كيلو جرامًا.

ولذلك تعرف بالسَّلاحِفِ العِمْلاقة، وهي تعيشُ على جُزُر جالاباجوس، التي اكتشَفَها الأسبانُ عام 1535، وهي جُزُرٌ بركانيَّةٌ تقعُ في المحيطِ الباسِّفيكي.

وقد أَخَذَتْ شهرَتَها بعد زيارةِ تشارلز داروين لها عام 1835م على ظهر السفينةِ بيجِلْ. وقد وصَفَ داروين هذه السلاحفَ التي كانت تمثِّل مَصْدَرًا للَّحم الطَّازجِ للبَحَّارة وصفًا دقيقاً من حيث الشكل والحركة.

 

ويُعزي البطءُ الشديدُ الذي تتَّصِفُ به السلاحفُ، إلى العُلبَةِ العظميَّةِ الثقيلةِ التي تحفظُ أجسامَها وتحميها من المخاطِرِ والأعداء. إلا أنك ستندهشُ إذا علمتَ أن سرعة السُّلَحْفَاةِ البحريَّةِ جلديةِ الظَّهْرِ 35 كيلو مترًا في الساعَةِ الوَاحِدةِ.

وفي الأمثال، ضُرِبَ المثلُ بِبُطْءِ السُّلَحفاة حيثُ قالوا «أَبْلَدُ من سُلَحْفاة». وكلُّنا يتذكَّر حكَايةَ «السلحفاةِ والأَرْنَبِ» التي سَمِعْناها في بواكيرِ طفولتِنا، وفازَتْ فيها السَّلحفاةُ المثابِرَةُ المجتهدةُ بالسِّباقِ على الرَّغمِ من بطئِها، وتأخَّرَ الأرنبُ الكسولُ على الرغم من سرعتِه.

 

ولا يفوتُنا أن نقرأَ سويًّا، هذه الأبيات في وَصْفِ السُّلَحْفَاة، كما وَرَدَتْ في كتابِ الدَّميرِيِّ «حياةُ الحيوانِ الكبرَى»:

تَكُبُّ على ظهرِها تُرْسَها         

                                                وتُظْهِرُ من جلدِها رَأْسَها

إذا الحَذَرُ أَقْلَقَ أحْشاءَها

                                                 وضيَّقَ بالخوفِ أنفاسَها

تَضُمُّ إلى نَحْرِها كفَّها 

                                                 وتُدْخِلُ في جلدِها رَأْسَها

وكلُّ مَنْ شاهَدَ سُلْحَفاةً بعضَ الوَقْتِ، يشهَدُ لهذا الشَّاعِرِ القديمِ بدِقَّةِ الملاحَظَةِ وبلاغَةِ التَّعبيرِ وجمالِهِ.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى