علم الفلك

أقمار نبتون

2013 أطلس الكون

مور ، السير باتريك مور

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

علم الفلك

أقمار نبتون

كان قمرا نبتون معروفين قبل مرور ڤويجير بهما: هما تريتون (Triton) ونيريد (Nereid)، وكل منهما فريد بذاته. إن تريتون الذي اكتشف على يد لاسيل بعد بضعة أسابيع من اكتشاف نبتون نفسه، كبير الحجم بمعايير الأقمار التابعة لكن حركته تراجعية، أي أنه يدور حول نبتون بعكس اتجاه دوران نبتون. وهذا يجعله فريدًا من نوعه بين الأقمار الرئيسية، نظرًا لأن جميع الأجسام الأخرى التي لها حركة تراجعية كان أصلها من الكويكبات. يبلغ عرض نيريد مجرد 240 كيلومتر (140 ميل)، وبالرغم من أنه يتحرك إلا أن مداره أشبه بمدار مذنب لا مدار قمر تابع، إذ أن بُعده عن نبتون يتفاوت بما يربو عن 8 مليون كيلومتر  (5 مليون ميل)، بينما فترة دورانه أقصر من السنة الأرضية بأسبوع واحد فقط، ولذلك من الواضح أن دورانه المحوري ليس متزامنًا.

قام ڤويجير باكتشاف ستة أقمار داخلية جديدة، أحدها بروتيوس (Proteus) وهو أكبر حجمًا من نيريد في الحقيقة، لكنه غير مرئي فعليًا من الأرض بسبب قربه من نبتون. بروتيوس وأحد الأقمار المكتشفة حديثًا، هو لاريسا (Larissa)، تم تصويرهما من قبل ڤويجير، واتضح أن كلاهما داكن وذا فوهات. يُظهر بروتيوس منخفضًا كبيرًا يدعى فاروس (Pharos) في نصف الكرة الجنوبي، وهو ذو قاع وعر. لا شك أن الأقمار الداخلية الأخرى هي من نفس النوع. كان نيريد في موقع غير ملائم من مداره حين مرور ڤويجير، ولم يتم الحصول سوى على صورة رديئة، لكن تريتون عوض البعثة عن ذلك بكثير.

تم اكتشاف ثلاثة أقمار جديدة – هي هاليميد (Halimede)، ساو

(Sao)، لاوميديا (Laomedeia) – في عام 2002 من قبل فريق من الفلكيين يقودهم م. هولمان (M. Holman) و ج. ج. كافيلارس

(J. J. Kavelaars)، باستخدام مقراب بلانكو، في سيرو تولولو، والذي يبلغ 4 متر (157 إنش)، وكذلك مقراب CFH، الذي يبلغ 6 متر (236 إنش)، في هاواي. لم تلتقطها ڤويجير لأنها خافتة جدًا (القدْر 25) ولأنها بعيدة جدًا عن نبتون، كما أن مداراتها مائلة جدًا. فهاليميد في مدار تراجعي، أما الأخرى في مدار تقدمي. تتراوح أقطارها على الأرجح بين 30 و40 كيلومتر (19 و 25 ميل). ومنذ ذلك الوقت تم العثور على قمرين صغيرين لهما حركة تراجعية، وهما بسامانثي (Psamanthe) ونيسو (Neso). يدور بسامانثي على مسافة 46,695,000 كيلومتر (91,152,000 ميل) في 9115.9 يوم، ونيسو على مسافة 48,387,000 كيلومتر (30,066,000 ميل) في 9374 يوم.

بقيت التقديرات حول قطر تريتون متفاوتة، بل في وقت ما كان هناك اعتقاد أنه أكبر من كوكب عطارد، وأن له غلافًا جويًا كثيفًا بحيث يدعم وجود سحب كالتي على تيتان. وأثبتت ڤويجير عكس ذلك. فإن تريتون أصغر من قمرنا، كما أنه أكثف بضعفين من الماء، فلذلك تتألف كرته من كمية أكبر من الصخور منها من الجليد. درجة حرارة السطح هي حوالي -236° مئوية، وهكذا يعتبر تريتون أبرد عالم صادفته مركبة فضائية حتى الآن.

تبلغ سرعة الإفلات 1.4 كيلومتر (0.9 ميل) في الثانية، وهذا كاف لتريتون ليحتفظ بغلاف جوي رقيق جدًا، وهو يتألف في الأساس من النيتروجين وكمية كبيرة من الميثان. أما الضغط فيُقدر بـ 14 ميكروبار، مما يعادل من الضغط على سطح الأرض. هناك الكثير من الضباب الخفيف الذي شوهد فوق الحافة من قبل ڤويجير، والذي يمتد على الأقل إلى 6 كيلومتر (3.7 ميل) فوق السطح، وهو يتكون على الأرجح من جسيمات ضئيلة الحجم من الجليد الميثاني أو النيتروجيني. يبلغ متوسط سرعة الرياح في الجو حوالي 5 متر (16 قدم) في الثانية بإتجاه الغرب.

إن سطح تريتون شديد التنوع، لكن هناك غلافًا عامًا من الماء الجليدي الذي يعلوه مواد جليدية من النتروجين والميثان. يوجد هناك عدد قليل من الفوهات، لكن توجد العديد من الانسكابات التي في الغالب تعود إلى سوائل مائية-أمونية. أما التباينات السطحية فبسيطة جدًا، ومن المؤكد ألا وجود لجبال. المعلم الأبرز هو القمة القطبية الجنوبية، فهي وردية وتجعل تريتون يبدو مختلفًا بالكلية عن أي كوكب أو قمر آخر. ويعتقد أن اللون الوردي هو نتيجة للجليد الميثاني الذي يتفاعل مع أشعة الشمس ليكون مركبات وردية أو حمراء. أما طول فصل تريتون فيعني أن القطب الجنوبي ظل تحت أشعة الشمس المتواصلة لما يزيد على قرن الآن، وثمة دلائل على التبخر على طول حدود القمة. توجد إلى شمال القمة ’حافة‘ تبدو أشد إظلامًا وإحمرارًا، ولعل ذلك بسبب تأثير الأشعة فوق البنفسجية على الميثان، وتمتد بعرض هذه المنطقة طبقة زرقاء اللون، سببها تشتت الأشعة القادمة من قبل كريستالات الميثان الضئيلة الحجم.

ينقسم السطح الذي تم تصويره من قبل ڤويجير 2 إلى ثلاثة أقسام رئيسية: أهلانغا ريجيو (Uhlanga Regio) (قطبية)، موناد ريجيو (Monad Regio) (شرقي خط الاستواء)، بوبيمبي ريجيو (Bubembe Regio) (غربي خط الاستواء). نجد في أهلانغا الفوهات النتروجينية، والتفسير الأكثر إقناعًا هو وجود طبقة من النتروجين السائل من 20 إلى 30 متر (65 إلى 100 قدم) تحت السطح. وإذا حدث لأي سبب أن انتقل السائل نحو القسم الأعلى من القشرة، فإن الضغط سيخف، وسينفجر النتروجين في وابل من الجليد والغاز، وسيصعد أعلى مجرى الثقب الذي يشبه الفوهة بسرعة تصل إلى 150 متر (500 قدم) في الثانية – وهذا سريع بحيث يقذف المواد إلى عدد من الكيلومترات إلى الأعلى قبل أن يسقط مجددًا. يجرف هذا الاندفاع معه ركامً داكن اللون، وهذا الركام يتطاير مع اتجاه الريح فيتسبب في أعمدة من مواد داكنة مثل فيـفيان ماكولا ونامازو ماكولا. وبعض هذه الأعمدة يزيد طولها على 70 كيلومتر (40 ميل).

موناد ريجيو هي منبسطة في قسم ومتعرجة في قسم آخر، مع وجود سهول ذات حيطان أو ’بحيرات‘ مثل تونيلا (Tounela) ورواتش (Ruach)، وهذه لها قيعان مسطحة، ولا بد أن الماء كان المادة الرئيسية التي تكونت منها لأن الجليد النتروجيني والجليد الميثاني ليسا بتلك الخشونة التي تتيح الحفاظ على التباينات السطحية لمدد طويلة. تتميز بوبيمبي ريجيو ’بأرض الشمام الأصفر‘، وهو اسم حصلت عليه بسبب التشابه الظاهري مع قشرة الشمام. هناك شقوق تتخلل القشرة، وتلتقي في مفترقات هائلة تشبه X أو Y، كما توجد حفر دائرية خفية يقدر قطرها بـ 30 كيلومتر (19 ميل).

من المرجح جدًا أن تحدث تغيرات ملحوظة على سطح تريتون خلال العقود القادمة، لأن الفصول هناك طويلة فعلاً، وقد يرتحل الثلج الوردي إلى القطب المقابل – وهو القطب الذي كان في الظلام أثناء مرور ڤويجير.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى