إسلاميات

نبذة تعريفية عن مواضيع وأسلوب السُوَر القرانية “المَدَنِيَّة والمَكِّيَّة”

2000 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الحادي عشر

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

السور القرآنية السور المدنية السور المكية أسلوب السور المدنية والمكية مواضيع السور المدنية والمكية إسلاميات المخطوطات والكتب النادرة

من المعروفِ أنَّ سيِّدنا مُحَمَّدًا، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم، نَزَلَ عليه القرآنُ أوَّلَ ما نَزَلَ وهو بمَكَّةَ، ولَهُ من العُمْرِ أربعونَ سَنَةً.

وقد ظلَّ، عليه الصّلاةُ والسّلامُ، بمكَّةَ 13 سنة، يَنْزِل عليه القرآنُ، داعيًا أَهْلَ مَكَّةَ إلى تَوْحيدِ اللهِ عزَّ وجَلَّ، وإفرادِهِ بالعِبادَةِ، ونَفْيِ الشُّرَكاءِ عنه، مخوِّفًا للمعانِدِينَ العُصاةِ ما يَلقَوْنَه في اليومِ الآخِرِ، مُذَكِّرًا بقَصَصِ الجاحدِينَ من القُرونِ السَّابِقَةِ، كعادٍ وثَمودَ وقَوْمِ فِرْعَوْنَ وما أَخَذَهُم من العذابِ في الدُّنيا.

وَرُبَّما ذكَّرَتْ سُوَرُ القرآنِ وآياتُه قريشًا بأنْعُمِ اللهِ عليهِم: إذْ جَعَل لَهُم حَرَمًا آمِنًا تأتيهِ البَضائِعُ من الشَّمالِ والجَنوبِ عَبْرَ رِحْلَتَيْ الشِّتاءِ والصَّيْفِ، ورَدَّ عَنْهُم كَيْدَ أعدائِهِم كما حَدَثَ عامَ الفيل.

 

وكثيرًا ما كان القرآنُ يحاوِرُ قُرَيشًا، كما ردَّ على مَنْ قال: القرآنُ أساطيرُ الأَوَّلينَ، تَعَلَّمَها مُحَمَّدٌ من غَيْرِهِ، واكْتَتَبَها عَنْهُم، أو علَى من قالَ عِنْدَما انقطعَ الوحيُ مُدَّةً: لقد ودَّعَك ربُّك وقَلاكَ (أيْ تَخَلَّى عَنْكَ وكَرِهَك).

كذلك عابَ القرآنُ على المُشْرِكينَ ما ابْتَدَعُوهُ من أحكامٍ تتعلَّقُ بالأنعامِ: بتحليلِ بعضِها وتحريمِ بعضِها، فَفَصَّلَتْ سورةُ «الأنعامِ» حكايةَ ذلك والردَّ عليه.

ولمَّا أسْرَى اللهُ برَسولِهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم، من المسجدِ الحرامِ إلى المسجدِ الأَقْصَى، وذلكَ قبلَ الهِجْرَةِ بعامٍ أو أكثرَ قليلاً، نَزَلَتْ سورةُ الإسْراءِ.

 

وأحيانًا كان القُرَشِيُّونَ يسألونَ رسولَ اللهِ بعضَ الأَسْئِلَةِ الاخْتِبارِيَّةِ الّتي يستعينونَ فيها بيهودِ المَدينَةِ، مثل قِصَّةِ فِتْيَةٍ خَرَجوا ولم يَعودوا، وخبر ذي القَرْنَيْن، فأَنْزَلَ اللهُ خَبَرَهما في سورةِ «الكَهْفِ»… وهكذا.

ثمَّ هاجَرَ رسولُ الله، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم، إلى المدينَةِ، وقامَتْ فيها دَوْلَةُ الإسلامِ، وبَدَأَتْ تشريعاتُ الأحكامِ تَنْزِلُ، كالصِّيامِ، والزَّكاةِ، والجهادِ، والزَّواجِ والطَّلاقِ، والحُدودِ والعُقوباتِ.

وتابعَ الوَحْيُ رسولَ اللهِ يؤيِّدُهُ ويعالِجُ ما يَجِدُّ من مُشْكِلاتٍ.. ومِنْ ذلكَ المُحاوراتُ مع بَنِي إسرائيلَ، والنَّصَارَى. 

كما نَزَلَتْ سُوَرٌ وآياتٌ تتعلَّقُ بغَزَواتِ رسولِ اللهِ، كغَزْوةِ بَدْرٍ الّتي جاءَ حديثُها في سورَةِ «الأَنْفَالِ»، وغَزْوَةِ أُحُدٍ الّتي فَصَّلَتْ أخبارَها سورةُ «آلِ عِمران»، وكغزوةِ الخَنْدَقِ الّتي قَصَّتْها سورةُ «الأحزابِ»، وكغزوةِ الحديبيةِ الّتي نَزَلَتْ بشأنِها سورةُ «الفتحِ»، وكغزوةِ   الّتي أشارَتْ إليها بالتَّفصيلِ سورةُ «التَّوبة». كذلك تابعَ القرآنُ حديثَ المنافِقينَ.

 

أيْ إنّ مَعْرِفَةَ تاريخِ الدعوةِ الإسلامِيَّةِ، مُقْتَرِنٌ بمعرِفَةِ نزولِ القرآنِ الكريمِ. ولذلكَ اهتمَّ أصحابُ رسولِ اللهِ، والتَّابعونَ من بَعْدِهم، وجمهورُ العُلَماءِ، بدراسَةِ تاريخِ نزولِ القرآنِ؛ وتناوَلَ ذلك أمورًا مهمَّةً جدًّا، منها:

1- الحوادِثُ التي نَزَل القرآنُ بشَأْنِها.

2- الأماكِنُ التي نَزَلَتْ فيها بعضُ السُّوَرِ والآياتِ.

3- الأَزْمِنَةُ الّتي نَزَلَتْ فيها بعضُ السُّوَرِ والآياتِ.

4- الوُقوفُ على تاريخِ التَّشْريعِ الإسلامِيِّ.

 

وتَرَتَّبَ على ذلك وجودُ عِلْمٍ مهمٍّ جدًّا من عُلومِ القرآنِ، هو «مَعْرِفَةُ المَكِّيِّ والمَدَنِيِّ من السُّوَرِ والآياتِ».

المكِّيُّ المنسوبُ إلى مَكَّةَ. ويدخلُ مع مَكَّةَ ضَواحِيها كمِنًى وعَرَفاتَ والحديبيةِ.

المَدَنِيُّ: المنسوبُ إلى المدينَةِ. ويدخلُ مع المدينَةِ ضَواحِيها كبدرٍ وأحُد وسَلْع.

 

وأشهرُ الآراءِ في تعريفِ السُّوَرِ المَكِّيَّةِ والسُّوَرِ المدنيَّةِ هو أنّ كلَّ ما نَزَل في الفَتْرَةِ المَكِّيَّةِ، أيْ مُنْذُ بَعْثَةِ رسولِ اللهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم، إلى أنْ هاجرَ إلى المدينةِ يُعْرَفُ بأنّه مَكِّيٌّ.

وكلُّ ما نَزَلَ منذُ هِجْرَةِ رسولِ اللهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم، إلى المدينةِ، إلى أنْ انتقلَ إلى الرفِيقِ الأَعْلَى، يُعْرَف بأنّه مَدَنِيٌّ.

وينبغِي أَنْ نعلمَ أنَّ تحديدَ السُّوَرِ المكيَّةِ، والسُّوَرِ المدنيَّةِ، هو اجتهادٌ من العُلَمَاءِ، وليسَ وحْيًا، ولا تَلَقِّيًا عن الرسولِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم. ولذلكَ هناكَ خِلافاتٌ في تحديدِ بعضِ السُّوَرِ والآياتِ: أَهِي مكيّةٌ، أَمْ مَدَنِيَّةٌ؟ وهي خلافاتٌ لا تَضُرُّ، لأنَّ الجميعَ كلامُ اللهِ، وكلُّه طيِّبٌ مقدَّسٌ.

 

وهناكَ عشْرونَ سورةً، يرَى أكْثَرُ المحقِّقينَ من العُلَماءِ أَنَّها مدنيةٌ، هي: البَقَرَة، وآلُ عِمْران، والنِّساء، والمائِدَة، والأنْفال، والتَّوْبَة، والنُّور، والأَحْزاب، ومُحَمَّد، والفَتْح، والحُجُرات، والحَديد، والمُجادَلَة، والحَشْر، والمُمْتَحَنَة، والجُمُعَة، والمنافقون، والطَّلاق، والتَّحريم، والنَّصْر.

وهناكَ اثنتا عَشْرَ سورةً، اختلَفُ العُلماءُ حولَها، منهُم من يقولُ مكيَّة، ومنهم من يقولُ مدنيَّة، وهي: الفاتِحَة، والرَّعْد، والرَّحْمَن، والصَّفّ، والتَغَابُن، والمطفِّفين، والقَدْر، والبيِّنة، والزَّلْزَلَة، والإخْلاص، والفَلَق، والنَّاس.

أما السُّورُ الباقِيةُ، وهي 82 سورةً، فمكيَّةٌ باتِّفاقٍ.

وقد حاول العُلماءُ أن يَضَعوا مُواصَفَاتٍ عامَّةٍ لكلٍّ من السُّوَرِ المكيَّةِ والسُّوَرِ المَدَنِيَّةِ، مِن حيثُ المَوْضوعات ومِن حيثُ الأُسْلوبُ.

 

أولاً موضوعاتُ المكِّيِّ، والمَدَنيِّ:

1-أهَمُّ موضوعاتِ السُّوَرِ المكيّةِ أُصولُ الإيمانِ باللهِ وملائِكَتِهِ وكُتُبِهِ ورُسُلِهِ واليَوْمِ الآخِرِ، وبَيانُ ما في عقائِدِ المُشْرِكينَ من ضَلالٍ وفَسَادٍ.

 

2- كلُّ سورةٍ فيها حديثٌ عن نَشْأَةِ الإنسانِ الأُولَى، وخَلْقِهِ من آدَمَ وحَوَّاءَ، هي سورةٌ مكيَّةٌ. ولم تَرِدْ قِصَّةُ خَلْقِ آدمَ وعداوةِ إبليسَ له ولِذُرِّيَّتِهِ إلاَّ في سورَةٍ مدنيَّةٍ واحِدَةٍ هي سُورَةُ البَقَرَةِ.

 

3- كلُّ سورةٍ فيها ذِكْرٌ لقَصَصِ الأَمَمِ السَّابِقَةِ مع الأنْبِياءِ، كعادٍ وثمودَ، وما في هذه القِصَصِ من أنواعِ العِبَرِ، هي سورةٌ مَكِّيَّةٌ، إلاّ سورةَ البَقَرَةِ أيضًا من المَدَنِيِّ.

(لاحظ أن سورة البقرة هي أَوَّلُ سورةٍ مَدَنِيَّةٍ.. أيْ أَنَّها بَعْدَ الهِجْرَةِ مباشرةً).

 

4- أهمُّ موضوعاتِ السُّوَرِ المَدَنِيَّةِ هي التَّشْريعاتُ والأحْكامُ كالجهادِ وأحكامِ الأُسْرَةِ.

 

5- كلُّ سورةٍ فيها ذِكْرٌ للمنافقينَ وأحوالِهِم، هي سورةٌ مَدَنِيَّةٌ، لأنَّ النِّفاقُ لم يظهرْ إلا بَعْدَ قيامِ دَوْلَةِ الإسلامِ في المدينَةِ.

 

6- مُجَادَلَةُ أَهْلِ الكتابِ من اليهودِ والنَّصَارَى من موضوعاتِ السُّوَرِ المَدَنِيَّةِ.

 

ثانيًا: أُسْلوبُ المكيِّ والمَدَنِيِّ:

1- السُّوَرُ المكيَّةُ غالِبًا آياتُها قصيرَةٌ، بخلافِ السُّوَرِ المَدَنِيَّةِ.

 

2- كلُّ سورةٍ فيها لَفْظُ «كَلاَّ»، الدالُّ على الزَّجْرِ والرَّدْعِ، فهي سورةٌ مكيَّةٌ.

(كم مرة ورد لفظ «كَلاَّ» في القرآن، وفي كم سورة؟ اسْتَعِنْ بالمُعْجَمِ المُفَهْرَسِ لألفاظِ القرآنِ الكريمِ).

 

3- كلُّ سورةٍ فيها «يأيُّها الذينَ آمَنوا» هي مَدَنِيَّةٌ.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى